رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مِلحُ الأرضِ «أَنتم مِلْحُ الأرضِ، وَلَكِن إِن فَسَدَ المِلْحُ فَبِمَاذا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصلُحُ بَعدُ لِشَيءٍ» ( متى 5: 13 ) إن مُهمة الملح الأساسية مُهمة سلبية. الملح، لا سيما قبل اختراع المُبرِّدَات، كان وسيلة أساسية للحفظ من الفساد والتعفن. فالملح لا يُعالج ما فسَد، لكنه يوقف زحف الفساد. والواقع ما أشد حاجة العالم اليوم إلى أتباع مُخلصين للمسيح، يوقفون زحف الفساد، ويُعيقون انتشار التعفن الأدبي والروحي. وهكذا مُهمة المسيحي في المقَام الأول سلبية. الله لم يطلب منه تحسين العالم، فهذه ليست مُهمة الملح. إن كل مُهمته هي وقف استشراء الفساد. لكن ما الذي حدث؟ لقد فسدَ المجتمع الذي نعيش فيه بطريقة تراجيدية. ونحن المسيحيين نستنكر ونستهجن ونشجب فساد المجتمع. نَعيب زماننا والعيب فينا. كان الأجدَر بنا أن نلوم أنفسنا وما وصلنا إليه من ضعف. فهل يلوم أحد قطعة اللحم التي لم تُملَّح إذا استشـرى فيها الفساد؟ أ كان يمكن أن يحدث شيء بخلاف هذا؟ إن السؤال الذي كان ينبغي أن يُسأل هو: أين الملح؟ إن للملح طعمًا حريفًا زاعقًا، والمجتمع الفاسد لا يحب ذلك، والمسيحيون – بالأسف – فضَّلوا مُهادَنة العالم، والاستحواذ على رضى الناس. إن مأساة المؤمنين حقًا أنهم تشبَّهوا بأهل العالم، ففَقَد الملح ملوحته. كان ينبغي أن يكون التمايُز بين المسيحي وغيره واضحًا صارخًا، وحتى لو كره الناس ذلك. وعندما يقول المسيح: «إِن فَسَدَ المِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟»، لا يُشير إلى مؤمن فقَدَ خلاصه، بل إلى مسيحي فقَدَ تأثيره التقَوي على الآخرين. عندما يتشبَّه المؤمن بأهل العالم، فإنه سيفقد تأثيره عليهم، تمامًا كما يفقد الملح ملوحته. وصورة ذلك نجدها في لوط، عندما ذهب ليُكلِّم أصهاره، فكان كمَازح في أعينهم. أيها المؤمن الذي فقَدَت تأثيرك؛ أسفي عليك، فالله لم يَعُد يحتاج إليك، والناس لم تَعُد تحترمك، تمامًا كما يفعلون بالملح الذي فسَد وفقَدَ المعنى من وجوده. فالملح الذي بلا ملوحة لا علاج له، ولا فائدة أخرى منه. ولهذا فإنه لا يصلُح بعد لشيء إلا لأن يُطرَح خارجًا ويُدَاس من الناس! ولاحظوا أن المسيح لم يَقُل لتلاميذه: ”أنتم عسل العالم“، أو ”أنتم سُكَّر الأرض“. فليس المطلوب منا أن ننزع مرارة الأرض، أو نُضفي عليها حلاوة. مُهمتنا المُحدَّدة هي وقفْ الفساد. فهل وَعينا ذلك؟ |
|