كتاب هل تنبأ الكتاب المقدس عن نبي آخر يأتي بعد المسيح؟
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
هذا البحث كتبه القس عبد المسيح بسيط أبو الخير، كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد عام 2004، وهو يقوم بالرد على فكرة إحتمالية وجود نبي آخر بعد السيد المسيح.. ونشكر قدس أبونا عبد المسيح بسيط بسماحه .
تكرّر كثيرًا في الأيام الأخيرة في الأفلام والمسلسلات الدينيّة استخدام آيات من الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد على أنها نبوات تدلّ على نبوّة نبي يأتي بعد المسيح! وتزعم أنَّ هذه النبوات يعرفها الرهبان والقسوس كما يعرفون أبناءهم وأنَّهم يخفونها ويكتمون الحق ابتغاء لمكاسب دنيويّة وقتيّة زانلة!! وتُصوّر هذه الأفلام والمسلسلات الكثير من الرهبان و القسوس وهم يهرولون مسرعين في تلبية دعوة هذا الداعي، الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة و الإنجيل!!
ولكن ما جاء في هذه الأفلام والمسلسلات لم يأت من فراغ فأن هناك عشرات بلّ مئات المجلّدات والكتب، القديمة والحديثة، والعشرات من المواقع على الإنترنت، التي كتبت ولا تزال تكتب في هذا الموضوع وتشير إلى عشراث الآيات والنصوص من الكتاب المقدّس بعهديه، القديم والجديد، على أنّها نبوات عن نبي يأتي بعد المسيح، وتفسّرها بمفهوم يختلف عن مفهوم الكتاب المقدس وتستنطقها بما ليس فيها وتطلب منها أن تقول ما لا تعلم عنه شيئًا!! بل وتحذف منها بعض كلمات جوهريّة و تُضيف إليها كلمات وعبارات غير موجودة فيها!! و تأخذها بالشبهات!! سواء من جهة الأسماء أو الصفات أو من جهه المواقع الجغرافية!!
كما لا يتفق تفسيرها مع منطق الكتاب المقدّس ولا مع مضمونه ومحتواه وجوهره، بلّ ويتجاهل حقيقة هامّة وهي أنَّ نفس الكتاب المقدس تنبّأ، في أكثر من 400 نبوة، عن كل دقائق وتفصيلات حياة الرب يسوع المسيح بصورة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، حدّد فيها الأم التي سيولد منها والمكان الذي سيولد فيه والمناطق التي سيُكرز فيها والأعمال التي سيعملها...ألخ، بلّ وتنبّأ بأكثر من 35 نبوّة، واضحة وصريحة، تمّت بالحرف الواحد، وبصورة تفصيلية دقيقة، في يوم واحد من حياة المسيح على الأرض، هو يوم محاكمته وصلبه!!
هذه النبوات فهمها اليهوديّ صاحب العهد القديم وشرحها المسيح لتلاميذه، وشرحوها هم بدورهم للعالم أجمع ودوّنوها في العهد الجديد. في حين أنَّ هؤلاء الذين أخرجوا آيات ونصوص من الكتاب المقدّس، وحاولوا تفسيرها على هواهم، وبما يتناسب مع أفكارهم، وراحوا يقتطفون كلمة من هنا وعبارة من هناك، ومن عبارات من عندهم ويحذفون كلمات لا تناسب فكرهم، لم يستطيعوا أنْ يدلّونا على آية واحدة صريحة تدلّ دلالة واضحة وصريحة ومباشرة على صدق تأويلاتهم، مثلما جاء في النبوات التي تنبأت عن كلّ تفاصيل حياة المسيح.
وفي هذا الكتاب نقدّم دراسة علميّة لاهوتيّة منطقيّة نوضّح فيها حقيقة إيماننا ونردّ على تساؤلات أولاد الكنيسة التي تنهال علينا لمعرفة حقيقة هذه الآيات المذكورة وصحة تفسيرها وتأويلها الصحيح، مستعينين ومسترشدين بما سبق أنْ شرحه الرب يسوع المسيح نفسه لهذه النبوّات، وما سجّله تلاميذه بالروح القدس واضعين في الاعتبار، أيضًا، فهم اليهود، خاصّة في الفترة السابقة والتالية مباشرة لتجسّد الرب يسوع المسيح، لهذه النبوّات. وموضّحين موقف كنيستنا المبني على صخرة الإيمان الذي علّمه لنا الرب يسوع المسيح الذي قال " على هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها".
كما نؤكّد أنّنا لا نقصد الإساءة إلى عقيدة ما أو إلى أشخاص بعينهم وإنّما فقط نشرح آيات الكتاب المقدّس الذي هو كتابنا نحن بمبدأ "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" (سورة النحل43). باعتبارنا أهل الذكر الذي يجب الرجوع إلينا فيما يختص بآيات كتابنا المقدّس، وأيضا" مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ بِوَدَاعَةٍ" (رسالة بطرس الأولى 3/15).