"ابنِ الإِنْسانِ " فتشير إلى المسيح الموعود، إذ عبّر اليَهود عن المسيح "بابن الله" بناء على ورد في المَزامير " أُعلِنُ حُكمَ الرَّبّ: قالَ لي: أَنتَ اْبني وأَنا اليَومَ وَلَدتُكَ " (مزمور 2: 7). لكن اليَهود فضّلوا أن يسمُّوه "بابن داود" متوقعين أن يجلس على كرسي داود كملك أرضي (متى 22: 42). لكن يسوع أراد أن يُظهر ملكوته روحيًا لا أرضيًا فسمّى نفسه "ابن الله". وهذا اللقب لمّح إليه دانيال النبي في رؤيته (دانيال 7: 9-15). ورد هذا اللقب على لسان يسوع في أثناء الدعوى أَمامَ مجلس اليَهود قائلا " سَوفَ تَرونَ ابنَ الإِنْسانِ جالِساً عن يَمينِ القَدير، وآتِياً في غَمامِ السَّماء" (مرقس 14: 62)، أمَّا عبارة "أَتُؤمِنُ أَنتَ بِابنِ الإِنْسانِ؟" فتشير إلى قول "أتؤمن بابن الله؟" لأن هاتين السِمتين لا تنفصلان، كما آمن نَتَنائيل فشهد "راِّيي، أَنتَ ابنُ الله" (يوحنا 1: 34). الفِرِّيسيُّونَ ينظرون إلى الرجل الَأعْمى أنه وُلد كله بالخطايا (يوحنا 9: 34)، ينظرون نظرة خارجية لإصدار حكم حسب المنطق الدنيوي. أمَّا يسوع فينظر إلى قلبه وإيمانه " أَنَّ الرَّبَّ لا يَنظُرُ كما يَنظُرُ الإِنْسانِ، فإنَّ الإِنْسانِ إِنَّما يَنظُرُ إلى الظَّواهِر، وأَمَّا الرَّبُّ فإِنَّه يَنظُرُ إلى القَلْب" (1 صموئيل 16: 7). رؤية الله تتجاوز حدود الإِنْسانِ ومعاييره. النظرة" الإلهيّة، تتَّجه إلى "قلب الإِنْسانِ" لا تتوقف مثلنا على السطح الظاهري أو الخارجي بل ترى أدق ما بالإِنْسانِ وما لا يستطيع الإنسان من رؤيته. نظرة يسوع نابعة من قلبه ومرتكزة على القلب البشري. والقلب هو مكان التأمل والذكاء وهو مركز الإِنْسانِ والمكان الذي يتخذ فيه القرارات واللقاء مع الله في الإصغاء إلى كلمته. ويسوع لا يزال يطرح علينا حتى يومنا الحاضر نفس سؤال "أَتُؤمِنُ أَنتَ بِابنِ الإِنْسانِ؟".