رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المهم أن تستمر هناك أشخاص يعترفون ويتناولون. وفي يوم التناول يكونون في حالة روحية ممتازة. وقد بدأوا من جديد حياة التوبة، في قوة وحماس. ولكنهم للأسف لا يستمرون، بل تمر الأيام، وإذ بهم قد رجعوا إلى حالتهم القديمة، فيما قبل التوبة! المشكلة إذن هي مشكلة الاستمرار في التوبة. ما أسعل أن يحيا إنسان في حياة القداسة لمدة يوم كامل. ولكنه لا يستمر! وقد يبدأ شخص تدريبًا روحيًا. يقول مثلًا " سأدرب نفسي على الصمت حتى أتفادي أخطاء اللسان"... ويصمت يومًا أو يومين، ولا يخطئ بلسانه. ولكنه لا يمكنه أن يستمر في التدريب... حسن أن تكون هناك بداية طيبة. إنما المهم أن تستمر. خذوا مثالًا: القديس بطرس الرسول. في وقت من الأوقات كان يشتعل حماسًا لأجل الرب، وهو يقول " وإن شك فيك الجميع، فأنا لا أشك.. ولو اضطررت أن أموت معك، لا أنكرك" (متى26: 29، 31)... كلام جميل. وفعلًا سار مع الرب، وتحمس وقطع أذن العبد (متى26: 51)... ولكن هذا الحماس لم يستمر فعاد وأنكر وسب ولعن وقال: لا أعرف الرجل (متى26: 74). مثال آخر: الإنسان الذي ينذر نذرًا. أثناء النذر، يفعل ذلك بكل عاطفته، ويكون مستعدًا تمامًا للوفاء... ولكنه لا يلبث فيما بعد أن يراجع فكره، وإما أن يتأخر في الوفاء بالنذر، أو يشعر به ثقيلًا عليه، أو يتفاوض إن كان يمكن أن يغيره...! كذلك كل من يتعهد عهودًا أمام الرب... وبخاصة في بدء الحماس الروحي والحرارة الروحية، أو في بدء التوبة، أو في بدء التداريب الروحية. ولكن الحماس لا يستمر. واسأل في ذلك الذين في وقت من الأوقات تعهدوا بأمور كانت فوق مستواهم... ومنهم من نذر البتولية، ومن نذر الرهبنة، ومن تعهد إن ماتت زوجته، لا يأخذ غيرها... إنه حماس لا يستمر... كان الأولى أن يقدم إلى الله كرغبة أو صلاة، وليس كتعهد أو نذر...! وكثير ما نخطئ ثم نقول: إن الله قد قبل توبة اوغسطينوس وموسى الأسود ومريم القبطية وبيلاجيا...! هذا صحيح. ولكن النصف الثاني من الحقيقة أن كل هؤلاء حينما تابوا، لم يرجعوا إلى الخطية مرة أخري، بل استمروا في توبتهم، وظلوا يرتفعون كل يوم درجة جديدة في سلم الفضيلة فهل أتت كذلك في توبتك؟ كذلك في الخدمة. كم من أناس بدءوا ولم يستمروا. فكم من أناس كانوا أسماء لامعة في الخدمة، والآن لا وجود لهم إطلاقًا. جرفهم العالم بمشاغله وأصبح لا يشغل ذهنهم حاليًا سوى الوظيفة بولس الرسول للخدام: " كونوا راسخين، غير متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلًا في الرب" (1كو15: 58). وما نقوله عن الخدمة، نقوله أيضًا عن التوبة... كم من أناس قدموا توبة بحرارة ودموع، وبعهود ونذورات. وكانت بداية طيبة أسوا ونسوا كل مشاعرهم الأولى. أما قديسو التوبة الجبابرة، أمثال اغسطينوس وموسي الأسود وبيلاجية ومريم القبطية، فقد كانت التوبة نقطة حاسمة في حياتهم تحولوا بها إلى حياة الطهارة ونموا إلى حياة القداسة في طريق الكمال. |
|