موهبة الدموع
وبسبب خطايانا التي صنعناها، فإننا نطلب معونة الرب بدموع في الليل في هذه الساعة الثانية عشر. يا لعظمة فضيلة الدموع، فإنها تؤدى إلى غلبة عظيمة، فبواسطة الدموع تمحى خطايا كثيرة وأعمال مخالفة كثيرة. فهي تشهد لي كما جاء في الإنجيل المقدس. فعندما سلم المخلص لليهود، أقسم بطرس ثلاث مرات وأنكره قبل صياح الديك. ولكن الرب التفت ونظر إلى بطرس، فتذكر بطرس وصية الرب، حيث قال له: "قبل صياح الديك. تنكرني ثلاث مرات" (مت 26: 34)، وأيضًا "فخرج إلى خارج وبكى بكاء مرًا" (مت 26: 75). انظروا إلى الشفاء بالدموع، تأمل وانظر نتيجة المخالفة. ما هو أردأ من هذا الشر، لأنه ثلاث مرات يحلف وينكر سيده بنفسه، إنها مخالفة كبيرة تحتاج إلى الدموع. وأنظر إلى عظم تمسكنا بقوة بالدموع. هذه النصيحة مكتوبة لكي نتبعها نحن كل يوم، ونكتسبها طوال حياتنا. كثيرون لا يمتلكون موهبة الدموع، ولكن من لهم الفكر السامي، ومن يهملون الأرضيات، ومن لهم بصيرة في الجسد لا يهملون موهبة الدموع، فكثيرين لا يتطلعون البتة إلى ما في العالم، وكثيرون يبكون بصوت عال على الذين يهتمون بالأرض، فإن دموع الحزن تُمنح لمثل هؤلاء فقط. لأن هؤلاء يحتفظون بنقاوة الفكر ويتمتعون بالبصيرة، لأنهم وهم موجودين على الأرض يبصرون العذابات في الجحيم، والآلام الشديدة في الأبدية، التي يُجازى بها الخطاة، ويرون النار الأبدية والظلمة الخارجية والبكاء وصرير الأسنان في الجحيم. ويبصرون أيضًا النعم السماوية التي يمنحها الله للقديسين ويرون الأكاليل والأمجاد والثياب الملوكية المعدة للقديسين، ويرون المخادع التي تمتلئ نورًا، والنعم التي يعبر عنها في الحياة الأبدية. وماذا بعد ذلك لم يقال؟ إنه ما هو أكثر من كل العجب، لأن الاحتفاظ بفكر طاهر وآذان نقية عن الله في داخلهم، كيف لا يشاؤون البكاء والنحيب مع كل هذا الذي يرونه؟ إنه يبكى ويحزن لكي يعتق وينقذ من الدينونة الرهيبة، وأيضًا يبكى ويطلب صلوات القديسين لكي يكون مستحقًا لهذه الخيرات السمائية.