رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القطيع الجديد والأمانة علي الوكالة سحب السيِّد قلب قطيعه إليه ليترقب مجيئه الأخير، فيتمتع القطيع الجديد بملكوت الله. الآن يعلن السيِّد المسيح لقطيعه الإلتزام بالأمانة حتى يكون له نصيب في هذا الملكوت. "فقال له بطرس: يا رب ألنا تقول هذا المثل أم للجميع أيضًا؟ فقال الرب: فمن هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيِّده علي خدمه ليعطيهم العلوفة في حينها؟" [41-42]. إذ سمع القدِّيس بطرس المثل الخاص بيوم مجيء الرب والذي فيه يعلن السيِّد مجيئه فجأة، سائلاً إياهم السهر واليقظة والترقب لهذا المجيء، سأل القدِّيس بطرس سيِّده أن كان هذا المثل خاص بالتلاميذ وحدهم أم عام للكل؟ لعل القدِّيس بطرس تساءل في أعماق نفسه: ماذا يقصد السيِّد بقوله "أولئك العبيد"؟ ألعله يقصد التلاميذ الذين يؤتمنون علي "بيت الله" كخدام ورعاة حتى يأتي "رب البيت"، أم يقصد بهم كل مؤمن بكونه قد أؤتمن علي حياته كبيت الله كخادم وراعٍ للجسد والنفس والطاقات والمواهب وكل الإمكانيات لتعمل معًا لحساب رب البيت، السيِّد المسيح نفسه؟ جاءت إجابة السيِّد: "فمن هو الوكيل الأمين الحكيم، الذي يقيمه سيِّده علي خدمه، ليعطيهم العلوفة في حينها؟" [42]. وكما يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم لم يقدَّم ربَّنا هذا السؤال لأنه يجهل من هم مؤمنين ووكلاء حكماء، إنما أراد أن يكشف عن ندرة وجودهم خاصة لكي يؤتمنوا علي خدمة الكنيسة. + من يُوجد أمينًا ووكيلاً حكيمًا فليتسلم تدبير بيت الرب ليعطي العلوفة (نصيبهم في الطعام) في حينها، الذي هو كلمة التعليم المغذي لنفوسهم، أو القدرة العملية التي تشكّل حياتهم. ( الأب ثيؤفلاكتيوس ) + لقد سام المخلِّص الرسل كوكلاء علي خدمه، أي على أولئك الذين رُبحوا بالإيمان لمعرفة مجده - أناس أمناء وذو فهم عظيم، مثقفون حسنًا بالتعليم المقدَّس. لقد سامهم، آمرًا إياهم أن يقدَّموا الطعام المسموح به، ليس بدون تمييز، وإنما في حينه. أقصد الطعام الروحي الذي يقدَّم بما يليق بكل فرد وما يشبعه. فإنه لا يليق تقديم التعليمات في كل النقاط بطريقة واحدة لكل الذين يؤمنون بالمسيح، إذ كُتب: "معرفة اعرف نفوس غنمك" (أم 27: 23). فعندما نقدَّم طرق الحق لإنسان صار تلميذًا حديثًا نستخدم معه التعليم البسيط الذي لا يحمل أمرًا يصعب فهمه أو إدراكه... الأمر الذي يختلف تمامًا عن الطريق الذي نستخدمه في تهذيب الذين ثبتوا بالأكثر في الفكر والقادرون علي إدراك العلو والعمق والطول والعرض لمفاهيم اللاهوت السامي، وكما سبق فقلنا: "الطعام القوي فللبالغين" (عب 5: 14). ( القدِّيس كيرلس الكبير ) مجىء السيِّد يفرز الوكلاء الأمناء والحكماء من الوكلاء المتهاونين العنفاء والعاملين لحساب بطولتهم لا لحساب موكلهم، إذ يقول: "طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيِّده يفعل هكذا. بالحق أقول لكم أنه يقيمه علي جميع أمواله. ولكن أن قال ذلك العبد في قلبه سيدي يبطىء قدومه، فيبتدىء يضرب الغلمان والجواري ويأكل ويشرب ويسكر. يأتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره، وفي ساعة لا يعرفها، فيقطعه ويجعل نصيبه مع الخائنين" [43-46]. + من يعطي الخدم رفقاءه نصيبهم من الطعام بحكمة في حينه حسب احتياجهم يكون مطوّبًا جدّا كقول المخلِّص، إذ يُحسب أهلاٍ لأمور أعظم، ويتقبل مكافأة تليق بأمانته... هذا ما علمنا إيَّاه المخلِّص في موضع آخر حين مدح العبد العامل والأمين، قائلاً: "نعمًا أيها العبد الصالح والأمين، كنت أمينًا في القليل فأقيمك علي الكثير، أدخل إلي فرح سيدك" (مت 25: 21). أما أن أهمل واجبه فلم يكن مجتهدًا ولا أمينًا، مستخفًا بالسهر علي هذه الأمور كأنها تافهة، يترك ذهنه يرتبك بالاهتمامات الأرضية، ويفسده بأمور غير لائقة، فيستخدم العنف والقسوة مع الخاضعين تحته، ولا يقدَّم لهم نصيبهم، فسيكون في بؤس مطبق. فإن هذا هو معنى أنه "يقطعه"، كما أظن، "ويجعل نصيبه مع الخائنين". فإن من يسيء إلي مجد المسيح أو يتجاسر فيستهين بالقطيع الموكل إليه لا يختلف عن الذين لا يعرفون المسيح، ويُحسب هؤلاء مع الذين لا يحبُّونه. فإن المسيح قال للطوباوي بطرس: "يا سمعان بن يونا أتحبني؟ ارع خرافي، ارع غنم" (يو 21: 15-16). فمن يرعى غنمه إنما يحبها، ومن يهملها ويترك رعاية الخراف الموكل بها إليه يبغضها. وإن كان يبغضها فسيُعاقب ويحسب مع غير المؤمنين. ( القدِّيس كيرلس الكبير ) + "يقيمه علي جميع أمواله" [44]، ليس فقط علي بيته، وإنما علي الأمور الأرضية كما السماويَّة فتطيعه. وذلك كما حدث مع يشوع بن نون وإيليا، واحد أمر الشمس، والآخر أمر السحب؛ وكل القدِّيسين كأصدقاء لله استخدموا ما لله. من يعبر حياته بطريقة فاضلة ويخضع خدمه بطريقة لائقة مثل الغضب والشهوة، ويمدهم بالطعام في حينه؛ فبالنسبة للغضب يستخدمه ضد مبغضي الله (لتوبتهم)، وبالنسبة للشهوة يمارسها في حدود الضرورة اللازمة للجسد، مخضعًا إيَّاها لله؛ مثل هذا أقول يقيمه الله علي جميع أمواله إذ يُحسب أهلاً أن يتمتع بنظر كل الأمور (الإلهيَّة) خلال نور التأمَّل. ( الأب ثيؤفلاكتيوس ) ليتنا إذن نكون وكلاء أمناء ليس فقط كخدام نقدَّم الطعام الروحي اللائق بكل نفس في حينه، وإنما حتى بالنسبة لنا، فنكون أمناء علي الخدام الذين تحت أيدينا، كالجسد بكل أعضائه وأحاسيسه، والفكر بكل طاقاته، والقلب بكل عواطفه والغرائز. ليكن كل ما هو بين أيدينا أمانة تسلمناها من قبل الرب، يلزمنا أن نخدمها بالروح القدس، فنعطيها شبعًا لا بأمور هذه الحياة الباطلة، وإنما بطعام الروح، كلمة الله التي تُشبع كل كياننا. عندئذ يقيمنا الله علي جميع أمواله، إذ تخضع السماء والأرض لإشتياقاتنا في الرب، ويعمل الكل لبنياننا، ويصير كل منا أشبه بملكٍ صاحب سلطان في الرب، ملك الملوك ورب الأرباب. إنه لا يليق بنا أن نضرب "الغلمان والجواري"، فإن كانت الغلمان تشير إلى طاقات النفس فإن الجواري تشير إلي طاقات الجسد، لأننا كما سبق في دراساتنا السابقة رأينا أن النفس يُرمز لها بالذكر والجسد بالأنثى، فالغلمان هم أبناء النفس، والجواري هن بنات الجسد؛ ونحن مطالبون ألا نحطم هؤلاء ولا أولئك، بل نقوَّتهم ونربيهم، ليكون الكل مقدَّسًا للرب، عاملاً بروحٍ منسجمٍ لحساب ملكوت الله. يقدَّم لنا السد مبدأ هامًا في المكافأة أو الجزاء وهو أنه كلما زادت المعرفة صارت المسئولية أعظم وبالتالي تكون المكافأة أو يكون الجزاء أكثر، إذ يقول: "وأما ذلك العبد الذي يعلم أرادة سيِّده ولا يستعد ولا يفعل بحسب أرادته فيضرب كثيرًا. ولكن الذي لا يعلم ويفعل ما يستحق ضربات يُضرب قليلاً، فكل من أُعطي كثيرًا يطلب منه كثير ومن يودعونه كثيرًا يطالبونه بأكثر" [47-48]. + لا يُناقش في جريمة من يعرف إرادة سيِّده ويهملها ولا يعمل ما هو لائق بها كواجب ملتزم به، إذ يُحسب في عار واضح ويستحق ضربات كثيرة. لكن لماذا يتحمل ضربات ولو قليلة من لا يعلم إرادة سيِّده ولا يفعلها؟ لأنه لم يرد أن يعرفها مع أنه في قدرته أن يعرفها... إنها لدينونة عنيفة يسقط تحتها من يعلمون. هذا ما يظهره تلميذ المسيح القائل: "لا تكونوا معلمين كثيرين يا إخوتي، عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم" (يع 3: 1). فإن عطيَّة المواهب الروحيَّة وفيرة للذين هم رؤساء الشعب، إذ يكتب الحكيم بولس إلي الطوباوي تيموثاوس: "فليعطك الرب فهمًا في كل شيء" (2 تى 2: 7)، "لا تهمل أيضًا موهبة الله التي فيك بوضع يديّ" (راجع 2 تى 1: 6). من هذا يظهر أن مخلِّص الكل إذ يعطيهم أكثر يطالبهم أكثر. ما هي الفضائل التي يطالبهم بها؟ الثبات في الإيمان، التعليم الصحيح، التأسيس حسنًا في الرجاء، الصبر بلا زعزعة، القوَّة الروحيَّة التي لا تُغلب، الفرح والشجاعة في كل تقدَّم حسن، بهذا نصير قدوة للآخرين في الحياة الإنجيلية. فإن عشنا هكذا يمنحنا المسيح الإكليل، الذي به ومعه السبح والسلطان للآب والروح القدس إلي أبد الأبد آمين. ( القدِّيس كيرلس الكبير ) + انظر كيف يكشف بوضوح أنه لأمر خطير أن يخطئ إنسان بمعرفةٍ عن أن يخطئ بجهلٍ. ومع هذا فليس لنا أن نحتمي تحت ظلال الجهل، لأنه يوجد فارق بين أن تكون جاهلاً، وأن تكون غير راغب في المعرفةٍ. فالإنسان الذي قيل عنه أنه "كف عن التعقل عن عمل الخير" (مز 36: 3) إرادته مخطئة وليس له حق الاعتذار بالجهل. ومع هذا فالجهل لا يبرر أحدًا أو يعفيه عن عقاب النار الأبديَّة... وإنما ربَّما يخفف عن العقوبة، إذ لم يقل عبثًا... "معطيًا نقمة للذين لا يعرفون الله" (2 تس 1: 8). ( القدِّيس أغسطينوس ) + أي عذر لنا الذين دخلنا القصر وحُسبنا أهلاً أن ندخل الهيكل، وصرنا شركاء في التمتع بالأسرار غافرة الخطايا ومع هذا نسلك أشر من اليونانيين (الأمم) الذين لم يشتركوا في شيء من هذا القبيل؟ ( القدِّيس يوحنا الذهبي الفم ) |
20 - 02 - 2018, 07:42 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: القطيع الجديد والأمانة علي الوكالة
الصبر بلا زعزعة، القوَّة الروحيَّة التي لا تُغلب، الفرح والشجاعة في كل تقدَّم حسن، بهذا نصير قدوة للآخرين في الحياة الإنجيلية. فإن عشنا هكذا يمنحنا المسيح الإكليل، الذي به ومعه السبح والسلطان للآب والروح القدس إلي أبد الأبد آمين. موضوع جميل يا مرمر ربنا يبارك تعبك |
||||
21 - 02 - 2018, 12:05 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القطيع الجديد والأمانة علي الوكالة
شكرا على المرور |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يسوع هو باب القطيع، الباب الجديد |
مبيّنا أبرز سمات هذا القطيع الجديد الصغير ليكون منسجمًا |
شريط لا تخف أيها القطيع الصغير - كورال القطيع الصغير |
القطيع الجديد والألم |
القطيع الجديد ونار الروح |