رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
.. ..في أعياد العُظَماء في الرهبنة..القديس انطونيوس الكبير ومكاريوس الكبير... أحببتُ أن أصير راهباً وأسلك كراهب وأموت كراهبٍ، وإلى الآن ما زلتُ أتمنى.. اعتقدتُ الرهبنةَ نظاماً، فوجدتُها سرّاً..وإلى الآن لم أعيشه..هذا ليس تواضع_ لأني بعيد كل البعد عنه..لكن ذلك حقيقة يكتشفها كل من ابتغى وجه ربّهِ.. نعم الرهبنة سرٌّ لا يُعْرَفْ إن لم يُعاش..السرُّ هو عملٍ إلهيّ _بشريّ.. الله يدعو،ونحن نستجيب بحسب نقاء وصفاء نيّتنا..لكنه يدعو كل البشرية إليه وليس الرهبان فقط..نعم..والذي يلبّي الدعوة يخلُصُ.. الرهبنة ليست ثوباً أسود..بل قلبٌ أبيض..(قلباً نقياً أُخلق فيَّ يا الله..) الرهبنة ليست مسبحة طويلة..بل طول أناةٍ بالروح على نفسنا وعلى القريب..لكي نخلص.. الرهبنة ليست أنظمة وقوانين فقط..بل شراعُ حبٍّ،يستجيب لنداء (الريح) الروح الإلهي.. الرهبنة صورة لما عاشه السيّد بتجرّده وخدمته ومحبته حتى صلبه بالجسد.. الرهبنة مسيرة خروجٍ من أرضِ لذّات مصر،نحو أرض ميعاد الخلاص،على هُدى و نور الروح القدس.. هدوء وتأمل وسكون عند قدمي يسوع واصغاءٌ قلبيٌّ كما فعلت مريم أخت لعازر.. مسيرة حبٍّ وعشق يتجدد كل يوم بلُقيا المحبوب..ولا بدّ له أن يمرّ في طريق الجلجلة ،لإثبات حبٍّ لا بكلام بل بصليب وفداء.. هي ذكصولوجيا ( تمجيد) دائم من قلوب تصدح تسبيحاً وأفواه صامتة غالباً وعيون دامعة حبّاً... هي عودةٌ لفردوس مفقود نتمشى فيه بسلام مع إله السلام وقتَ هبوب ريح النهار كما كان آدم ،بدل الإختباء والتواري.. هي مُصالحة مع الذات والقريب والله،بعد أن أبعَدَتْنا الخطيئة عن هؤلاء الثلاثة.. هي مسيرة سلام وسط اضطراب عالم هادر بالخطيئة.. هي سيل ماءٍ عذبٍ من نبع الحياة ويصير فينا بالصلاة نبعاً يفيض إلى حياة أبدية . وننتهي بلا نهاية في بحر محبة الله اللا محدود.. هي خوفٌ لا من الله،بل من أن نجرح حبّه المهراق لأجلنا.فالمحبة تطرح الخوف خارجاً.. هي رهبةُ خشوعِ كائنٍ محبوب أمام الكائن المُحبّ.. هي قصيدة حبّ نقي يتلوها الراهب،مُستلهِماً كلماتها من روح الكاتب والمُلهِم نفسه الذي يخُطّ بإصبعه حروفها على صفحة قلبِ مَنْ أحَبَهُ... ومهما قُلنا نبقى مُقَصّرين ولن نفهم بعدُ كفايةً سرَّ محبة الله للبشر.. فتبقى الرهبنة جواب خجول وصغير أمام حقيقة محبة الله اللا متناهية لخليقة جديدة جميلة مخلوقة لتمجيد خالقها _ الغير محتاج لشيء_ بل لتصير هي خليقة مُمَجّدة تصدح بعَظَمة مجد الله إلى منتهى الدهور آمين.. الأرشمندريت باييسيوس... |
|