رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سمعان القيروانى بعد الجلد الرومانى العنيف، واستكمال المحاكمة، خرج السيد المسيح وهو حامل صليبه من قلب مدينة أورشليم، متجهاً إلى أعلى جبل الجلجثة خارجاً عن أورشليم. وكان طريق الجلجثة طويلاً ومتصاعداً، كما كان الصليب ثقيلاً ومتعامداً. وقد حمل الرب هذا الصليب الثقيل الذى هو نفسه أداة موته، كما حمل بإرادته خطايانا فى جسده وهى سبب موته. وقع السيد المسيح على الأرض تحت الصليب، وهو صاعد فى طريق الجلجثة، وذلك لكى نفهم بوضوح أنه لم يستخدم قدرته الإلهية ليمنع الألم والمعاناة عن جسده. فبالرغم من اتحاد اللاهوت والناسوت معاً فى طبيعة واحدة اتحادًا تاماً طبيعياً وأقنومياً يفوق العقل والإدراك، إلا أن اللاهوت لم يتغير بسبب الاتحاد من جهة كونه غير متألم، والناسوت لم يتغير بسبب الاتحاد من حيث كونه قابلاً للألم.. ولكن لأن جسد أقنوم الكلمة هو الذى تألم، لأجل هذا ننسب إليه آلام جسده الخاص. فنقول إن كلمة الله قد تألم لأجل خلاصنا. ولأن جسده قد نزف كمية كبيرة من الدماء فى الداخل والخارج.. فى الداخل من جراء تمزق الشرايين المحيطة بالقفص الصدرى نتيجة الجلد بكرباج من أعصاب البقر، تنتهى أطرافه بقطع معدنية أو أجزاء مدببة من عظام البقر. والكرباج تنغرس نهايته فى داخل الجلد مع كل جلدة بسيوره الثلاثية، وتمزق فى الداخل الشرايين المحيطة بضلوع القفص الصدرى وتُحدِث نزيفاً داخلياً. وفى الخارج كان الدم ينزف من رأسه المتوج بالشوك، ومن الجراحات السطحية الناتجة عن الجلد العنيف بأعصاب البقر على الطريقة الرومانية( ). ومع هذا النزيف الذى استمر منذ وقت الجلد أثناء المحاكمة، بدأ السيد المسيح يشعر بالإعيـاء، وعدم القدرة على بذل المجهـود المعتـاد، فكم بالأولى حمل هذا الصليـب الثقيل، وهو يزحف بثقله من خلفه على أرض غير مستوية وصاعدة، تلاحقه كرابيج من العسكر الرومان بغير شفقة ولا رحمة. لهذه الأسباب إلى جوار الآلام النفسية الناشئة عن إحساسه بالجحود ونكران الجميل من البشرية التى أخطأت فى حقه وهو يسعى لأجل خلاصها، ومن الأمة اليهودية التى طالبت بموته بيد الوثنيين، ومن تلميذه الخائن يهوذا الإسخريوطى الذى باعه مقابل ثلاثين من الفضة بعد أن عاش معه فى صحبة طويلة، لهذا كله كان السيد المسيح يقع على الأرض، ومن فوقه صليبه الخشبى الثقيل الذى كان يرتطم بجسده المقدس، حتى شعر قائد المئة أنه لا فائدة من تكرار المحاولة للوصول إلى قمة الجلجثة على هذا الوضع. ففكر قائد المئة فى تسخير شخص كان عائداً من الحقل “هو سمعان القيروانى أبو ألكسندرُس وروفس” (مر15: 21). ليحمل صليب الرب يسوع ويسير معه فى موكب الصلب إلى أعلى الجلجثة. طوباك أنت يا سمعان يا من استحققت أن تحمل صليب فاديك وتسير معه إلى الجلجثة.. يا من أوضحت بمثال مسيرة كل قديس يتبع السيد المسيح حاملاً الصليب، الذى ليس هو سوى صليب السيد المسيح نفسه. كقول معلمنا بولس الرسول: “لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته” (فى3: 10). إن من يتألم من أجل السيد المسيح فله الطوبى.. وهو لا يتشبه بالمسيح فقط، بل يشترك معه فى حمل صليبه المحيى. كثيرون يحملون الصليب للزينة على صدورهم، ولكن ليتهم يحملونه فى قلوبهم.. ليتهم يعانقونه.. ليتهم يصعدون مع السيد المسيح إلى الجلجثة، مرددين قول معلمنا بولس الرسول: “إن كنا نتألم معه لكى نتمجد أيضاً معه” (رو8: 17). قد تأتى علينا التجارب والآلام ونظن أن الرب قد تخلى عنا، ولكن هذه الآلام تكون هبة وعطية من الله كقول الكتاب: “لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضاً أن تتألموا لأجله” (فى1: 29). لقد سخَّروا سمعان القيروانى ليحمل الصليب فأطاع، ونال هذه البركة. والسيد المسيح نفسه أوصانا قائلاً: “من سخرك ميلاً واحداً، فاذهب معه اثنين” (مت5: 41). فهل نقبل أن نحمل الصليب الذى يسخرنا الرب نفسه لحمله؟ يا له من شرف عظيم، تغنى به بولس الرسول قائلاً: “كما تكثر آلام المسيح فينا، كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضاً” (2كو1: 5). إن صليبى الذى أحمله يا رب، هو نفسه صليبك أنت، الذى حملته لأجل خلاصى.. أنت حررتنى من الهلاك الأبدى بموتك المحيى، وأنا لا يمكننى أن أدفع ثمن خلاصى، لأنه هو دمك الإلهى.. ولكنى على الأقل يمكننى أن أشارك طريق الصليب، وأن أحمل صليبك الذى هو ينبوع خلاصى وفدائى. إننى حينما أحمل صليبك وأتبعك، فإننى بهذا أكون جزءاً من خطة الله لأجل خلاصى وخلاص الآخرين.. بحسب قول الآباء لى [إن الله الذى خلقك بدونك، لا يخلصك بدونك]. إن إيمانى بك بصورة حية، هو أن أقبل صليبك فى داخلى، مدفوناً معك بالمعمودية للموت، مسلّماً إنسانى العتيق ليصلب معك، حتى باتحادى بك بشبه موتك، أصير أيضاً بقيامتك. فأعطنى يا رب أن أحسب نفسى ميتاً عن الخطية، مجاهداً فى ذلك لكى أحيا لله بك؛ أنت حياتى ومخلصى. ما أعجب اتضاعك يا إلهى لأنك قبلت أن تقع تحت ثقل الصليب مُظهراً ضعفاً خارجياً، لكى تجتذبنى إلى مشاركة آلامك، حتى لا تفوتنى مشاركة قوة قيامتك.. هكذا يا رب باتضاعك غير الموصوف رسمت لنا طريق الحياة..!! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سمعان القيرواني |
...فلقد اختفى من مشهد الصليب سمعان الغيور وسمعان الأسخريوطى وسمعان بطرس فأظهر الله(سمعان القيروانى) |
سمعان القيرواني |
سمعان القيرواني |
سمعان القيرواني من هو!!؟ |