رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا كيرلس.. رجل من «الواصلين» نعيد قراءة حياة الرجل التقى الذى ينطبق عليه وصف "الواصلين" أى الإنسان الشفاف الواصل إلى السماء وهو على الأرض، وهو أدق وصف يليق بالبابا كيرلس. السيرة كان اسمه قبل الرهبنة عازر يوسف عطا، ولد فى 2 أغسطس 1902 ميلادية الموافق 2 مسرى 1618 للشهداء بمدينة دمنهور من والدين محبين للكنيسة والمبادئ المسيحية. ولما كبر كان يحلو له أن يختلى فى غرفتة الخاصة وينكب على دراسة الكتاب المقدس مواظباً على الاستزادة من علوم الكنيسة وطقوسها وألحانها وتسبيحها. كأحد السواح كان معروفًا أنه رجل صلاة حتى لو كان مع ناس يكون يصلى بقلبه إلى الله، وظل يمارس الحياة الرهبانية قبل الالتحاق بالدير أكثر من 5 سنوات، وفى يوليو 1927 قرر عازر الانخراط فى سلك الرهبنة، فاستقال من عملة وتوجه إلى دير البراموس بوادى النطرون فى عهد البابا كيرلس الخامس البابا الـ 112. وظل عازر تحت الاختيار عدة شهور، ثم زكاه الرهبان ليكون راهباً معهم، ورسم 24 فبراير1928 باسم الراهب مينا البراموسى، وفى يوم الأحد 18 يوليو سنة 1931 رسم قساً باسم القس مينا البراموسى ثم درس بعض الوقت فى كلية الرهبان اللاهوتية بحلوان، ولما سمع بنبأ ترشيح البابا يؤانس له ليكون أسقفاً هرب إلى دير القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بسوهاج، ولما عاد كأمر البطريرك كاشفة برغبتة فى الوحدة فصرح له بتحقيق رغبته تحت إرشاد شيخ الرهبان التقى القمص عبد المسيح المسعودى فتوحد فى مغارة تبعد عن الدير مسافة ساعة سيراً على الأقدام. وفى أوائل عام 1936، عاش فى طاحونة مهجورة فى صحراء مصر القديمة، وكان يقيم فيها القداسات اليومية، وفى سنة 1941 أسندت إليه رئاسة دير الأنبا صموئيل المعترف (القلمونى) فى جبل القلمون بمغاغة، فعمره وجدد كنيسته وشيد قلالى الرهبان، وتتلمذ على يديه نخبة من الرهبان الأفاضل. وفى سنة 1947 انتقل إلى القمص عبد المسيح المسعودى، حيث بنى كنيسة القديس مارمينا فى الزهراء بالنذور القليلة التى كانت تصله، وكان يقوم بالبناء بنفسه مع العمال، وقد تتلمذ علي يديه نخبة من الرهبان الأتقياء. وفى سنة 1949 ألحق للكنيسة منزلاً لإيواء الطلبة المغتربين، وقد اشتهر بالصلاة الدائمة والإيمان القوى، وأصبح بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية 116 فى الفترة ما بين 10 مايو 1959 و9 مارس 1971. الواصل يرصد الباحث الكبير ماجد كامل بأسقفية الشباب، ملامح حب وتعلق المسيحيين والمسلمين بشخصية البابا كيرلس فيقول فى دراسة له: نبدأ بالعظة العامة التى ألقاها المتنيح الأنبا غريغوريوس فى كنيسة مارمينا الزهراء يوم الجمعة الموافق 11 مارس 198 نشكر الله كانت لى بركة حضورها Live يومها. وكانت العظة بعنوان "البابا كيرلس هو البابا أب الجميع" ولقد جاء فى هذه العظة ضمن ما جاء فيها: "أيها الأبناء كان المتنيح الطوباوى حقيقة بابا، وكلمة بابا هى الكلمة التى يرددها الأطفال، حينما ينادى الطفل أباه ويقول بابا، هذا الرجل كان له قلب أب، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، ودون أن يتكلم كثيرا، كان يشعر ويحس عمليا أنه حقا بابا، وكانت أبوته أعم من كل هذا، كان أبا لكل المصريين، كان أبا لكل المصريين مسلمين ومسيحيين". وتابع: "لا أنسى أن أحد المسؤولين فى سنة 1972 قبيل أن نسافر إلى روسيا وفى سراى رئيس رئيس الجمهورية رجل مسؤول، افتتح الحديث عن البابا كيرلس الذى كان قد تنيح، يقول هذ الرجل كان من الواصلين، كل صباح الساعة 8 ونص صباحا لا بد أن أتصل به صباحا لأخذ بركته.. عندما أكون مسافرا للخارج لا بد أن أمر عليه لأخذ بركته.. لم يكن الرجل يتكلم كثيرا، ولكن محبته الحقيقية قادرة على أن تصل ووصلت.. أحد مطارنة الروم الكاثوليك كان يقول: هذا الرجل بابا الشرق فى مقابل بابا الغرب"، أقول حقيقة أن جميع الذين عرفوه ولمسوا أبوته، استطاع بهذه الأبوة أن يقضى على كل تعصب. من فم 3 وزراء فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، قالوا إن الرئيس الراحل كان يقول "لا يوجد أحد خدمنى قدر ما خدمنى البابا كيرلس، هذا الرجل حل مشاكل بأبوته، رتق الخروق، ربط المسلمين والمسيحيين بمحبة، الكل كان يحس أن هذ هو رجل الله. سيدة فقيرة غير مسيحية احتاجت مبلغا من المال، ثم قال لها عندما تحبى أن تردى المبلغ وصليه لدير مارمينا، وذات يوم وكنت هناك فى الدير وقتها (وكان البابا كيرلس قد تنيح بالفعل)، جاءت السيدة بعد جهد وتعب، وكان حاضر معنا الأنبا مكسيموس مطران القليوبية، رأت السيدة صورة البابا كيرلس فى الدير، فقالت لهم هذا هو الرجل الذى جاء لى وأعطانى المبلغ، هذه سيدة غير مسيحية كانت فى ضيقة، أنظروا أبوته وصلت لأى مرحلة. البابا كيرلس عندما استضافة أحد أعيان المنيا غير المسيحيين، نحر لقداسته اثنين من العجول، فالبابا استنكف، فحلف الرجل بالله لعظيم وقال: "لو أباح الشرع لى لذبحت ابنى، هو دخولك فى بيتى ده شوية"، انظروا الرجل حلف بالعظيم، وقال لو أباح الشرع لذبحت ابنى، هذه هى المشاعر، ما الذى يدفع هذا الرجل أن يقول ذلك، انحل التعصب والكراهية والإحساس بأن هذا الرجل بابا الجميع. كما كتب عنه القمص صليب سوريال فى كتابه "أحداث كنسية عشتاها بنفسى"، وتحت عنوان "أبونا مينا أول من علمنا العطاء فى الخفاء"، حيث قال: "كان أول من وضع الصناديق فى كنيسته التى أصبحت محط الأنظار من الكثيرين وبذلك حرر العطاء من الإحراج أذكر ونحن طلبة لا نملك إلا القليل من القروش كانت الجمعية الخيرية التى ترعى شئون الكنيسة تكلف أحد أعضائها بجمع طبق قداس الجمعة الذى كان يقام للطلبة وكان جامع الطبق لا يرحم من هو مستغرق فى القداس مغمض العينين من تنيهه أو زغده بالطبق ليضع القروش، كان العطاء إجباريا ومحرجا لمن ليس معه، ووضع أبونا نظاما لا يحرج به أحدا للعطاء فى الصناديق لمن يريد العطاء فى الخفاء". كما التف حوله الشباب الجامعى وقد شعروا بأبوته ودفىء مذبحه إذ كان يرفع الذبيحة كل يوم ودبر لهم مسكنا بلا اشتراك محدد ولا اتفاقات مالية مسبقة كل واحد يضع فى الصندوق حسب إمكانياته وكانت بركة الرب تغنى وكل ما يوضع يسد كل أعواز البيت. ويقول الباحث الكبير ماجد كامل، من المواقف الواضحة فى حياة البابا كيرلس التى تؤكد عمق إنسانيته، نذكر بعض المواقف فى حدود معلوماتى وفى حدود ما أذكره :- 1- فى أحد الأيام خلال عام 1907 ( وكان الطفل عازر لم يتجاوز سن الخامسة من عمره حيث إنه من مواليد 1902 )، وفى اليوم السابق للصيام الكبير المعروف طقسيا، رفاع الصوم الكبير، أعدت العائلة وليمة فخمة وباهظة، وعندما شاهد الطفل مينا يوسف عطا هذه الوليمة، احتج بشدة على هذه الوليمة، وسألهم فى دهشة لماذا يجب أن يكون لدينا الكثير من الطعام، بينما البعض الآخر لديهم خبز عادى؟ كيف نأكل هذا الطعام الفاخر بينما تعيش عائلة كردية فقيرة بجانبنا؟ فلقد كان جيرانهم من عائلة تركية مسلمة مسنة ليس لديها مصدر دخل ويعيشون على الضروريات الأساسية، من اللائق أن نقدم لهم هذا الطعام من أجل المسيح، فغدا سوف نصوم ونكتفى بوجبة متواضعة، فقام والده على الفور بجمع كل أكل الرفاع وإحضاره إلى جيرانهم الأكراد. 2- عندما قرر عازر يوسف عطا الرهبنة، توجه إلى دير البراموس، فاستقل القطار من محطة إسكندرية، وفىى محطة إيتاى البارود، غير القطار وأخذ القطار المتجه إلى الخطاطبة، وهنا سأل الشاب عازر كمسرى القطار "لماذا لم تكن ترتدى الطربوش؟.. فأجاب الكمسرى لا أملك المال اللازم لثمنه، فقام على الفور عازر وخلع الطربوش فوق رأسه وسلمه للكمسارى، ثم بعدها خلع السترة التى كان يرتديها وأعطاها للسائق، ثم وعد بإرسال قميصه وبقية ملابسه فور وصوله إلى الدير، وبالفعل قام بتنفيذ وعده بعد تلقيه زي طالب الرهبنة. 3- وهو راهب صغير، كان يجد سعادته ومتعته فى خدمة الرهبان الشيوخ من خلال غسل ملابسهم وتنظيف قلاليهم وإعداد وجباتهم بنفسه، وأيضا تنظيف الأوانى النحاسية وإصلاح المواقد الخشبية وتنظيف خزانات المياه. 4- ذات ليلة فى يوم 4 أبريل 1936، وكانت يوم سبت لعازر، قيل إن رئيس الدير سوف يقوم بطرد 7 رهبان مسنين من الدير خلال ساعة، وكان أبونا مينا وقتها فى وحدته فى المغارة بدير البراموس، فنزل أبونا مينا من المغارة، ودخل إلى قلاية رئيس الدير، ثم سجد له وقال له "بعد تقبيل أياديكم الكريمة، جئت لأرحب بك، والاستفسار عن حقيقة طرد الرهبان السبعة"، فرد عليه رئيس الدير: "هذه أوامر من البطريرك، وأنا هنا ببساطة لتنفيذها"، فرد عليه أبونا مينا: "لن يقبل أبدا أحد أن يفقد هؤلاء الآباء رجاءهم فى المسيح.. أنت رأسنا وراعينا أبو أناشدكم باسم الرب وفى هذه الأيام المقدسة، تأجيل هذا الأمر حتى تتاح للآباء المسنين على الأقل فرصة لمناشدة قداسته، والسماح له بالحكم عليهم داخل الدير (وليس خارجه) من فضلك لا تطردهم خلال أسبوع الفصح، ففوجىء رئيس الدير بذلك، وقال له كيف يجرؤ راهب شاب أمام حشد كبير على الاعتراض بينما يجلس كبار الرهبان صامتين؟ أسمع يا بنى لا تقف فى طريقى وإلا فإنك ستعصى البطريرك نفسه أنت ناسك وهذا ليس من شانك، فرد عليه أبونا مينا: "باسم المسيح، الذى فدانا أطلب منك يا أبى، لقد علمونا أن نتوسط من أجل الظالمين، ومخالفى القانون، وأن يعاقب كل واحد دون أن يفقد الأمل"، وأصر على قراره، فرد عليه أبونا مينا: "إذن سوف أكرس نفسى لخدمة هؤلاء الرهبان الذين سيطردون بلا رحمة حتى يعودوا إلى الدير"، فأمر على الفور أن يغادر الرهبان الـ7 الدير وطرد معهم أبونا مينا. 5- عندما افتتح كنيسة مارمينا الزهراء بمصر القديمة، كان يتردد عليه مجموعة كبيرة من الشباب الجامعى، وبعضهم كان محتاجا، فكان يعطيهم بعض الأموال، كما افتتح للغرباء بيتا للضيافة بأسعار رمزية لا تذكر. أثناء فترة رئاسة قداسته لدير الأنبا صموئيل المعترف، جاء على لسان أحد أقباط المهجر أن والده فكر فى زيارة الراهب مينا المتوحد بالدير، وفى إحدى المرات أراد أن يغسل فراجية أبونا مينا لما رآها متسخة بصورة ملحوظة بسبب السفر، فرفض قداسته رفضا باتا، لكن إزاء إصرار الرجل، وافق أبونا مينا بشرط أنه هو فى المقابل سوف يقوم بغسل جلبابه. 6- عندما صار بطريركا، كان باب قلايته مفتوحا فى كل وقت، حتي قال عنه البابا شنودة الثالث فى أحدى عظاته: "كنت تستطيع أن تهمس فى أذنه بشكواك فى أى وقت" حتي وصف أنه "الأب البطريرك صاحب سياسة الباب المفنوح والقلب المفتوح". 7- من إحدى الرويات الطريفة التى رواها تلميذه القمص رافائيل أفا مينا عن البابا كيرلس السادس، أنه فى إحدى زياراته للوجه القبلى فى إحدى مدن الصعيد ولما كانت الكنيسة فى موسم إفطار وليس صيام، قام كل أعيان البلد بنحر الذبائح له، وفى وسط الزحمة لمح بائع طعمية بسيط يقف بينهم فتوجه له بالكلام قائلا: "سمعت أنك بتعمل طعمية سخنة حلوة أوى ومقرمشة"، فرد عليه البائع: "طبعا يا سيدنا"، فقال له: "طيب ما تدوقنا منها يا أخى"، فطار البائع من فرحة أن الأب البطريرك نفسه يطلب منه أن يأكل طعمية من عنده، ولكن تلميذه رافائيل التفت إليه وقال له: "طيب الناس اللى دابحه دى يا سيدنا نقول لها إيه؟"، فرد عليه سيدنا البابا: "معلش يا ابنى، خلينا نجبر بخاطره شوية". 8- موقف آخر يذكر القمص رافائيل آفا مينا يظهر محبة البابا وتبسطه مع الناس البسطاء، ذات يوم بعد القداس الذى كان يقيمه فى الكنيسة المرقسية بكلوت بك، قامت سيدة بسيطة وأعطته بيضتان مسلوقتين فى يده، فنظر البابا إليها وقال لها: "الحمد لله يا ستى ضمنا الفطار أهو"، ثم داعبها بعدها قائلا: "مسلوقين كويس يا ستى ولا يسيحوا فى جيبى". 9- من الذكريات الجميلة التى سمعتها من جناب الأب الورع المتنيح القمص بيجول باسيلى كاهن كنيسة السيدة العذراء أرض الجولف، وقد رواها بنفسه لى أثناء فترة خدمتى معه فى الكنيسة، أنه كان مقيما فى الإسكندرية، وعندما ينزل مصر كان يهتم أن يمر على قداسة البابا فى قلايته بالمرقسية لأخذ بركته، فكان البابا كيرلس يقول له: "أنت جاى من سفر تلاقيك ما فطرتش لسة"، ثم كان ينادى على الشماس الخاص به لكى يعد له وجبة الإفطار، وبعد الوجبة يسأله: "ها شبعت ولا لسة ؟، فكان يقول له: "الحمد لله يا سيدنا شبعت جدا"، فيداعبه قائلا: "طيب ورينى بطنك كده اتملت ولا لسة". 7-يذكر المهندس الدياكون ماهر دميان فى كتابه: "ذكرياتى مع الراهب المتوحد أبونا مينا البرموسى القديس البابا كيرلس السادس، أنه أثناء حبرية قداسته، قام مجموعة من الشباب بالهتاف ضد قداسته فخرج عليهم نيافة الأنبا غريغوريوس لكى يهدئهم بناء على طلب قداسته، ولما لم يستجب الشباب، قام رجال أمن البطريركية بسؤال البابا: نجيب لهم البوليس يا سيدنا؟، فنهرهم قداسته، وقال لهم بالحرف الواحد: "دول أولادى! وأنا لا أوافق على اتخاذ أى إجراءات ضدهم"، وبعد قليل انصرف الجميع فى هدوء، وانتهت المشكلة. 8-كما يذكر المهندس الدياكون ماهر دميان، أن حدث أن اتهم أحد الكهنة بتهمة ما، وتم تحويله إلا المجلس الإكليركى، وتم وقف مرتبه مؤقتا، وعندما علم البابا بأمر إيقاف مرتبه، طلب من القمص ميخائيل داود كاهن كنيسة السيدة العذراء روض الفرج (وكان وقتها المشرف على مكتب الخدمة الاجتماعية بالبطريركية) أن يستمر فى إرسال راتبه دون أن يشعره بأى حرج، إلى أن تثبت براءة الكاهن فيصفح عنه، وفى أثناء المحاكمة قال سيدنا: "هو الكاهن يصرف منين لما تعطيهوش مرتبه؟!". 9-يذكر القمص صليب سوريال أنه البابا كانت تصله يوميا خطابات سب علنى وشتائم نابية!! وبعد نياحته لاحظ من قام بجرد حجرته سواء فى القاهرة أو إسكندرية أو دير مارمينا أنه كان يحتفظ فى ملفه بخطابات السب والقذف، ولا يوجد أثر لخطابات المدح، والعجيب أن أصحاب هذه الخطابات قد ساندهم وأسند إليهم مناصب مرموقة، ولقد روى بعض المقربين أنه عندما كانوا يستأذنوهم فى كتابة رد كان يمنعهم قائلا: "ربنا هو اللى يرد يمكن ربنا يرحمنى ويتراءف على". 10- من القصص الجميلة التى رويت عن البابا كيرلس، أنه أحد الأراخنة لاحظ أثناء صلاة القداس أن حذاء البابا كيرلس ممزق ولا يليق ببطريرك الكنيسة، ففكر فى شراء حذاء جديد له، فلما قدمه للبابا كيرلس، شكره جدا وقال له أنه سوف يقدمه هدية لمرتل الكنيسة فهو أولى به منه، ثم فتح له دولاب ملابسه، وهو يشير إلى دولاب صغير عنده، وقال له: "انظر هذه 4ع لب أحذية جديدة عندى"، وقالت المؤرخة إيريس حبيب المصرى (1910- 1994 ) إنه خلال عام 1961 نظمت نساء العالم 3 مؤتمرات احتفاء بمرور 75 عاما على يوم الصلاة العالمى بإحدى المدن بالهند، وجاء وقت خروج التصريح بالسفر من الداخلية التى اشترطت موافقة الكنيسة القبطية على سفرها، فلجأت إلى البابا كيرلس لطلب التصريح الذى بمجرد أن رأها قال لها: "هو أنت يا غلباوية! عاوزه إيه؟"، فلما أخبرته بطلبها نادى على تلميذه الشماس سليمان رزق (المتنيح الأنبا مينا أفا مينا فيما بعد) وأمره بكتابة التصريح المطلوب، وبعد أسبوعين من عودتها، زارت مصر أستاذة جامعية إنجليزية بجامعة كمبردج ، وطلبت مقابلة البابا كيرلس، فردت عليها المؤرخة الكبيرة: "حسنا، فلنذهب على الفور"، فدهشت العالمة كثيرا وقالت: "كده من غير تليفون ولا ميعاد !" فردت عليها الأستاذة إيريس "نعم فقداسته يعاملنا كأولاد مدللين وبابه مفتوح طول النهار، بل ولساعات طويلة متأخرة من الليل"، فتضاعفت دهشتها وقالت: "ياللعجب، إنه الراعى الأعلى". وبعد نهاية اللقاء تعجبت العالمة الإنجليزية من بساطة وتواضع قداسته، وقالت: "أكاد لا أصدق عينى ولا أذنى! فهل إلى هذا الحد يعامل كل شخص كأنه الوحيد الآتى إليه؟!"، ثم أن حديثه بالإنجليزية حلو، إنه ليس مجرد حديث فقد أحسست بأنه صادر من عمق قلبه. وتذكر مؤرختنا الكبيرة ذكرى أخرى جميلة كانت مع البابا القديس، وهى أنه ذات يوم توجهت إليه فى زيارة، ففوجىء بها يقول لها: "خذى هذا الجواب"، فتعجبت وسألته: "أى جواب تقصد؟"، قال لها: "الموضوع على المائدة أمامك"، فسألته المؤرخة الكبيرة: "فيه إيه؟"، فرد عليها ضاحكا: "مش بتعرفى تقرى؟!"، فقالت له: "بأفك الخط"، وهنا ضحك وقال لها: "طيب افتحى وفكيه"، فلما قرأته فوجئت به بقرار تعييينها رائدة للشابات، فقالت له: "لا الجواب ده ما ينفعنيش"، فتعجب قداسته وسألها: ليه ؟ مش مكتوب على ورقة تحمل اسم البطريركية وختمها؟، فردت عليه وقالت: نعم، ولكنه لا يحمل إمضاءك المحبوب، وإذ بالمفاجئة الثانية أنه أخذ الجواب بكل هدوء ووقع عليه، وأضاف ضاحكا: "انبسطى أدينى عملتك أسقفة!"، فردت عليه: "يعنى ها أنافس الأنبا صموئيل؟"، فضحك وقال: "أيوة، هو أسقف الخدمات، وأنت أسقفة الشابات". |
|