رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديسة ميلاني الصغرى 31 كانون الأول غربي (13 كانون الثاني شرقي) ولدت فاليريا ميلانيا سنة 383م. تزوجت، قصراً، وهي في الثالثة عشرة من عمرها. زوجها "بنيان" كان ابن ساويروس حاكم رومية. حالما تم زفافها اقترحت على زوجها أن تسلك وإياه في العفة، ويكونا بمثابة أخ وأخت فلم يوافقها. ثم بعد أخذ ورد اتفق الزوجان على إنجاب ولدين وحسب تأميناً لذريتهما ثم الخروج من العالم معاً. وكان أن منّ الرب الإله عليهما بابنة كرساها لله فوراً. ثم بعد سنوات قليلة أنجبت ميلاني صبياً. لكن توفي الصبي والبنت معاً بعد حين. فكان ذلك إيذاناً لميلاني و "بنيان" بأن خروجهما من العالم قد آن. ميلاني كانت، إلى ذلك الحين، تسلك في التقشف المموه بمظهر الغنى و الأرستقراطية. وقد اعتادت أن تلبس الملابس الخشنة تحت أرديتها الحريرية. أما الآن وقد أنفك رباط الزوجين بالعالم فقد غادرا منزلهما الفخم في رومية ليستقرا في ضاحية للمدينة متكرسين للعناية بالمسافرين والمرضى والمساجين. من ذلك الوقت أخذت ميلاني وزوجها في تصفية ثروتهما الهائلة. الدافع إلى ذلك كان حلماً واحداً رأياه معاً وهو أنه كان بإزائهما حائط مرتفع وجب عليهما أن يخترقاه قبل أن يتمكنا من العبور بباب ضيق إلى ملكوت السموات. لكن توزيع ثروة كثروة ميلاني و"بنيان" لم يكن بالأمر السهل لسعة أملاكهما وتوزعها بين بريطانيا وإفريقيا وأسبانيا وإيطاليا. أول ما فعلاه في هذا الصدد أنهما أعتقا ثمانية آلاف من العبيد وزودا كلاً منهم بثلاث قطع ذهبية. كذلك حولا، عبر بعض الرجال التقاة، أموالاً جزيلة من الغرب إلى الشرق لتشييد الكنائس والأديرة. كما أوقفا أرزاقاً عديدة للكنيسة لتوزع محاصيلها حسنات على الفقراء. ثم، سنة 410م، انتقل الزوجان من رومية، بعدما غزاها ألريك الغوطي، إلى صقلية برفقة ستين عذراء وثلاثين راهب. ومن هناك انتقلا إلى إفريقيا الشمالية حيث استكملا تصفية ممتلكاتهما وأنشأا الأديرة وأعانا ضحايا الغزو البربري. بهذا تمم الزوجان الوصية القائلة: "إذا أردت أن تكون كاملاً فأذهب وبع كل مالك ووزعه على الفقراء. فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني (متى21:19). مذ ذاك انصرفت ميلاني إلى حياة الصلاة والنسك بصورة أعمق. عمرها، يومذاك، كان قد قارب الثلاثين. لم تبال بعادات نشأت عليها أو بعيش ناعم ألفته. قست على نفسها أكبر قسوة. تشددها في تعاطيها مع نفسها كان تعبيراً وقرباناً، تعبيراً عن إيمانها بقول القائل "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فيليبي13:4)، وقربان محبة وآمين لمن قرب نفسه للعالمين. لذا أخضعت ميلاني نقسها لنسك خليق بأشاوس الآباء المحاربين في عمق الصحارى. لم تقتن ما اقتنته من عادات نسكية بسرعة، هذا لا طاقة لأبدان الناس عليه. بل بالتدريج وبثبات لا أثر فيه للتراجع أو التردد. لبست المسوح وأخذت في الصيام الكامل خمسة أيام في الأسبوع لا تأخذ ما يقيتها إلا السبت والأحد. أمها ألبينا كانت رفيقة دربها. متعتها الجديدة وجدتها في التأمل في الكتاب المقدس وسير القديسين ومؤلفات آباء الكنيسة التي اعتادت قراءتها في اللاتينية واليونانية. راحتها الليلية كانت لساعتين وحسب، والباقي كان للصلاة. وإذ انضمت إليها عذارى في إثرها علمتهن أن يجمعن السهر وانتظار العريس السماوي إلى العفة. نهاريها كان ملؤها عمل المحبة والإرشاد ولياليها الصلاة. قلايتها كانت من الضيق بحيث تعذر عليها أن تمدد قامتها وترفع رأسها. تجربة المجد الباطل، وهذه حرّكها الشرير بقوة عليها، كانت تدفعها عنها بطريقتين: أولاها السخرية من الشيطان واحتقار ما يأتيه عليها لأن إحساسها بترابيتها وبطلان العالم كان عميقاً، وثانيهما وداعتها وحرصها على ألا تدخر فكراً واحداً. كائناً ما كان، فيه عداوة الإنسان. سبع سنوات أمضتها ميلاني برفقة زوجها ووالدتها في إفريقيا، انتقلت بعدها إلى الأرض المقدسة. هناك أخذت تقضي النهار في كنيسة القيامة والليل في موضع الجلجثة. زارت النساك في برية نيتريا في مصر، فيما عملت والدتها على إعداد قلاية خشبية لها عند جبل الزيتون. في هذه القلاية أقامت ميلاني أربعة عشر عاماً (417 -431م). وقد اعتادت ملازمة مكانها وعدم الخروج منه البتة بين الظهور الإلهي والفصح المقدس. لا تقبل خلالها من الزائرين إلا والدتها وزوجها وبولا، ابنة عمها، وابنة القديسة بولا. مرقدها كان الرماد ولباسها المسوح. على أن هذا لم يمنعها من الاهتمام بأمور الكنيسة. تمسكها بالإيمان المستقيم لا غبار عليه وحساسيتها للتعاليم الفاسدة والهرطقات كانت كبيرة. رقدت والدة ميلاني، ألبينا، سنة 431م. على الأثر خرجت قديسة الله من عزلتها وأسست على جبل الزيتون ديراً للعذارى ضم تسعين عذراء واتبع العادات الليتورجية الرومية. لم تسولها نفسها أن تكون رئيسة على البنات. عينت لهن واحدة تدبرهن واكتفت هي بالمثال الصالح وكلمة المنفعة. جعلت نفسها خادمة للجميع. تقوم بأحقر الأشغال وتعزي بينهن المرضى سراً. علمتهن تقديس أنفسهن بعفة النفس والجسد. علمتهن التخلي عن مشيئاتهن. علمتهن غصب أنفسهن على إتمام الوصية وعلمتهن سيرة الفضيلة على أساس الطاعة. مثالها كل الآباء وتعليمها أقوالهم. تركيزها في توجيههن كان على الثبات في الجهاد. وعلى الصحو والانتباه إلى فخاخ العدو، وعلى حمية الذهن في الصلاة الليلية. وخصوصاً على المحبة. كانت تقول: "كل الفضائل وكل الجهادات من دون المحبة باطلة لأن الشيطان قادر على تزوير فضائلنا كلها ولا شيء يقهره غير التواضع والمحبة". رقد "بنيان" زوجها ورفيق جهادها في الروح سنة 431م. دفنته بقرب المغارة التي أشيع أن الرب يسوع تنبأ فيها بخراب أورشليم. بقيت هناك أربع سنوات في قلاية مفتوحة. منقطعة عن العالم بالكلية. ثم أوعزت إلى جيرونتيوس الكاهن، تلميذها ومترجمها، أن يقيم ديراً للرجال في المكان، ففعل، وكذلك ميلاني هي الأم الروحية للشركة الجديدة. تغذي الرهبان بالإرشاد والكلمة. هذا وقد سجل التاريخ للقديسة ميلاني هداية عمها فولوسيانوس في القسطنطينية وكان بعد على الوثنية. حدث ذلك في أواخر العام 436م. وقد منّ الرب الإله على أمته المختارة بموهبة شفاء المرضى. ولئلا يزعجها الشيطان بأفكار المجد الباطل كانت تزود من يأتون إليها ليستشفوا إما بالزيت المقدس المأخوذ من أضرحة بعض الشهداء وإما ببعض الحاجيات الخاصة بأحد القديسين المعروفين. مرضت ميلاني بعدما احتفلت بعيد الميلاد المجيد سنة 439م فجمعت راهباتها وأعطتهم وصيتها ونصائحها وباركت عليهم. قالت لهن أنها باقية معهن طالما هن باقيات أمينات للعريس السماوي. ثم زودت الرهبان بنصيب من النصح والكلمة وعينت جيرونتيوس الكاهن رئيساً عليهم. بعد ذلك رقدت بسلام. وقد ثبت ديرها إلى زمن الغزو الفارسي، سنة 614م. حين دُمر. غير أن المغارة التي نسكت فيها، عند جبل الزيتون، مازالت ماثلة إلى اليوم، شاهدة لعجب الله في قديسيه. هذا وبعض رفات القديسة ميلاني الصغرى موجود إلى اليوم في كنيسة القيامة في القدس وفي قوزانا المقدونية وفي دير الثالوث القدوس في اكروتيري الكريتية. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
صورة القديسة فاليريا (القديسة ميلانيا الصغرى) |
القديسة البارة ميلاني الكبرى |
القديسة ميلاني الكبرى |
ايقونة القديسة ميلاني الكبرى |
ايقونة القديسة ميلاني |