رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يجب ان نعطي أنفسنا الى الله ونحن على الأرض أثناء حياة القديسة مريم على الأرض أصغت لصوت الله والذي دعاها الي الإنعزال والتكريس الكليّ لله، فمن سنوات حياتها الأولى عندما تركت منزل والدها وكرّست نفسها الي الله في الهيكل ولا شيئ يمكن ان يعيدها مرة أخرى لحياة العالم فلا فترة الشبيبة ولا ضعف جسدها او حب والديها كقول المرّنم:” اِسْمَعِي يَا بِنْتُ وَانْظُرِي، وَأَمِيلِي أُذُنَكِ، وَانْسَيْ شَعْبَكِ وَبَيْتَ أَبِيكِ، فَيَشْتَهِيَ الْمَلِكُ حُسْنَكِ، لأَنَّهُ هُوَ سَيِّدُكِ فَاسْجُدِي لَهُ.”(مزمور10:46-11). كل شيئ لا يمكن ان يؤخر تقدمة القلب والذي يبحث دائما عن الله ويحب عنه وحده يمكن ان يؤثر او يؤخر سعادة ذلك القلب. بمجرد ان أصبحت مقيمة في الهيكل امتلأت مريم بالشغف في تنفيذ كل ما يسند اليها في حب عميق من واجبات حسب سنها وقدرتها. لقد اخلصت في صلاتها وتأملاتها في تلك الأوقات التي اتيحت لها بعد انتهاء واجباتها وكيف انها امضت فترة الهيكل تلك في إعداد نفسها بطريقة خاصة لنِعم الله التي أعطيت لها. فى الهيكل كان يوجد مكان مخصص للفتيات الـمكرّسات (يوسيفوس الـمؤرخ اليهودى كتب ان هيرودس بنى بنايـة واسعة فيها 80 جناحا لبنات اسرائيل الـمخصصات للخدمـة). وكانت الفتيات تتعلم فى الهيكل الصلاة والـمزامير والأناشيد مع التأمل وتدرس التوراة وتاريخ بنى اسرائيل والشرائع والعادات والنبؤات التى تعلن عن مجيئ الـمسيّا. ثم يأتـى بعد ذلك الأعمال اليدويـة العاديتة من تطريز لثياب الكهنة وإعداد العطور والغزل والنسج. وكانت مريم العذراء تفعل كل ذلك فى صمت ومناجاة مع اللـه فى تواضع وتصنع الخير وتحب الفضيلة وفى طاعـة كاملة، وبالطبع كانت ترى كل يوم الذبائح التى تقدم فى الفجر وعند غروب الشمس. وكان كل اليهود يحضرون هذه التقدمة، وكانت تحضر فى أيام الأعياد مثل أعياد الفصح والـمظال،وفى الـمساء كانت تجتمع الفتيات للصلاة. ويذكر بعض الكتّاب عن معجزات كانت تقوم بهـا مريم العذراء، وأنـه كانت تأتيهـا مأكولات مخصوصة من السماء،أو انهـا كانت تحادث الـملائكة،وكل هذه الروايات لا يمكن قبولهـا أو رفضهـا لأنـه لم يذكرلنا شيئاً مؤكداً. لكن ما يجب أن نعلـمه أن مريم كانت متعبدة للـه التى نذرت لـه كل نفسها وقلبها وجسدها، وإستمر عـمل النعـمة فيهـا طيلة حياتهـا حتى ان ملاكاً من السماء حياهـا فيما بعد قائلاً:”يا ممتلئـة نعـمة”. لقد أظهرت القديسة مريم والقديسين كيف انه ذو فائدة للإنسان ان يحمل النيّر منذ صباه:”جَيِّدٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْمِلَ النِّيرَ فِي صِبَاهُ”(مراثي ارميا27:3). فهل نحن نعامل الله كالله عندما نعطي له فقط بواقي شيخوختنا وحياتنا والتي قد أعطيت لنا لكي نقدمها كلها لمجد اسمه القدوس؟ ما هو يا ترى نوع التقدمة او التضحية التي نقدمها الي الله عندما ننتظر لكي نلزم انفسنا لخدمته وحتى بحسب القواعد الأرضية لا يكون لدينا القوة ولا الوسائل التي بقيت لدينا؟ فلا تنتظر حتى عمرك الذهبي لكي تعطي نفسك الي الله فعند ذلك الوقت سنكون قد استنفذنا من حمل العالم وثقله ولن يكون لدينا الصحة ولا القوة الباقية لكي نحمل نير الرب. يمكنك ان تقول انا سوف اعطي نفسي الي الله عندما تكبر ولكن عندما تأتي تلك الأيام فهل سيكون من السهل ان تخدم الرب من كل قوتك وقدرتك؟ ان الخبرة تعلمنا ان سنوات النضوج ستجلب لنا المعرفة ولكن ليس من الضروري الحكمة. في مثل العذاري صرخن الجاهلات “ قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا!(متى11:25)، ولكنهن جئن بعد ان جاء العريس وأغلق الباب وطرقهن على الباب كان بلا جدوى. ان الخبرة أيضا تعلمنا ان سنوات النضوج تجعلنا على استعداد ان ندخل في حضرة القاضي العظيم والذي سيسأل عن ما فعلناه في كل حياتنا. ان الإنسان الذي لن يكرّس حياته الي الله منذ حداثته قد يخاف من ان الرب قد يعاقبه عندما يكبر فتصبح حياته عقيمة. ان الكثيرين منا يدعي حبه الي الله ولكن بلا عمل او اعمال محبة وكما قال القديس يوحنا اللاهوتي في رسالته:” مَنْ قَالَ: «قَدْ عَرَفْتُهُ» وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ. وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقًّا فِي هذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا.” (1يوحنا4:2-6)، وأيضا “إِنْ قَالَ أَحَدٌ: «إِنِّي أُحِبُّ اللهَ» وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ. لأَنَّ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ، كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْهُ؟ وَلَنَا هذِهِ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ: أَنَّ مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أَخَاهُ أَيْضًا”(1يوحنا20:4-21). صلاة:يا الله اشكرك على رحمتك العظيمة في حضورك ووجودك في حياتي بينما ان احيا تلك الحياة اهينك بأفعالي وأقوالي فأرجوك يارب بشفاعة أمي القديسة مريم ان تجعلني إناء صالحاً يقدم لك المجد والإكرام والسجود دائما والي الأبد. آمين. اكرام :اقرأ وتأمل من وقت الى آخر في الكتب التقوية التي تتحدث عن امجاد مريم نافذة: يا أم المسيحيين صلّي لأجلنا |
|