وأُكَرِّسُ نَفْسي مِن أَجلِهمِ لِيَكونوا هم أَيضًا مُكَرَّسينَ بِالحَقّ
عبارة " مُكَرَّسينَ بِالحَقّ" فتشير إلى التَّلاميذ الذين بفضل عطيَّة الرُّوح القُدُس يستطيعون أن يعرفوا الله ويعبدوه على أنَّه الآب: هذه هي العبادة بالحق التي ستمتاز بها الأزمة الأخيريَّة التي بدأت (يوحنا 4: 23). فتكريس التَّلاميذ يقوم على هبة الرُّوح القُدُس وعلى ذبيحة الصَّليب. لذا هم عاجزون أن يقدِّسوا ذواتهم وبحاجة أن يُقدِّسهم الله (عبرانيِّين 10:10). فتقديس التَّلاميذ هو عمل إلهي من عمل الله نفسه. فالتَّلاميذ هم رسل في العَالَم ليعيشوا قداسة الله مثلما أرسل الله ابنه للعالم ليقدّس العَالَم. ومن المفسرين من يُشدِّد في التَّقديس على التَّطّهر من الخطيئة (يوحنا 15: 3)، ومنهم مَن يُشدِّد على الهبة الرُّوحيَّة التي تُمكِّن التَّلاميذ من القيام برسالتهم (يوحنا17: 20). وباختصار فان التَّكريس يعطي التَّلاميذ القدرة على القيام بالرَّسالة (يوحنا 10: 36)، لأنه يبعث المرُسلين لحمل الكلمة في داخل العَالَم، دون إن يعزلهم عنه. فالمسيحي هو أولا "رجل" كسائر الرِّجال الآخرين، لكنَّه هو مكرَّس: وهذا ما قاله يسوع: لِيَكونوا هم أَيضًا مُكَرَّسينَ بِالحَقّ. إنَّنا مدعووُّن أن نكون ملحًا للأرض ونورًا للعالم (متى 5:13)، فعلينا أن نؤدِّي الدور الذي أرسلنا الله من أجله. وبعبارة أخرى، المسيحي هو مُرسلٌ في العَالَم لعيش قداسة الله، مثلما أرسل الله ابنه ليقدِّس العَالَم. ويسوع يطلب أن تكون حياة تلاميذه المُكرَّسين لخدمة الله وأعمالهم وحتى كيانهم في الحق بعيدة عن الكذب والباطل. أمّا عبارة "الحَقّ " فتشير إلى الكلمة التي في البدء، والتي هي الله (يوحنا 1: 1).