|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مجمع السنديان والإخوة الطوال لم تثر مشكلة الأوريجانيين في المجمع، فقد خدمت الأحداث -إن صح هذا التعبير- البطريرك ثاوفيلس، إذ تنيح الأسقف ديسقورس قبل انعقاد المجمع، ودفن في كنيسة الشهيد موشتيس(54)، كما تنيح الأب أمون (أمونيوس) قائد الحركة، بعد اصطحابه للجماعة ووصوله إلى السنديان، فبكاه ثاوفيلس ومدحه قائلًا إنه لا يجد راهبًا نظيره في زمانه(55)، وقد دفن في مقبرة تسمى روفينيانا Rufininanae حيث تمت معجزات شفاء كثيرة من مقبرته، وكان يحج إليه كثيرون. بعد نياحة الأب أمونيوس اِنسحب الأب هيراكس إلى البرية الداخلية يقضي حياته في العبادة، إذ خشي أن يكون كمن وضع يده على المحراث في رهبنته ونظر إلى الوراء(56). وفى نفس العام (403م) تنيح الأب إيسيذورس. هكذا وجد رهبان نتريا أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه، إذ يوحنا -ملجأهم- يحاكَم، وثاوفيلس صارت له كلمته في البلاط، وقادتهم قد تنيحوا... فتألموا معتقدين أن يوحنا قد تخلى عنهم، واشتاق أغلبهم، إن لم يكن جميعهم، أن يعودوا إلى برية مصر لا ينشغلون بشيء إلا بالحياة الديرية على أثر خطوات هيراكس(57). أرسل إليهم البابا ثاوفليس يقول إنه يفتح ذراعيه لهم، وقد نسى الماضي، ولن يفكر في أذيتهم، وضغط عليهم الأساقفة المصريون أن يعتذروا حيث تظاهروا أنهم يشفعون لهم لديه. فجاء الآباء الرهبان إلى المجمع، وقد خجلوا من هيئة المجمع ولم يفكروا في إثارة أية ضجة، بل فتحوا قلبهم واعتذروا للبابا الذي قبل شركتهم وقال إن المشكلة قد انتهت(58). لم يطلب منهم أن يعترفوا بالإيمان الأرثوذكسي، ولا أن يتخلوا عن قراءة كتب أوريجينوس. فقد ظهر حقًا أن المشكلة لم تكن "حول كتابات أوريجينوس"، ولكنها لدوافعٍ شخصيةٍ! انتهت مشكلة "الإخوة الطوال" وعاد الرهبان مع البابا ثاوفيلس. لكن بعد أن لطخ البابا تاريخه بهذا المجمع الذي دعاه بالاديوس "مجمع المتوحشين(59)"، إذ صار ثاوفيلس أداة لتحقيق رغبات الإمبراطورة الشريرة، تجمع حولها طاقات معادية لروح الحق. |
|