|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ، وَخطيَّتي أَمَامِي دَائِمًا [3]. بلا شك كان داود يعرف أنه أخطأ، لكنه وضع خطيته وراء ظهره ولم يعترف بها، حتى جاء ناثان النبي، ووضعها أمام عينيه. ومنذ تلك اللحظات، إذ شعر بعمل الله الذي رفع عنه ثقلها لم يعد يخفيها وراء ظهره، بل يعترف بها في كل حين، أي يعترف بضعفه. أدرك داود النبي أهمية الاعتراف بخطاياه، فإن الله متحنن على المعترفين بآثامهم، أما الذين يخفونها بسبب الكبرياء فلا يُظهر لهم حنوَّه. لقد صفح الله عن داود، لكن داود الواثق في عظم مراحم الله وفيض حنوه لم ينسَ خطاياه. لم يكن يائسًا، إنما كان يذكرها ليدرك دومًا ضعفه، فيطلب نعمة الله، ولكي يكون دائمًا في حذر من أسباب الخطية، خاصة الاستهتار أو التهاون ولو إلى لحظات، لكي يمجد النعمة الإلهية. * من يتذكر خطيته على الدوام يخجل، وبخجله يندم، وبندمه يحترس من السقوط مرة أخرى، وباحتراسه ينال مغفرة. كل من يتهم نفسه، مُقرًا بذنبه، تُمحى خطيته، إذ يقول الله: "أنا، أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي، وخطاياك لا أذكرها؛ ذكِّرني فنتحاكم معًا، حدِّث لكي تتبرر" (إش 43: 25-26). الأب أنثيموس أسقف أورشليم * "لأني اعترف بإثمي وجنوحي دائمًا" (مز ٥١: ٣). إني لن أضع ما ارتكبته خلفي، لأنظر إلى الآخرين، متناسيًا نفسي. لا أدَّعي أنني أُخرج القذى من عين أخي، بينما الخشبة في عينيَّ (مت ٧: ٥). خطيَّتي أمامي، وليست خلفي. فقد كانت خلفي عندما أُرسل إليّ النبي، ووضعها أمامي مثل نعجة الفقير (٢ صم ١٢). فناثان النبي قال لداود: كان هنا رجل غني جدًا وكان له غنم كثير جدًا، وكان هناك فقير بجواره ولم يكن له إلاَّ نعجة واحدة في حضنه، تأكل من لقمته. فجاء ضيف إلى الرجل الغني، وبدلًا من أن يأخذ من غنمه اشتهى أن يأخذ نعجة الفقير، وذبحها للضيف. فماذا يستحق؟ حمي غضب الملك وهو لا يعلم أن المَثل قيل عنه... خطيته لم تكن أمامه بعد، بل كل ما ارتكبه كان خلفه. لم يكن قد اعترف بإثمه بعد، لذلك لم يصفح عن خطأ غيره (إذ حكم على الغني بالموت). أما النبي فلهذا الغرض أخذ الخطية من خلف داود ووضعها أمام عينيه، ليرى أن الحكم الذي أصدره بغضبٍ شديدٍ، قد نطق به على نفسه. لقد جعل لسانه سلاحًا يجرح به قلبه ويعصبه. * أن تُدعى إنسانًا، فهذا من عمل الله، وأن تُدعى خاطئًا، فهو من عمل الإنسان ذاته. امحِ ما تفعله أنت، لكي يُخَلِّصْ الله ما قد فعله. يليق بك أن تكره عملك الذاتي فيك، وتحب عمل الله فيك. عندما لا تسرك أعمالك الذاتية، بهذا تبدأ أعمال الله الصالحة، إذ تجد خطأ في أعمالك الشريرة. الاعتراف بالأعمال الشريرة بداية الأعمال الصالحة. إنك تعمل الحق، وتأتي إلى النور. كيف تعمل الحق؟ لا تدلِّل نفسك، ولا تهادنها، ولا تتملقها، ولا تقل: "إني بار"، بينما أنت غير بارٍ؛ هكذا تبدأ تفعل الحق. تأتي إلى النور لكي ما تُعلن أعمالك أنها بالله معمولة، لأنه لا يمكنك أن تبغض خطيتك ما لم يشرق الله فيك، ويظهر لك الحق. أما من يحب خطاياه حتى بعد نصحه، فهو يبغض النور الذي ينصحه، ويهرب منه. فالأعمال التي يحبها لا تظهر له أنها شريرة. من يفعل الحق يَتهم أعماله الشريرة فيه، ولا يبرر نفسه، ولا يصفح عن نفسه حتى يغفر له الله. من يرغب في أن يغفر له الله، فليعرف خطاياه بنفسه، ويأتي إلى النور، حيث يشكر (الله) على إظهاره ما يلزم أن يبغضه في نفسه. إنه يقول لله: "ردّ وجهك عن خطاياي". ولكن بأي وجه يقول هذا ما لم يضف: "لأني أنا عارف بآثامي، وخطيَّتي أمامي في كل حين" (مز 51: 11). لتكن آثامك أمامك يا من لا تريدها أن تكون أمام الله. أما إن وضعت خطاياك خلفك، فسيدفعها الله ليجعلها أمام عينيك، يحدث هذا في الوقت الذي لا يعود يوجد فيه ثمر للتوبة . القديس أغسطينوس * أنا أعرف معاصيَّ، وخطيَّتي أمامي دائمًا. لا أضع ما أفعله خلفي. لا أتطلع إلى الآخرين وأنسى نفسي. لست أجاهد لكي أنزع القشة من عين أخي، بينما توجد خشبة في عينيَّ. خطيَّتي أمامي، وليست خلفي. حقًا كانت خلفي عندما أرسل النبي ليعلمني بمثال راعي الغنم الفقير . الأب فيصريوس أسقف آرل * أول طريق التوبة هو إدانتنا لخطايانا . * من يمارس التوبة بعدما يخطئ يستحق لا الحزن عليه بل تهنئته، إذ يعبُر إلى خورس الأبرار . القديس يوحنا الذهبي الفم * إذا خجل الخاطيء من أن يُظهر خطيته لكاهن الرب، فليستمد العلاج من القول: "قلت أعترف للرب بإثمي، وأنت تغفر شر قلبي". فإنه كما إذا تقيَّأ الإنسان الطعام غير المهضوم الذي ثقلت به المعدة يستريح، كذلك من أخطأ وأخفى إثمه فيه يتضايق في داخله، ويخنقه بَلْغَم الخطية... أما إذا اشتكى نفسه، فبشكايته واعترافه، يتقيَّأ الإثم ويزول عنه المرض . العلامة ترتليان * الشيء الذي يستحي الإنسان من كشفه وإظهاره، يكون ذلك علامة تدلنا على أنه رديء وأنه تجربة شيطانية. القديس يوحنا كاسيان * الفكر الخاطئ يضعف بمجرد كشفه... فبقوة الاعتراف ينسحب أفعوان الدَنَس من كهفه المظلم المخفي، وأحيانًا يظهر ويهرب في فضيحة. فالأفكار الشيطانية يكون لها سلطان علينا بمقدار ما تختبئ في قلوبنا. الأب موسى * كان يوحنا المعمدان يأمر الذين يأتون إليه أن يعترفوا بخطاياهم قبل المعمودية، ليس لأنه كان محتاجًا إلى ذلك، وإنما لأجل سلامهم. فالمعترف غالبًا ما يستريح من القتال. وإن قُوتل بعد الاعتراف، فالجهاد ضد النجاسة أفضل من الجهاد ضد الكبرياء. القديس يوحنا الدرجي * لا تتحدث بكل أفكارك لكل أحدٍ لئلا تكون عثرة... ضع في قلبك أن تسمع لأبيك، فتحل بركة الله عليك. القديس أنبا أنطونيوس الكبير * ما قلته عن تذكُّر الخطايا، بالفعل مفيد جدًا ولازم لمن بدأوا في التوبة حتى بقرعهم المستمر على صدورهم يقولون: "لأني عارف بإثمي، وخطيَّتي أمامي في كل حين" (مز 51: 3)، وأيضًا: "لأنني أخبر بإثمي" (مز 38: 18). ففي أثناء توبتنا، إذ لا نزال حزانى بتذكرنا لخطايانا الماضية، فإن انسكاب دموعنا الذي يحدث باعترافنا بالخطية يخمد نار ضمائرنا. الأب بينوفيوس |
|