مئة ضعف
إنسان نهب اللصوص محتويات بيته إلى آخرها جاء إلى يوحنا كسير القلب مستعيناً فأمر القديس بإعطائه خمس عشرة ليرة ذهبية. ولكن، استكثر الخادم القيمة. وبعد التداول والخازن وأمين الصندوق استقر رأي الثلاثة على إعطاء طالب الخير ثلث المبلغ، خمس ليرات وحسب. وكتم الخدام الخبر. أثناء ذلك كان يوحنا في خدمة الصلاة اليومية. فلما عاد إلى داره وجد في انتظاره رسالة من أرملة لها ولد وحيد، فيها أنها قرّرت أن تعطي البطريرك خمسمئة من الليرات الذهبية. إذ ذاك عرف يوحنا بالروح أنها عطية الله في مقابل ما أمر به لذاك الرجل المنكوب. ولكن، كان له في قلبه شك. فلقد اعتاد أن ينال من الله مئة ضعف عما يعطي فقراءه. فلو كان المبلغ المعطى خمس عشرة ذهبية لكان يفترض أن يكون المبلغ المرسل من الله ألفاً وخمسمئة لا خمسمئة وحسب. فأرسل في طلب خدّام المال وسألهم: "ماذا أعطيتم الرجل؟" فقالوا: "خمس عشرة ذهبية كما أمرت" فلم يرتح قلبه واستحضر المضنك وسأله: كم من المال أعطاه الموظفون؟ فقال: "خمساً". فأرسل في طلب الخدّام من جديد وقال لهم: "إن لله عليكم ألفاً من الذهب لأنكم أخلفتم في ما قلته لكم وبدل الخمس العشرة أعطيتم خمساً لذلك أرسل الله لنا خمسمئة عوض الألف والخمسمئة. ولكي تتأكدوا من ذلك، ها أنا مرسل من يأتيني بالمرأة المعطية لتكشف لنا الأمر، وتتعلموا أنتم ألا تكذبوا وتعصوا بعد اليوم". وأوفد يوحنا اثنين قائلاً للمرأة: "هلمّ إليّ بما وضعه الله في قلبك أن تعطينا". فأسرعت وحضرت لديه بخمسمئة من الذهب فبارك عليها وعلى ولدها، ثم سألها: "قولي لي، يا أختاه، أكان هذا هو المبلغ الذي عزمت على إعطائنا إياه في الأساس؟" فأجابته أنها كتبت أول ما كتبت ألفاً وخمسمئة وقامت للصلاة. ثم قبل أن تبعث بالرسالة فضّتها وقرأتها من جديد فوجدت أنه لسبب لا تعرفه تغيّر الرقم من ألف وخمسمئة إلى خمسمئة، وكأن يداً محت الرقم الأول، فقالت في نفسها: "لاشك أن الله لا يريدني أن أعطي أكثر من خمسمئة وعلى هذا بعثت برسالتي إليك".