رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وأَمَّا الَّذي أَخذَ الوَزْنَة الواحِدة، فإِنَّه ذهَبَ وحفَرَ حُفرَةً في الأَرض ودَفَنَ مالَ سيِّدِه تشير عبارة "صاحب الوَزْنَة الواحِدة" إلى رمز الإنسان الأناني الذي يعمل لحساب ذاته وحده، ولا يرتبط بحب الله والنَّاس؛ ويعلق التَّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة "إن الإنسان، خلال ممارسته حقّ التَّملّك، عليه ألاّ يعتبر أن الأشياء التي يمتلكها بحقٍ هي فقط ملكه، بل عليه أن يعتبرها أيضًا ملك عام: كي تصبح مفيدة ليس له فقط بل للآخرين" (نور الأمم، 69) (2402-2405). أمَّا عبارة "دَفَنَ " في الأصل اليوناني ἔκρυψεν (معناها دفن) فتشير إلى الطريقة التي استخدم بها وزنته، وهي عادة قديمة حيث اعتاد النَّاس أن يدفنوا أموالهم في الأرض لحفظها وادِّخارها، كما جاء في َمَثَلِ الكَنْزٍ " مَلَكوتِ السَّمَوات كَمَثَلِ كَنْزٍ دُفِنَ في حَقْلٍ وَجدَه رَجُلٌ فأَعادَ دَفنَه" (متى 13: 44-46)، دفن في التُّراب كقرض مُستردّ خوفًا عليها من الضِّياع، وخوفًا على نفسه من بطش سَيِّده. رفض تتعرض نفسه للمُخاطرة. ويعلق القدّيس غريغوريوس الكبير" لأنّ الذي فضّل أن يُخبئ وَزَناته عوضًا عن استغلالها لم يحصل بنفسه على أكثر من وَزْنَة " (عظات حول الإنجيل، العظة 6). وعلى كل حال، لم يتصرف بوزنته لفائدة؛ فهذا الإنسان ليس له ثقة بنفسه فهو يشكو من عقدة النَّقص. والحق انه يشعر في قرارة نفسه أنه أضعف من أن يؤدِّي عملا فيه الجُهد والسَّعي والاستثمار. أمَّا عبارة "مالَ سيِّدِه " في ألأصل اليوناني ἀργύριον (معناها فضة) فتشير إلى عملة فضَّة لسَيِّده الذي أهمل في استعمالها لزيادة ثروة سَيِّده، وصَدقَ قول النَّبي دانيال إلى بَلشَصَّر المَلِك " تَرَفَّعتَ على رَبِّ السَّماء، وأُتِيَ إلى أَمامِكَ بِآنِيَةِ بَيتِه، وشَرِبتَ بِها خَمراً أَنتَ وعُظَماؤُكَ ونِساؤُكَ وسَرارِيُّكَ، وسَبَّحتَ آِلهَةَ الفِضَّةِ والذَّهَبِ والنُّحاسِ والحَديدِ والخَشَبِ والحَجَرِ الَّتي لا تُبصِرُ ولا تَسمعُ ولا تَشعُرُ ولا تُعَظِّمُ اللهَ الَّذي في يَدِه نَسمَتُكَ وعِندَه جَميعُ سُبُلِكَ" (دانيال 5: 23). لا يحقّ لنا أن ندفن هذه الوَزْنَة في الأرض، ولا يحقّ لنا إن كنّا مؤمنين أن نقول: لا دخل لي بكلّ هذا. لا يحقّ لي أن أخاف من مستلزمات البشارة المسيحيّة وأقول: هو ليس عملي، هو عمل الكهنة والمُكرَّسين، ولكن سواء كانت موهبتي كبيرة أم صغيرة، فعليّ أن أجعلها منتجة بل أضاعفها. |
|