- أي شيء من كل هذه الأمور يبدو لك مرغوب فيه جدًا وتُحسد عليه؟ تقول بلا شك: السلطة والغنى والشهرة. ومع هذا أي شيء أكثر بؤسًا من هذه الأمور إن قورنت بحرية المسيحيين؟! فقد يخضع الوالي لغضب الرعاع ودوافع الجموع بغير تعقل والخوف ممن هم في مناصب أرقع، والقلق على من هم خاضعين له، ومن كان حاكمًا بالأمس يصير مواطنًا عاديًا اليوم. فإن الحياة الحاضرة لا تختلف في شيء عن خشبة مسرح، بل هي كذلك. إنسان يحتل مركز ملك، وآخر قائد وثالث جندي، ويأتي المساء فلا يكون الملك ملكًا، ولا الوالي واليًا، ولا القائد قائدًا. في ذلك اليوم ينال كل إنسان مكافأته التي يستحقها ليس حسب دوره الخارجي الذي قام به بل حسب أعماله. حسنًا! هل المجد هو أثمن شيء، هذا الذي يزول مثل العشب؟ أم الغنى الذي لا يهب مالكيه سعادة؟ إذ نقرأ: "ويل لكم أيها الأغنياء" (لو 6: 24)، وأيضًا: "ويل لكم يا من تتكلون على قوّتكم وتفتخرون بوفرة غناكم".