رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرجل البابا كيرلس كبطريرك يَعبد كثيرا ويتكلم قليلا ، يتمثل فيه الرجل الملتزم العاقل الذى كل كلمة إذا قالها لابد أن يكون لها معنى ، ولا تسقط على الأرض ، لذلك كان كلامه قليلاً وبقلة كلامه صان نفسه وحفظ تراث الكنيسة ، ومع ذلك لروحانيته الكبيرة لم يكن هذا الصمت أو قلة الكلام من نوع الذكاء أو الحكمة البشرية ولكن عشرته الروحانية جعلته حقيقة يحس بضآلته وحقارته وأنه لا شىء . وهذا هو التواضع الحقيقى ، ليس التواضع أن الإنسان يعبر عن التواضع ولكن الشعور الصادق فى العمق الصادق أنه يدرك بأنه ليس شيئا . ولا يمكن أن يصل الإنسان لمرحلة أنه يدرك أنه ليس شيئا إلا اذا كان فعلا غمره إحساس عارم بالحضرة الإلهية ، وبالعظمة الإلهية والكشوف الروحانية التى تكشف أمامه ، فيحس بضآلته . وهذا المعنى الذى قالته السيدة العذراء ” تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى لأنه نظر إلى تواضع أمته ” تواضع أمته هنا ليس بمعنى أنها تصف نفسها بفضيلة التواضع !! لا .. هنا التواضع بمعنى حقارتى ، أنا لا شىء ، هو نظر إلى .. ، هنا التواضع ليس معناه أبدا أنها تدرك أنها اكتسبت فضيلة التواضع .. لا .. نظر إلى حقارتى ، إلى وضاعتى ، أنا وضيعة . هذا هو الذى جعله يكون قليل الكلام ، وكان عنده إحساس كامل أنه حقيقة ليس شيئا ، وأن مواهبه محدودة أو ليست له مواهب ، هو يعتقد فى نفسه ذلك ، وهذا ليس مجرد تعبير كلامى ، لا .. هو يحس بذلك فعلا ، وهذا لا يمكن أن يصل إليه الإنسان إلا إذا كان حقا أدرك مستوى عال فقاس نفسه بإزاء المقياس العالى فأحس أنه لا شئ . يقولون فى دائرة العلماء ” تواضع العلماء ” ماذا يعنى تواضع العلماء؟ يقولون العلماء متواضعون وأنصاف العلماء تجدهم متشدقين، وهناك مثل إنجليزى يقول ” المعرفة القليلة حقيرة ” فدائما تجد الناس أنصاف المتعلمين متشدقين ، بينما العالم على الحقيقة يشعر أنه لا يعرف شيئا ، ليس كلام ولكن حقا . لماذا ؟ لأنه وقف على مشارف المعرفة مثل واحد يقف على شاطئ البحر ويرى فعلا أن البحر كبير جدا عليه، فليس التواضع معناه أنه ينزل عن مستواه ، لا.. المتواضع إنسان فاهم نفسه ، فاهم نفسه بإزاء ماتكشف أمامه ، وهذا ما قاله أحد العلماء مرة، قال : ” الحق أننا ما وصلنا إليه من معرفة لا يقاس إلى ما لم نعلمه ، والأقرب إلى الحق يقال أننا لا نعرف شيئاً. عالم يقول ذلك ، الأقرب إلى الحق أن يقال أننا لانعرف شيئا. سقراط الفيلسوف ، أحد الناس قال له ” أنت عالم ” أجابه عالم !! ” لا ياصديقى نحن كلنا جاهلون ، أنا جاهل وأنت جاهل وكل الفارق بينى وبينك أننى عالم بأنى جاهل ، أما أنت فجاهل بأنك جاهل ” هذا كل الفرق ، هذا الكلام ليس تصنعاً ولاتزلفاً . فعلا الذى يصل ، الذى يدخل للداخل أكثر يعرف حقائق الأمر . واحد مثل داود النبى ملك وكانت له مواهبه ، يقول ” أنا صرت بهيماً عندك ” بهيم .. لماذا ؟ بهيم ولا يفهم ، بهيم ، داود النبى ملك ويقول عن نفسه ” أنا بهيم ” هذا يدل على أنه فهم وأنه تكشفت أمامه أمور فرأى نفسه بإزائها ليس شيئا . |
|