ماذا يا ترى نرى؟ على قمة الجـبل الحـجري..عــُلق الـمــلك..
مــلك علـى رأســه إكليل ليس من ذهب بل من شــوك، وعرشــه ليس من عاج مرصع بل من خشب السنط، ومـلك علامـة ملكه ليست نسراُ أو صقراً..بل لوحـة مكتوبة للسخرية ولا يقف بـجواره وزراء ومشيرين بل يقف عن يمينه ويساره لـصان، وأرض قصره ليست من الـمرمـر بل من حجارة وجماجم موتـى. مـلك يقف الجميع من حوله لا ليهتفوا بحياته أو ليـمجدوه بل ليستهزؤا به وتهتف الجماهير على الأرض بـموته وأمـا السماء فتظلم والأرض تتزلزل تمجيداً له. مـلك ينظر من فوق عرشـه ليجد قائد مـِئة وحراس ورؤساء كهنة ولاويين ومعلمين وخائن ينظر يـائسا من بعيد بعد ان أيقن انه أسلم دمـا بريئـاً وتلميذُ تحمس ذات يوم لأن يموت عوضا وها هو ناكرُ الآن للمعرفة أمام جارية، ومـختارين خافوا وتركوه وحيداً، ونسوة كن يخدمنه يقفن من بعيد، وقيراوني أعانه على طريق الجلجثة ولص وقاتل أُطلق عِوضــا عنه، وأعضاء مـجلس إجتمع أعضاؤه السبعون بطريقة عجيبة للحكم بأدلة مشبوهة، وإبنة الـمجدل من رَحمها ذات يوم والتـلميذ الحبيب الذى كان يتكئ على صدره، وكذلك أم تبكي فى صمت.
خلال حياة القديسة مريم ومنذ دعاها الله لكي تسلّم نفسها لخطة الله الخلاصية للبشر وتخضع كيانها كله وحياتها من أجل أسرار لم تنكشف بعد لها وقادتها تلك الرحلة خلال الفقر والمعاناة ولحظات من عدم التأكد وعدم الفهم. ولكن الآن لقد أُخذت الي جبل الجلجلثة حيث في يوم الجمعة العظيمة تشهد ليس قبول المجد من إبنها كملك بل رفض كامل وتعذيب ثم موت على خشبة. هنا تواجه مريم اختبارها العظيم للإيمان، فمن وجهة النظر البشرية لا يشبه المسيح أي ملك على الإطلاق فهو مضروب ومعرّى ومجروح ومسمّر على صليب. يسوع يشبه انسان فشل بطريقة مأساوية يسخرون منه ويقتل من أعداؤه. صلبه على أيدي الرومان واعداؤه وامام ووسط شعبه يبدو علامة لنهاية ملكوت الله والذي جاء ليعلن عنه ولكي يؤسسه هنا على الأرض. ولكن مريم يتم تحديها بشكل قوي لكي ترى ما أراد ان يظهره انجيل يوحنا – ان صليب يسوع هو في الحقيقة عرشه، فعندما “يُرفع” على الصليب يظهر كملك وان رئيس هذا العالم- الشرير- قد طرح خارجا:” اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ»(يوحنا31:12-32).