رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما بين الحدث والاسطورة
فى هذا المقال يركزالاب سارافيم على نقطة هامة جداً وهيا انه اذا كان هناك تشابه -وليس تطابق-بين القصة وبين الاساطير فهذا يعود الى ان الحدث واحد ولكن كل حضارة صاغت الحدث بمعرفتها. ما بين الحدث والاسطورة للراهب سارافيم البرموسى فى تحليل هذا الطرح يجب ان نشير بدءاً إلى أن وجود نقاط التقاء فى القصص الدينية القديمة بخصوص الخلق والطوفان والانسان والعبادة لا يجب ان يقودنا الى الانطلاق من نقطة الاسطورة بل على العكس تقودنا الى الانطلاق من نقطة وجود حدث اصيل تم صبه فى قوالب تقافية متعددة تقترب او تبتعد من الحدث الاول بقدر اقتراب تلك الشعوب او ابتعادها عن فهم الإله الخير. ولعل من الامثلة البارزة بهذا الصدد قصة الطوفان.نجد مثيل لتلك القصة فى الاسطورة السامرية والتى دونت حوالى3000ق.م,كلتا القصتان(الكتابية والسومرية)تتحدثان عن قرار الهى وشخص مختار للنجاة من الطوفان هذا الشخص تلقى تعليمات واضحة بخصوص بناء المركب الذى سيقطنه اثناء الطوفان,وكذلك من يصحبه على متن المركب ,وياتى الطوفان ويهلك كل حى,يرسو المركب على قمة جبل ,يرسل طيوراً لاستطلاع جفاف الارض وحينما يخرج من المركب يقدم ذبيح للاله. بالطبع نجد ان السرد الكتابى يختلف عن السرد السومرى,ولكن ليس هذا هو المهم .القضية الاهم ان النص الكتابى ينفرد بالحديث عن دوافع الطوفان الاخلاقى وانتشار الشر وتحقيق العدالة الالهية فى مقابل نزوة اله فى الاسطورة السومرية,اى ان النص يحمل القصة التاريخية بالقصد الالهى ,او يكشف الدافع من وراء الفعل الحدثى التاريخى,تلك هيا نقطة الارتكاز فى فهمنا للنص الكتابى اى القصد الالهى عبر صفحات الكتاب المقدس... ان ورود القصة فى الادبيات القديمة يشير الى ان قصة الطوفان حقيقة عرفتها الشعوب القديمة وان صورتها باشكال مختلفة حسب وعيها الدينى انذاك,لذا يجب ان نفرق تماماً بين وجود الحدث وحقيقته وبين قولبة الحدث فى قالب ادبى مكتوب ومصاغ يعبر عن وعى الجماعة... -اذا تماثل الاحداث لا يعنى على الاطلاق اسطوريتها ولكن حقيقة حدوثها,بالرغم من تطعيمها بدراما كونية فى الاساطير التى نشات خارج دائرة العهد مع الوهيم واللقاء على جبل يهوه... -هذا الامر نجده مثلا فى فكرة بناء مذبح للالهة وتقديم ذبيحة: فالفكرة قد تكون واحدة فى مختلف العقائد الدينية الا ان من تقدم له الذبيحة ومن يبنى له المذبح وطريقة العبادة وهدف تلك العلاقة الذبائحية تختلف جذرياً بين المعتقدات كما نرصد ايضا تماثل فى الاناشيد الدينية فى معتقدات مختلفة الا ان وجهة النشيد هو ما يمثل جوهر العبادة... -هذا الامر نجد له مثيلاً فى الليتورجيا الكنسية فى استخدام كلمة كيريا ليسون(يارب ارحم)على سبيل المثال,والتى كانت تقال للامبراطور من اجل ان يمنح الغفران ومن ثم يهب العطايا للشعب اخذت الكنيسة تلك العبارة كما هى ولكن اعادت توجيهها نحو الله لتصبح تعبيراً يلتمس الغفران الالهى لنفس\جماعة تائبة... -من تلك الحقيقة نصل الى ان القصد من الرواية الكتابية يعبر عن مقصدها وتاريخيتها اذ تتناغم مع الاله الذى تتحدث عنه (مدخل الى فهم كلمة الله ص238,237,,239) |
|