|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عامل السيد المسيح يهوذا الإسخريوطي بمنتهى الرفق والرقة، في مقابل خيانته الشنيعة، وحتى حينما حرمه السيد المسيح من التناول من الأسرار المقدسة، فقد فعل ذلك بطريقة حسن التدبير، وحسن اختيار الزمان والمكان. فبسابق علمه كان يعرف أن يهوذا يتحيّن الفرصة للذهاب لرؤساء الكهنة، ولا يرغب في البقاء بعد انتهاء الفصح اليهودي، بل كان كل همه أن يعرف خط سير السيد المسيح. أثناء الفصح اليهودي حذَّره السيد المسيح من الخيانة بقوله: "إن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوب عنه، ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يُسلَّم ابن الإنسان. كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يولد" (مت26: 24). كان التحذير شديدًا وعميقًا ومؤثرًا.. ولكن يهوذا لم يبالِ.. وحينما سأل يهوذا السيد المسيح "هل أنا هو يا سيدي" (مت26: 25). أجاب السيد المسيح وقال له: "أنت قلت" (مت26: 25). بعد هذه التحذيرات قال السيد المسيح ليهوذا: "ما أنت تعمله، فاعمله بأكثر سرعة" (يو13: 27). وبهذا ترك له حرية الاختيار بين البقاء والتراجع عن الخيانة، وبين الخروج الذي كان يهوذا يتعجله. وكما رأينا، اختار يهوذا أن يخرج مسرعًا.. وهنا بدأ السيد المسيح في تأسيس سر الشكر، وتقديس القربان والكأس التي للعهد الجديد. وذلك بعد أن خرج الذي أضمر خطية في قلبه. بكل هذا التدبير العجيب صنع السيد المسيح العشاء الرباني بعد خروج يهوذا.. وغالبًا ظن يهوذا أن الفصح اليهودي لم يكن باقيًا بعده سوى الختام والتسبيح. كانت أقدس اللحظات قد أوشكت.. وخرج الخائن.. غير الطاهر (انظر يو13: 10، 11)، وأصبح الجو مهيئًا ليمنح السيد المسيح أعظم عطية في الوجود لتلاميذه.. وهو ما تقول عنه الترنيمة: هذا عشا العريس قدّم للعروس والوعد بالفردوس لحافظ العهد في بساطة واتضاع عجيبين أعطى السيد المسيح جسده لتلاميذه قائلًا: "خذوا كلوا هذا هو جسدي الذي يُبذل عنكم. اصنعوا هذا لذكرى" (لو22: 19، انظر مت26: 26). وسبق أن قال لهم: "من يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت في وأنا فيه" (يو6: 56). هؤلاء التلاميذ الضعفاء المساكين.. وهم قوم بسطاء وأغلبهم من الصيادين.. أعطاهم السيد المسيح سر حبه الأمين.. في ليلة آلامه.. جسده الذي يقسم عنهم، ودمه الزكى الثمين الذي يسفك لأجل كثيرين.. وهو فرح جميع القديسين. |
|