لم ترق غيرة أنطونيوس لعدو الخير فأخذ يتصدّى له بقوة متزايدة. أخذ يذكّره بالممتلكات التي خلّفها وراءه ليبثّ فيه الأسى، وبأخته التي أهملها ليشعره بالذنب. عظّم لديه حلاوات مودّة الأقرباء وأطايب العيش. لو بقي في قومه لنفعهم وكان فيهم سيِّداً. نفخ فيه الشرّير روح المجد الباطل. ذكّره، بالمقابل، بصعوبات الفضيلة وجهاداتها. لفته إلى ضعف جسده وطول المدة التي ينبغي عليه تمضيتها في أتعاب قد لا تتمخّض في النهاية عن شيء. وشوش له أن جهده هذا مضيعة للوقت فيما الشباب يعبر ولا يعود. أثار في ذهنه الأفكار القبيحة ودغدغه في جسده وظهر له في الليل بهيئة امرأة لعوب. كل هذا وغيره قاومه أنطونيوس بالثبات والعزم والإيمان بالله والصلاة المستمرة والصوم وذكر الموت والنار والدود. وبنعمة الله غلب.