لقد غفل المؤمنون في هذه الأيام عما يصيبهم من خسارة بتحول نظرهم عن المكان المُقيم فيه المسيح. ما أسرع أن يقول المؤمن بأن المسيح كنزه ولكن البرهان على صحة ما يقول هو وجود القلب في المكان الموجود فيه الرب.
ونحتاج إلى تعلق قلوبنا بما فوق، لا لأننا خالون من واجبات ومطاليب على الأرض، بل لأنه عندما تجذبنا الأمور الطبيعية التي تُرى، تتحول قلوبنا عن مكان المسيح. نحن في العالم الذي ليس المسيح فيه، العالم حيث جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله. ونعلم جميعاً أنه مضى إلى مكان آخر. لهذا متى تسلطت علينا أمور المشهد الحاضر فلابد وأن تخسر نفوسنا خسارة كبيرة. وكلنا قد اختبرنا غالباً أنه عندما يتملك على القلب غرض، فإن القلب لا يقنع بإظهار عواطفه فقط، بل يطلب الوجود حيث يكون هذا الغرض. تقول راعوث لنعمي "لا تلحي علىَّ أن أتركك" ( را 1: 16 ). نحن الآن نُقيم حيث لا يقيم المسيح. الذي هو حياتنا ليس هنا. وكلما تقدمنا في إدراك كونه حياتنا، كلما ازداد شوقنا إلى الوجود حيث هو.
كل من يمتحن نفسه عندما يجد لذته في المال أو أي شيء مما تمتلكه يده، لا بد أن يدرك أن قلبه قد تحوّل إلى المكان الموجود فيه كنزه. يجب أن يعتني المؤمن بما له على الأرض، ولكن الاعتناء شيء وكونه يتعلق به فيسود على قلبه شيء آخر. أحد الأمرين واجب، بينما الآخر انحراف للقلب. وواضح أنه على قدر ما تتعلق قلوبنا بالسماء حيث المسيح جالس، بقدر ما تنفطم قلوبنا عن الأشياء الحاضرة. والحاجة ماسة الآن لأن تتعلق قلوبنا بالرب. وإذا صار الرب كنزنا فقلوبنا تصير حيث هو. ومن المؤلم أن نرى معظم المؤمنين الآن يتحدثون دائماً عن أشياء يستحسنونها ويُعجبون بها على الأرض عوضاً عن أن يتكلموا عن أشياء موجودة فوق حيث ربهم جالس. فكأنهم بذلك يُظهرون أن لذتهم هنا وليست هناك. ونحتاج أن يتعمق في نفوسنا أن الاتحاد بالمسيح لا يمكن اختباره إلا إذا قادنا الروح إلى حيث الرب قائم، كذلك النمو يتوقف على النظر إلى الأشياء التي لا تُرى. إن إنساننا الباطن يتجدد يوماً فيوماً "ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى بل إلى التي لا تُرى" ( 2كو 4: 18 ).