|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حاجاتنا الأساسية
حاجاتنا الأساسية ينظم الإنسان العصري حياته بدقة تامة، ويقسِّم أوقاته بكل إتقان وترتيب.. يرسم للحاضر مخططات واسعة، ويضع للمستقبل خطوطاً عريضة، ويخط البرامج النظامية لتجعله جباراً أمام مهامه ومسؤولياته العظام. فهو ينشد الأفضل، ويمسك بدقة الأهم بحسب اقتناعه وتقديره، فلكل يوم عملٌ مُعَدّ، ولكل أسبوع برنامجٌ محضَّر، ولكل شهر بل لكل سنة أهدافٌ واسعة النطاق، بعيدة المدى، تتناول جميع مرافق الحياة وتشعباتها، فحياته مليئة بالمشغولية وأيامه تتمخض تعباً وكداً واجتهاداً. هذا الإنسان، المبدع الحاذق، صاحب الفكر الثاقب والنظر البعيد المسمَّر في لوحة الطموح، يعمل لحاضره الدنيوي جاداً مجتهداً، ويهتم لمستقبله الزمني مترجياً متفائلاً. هذا الإنسان، قد يواجه في المستقبل خطراً داهماً رغم اهتمامه الحيوي، ونظاماته المنسقة، وتخطيطاته الواسعة! أجل! ذلك لأنه أسقط الله من حسابه، وداس القيم الروحية، وأهمل مستقبله الأبدي، أو على الأقل سطَّر موضوع علاقته بالله الذي يجب أن يأخذ مركز الصدارة بين مسؤولياته وإهتماماته.. سطَّره في أسفل البرنامج بخط صغير باهت لا يلفت النظر ولا يثير الاهتمام، وهكذا انقلبت المقاييس الصحيحة، وانزلق الإنسان عن مفهومية قصد الله بوضعه القاعدة الذهبية القائلة: ".. اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ،.. " ( متى 6: 33 ) فارتقت المواضيع التافهة عرش الصدارة في حياته ووجوده، والأمور الحيوية الجوهرية أصبحت نسياً منسياً، فإذا بالجسد يفضَّل على الروح، والأمور الأبدية تتقهقر لتحتل مكانها الأشياء المادية الفانية. فعظمة الإنسان هو أنه مخلوق خالد فان، يتكوَّن من عنصرين أساسيين: روح خالدة وجسم مضمحل.. نسمة من الله وقبضة من تراب، وسر العظمة في هذا الكائن كامن في روحه الخالدة وليس في جسده الترابي الفاني. وامتيازه الرفيع عن سائر المخلوقات الحية هو وجود حلقة اتصال بينه وبين الله غير المنظور فيعبده ويؤسس شركة روحية معه، وبالتالي يقرر مصيره الأبدي حراً مختاراً. أما أن يهمل الإنسان قيمته وغاية الله من وجوده، أو أن يضع متطلباته الروحية في أسفل القائمة، بينما يجب أن يكون مركزها الأول والرئيسي، فهذا تعدٍّ سافر على الروح وانتقاص لكرامة الإنسانية الحقة. إذ أن الإنسان لا تتكامل شخصيته إلا بروح وجسد.. جسد بلحمه ودمه وعظامه، وروح بقيمها وسموها وذاتها الكامنة وامتيازاتها المجيدة كما خلقها الله. فحينما ندلّل الجسد على حساب الروح، أو نمتهن حقوق الروح تحيزاً لنزوات الجسد، هذا يولِّد نقصاً لا يعوَّض في إنسانيتنا، وفراغاً في كياننا البشري لا يمكن سده بوسائل أخرى. فيسوع المسيح الذي أخلى نفسه مشتركاً بالناسوت البشري، عظّم قيمة الإنسانية الصالحة باتحاده بها، معتزاً بلقب "ابْنُ الإِنْسَانِ" الذي أطلقه على نفسه مراراً وتكراراً، وعاش مثال الإنسان الكامل ينمو نمواً متوازياً بالروح والجسد أمام الله والناس، وبهذا أيضاً ترك لنا مثالاً كي نتبع خطواته. فعلينا اليوم في عصر انعكست فيه المفاهيم الروحية والاجتماعية، وطغت موجة المادة على أفكار الجميع، فأنستهم واجباتهم تجاه نفوسهم الثمينة الخالدة، واجبنا أن نستعيد المركز الصحيح الذي وضعنا الله فيه، ونتمتع بحالة روحية سليمة. لنرفِّع قيمنا، ونعيد النظر في أهدافنا.. لننظم برامجنا الحياتية من جديد، ونحوِّل غايتنا نحو مفهوم حقيقي سامٍ، ولنرتب لوائح اهتماماتنا المشوَّهة. لنصنِّف الأهم قبل المهم، ونفضِّل الجوهري على الثانوي، لنقدِّر الروح الخالدة حق قدرها، ونعتبرها أعظم وأثمن من الجسد الزائل، ونعطي الأمور الأبدية الأسبقية على الأمور الزمنية الفانية، فتُسَدّ حاجاتنا الأساسية، ونتمتَّع بإنسانية مثالية كاملة. أشكرك أحبك كثيراً الرب يسوع المسيح يحبكم جميعاً فتعال...هو ينتظرك * * * * والمجد لربنا القدوس يسوع المسيح دائماً.. وأبداً.. آمين |
28 - 02 - 2015, 09:32 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: حاجاتنا الأساسية
مشاركة جميلة مارى
ربنا يعوض تعب خدمتك |
||||
28 - 02 - 2015, 03:18 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حاجاتنا الأساسية
شكرا على المرور |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بتطويبها تتحسّس حاجاتنا وضعفاتنا |
أنت يا مريم أمنا التي لا تتأخر في تلبية حاجاتنا |
إله يتحسّس حاجاتنا ويشارك آلامنا |
حاجاتنا الى السلام فى بداية العام الجديد |
حاجاتنا الروحية |