منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05 - 06 - 2013, 07:56 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

أيوب والحوار المنظور مع أصحابه
أيوب والحوار المنظور مع أصحابه

فإذا تركنا الخلفية غير المنظورة ، وتحولنا إلى الحوار المنظور ، وهو الحوار الذى قام بين أيوب وبين أصدقائه الأربعة ، ... ولكن قبل أن نتعرض لهذا الحوار ، لابد أن نشير إلى أن لغز الألم أعمق من أن يكشف عنه البشر فى الأرض !! .. قال جـ . ولا س هاملتون : " لا يمكن لأى إنسان إلا الأحمق أن يدعى معرفة الجواب عن كل آلام الإنسان فى العالم ، ... إن آلام الإنسان مغطاة بالرهبة وبالفزع المقدس ، وهى التى تجعله يصرخ فى اتجاه السماء قائلا : لماذا !! ؟ ... وأحكم الناس على الأرض ، لا يستطيعون معرفة لماذا !! ... ومع ذلك ، فنحن لسنا فى ظلام مطبق !! ... فالناس الذين يشتكون ، كثيراً ما ينسون أن شكواهم ما هى إلا خلاصة الاختيار الذى اختاروه هم لأنفسهم !! .. ومع ذلك فليس الكل يشتكون دائماً ، إذ نحن نعيش فى عالم واحد ، والناس يدخلون الاختبار الواحد بدرجات مختلفة ، وتقبل الإنسان الأمور بالشك أو الإيمان ، إنما هو عملية داخلية بينه وبين نفسه !! .. ورد الفعل عند البعض بالمرارة والتذمر ، وعند آخرين هو التدرب على اليقين بأن صمت السماء ليس مجرد صمت غليظ أو جاف ، بل سيتعلمون بعض المعانى ، وسيرون فى أعماق الليل ، النجوم التى لم يستطيعوا أن يروها فى النهار ، وسيدركون أن المعنى الأعمق فى الحياة هنا ليس السعادة بل القداسة ، وأن ما هو أفضل لنا ، هو القياس الصحيح للنضال المحتدم فى حياتنا !! .. فقد " هارولد رسل " يديه فى الحرب العالمية الأخيرة ، لكنه أصبح واحداً من أشجع الناس فى تقبل صدمته بعد الحرب ، وشق طريقه لتصبح حياته ذات فائدة ومغزى عندما كتب كتاباً فى عام 1949: " النصر فى يدى " قال فيه : إنه ليس هناك قاعدة سهلة للحياة السعيدة ، والذى يقول غير ذلك إما أنه ساخر ، أو كاذب ولست أقصد أن أعطى وصفة أو تذكرة طبية من عندى ، ... ولكنى أركز على حقيقة واحدة بسيطة ، إذا كان لى أن أذكر ، وهى ليست وصفة مؤكدة للسعادة ، أو سبيلا يمكن أن يملأ حديقتك الخلفية بالطيور المغردة ، بل هى فى الواقع ، ما وجدت أنه يساعد على الانتصار على الأسف الذى لا يجدى ، أو هزيمة النفس !! ... إنه ليس ما تفقد بل ما تترك هو الذى يتبقى ، ... وما أكثر الذين يبذرون جهدهم ووقتهم وأحلامهم فى الأمور التى انطوت ، والتى لا يمكن أن تعود ، وكان الأحرى بهم أن يشغلوا حياتهم بالحقائق ، والواجبات الثقيلة اليومية " .
لقد أفلس أيوب وأصحابه فى الوصول إلى الحل الأخير لمشكلة الألم ، وبقيت المشكلة أعمق من أن نجد لها الجواب الصحيح فى العالم الحاضر ، ويكفى أن نلخص الحوار العظيم حول هذه المشكلة فى سفر أيوب !! .. لقد بدأ أيوب الحوار ، بعد أن عجز عن ضبط نفسه ، فلعن اليوم الذى ولد فيه ، والليل الذى تصور فيه فى بطن أمه ، وتمنى لو أنه مات طفلا ، ليتساوى مع الذين ماتوا بعد أن بنوا الأهرام ، ... ومن المتصور أن اليفاز التيمانى كان أكبر الصحاب ، وخلاصة كلامه فى الأصحاح الرابع أنه لابد أن هذا عقاب من اللّه على خطايا ارتكبها أيوب ، وطلب إليه فى الأصحاح الخامس أن يتوب عنها ، وسارع أيوب فى الرد على أليفاز ، فى الأصحاحين السادس والسابع ، غير أن بلدد الشوحى وصوفر النعمانى ساندا أليفاز فى الأصحاحين الثامن والحادى عشر ، وكان بلدد أقسى من أليفاز ، وصوفر أقسى من بلدد ، ... ورد أيوب بضعف على الجميع فى الأصحاحات التاسع والعاشر والثانى عشر ، والثالث عشر ، والرابع عشر ووصفهم بالقول : " أما أنتم فملفقو كذب أطباء بطالون كلكم " . " أيو 13 : 4 " .. ومع أن أيوب اعترف بخطايا صباه : " لأنك تثبت على أمور مرة وورثتنى آثام صباى " . " أيو 13: 26 " .. ومع أنه اعترف بنقصه شأن كل بشر : " أ أخطات ؟ ماذا أفعل لك يارقيب الناس ؟ لماذا جعلتنى عاثوراً لنفسك حتى أكون على نفسى حملا ؟ . وولماذا لا تغفر ذنبى ولا تزيل إثمى لأنى الآن اضطجع فى التراب تطلبنى فلا أكون ؟ " " أيو 7 : 20 و 21 " إن اخطأت تلاحظنى ولا تبرئنى من إثمى. إن أذنبت فويل لى ، وإن تبررت لا أرفع رأسى " " أيو 10 : 14 و 15 " " كم لى من الآثام والخطايا أعلمنى ذنبى وخطيتى " " أيو 13 : 23 " " أما الآن فتحصى خطواتى، ألا تحافظ على خطيتى ؟ معصيتى مختوم عليها فى صرة وتلفق على فوق إثمى " ( أيو 14 : 16/17 ) إلا أن أيوب مع هذا كله لا يعلم خطية معينة معروفة لديه قد ارتكبها ، وهو لهذا يؤكد : " فى علمك إنى لستت مذنباً " " أيو 10: 7 " وهو إذا حوكم سيخرج بريئا !! .. وبينما يرى أصدقاؤه أن هذا الإصرار من جانبه على براءته يعتبر نوعاً من التجديف : " أما أنت فتنافى المخافة وتناقض التقوى لدى اللّه ، لأن فمك يذيع إثمك وتختار لسان المحتالين " " أيو 15 : 4 و 5 " ومع أن أيوب ، وهو فى سياق الدفاع عن نفسه ، كاد يصور اللّه ، وكأنه لا يبالى بالفرق بين الكامل والشرير : " لذلك قلت إن الكامل والشرير هو يغنيهما . إذا قتل السوط بغتة يستهزئ بتجربة الأبرياء . الأرض مسلمة ليد الشرير . يغشى وجوه قضائها ، وإن لم يكن هو فإذاً من " " أيو 9 : 22 - 24 " " خيام المخربين مستريحة والذين يغيظون اللّه مطمئنون الذين يأتون بإلههم فى يدهم " ( أيو 21 : 6 ) .. وهو مع هذا كله ، لا يتخفى عن اللّه مهما يفعل اللّه معه ، ... وهو يؤمن أنه سينصفه بصور ة ما ، وفى يوم ما ... ولذا يقول مهما بلغت قسوة أصدقائه عليه : " هوذا يقتلنى . لا انتظر شيئاً . فقط أزكى طريقى قدامه " . " أيو 13 : 15 " .
فإذا انتهى الحوار الأول عند هذا الحد ، فإن حواراً ثانياً يبدأ من الأصحاح الخامس عشر حتى نهاية الأصحاح الحادى والعشرين وقد بدأه أيضاً أليفاز التيمانى ، وفيه يؤكد بشهادة الحكماء الأقدمين ، العقاب الذى يلاحق الأشرار فى الأرض ، ... وقد عدد بعده بلدد فى الأصحاح الثامن عشر الألوان المختلفة لهذا العقاب ، ... ويبدو أن صوفر وهو يساند الاثنين ، يكاد ينعت أيوب بالخطايا السرية التى ارتكبها ، وجلبت عقاب اللّه عليه، ... وقد رد أيوب فى الأصحاحات السادس عشر والسابع عشر والتاسع عشر والحادى والعشرين ، ويبدو من الرد أنه لا يهتم باتهامهم له ، فهو فى نظره لغو فارغ بغير دليل ،... وأنه لهذا يشهد اللّه : " أيضاً الآن هو ذا فى السموات شهيدى وشاهدى فى الأعالى " " أيو 16 : 19 " وهو لا يتحدث عن براءته فحسب ، بل يؤكد أن اللّه لابد أن يكشف الحق يوماً ما ولو بعد حياته هنا على الأرض ، أو كما يقول : " ليتك توارينى فى الهاوية وتخفينى إلى أن ينصرف غضبك عنى وتعين لى أجلا فتذكرنى . إن مات رجل أفيحيا ؟ كل أيام جهادى أصبر إلى أن يأتى بدلى تدعو فأنا أجيبك تشتاق إلى عمل يديك " " أيو 14 : 13- 15"" أما أنا فقد علمت أن وليى حى ، والآخر على الأرض يقوم ، وبعد أن يفنى جلدى هذا وبدون جسدى أرى اللّه " .. " أيو 19 : 25 و 26 " على أنه فى الوقت عينه ، وفى الرد على صوفر يبدو أيوب أو بالحرى يقع فى التجربة التى وقع فيها آساف عندى يرى خير الأشرار وفيضهم وبهجتهم ، وهو يفزع لهذا كله على النحو الذى يذكره فى الأصحاح الحادى والعشرين !! ..
فإذا جئنا إلى الحوار الثالث وهو الذى يبدأ من الأصحاح الثانى والعشرين حتى نهاية الأصحاح الحادى والثلاثين ، فنجد أنه فى هذا الحوار يتخلف صوفر عن الاشتراك فيه . ويتكلم أليفاز فى الأصحاح الثانى والعشرين وبلدد فى الخامس والعشرين ، ويجيب أيوب فى الأصحاحات الثالث والعشرين والرابع والعشرين ، ومن السادس والعشرين حتى الحادى والثلاثين - ويؤكد أليفاز بشاعة خطية أيوب ، كما يتصورها فى الأصحاح الثانى والعشرين ، وفى الوقت عينه رحمه اللّه الواسعة متى اتضع أمامه وتاب ، ... ويضيف بلدد إلى ذلك متحدثاً عن عظمة اللّه وسلطانه ، وضعف الإنسان ونقصه : " السلطان والهيبة عنده . هو صانع السلام فى أعاليه ، هل من عدد لجنوده وعلى من لا يشرق نوره فكيف يتبرر الإنسان عند اللّه وكيف يزكو مولود المرأة هو ذا نفس القمر لا يضئ والكواكب غير نقية فى عينيه فكم بالحرى الإنسان الرمة وابن آدم الدود " " أيو 25 : 2 - 6 " ويرفض أيوب إتهام الرجلين ، ويؤكد براءته ويدعمها باستعداده للمثول فى حضرة اللّه ، وأنه إذا جربه سيخرج كالذهب ، وهو يذكر كم يعانى الأبرار من متاعب ، وكم يستمر الأشرار فى ظلمهم ، ... ومع ذلك فهو يؤكد عظمة اللّه وجلاله ومجده ، فى الأصحاح السادس والعشرين ، وأن نهاية الأشرار ، مهما ارتفعوا وعلوا ، قاسية وشنيعة كما يظهر فى الأصحاح السابع والعشرين - ومن الغريب أن الإنسان مهما علا فى الفهم والإدراك والمعرفة العالمية ، فهو عاطل تماماً من كل حكمة سماوية كما يظهر فى الأصحاح الثامن والعشرين !! .. ويختم أيوب هذا الحوار بالحديث عن نفسه ، فى مجده السابق ، وفى حياته العظيمة ، وفى مأساته اللاحقة ، ... دون أن يتخلى عن يقينه بصدق حياته وأمانته أمام اللّه والناس ، وأنه ليس لأصدقائه أدنى حق ، فيما حاولوا أن يتهموه ، أو يلصقوه به !!
فإذا أردنا أن نلخص كل مساجلات الحوار التى أشرنا إليه ، فهو اتهام يبدأ بالتشكك ، ثم تصاعد إلى مرتبة اليقين من أصدقاء أيوب ، عن الخطايا المتعددة والجسيمة التى اقترفها صاحبهم سراً أو علنا ، والتى لا يمكن أن يتركها اللّه دون عقاب ، إذ هو شديد البأس والبطش بالخطاة والأشرار ، وهيهات لمجرم أو آثم أن يفلت من بين يديه ، وأنه يمكن أن يكون هناك رجاء ، لو أن أيوب اتضع فى حضرة اللّه ، وندم ، ويدفع أيوب عن نفسه سائرالتهم . ويؤكد براءته ، ويسجل أن الأبرار وليس الأشرار هم الذين يعانون مرات كثيرة من الظلم والمتاعب والآلام ، ... وعلى العكس ، فما أكثر النعم والمتع والخيرات التى تمتلئ بها بيوت العتاة ! وهو لا يعرف السبب الذى من أجله تلاحقت النكبات ، والتى قلبت حياته رأساً على عقب ، ... وهو يتمسك باللّه ، وبكماله ، وهو يؤمن أن اللّه لابد أن يحقق العدل الذى ضاع فى الأرض ويؤمن بحياة بعد الموت ، فصحح فيها كل الأوضاع ، ويتم فيها الجزاء الصحيح للأبرار أو الأشرار على حد سواء !! ...
وإذ ينتهى الحوار عند هذا الحد ، دون أن ترجح كفة أيوب أو كفة أصحابه ، يدخل أليهو طرف فى الحوار ، وقد ظل مستمعاً طوال الوقت وكان أحدث سنا ، ولعل هذا هو الذى منعه من المساجلة أولا !! .. ولكنه لا يلبث وقد تمكن منه الغضب على أيوب وأصحابه ، أن يدفع فى حديث طويل ، يتجه شطره الأكبر إلى أيوب ، ما بين الأصحاحات الثانى والثلاثين إلى السابع والثلاثين ، والأقل إلى أصحابه ، ... وفيه يندفع قاسياً فهو لا يقبل تبرير أيوب لنفسه ، ويشتد عليه فى الكلام ، ... وإن كان فى الوقت نفسه يدخل عنصراً جديداً لم يذكره أصحاب أيوب الثلاثة ... وهو أن الآلام والمآسى ، تأتى من اللّه أساساً فى أغلب الأحوال ، وهى تأديبات المحبة ، وليست عقوبة الغضب ، وأنها مرسلة للتعليم والتقويم والتحذير ، دون أن تكون رصداً لخطايا قديمة ينتقم منها !! ..
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أيوب | حاجة المتألم إلى مواساة أصحابه
أصحابه أيوب الثلاثة تواعدوا أن يأتوا ويلتقوا معُا عند أيوب
أيوب وافتقاد أصحابه الثلاثة له
أيوب وافتقاد أصحابه الثلاثة له
أيوب والحوار غير المنظور


الساعة الآن 09:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024