|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الفضيلة ليست مظهرًا خارجيًا | كل مجد ابنة الملك من داخل "كل مجد ابنة الملك من داخل" (مز45) قال السيد الرب "ملكوت الله داخلكم" (لو 21:17). أي في داخل العقل والقلب، في المشاعر والنيات والأحاسيس.. وطبعًا إذا ملك الله في الداخل، فمن الطبيعي أن تظهر ثمار ذلك التصرفات الخارجية. الداخل والخارجأما البر الذي من الخارج فقط، فقد يكون رياء! الكتبة والفريسيون كانوا يظهرون من الخارج أنهم أبرار. ولكنهم كانوا مرفوضين من الرب، وقد وصفهم بأنهم مراؤون. ووبخهم قائلًا "أنكم تتقون خارج الكأس والصحفة، وهما من الداخل مملوءان اختطافًا ودعارة"، "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تشبهون قبورًا مبيضة، تظهر من خارج جميلة، وهي من داخل مملوءة عظام أموات ولك نجاسة.." (مت23: 252،27). "إذن المهم هو البر الداخلي، ومن أجله قال الرب: "يا ابني أعطني قلبك" (أم26:23). أعطني قلبك أولًا، فأسكن في داخلك، في مشاعرك، في أعماقك، وحينئذ ونتيجة لذلك سوف "نلاحظ عيناك طرقي" وهذه نتيجة طبيعية إذا ما أعطيتني قلبك. فالخير يبدأ داخل القلب والفكر. وهكذا قال القديس بولس الرسول "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو2:12). وما معني تجديد الذهن؟ معناه أن ينظر الإنسان إلي الأمور بنظرة جديدة، باقتناع آخر. وحينئذ سوف يتغير شكله، ولا يشاكل هذا الدهر، أي لا يصير شكله مثله. لذلك شرح الرسول الطريق السليم بقوله: "لا تشاكلوا هذا الدهر. بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو2:12). فجعل تغيير الشكل الخارجي نتيجة طبيعية لتجديد الذهن، أي للتجديد الداخلي. وفي هذا الحالة إن تعرض الإنسان لحرب روحية من الخارج، فإن محبته لله وللخير التي هي داخل قلبه، ستجعله قويًا ينتصر علي كل حرب خارجية ويرفض أفكار العدو. الحرب الخارجية تعرض لهل الكل، حتى المسيح! وهو علي جبل التجربة، قدم له الشيطان ثلاثة أفكار. ولكنه رفضها جميعًا، ورد عليها. لأن البر الداخلي لا يتفق معها. وهكذا الأبرار في كل جيل: ما أكثر الحروب التي تعرض عليهم من الخارج، ولكن برهم الداخلي يرفضها. كالإغراءات الكثيرة التي عرضت علي الشهداء قبل استشهادهم، ورفضوها.. كالحروب الروحية التي تعرض لها يوسف الصديق، وكانت تلح عليه كل يوم. وكلن بره الداخلي رفضها، قائلًا في تعجب "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلي الله؟! (تك9:39). ونحن حينما نقول البر الداخلي، لا نقصد أعمال البر الخارجية: فقد يفعل الإنسان الرب رياء كالكتبة والفريسيين، وفي داخله حب الخطية. أو قد يفعل البر خوفًا من انتقاد الناس، أو خوفًا من عقوبة المجتمع، أو عقوبة القانون.. أو قد يفعل ذلك خجلا. أو قد يعمل البر من أجل كسب مديح الناس، وليس من أجل محبة الله ومحبة الخير. أو قد يعمل الخير مجاراة وتقليد لتيار في المجتمع، وهو غير مقتنع من الداخل، وربما وهو محرج لا يستطيع أن يقول: لا.. إذن الفضيلة ليست في عمل الخير، إنما هي أصلا في محبة الخير. محبة الخير في القلب، حتى لو كانت هناك موانع تعوق التنفيذ علميًا. لذلك فالأب الكاهن في (أوشية القرابين) يصلي طالبًا البركة لأولئك "الذين يريدون أن يقدموا لك، وليس لهم"، فيأخذون البركة علي مجرد النية أو الرغبة الداخلية، بدون الممارسة الخارجية، مادام هناك عائق يمنع ذلك... والله تبارك اسمه هو وزان القلوب (أم2:21). ووازن الأرواح (أم2:16). ويكافئ علي البر الداخلي، الذي في القلب والروح ويعرف مدي صدقه، ومدي التزامه إذا أتيحت له الفرصة.. والإنسان البار، تحاربه الخطايا من خارج فقط. لأنه من الداخل بار، وقوي ورافض للخطية. أما الإنسان الضعيف من الداخل، فأمامه حربان: 1- إما أنه يسعى بنفسه إلي الخطية. 2- أو إذا سعت إليه الخطية، لا يرفضها ولا يفارقها. 3- إن أتته الخطية، تجد بيته "مزينًا وفارغًا" (مت44:12). فتستريح فيه. إن قلبه مثل البيت المبني علي الرمل الذي إذا نزل المطر، جاءت الأنهار، وهبت الريح وصدمته، يسقط ذلك البيت ويكون سقوطه عظيمًا (مت27:7). هناك إنسان ضعيف من الداخل، وإنسان آخر يتسبب في إضعاف نفسه.. إنسان ضعيف من الداخل، ويحاول أن يقوم نفسه، ولا يعتبر الضعف الذي فيه طبيعة ثابتة، وكلنه يحاول أن يغير نفسه. ولكن هناك من يلجأ إلي الأسباب التي تؤدي إلي ضعفه، أو التي تريد ضعفه ضعفًا. أما الإنسان البار فهو محصن من الداخل. مهما صادمته الحروب الروحية، لا تقدر عليه، فأبوابه مغلقة أمامها. كما قيل عن عذراء النشيد: "أختي العروس جنة مغلقة، عين مقفلة، ينبوع مختوم" (نش12:4)، وكما يقول المزمور "سبحي الرب يا أورشليم سبحي إلهك يا صهيون، لأنه قوي مغاليق أبوابك" (مز147). حينما يكون الإنسان قويًا من الداخل، وقد أغلق أبواب فكره وقلبه أمام كل خطية وكل شهوة، هذا يستطيع أن يقاوم إبليس وكل حيله. وبعكس الضعيف في داخله يسقط بسهوله، إن لم يكن في نفس الوقت فبعد حين. علي أن الإنسان قد تمر عليه فترات قوة أو ضعف. فأحيانًا يكون قويًا من الداخل ينتصر في كل حرب مهما كانت شدتها. وأحيانًا يكون في حالة ضعف من الداخل، فيسقط وهو نفس الشخص الذي أنتصر قبلًا. مثال داود النبيكان شاول الملك الشرير يطارد داود من برية ألي أخري، ومن مكان إلي آخر، ويريد قتله بكل السبل. وأخيرًا حانت الفرصة لداود، ووقع في يده شاول وكان نائمًا. وأصحاب داود حرضوه علي قتله وقالوا له إن الله دفعه إلي يده. ولكن داود رفض ذلك بطريقة فأمد يدي إليه. لأنه مسيح الرب هو "ووبخ رجاله (1صم24: 6،7). ولكن داود حينما كان ضعيفًا في الداخل، أراد أن يقتل نابال الكرملي. لأنه رفض أن يعطيه طعامًا لرجاله في يوم جز الغنم.. وأمر داود رجاله أن يتقلدوا سيوفهم، وصمم أنه لا ينقي لنابال حتى الصباح بائلًا بحائط (1صم25: 4-22). لولا أن أبيجايل بحكمتها منعته من إتيان الدماء والانتقام لنفسه (1صم33:25). داود هو داود، نفس الشخص. ولكن هناك فرقًا بين حاله في وقت القوة الداخلية، وحاله وهو في وقت ضعفه. داود في وقت ضعفه، في مرة أنقذته النعمة، وفي مرة أخري سقط. أنقذته حينما أرسلت إليه أبيجايل لتوبخه في حكمة وتنعمه من سفك الدماء. ولكنه سقط في مرة أخري، حينما أشتهي بثشبع، وزني بها، وتحايل علي قتل زوجها أوريا الحثي، وقتله بحيلة لا تتفق من المنهج الروحي، واستحق لذلك عقوبة من الرب علي فم ناثان النبي (2صم12:11). مثال إيلياحينما كان إيليا قويًا من الداخل، استطاع أن يوبخ آخاب الملك علي سماحه بعبادة الأصنام، بل استطاع أن يقتل 450 نبيًا من أنبياء البعل عند جبل الكرمل (1مل18). وفي مرة أخري، قال في قوة لقائد الملك أخزيا "إن كنت أنا رجل الله، لتنزل نار من السماء، وتأكلك أنت والخمسين الذين لك" (2مل10:1). وقد كان، وتكرر الأمر. أما حينما ضعف إيليا من الداخل، فإنه خاف من إيزابل وهرب. ولما افتقده الرب في هروبه، وسأله قائلًا "مالك يا إيليا"... أجاب "نقضوا مذابحك، وقتلوا أنبياءك بالسيف، وبقيت أنا وحدي. وهم يطلبون نفسي ليأخذوا" (1مل14:19). وأمره الرب أن يمسح أليشع نبيًا عوضًا عنه (1مل16:19). مثال إبراهيم لما كان أبونا إبراهيم قويًا في إيمانه من الداخل، بالإيمان وضع إبنه وحيده إسحق علي المذبح، ورفع السكين عليه ليقدمه لله محرقة "هذا الذي قيل عنه: باسحق يدعي لك نسل"، "إذ حسب أن الله قادر علي الإقامة من الأموات" (عب11: 18،19). وبالعكس لما ضعف أبونا إبراهيم، في الداخل وخاف من الموت، قال عن سارة إنها أخته. لئلا لو عرفوا أنها زوجته يقتلوه ويأخذوها. وقال لسارة "هذا معروفك الذي تصنعين إلي. في كل مكان آتي إليه، قولي عني هو أخي" (تك20: 13،11). بالمثل شمشون الجباركان بدء حياته قويًا جسدًا وروحًا. اختاره الرب قبل أن يولد، وكان روح الرب يحركه (قض13: 7،25). ولكن لما ضعف من الداخل، وملك الزنا علي قلبه (قض1:16). ثم أحب دليلة، وملكت عليه، استجاب أخيرًا لإلحاحها في معرفة سر قوته كشف لها سرة أخيرًا "لما كانت تضايقه كل يوم بكلامها، وألحت عليه حتى ضاقت نفسه إلي الموت" (قض16:16). وهكذا لما ضعف من الداخل، استسلم لها، وناله ما ناله بعد ذلك.. وقد أتاه الضعف الداخلي عن طريق التدريج. * أحيانا يكون سبب السقوط من الداخل والخارج معًا. مثال ذلك ما حدث لأبينا يعقوب: كان محاربًا من الداخل بأن ينال البركة، كما نال البكورية من قبل بحيلة مع أخيه، إذ اشتراها منه وهو جوعان ومعيي بأكلة عدس (تك25: 27-34). لذلك عندما عرضت عليه أمه حيله أخري أن يخدع بها أباه وينال البركة، كان ضعفه الداخلي مؤهلًا لقبول التحايل، لسابق عهده به، ولشهوة قلبه الداخلية. لذلك علي الرغم من أنه أظهر شيئًا من التخوف، إلا أنه أن يخدع أباه. وقال له "أنا عيسو بِكرك" (تك19:27). أخاب الملككان ضعيفًا من الداخل، أمام شهوته في إمتلاك حقل نابوت اليزرعيلي. فلما أتته نصيحة زوجته الخاطئة إيزابل بحيلة لقتل نابوت وأخذ حقله، حينئذ استجاب آخاب، وبفذ الخطة الشيطانية التي اقترحتها إيزابل. كان الداخل والخارج متجاوبان معًا. يهوذا أيضًاكان داخله مثقلًا بمحبة المال، لذلك لما جاء إغراء رؤساء الكهنة من الخارج استجاب له، وأخذ المال، واتفق معهم علي تسليم سيده. هيرودس الملككان محاربًا من الداخل بمحبة المديح لذلك لما جاء تملق الناي من الخارج قائلين له لما تكلم "هذا صوت إله لا صوت إنسان" (أع22:12). ابتهج بصوت المديح ولم يرفضه. فضربه ملاك ومات في الحال. بعكس بولس الرسول، لما شفى الرجل المقعد في لسترة وقام ومشى، وأتي الكاهن ليقدم له الذبائح مع زميله برنابا! لكن بولس رفض وقال "ونحن يشر تحت الآلام مثلكم ووبخ الناس ودعاهم إلي الإيمان بالإله الحي".. فكانت النتيجة رجموه حتى ظنوا أنه مات" (أع14: 8-19). الخوف كمثالليس سبب الخوف باستمرار، هو عوامل خارجية تسبب الخوف. فالقلب القوي من الداخل لا يخاف. والمؤمن بحماية الله له لا يخاف وقد قال المرتل في مزمور الراعي "إن سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف شرًا، لأنك أنت معي" (مز23). وقال أيضا "إن يحاربني جيش، فلن يخاف قلبي. وإن قام علي قتال، ففي ذلك أنا مطمئن" (مز27). داود لم يخف من جليات، لأن قلبه كان مملوء بالإيمان، أن الرب سيحسبه في يده، وأن الحرب للرب (1صم17: 46،47). والشهداء لم يخافوا من الموت، لأن قلوبهم البارة، كانت تشتهي أن تلتقي بالرب في الفردوس. وكذلك يوحنا المعمدان لم يخف من هيرودس الملك، بل وبخه.. لذلك إذا خفت، أعرف أن هناك ضعفًا في الداخل، حاول أن تنتصر عليه. فبطرس الرسول، خاف وهو يمشي إلى الماء مع المسيح. ذلك لأن إيمانه من الداخل قد ضعف. لذلك وبخه الرب قائلًا "يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟" (مت31:14). * القلب القوي في الإيمان لا تهزه الشكوك الخارجية. لأن إيمانه أقوي من الشكوك. وهكذا كان أثناسيوس الرسولي حصنًا قويًا للإيمان ضد كل شكوك الأريوسية، وما استخدمته من فهم خاطئ لنصوص الإنجيل المقدس. لهذا ينبغي علي كل أسرة أن تقوي إيمان أطفالها، حتى يستطيعوا بالقوة الداخلية أن يصمدوا أمام كل الشكوك التي يثيرها بعض رجال الفلاسفة أو العلم، أو الملحدون، أو بعض الطوائف المنحرفة مثل شهود يهوه والسبتيين وغيرهم.. دائمًا الخارج يضغط، ملتمسًا استجابة من الداخل.. فإن لم يجد، تفشل كل حيله. فأيوب مثلًا لم يستجب... مثال أيوب الصديقهذا الرجل الكامل، إذ كان بارًا في داخله، حلت عليه تجارب مؤلمة لم تحدث لأحد من قبله، جردته من ماله، ومن أبنائه وبناته، ومن صحته ومن رأفة أصحاب عليه ولكن إيمان بالرب لم يتزعزع، بل قال عبارته المشهورة "الرب أعطي والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركًا" (أي21:1). ووبخ امرأته بقوله لها تتكلمين كلامًا كإحدى الجاهلات. هل الخير من عند الله نقبل والشر لا نقبل؟! (أي10:2). في التطبيق العملي* إنسان صائم: قد يبدو من الخارج صائمًا، وهو في داخله يشتهي الأكل، ويتحايل علي الطعام النباتي، ويتخير ما بكون منه شهيًا، بعكس دانيال النبي، الذي كان قلبه نقيًا في صومه. وقد روي في إحدى المرات قائلًا "كنت نائحًا ثلاثة أسابيع أيام. لم آكل طعامًا شهيًا، ولم يدخل فمي لحم ولا خمر، ولم أدهن.." (دا10: 2،3). لذلك ليس الصوم مجرد ممارسة من الخارج، وإنما من الداخل يكون القلب صائمًا وتكون زاهدة، فلا يكون الصوم شكليًا. مثال العفةليست العفة هي مجرد امتناع الجسد عن الزنا فقد يمتنع الجسد بينما تكون الروح زانية بشهواتها. وهذا ما قصده الرب بقوله "فقد زني بها في قلبه" (مت28:5). إذن العفة الداخلية، هي نقاوة القلب من شهوة الزنا. كذلك الحشمة مجرد أوامر نصدرها من جهة الملابس أو الزينة، إنما هي حياء داخلي، سواء في أسلوب الكلام أو النظر. ويقول ما إسحق عن (الزي الحسن) أن الإنسان يكون محتشمًا حتى وهو جالس في غرفته الخاصة.. مثال التسامحليس التسامح أن تقول للمسيء بلسانك "الله يسامحك، بينما أنت تفرح إذا انتقم الله لك منه!! لأن (التسامح) هنا لا يكون من القلب. وبالمثل ليس أن تسلم علي خصمك، أو يصلي الأب الكاهن علي رأسيكما معًا. وليس هو أن تغفر، بل بالحرى أن تنسى Not only to firgive, but rather to forget. وبالمثل ليس التواضع أن تقول كلمات "أخطأت". دون شعور - حقيقي بذلك. إذا يقول إنسان كلمة "أخطأت "ولكن إذا قيلت له من آخرين، يتضايق، وربما يجادل ويدافع عن نفسه.. وليس التواضع أن تضرب مطانية لغيرك، وتنحني رأسك، بل التواضع هو أن تنحني نفسك. |
20 - 10 - 2024, 02:20 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: الفضيلة ليست مظهرًا خارجيًا | كل مجد ابنة الملك من داخل
ميرسى ياقمر ربنا يسعدك
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لا تخافوا عندما تسمعون عن الفضيلة لأنها ليست ببعيدة عنا |
كل مجد ابنة الملك من داخل |
كل مجد ابنة الملك من داخل مز45 |
كل مجد ابنة الملك من داخل مزينة بأشكال كثيرة |
ليست الفضيلة هي فقط البعد عن الخطيئة |