منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 11 - 11 - 2012, 10:32 AM
الصورة الرمزية Marina Greiss
 
Marina Greiss Female
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Marina Greiss غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 14
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : USA
المشاركـــــــات : 20,933

هل المسيحية مجموعة عقائد ذات نظام معين، وتقاليد وممارسات لها خصائصها المتمايزة، أم المسيحية هي قالب من السلوك والتصرفات التي تعكس وجهة نظر حياتية تختلف عن وجهات نظر بقية الأديان؟

أم أن المسيحية محض إيمان بشخص هو محور كيانها ووجودها؟

وعندما أقول أنا مسيحي، ماذا أقصد بذلك؟

قد يتراءى للبعض، لأوّل وهلة، أن مثل هذه التساؤلات لا داعي لها لأن المسيحي هو مسيحي لأنه يؤمن بالمسيحية، وقد وُلد في بيت مسيحي وينتمي إلى طائفة معينة، ويملك كتاباً مقدساً مُلقى في مكان ما في أرجاء منزله، وأنه يحتفل بالأعياد المسيحية المعروفة، وقد يعلق في عنقه سلسلة ذهبية يتدلى منها الصليب رمز المسيحية. فهو على هذا الأساس مسيحيّ، والشك في ذلك إساءةٌ لا تُغتفر.

ولكن كل هذه التراثية لا تجيب عن السؤال: ما هي المسيحية؟

إن ما ورد أعلاه هو ليس سوى مظاهر تقليدية فارغة للمسيحية وليس المسيحية، ومن هنا، لا بُدّ للباحث أن ينظر إلى الموضوع من زاوية أخرى هي زاوية الكتاب المقدس بمعزل عن التقليد الموروث أو المفاهيم البشرية التي اختلقتها الظروف، وفرضتها الأحداث.

وأوّل ما ألمع إليه في سياق هذا البحث هو أن المسيحية بكليتها تتمحور حول كائن حيّ فريد هو مصدر وجودها. تستمدّ نموها من ذاته، وتصطبغ بحياته، وتعكس في صميمها صورته بكل ما فيها من مجد وعظمة وسلطان. هذا الكائن هو شخص المسيح في مولده وحياته وموته وقيامته؛ في أزليته، وأبديته، في لاهوته وناسوته، وفوق الكل في كونه ابن الله وكلمته. إن كل ما يسمى بالديانة المسيحية تقوم على هذا الكائن القدوس الذي به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيءٌ مما كان. ولو استأصلنا هذا "الكائن" من المسيحيّة لما بقي للمسيحية من أثر بل لتحولت إلى جثة ميتة سرى إليها الانحلال والفساد. عندما يقول الكتاب المقدس أن المسيح هو رأس الكنيسة فإنه يؤكد:

أولاً: على أنه صاحب السيادة المطلقة.

ثانياً: إنه العقل المدبِّر والمفكّر.

ثالثاً: إنه مصدر السلطان إذ يوجِّه خطاها في هذه الدنيا.

رابعاً: ينبر عن الصلة الحميمة القائمة بين الجسد والرأس. فالجسد المقطوع الرأس لا ماهية له ولا كيان فعلي. في الرأس تتجمع شبكة خطوط كل القوى الفكرية التي تصدر عنها النواهي والقرارات. وبالتالي هو الموجّه والمسيّر.

قال المسيح عن نفسه:

" أنا هو الطريق والحق والحياة."

" أنا هو الراعي الصالح."

"أنا هو نور العالم."

"أنا هو خبز الحياة."

وتتكرر لفظة "أنا" في نصوص الأناجيل في سياق الحديث عن شخص المسيح لترسِّخ في أذهان المستمعين أن " الأنا " التي يعزوها المسيح إلى نفسه هي تجسيد حي عن "الذات". إنه لا يتحدّث عن مجموعة عقائد، أو مداميك في بناء ديني، أو يشير إلى سلسلة من التقاليد. إنه يتحدّث عن "ذاته" كوجود قائم بذاته، متنصلاً من كل ما وشَّحه به الناس من أوهام تسيء إلى شخصه القدّوس. لهذا يمكن القول أن المسيحية هي "شخص" أي الأزلي الذي أخذ "صورة عبد صائراً في شبه الناس" لكي يكون كفارة عن خطايانا، ولكي يتألق على صفحات التاريخ ليس بصفة نبي، بل بصفة ابن الله أو كلمة الله. فالمسيحية إذن هي المسيح والمسيح هو المسيحيّة.

بيد أن وجود المسيح أزلياً وتاريخياً في محور المسيحية أسفر عن مجموعة من العقائد التي لها علاقة ماسة بشخصه من ناحية، وبعلاقته بالكنيسة من ناحية أخرى. وهذه العقائد ضرورية لأنها أضحت المقياس التي تقاس عليها مواقف الناس العقائدية، وإلاّ فكيف يمكننا أن نميِّز بين الغث والسمين، بين الحق والباطل، بين البدع والأهواء، وبين التعاليم الصالحة والهرطقات؟ نحن في حاجة إلى العقائد فهي تضفي على المسيحية شكل التصاميم الخارجية للهيكل الداخلي للبناء. ولكن لكي تكون هذه العقائد سليمة عليها أن تقوم على أساس ثابت صحيح. عندما قال بطرس الرسول مخاطباً المسيح: "أنت هو المسيح ابن الله الحي" قال له المسيح: "وعلى هذه الصخرة (أي صخرة الاعتراف الصادق الصحيح) أبني كنيستي". إن الصخرة هي المسيح والعقائد هي البناء.

من ناحية أخرى، إننا في مسيحيتنا لا نعبد العقائد ولا نصلي لها، لأنها لا قوّة محببة فيها. إن العقائد لم تفتدِنا ولم تُصلب من أجلنا.. لم تسفك دماً من أجل غفران خطايانا. لا يمكن أن تطلق على العقائد لقب المخلص والفادي، والديان. هذه الألقاب هي من حق المسيح والمسيح وحده. إن كان للعقائد أية قوة فلأن مصدرها المسيح فقط. كل عقيدة لا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمسيح، ولا تنبع من جوهر ذاته هي عقيدة مشوّهة، ميتة، فاسدة، والإيمان بها هو إيمان باطل.

إننا نعبد المسيح وليس العقيدة.

أما إيماننا بالعقائد فهو نابع من إيماننا بالمسيح. بل أقول إن ممارستنا للقيم الروحية المسيحية هي نتيجة حتمية لإيماننا بالمسيح لأنه هو الذي خلقنا من جديد. فالإنسان العتيق قد مضى "هوذا الكل قد صار جديداً" والجديد هنا لا يقتصر على جانب واحد من طبيعتنا. إننا بكليّتنا قد أصبحنا خليقة جديدة نثمر ثمراً جديداً بفضل إيماننا "بالشخص" لا بالعقائد.

وخلاصة القول، إن المسيحية الحقة لا تقوم على العقائد والتقاليد، ولا على التراث والممارسات، بل على إيمان حقيقي فعلي بشخص حيّ أزلي أبدي هو السرمدي الرب يسوع المسيح، وما العقائد والقيم والممارسات إلاّ نتائج طبيعية لإيماننا به. هو الشجرة وما عدا ذلك فهو أثمار.

فإن أردت أن تكون مسيحياً عليك أن تؤمن بالمسيح ومن ثم تستطيع أن تحيا الحياة المسيحية بكل مظاهرها وعقائدها وتقاليدها.

المسيح هو المسيحية، والمسيحية هي المسيح.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
اليأس هو خيانه للمسيح
اليأس خيانه للمسيح
خيانه الصاحب
خيانه يهوذا
تراعينى حتى وسط خيانه العزيز


الساعة الآن 11:43 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024