رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"حتى متى يا رب أدعو وأنت لا تسمع؟! أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلص؟! لِمَ تريني إثمًا وتبصر جورًا، وقدّامي اغتصاب وظلم، ويحدّث خصام وترفع المخاصمة نفسها؟! لذلك جمدت الشريعة، لا يخرج الحكم البتّة، لأن الشرّير يُحيط بالصدّيق، فلذلك يخرج الحكم معوجًا" [2-4]. نعود لكلمات حبقوق النبي لنجد فيها كشفًا عن شخصه، فهو رجل الله الذي لا يطيق الظلم، فيتحدّث مع إلهه في حوار مفتوح بلا كلفة ولا رسميّات أو مجاملات أو شكليّات، إنّما يتحدّث من واقع أنّات قلبه التي لا تنقطع ودموعه التي لا تجف. هذه هي صورة إنسان الله -كاهنًا أو من الشعب- لا تنقطع صلواته ليلًا ونهارًا بالشفتين، كما بالقلب والعمل... يصرخ لكي ينزع الله الفساد والظلم عن البشريّة الساقطة، فيُقيم كل نفس مقدّسة له. لذا يسأل ويطلب ويصرخ بلا انقطاع وفي غير يأس، واثقًا أن الله قادر أن يعمل! هذا وقد عرف النبي سرّ شرّهم أنه يكمن في الانحراف عن الوصيّة الإلهيّة أو الشريعة، إذ يقول "جمدت الشريعة، لا يخرج الحكم البتّة، لأن الشرّير يُحيط بالصدّيق فيخرج الحكم معوجًا" [4]. فالشريعة التي تلهب القلب نارًا وتهبه حياة تصير جامدة بلا فاعليّة إن أحاط الأشرار بالصدّيق وأفسدوا فكره من جهة الوصيّة. |
|