رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عبور البحر الاحمر والسحابة يقول القديس بولس: "ولست أريد أيُها الأخوة أن تجهلوا أن آباءَنا جميعهم كانوا تحت السحابة، وجميعهم اجتازوا في البحر، وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر" (1 كو 10: 1-2). وكأن الرسول بولس قد رأى كنيسة العهد القديم في أيام موسى النبي قد اجتازت المعمودية رمزيًا. فالبحر يشير إلى جرن المياه، والسحابة التي ظللتهم تشير إلى الروح القدس، كقول الكتاب: "أرسلت روحك فغطّاهم" (خر 15: 10). ظهرت رمزية عبور البحر الاحمر للمعمودية في العهد القديم نفسه، إذ رأى إشعياء النبي ذراع الرب (رمز للمسيح) يستيقظ من القبر محطمًا العدو إبليس أو التنين الساكن في أعماق المياه، فاتحًا طريق النصرة لكي يعبر أولاده وسط المياه ويخلصوا. يقول النبي: "استيقظي استيقظي، البسي قوةً يا ذراع الرب. استيقظي كما في أيام القدم، كما في الأدوار القديمة. أَلستِ أنتِ القاطعة رَهَب، الطاعنة التنين؟! أَلستِ أَنتِ هي المُنَشِّفة البحر مياه الغمر العظيم، الجاعلة أعماق البحر طريقًا لعبور المفديين؟! ومفديُّو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بالترنم، وعلى رؤُوسهم فرح أبدي. ابتهاج وفرح يدركانهم. يهرب الحزن والتنهُّد" (إش 51: 9-11). إنها ثلاث صرخات: "استيقظي، استيقظي، استيقظي" وكأنها إعلان عن قوة القيامة المعلنة في اليوم الثالث، التي تُوهب لمفديي الرب في المعمودية خلال الغطسات الثلاث باسم الثالوث القدوس. مرة أخرى يطلب من السيد الذي عمل في القديم خلال رمز العبور، أن يعمل الآن ليعبر بمفديّيه وسط المياه ويدخل بهم إلى "الفرح الأبدي" الذي هو ملكوت الله الذي يهرب منه الحزن والتنهد. رأى النبي هلاك التنين وطعنه هذا الذي هو قاتل للبشر! هكذا رأى إشعياء النبي في العبور مفاهيم لاهوتية حيّة لعمل المعمودية في حياة المؤمنين، ونصرتهم خلال الرب الذي قام وأقامهم معه، وتحطيم إبليس التنين القديم. هذه الصورة تبقى حيّة وأبدية، إذ رآها القديس يوحنا الحبيب تتحقق بصورة أخرى في الكنيسة الممجدة في السماء: "ورأيت كبحرٍ من زجاج مختلط بنارٍ، والغالبين على الوحش وصورتهِ وعلى سِمَته وعدد اسمهِ واقفين على البحر الزجاجيّ معهم قيثارات الله. وهم يرتّلون ترنيمة موسى عبد الله وترنيمة الخروف..." (رؤ 15: 2-3). فالبحر الزجاجي هو مياه المعمودية حيث يظهر الروح القدس كنارٍ ملتهبةٍ، يقف فيها أولاد الله غالبين الوحش ومتهللين كما فعل موسى عند عبوره البحر الحمر، يرتلون ترنيمته التي كانت رمزًا لتسبحه الخلاص الحقيقي خلال حمل الله! فيما يلي مقتطفات من كلمات الآباء عن العبور كرمز للمعمودية المسيحية: * عندما ترك الشعب مصر بإرادته، وهربوا من سلطان ملك مصر بعبورهم الماء، أهلك الماء الملك وكل جيشه. أي شيء أكثر وضوحًا من هذا كرمز للمعمودية؟! فالشعوب تخلص من العالم بواسطة الماء، إذ يتركون الشيطان الذي كان يطغي عليهم، فيهلك في الماء [35]. العلامة ترتليان * يريد (فرعون وجنوده) أن يصلوا إليك، لكنك إذ تنزل في المياه تخرج منها إنسانًا صحيحًا سليمًا، حيث تغتسل فيها من نجاسات الخطيئة لتصعد إنسانًا جديدًا مستعدًا للتسبيح بالنشيد الجديد (إش 42: 10) [36]. العلامة أوريجينوس * البحر الاحمر الذي تَقّبل الإسرائيليين الذين لم يخافونه، هذا الذي خلصهم من الشرور التي أضمرها لهم المصريون المقتفون آثارهم، كان -كل تاريخ الخروج- رمزًا للخلاص الذي يتم في المعمودية. مصر في الحقيقة ترمز هنا إلى العالم الذي نمارس فيه شقاءنا بالحياة الشريرة التي نعيشها، والشعب هم الذين يستنيرون (يعتمدون)، والماء هو واسطة الخلاص للشعب يمثل المعمودية. فرعون وجنوده رمز للشيطان وأعوانه [37]. القديس ديديموس الضرير * خلاص إسرائيل من فرعون كان خلال البحر، وخلاص العالم من الخطيئة يتم بغسل الماء بكلمة الله (أف 5: 26) [38]. القديس كيرلس الأورشليمي * لقد قدم لنا ما يخص خروج إسرائيل لكي نعرف الذين يخلصون بالمعمودية... البحر هو رمز للمعمودية، فخلص الشعب من فرعون كما تخلص أنت من طغيان إبليس في المعمودية. أهلك البحر العدو، وفي المعمودية تُقتل عداوتنا لله. خرج الشعب من البحر أصحاء وسالمين، ونحن أيضًا نخرج من الماء كمن هم أحياء يخرجون من بين الأموات. * لو لم يعبر إسرائيل البحر لما نجا من فرعون، وأنت إن لم تدخل المياه فلن تهرب من طغيان الشيطان القاسي [39]. القديس باسيليوس الكبير * عبور البحر الاحمر كقول القديس بولس نفسه هو نبوة عن سرّ المعمودية... في الحقيقة إذ يقترب الشعب الآن إلى مياه التجديد، يكونون كمن يهربون من مصر التي تشير إلى الخطيئة (في ذاك الوقت)، فيتحررون ويخلصون، أما إبليس وأعوانه مع أرواح الشر فيهلكون. * تلقي الشهوات بنفسها في المياه لكي تقتفي أثر العبرانيين، لكن المياه التي تمثل عنصر حياة بالنسبة للذين يلتجئون إليها تكون عنصر موت للذين يقتفون أثرهم [40]. القديس غريغوريوس أسقف نيصص * أي شيء أعظم من عبور البحر بواسطة الشعب اليهودي؟! ومع هذا فإن اليهود الذين اجتازوه مات جميعهم في البرية! أما الذي يعبر هذا الينبوع (المعمودية) أي يجتاز من الأرضيات إلى السماويات، فيُحسب ذلك بحق تحول أو عبور، عبور من الخطيئة إلى الحياة، فلا يموت بل يقوم. * عمود السحاب هو الروح القدس. فقد كان الشعب في البحر، وكان عمود النور يتقدمهم، عندئذ تبعهم عمود السحاب كظل للروح القدس. ها أنت ترى كيف ظهر بوضوح الروح القدس والماء كمثال للمعمودية [41]. القديس أمبروسيوس أخيرًا يرى القديس كبريانوس في هلاك فرعون وجنوده رمزًا لجحد الشيطان وملائكته أثناء ممارسة طقس العماد، حيث ينال طالب العماد قوة للغلبة على قوات الظلمة والتحرر من سلطانهم [42]. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الرب موجود عند عبور البحر الاحمر وفي مواجهه جليات |
عبور البحر العقلي |
عبور بني إسرائيل فن البحر الاحمر في الكتاب المقدس |
اكتشاف عظام بشرية تدل على عبور البحر الاحمر |
لا يمكنك عبور البحر |