الجسد لا يظهر في فعل الخطايا والشرور والشهوات العالمية فقط، لكنه يظهر أيضًا في الأوساط الروحية والأنشطة الكنسية. فالجسد يبحث عن مكان له يحقق فيه ذاته، ولا يهمه أن يبحث عن مكان للمسيح. إنه يحب الظهور، ويبحث عن المديح من الآخرين، ويريد أن يلفت الأنظار لنفسه. هذا التوجه عكس ما ظهر في يوحنا المعمدان الذي قال: «ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص» (يوحنا3: 30) ، وهذا ما يليق بكل خادم أمين يبحث عن مجد السيد وإكرامه. وبالأسف، على النقيض، ظهرت رغبات الجسد في التلاميذ الذين لم يكن فيهم فكر المسيح المتضع، بل داخلهم فكر عمن يكون الأعظم، وتطور الفكر إلى مجادلة، وأخيرًا تطور الأمر إلى مشاجرة. هذا هو الجسد الذي يريد المكان البارز ويُعجَب بنفسه، ولا يقنع بالخدمة المستترة. وفي الليلة التي أُسلم فيها، كان الرب مع التلاميذ في العلية حيث صنع الفصح الأخير قبل أن يذهب إلى الصليب، ولم يتحرك واحد منهم ليقوم بخدمة غسل الأرجل، آخذًا مركز العبد والخادم. ولهذا قام السيد عن العشاء، وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ، ويمسحها بالمنشفة التي كان مُتَّزرًا بها، وقال لتلاميذه: «أنا بينكم كالذي يخدم».