قال معلمنا بولس الرسول إن السيد المسيح قد “أُسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا” (رو4: 25).
لقد صولحنا مع الله الآب بموت ابنه الوحيد الجنس على الصليب، إذ أنه قد أوفى الدين الذى علينا مقدماً جسده فداءً وعوضاً عن الجميع.
ولكن هذه المصالحة التى تمت بذبيحة الصليب لم تكن واضحة ومعلنة بالنسبة للكنيسة. بل على العكس كان تلاميذ المسيح فى حزن وبكاء وحسرة على موت المخلّص وشعروا بالضياع، وربما شعروا أيضاً بتخلى الله عنهم، وغضبه لسبب جريمة صلب ابنه الحبيب، والتى ارتكبتها البشرية فى جسارة وقسوة عجيبة !!
لذلك كان من الضرورى أن يتم إعلان المصالحة بطريقة منظورة ومحسوسة لتلاميذ السيد المسيح ولأحبائه، وذلك بقيامته من الأموات.
إن قيامة السيد المسيح قد أعلنت أن الآب قد تجاوز عن خطايانا لأن العدل الإلهى قد استوفى حقه على الصليب، بمعنى أن قداسة الله قد أعلنت كرافض للشر وللخطية وأدينت الخطية بالصليب. أما القيامة فهى تعنى عودة الحياة مرة أخرى لبنى البشر.
إن أجرة الخطية هى موت، ولكن أجرة البر هى حياة أبدية. فالموت الذى ماته السيد المسيح هو لأجل خطايانا، وأما الحياة التى يحياها فيحياها لله، ولسبب بره الشخصى، ولسبب اتحاد لاهوته بناسوته.
وكما يقول قداسة البابا شنودة الثالث -أطال الله حياته- إن السيد المسيح بموته قد حل مشكلة الخطية وبقيامته قد حل مشكلة الموت.
ولأن الموت هو نتيجة الخطية فبزواله نفهم أن الخطية قد أزيلت، وقد محيت بالقيامة.
فالسيد المسيح بقيامته قد “أبطل الموت وأنار الحياة والخلود” (2تى1: 10).
إن أقصى ما يتمناه القاتل إذا ندم على خطيته هو أن يقوم القتيل فيفرح المذنب بقيامة القتيل. ولا يشعر فقط أن جريمته قد عوُلجت، ولكنه يشعر أيضاً أنه قد نال البراءة من تهمة القتل. ولعل هذا ما قصده القديس بولس الرسول بقوله عن السيد المسيح إنه “أقيم لأجل تبريرنا” (رو4: 25). أى أنه قد أقيم من الأموات لكى يزيل عنا جريمة موته التى تسببنا نحن فيها وما تستوجبه من دينونة.
ما أجمل ذلك الموقف الذى يدخل فيه القتيل إلى المحكمة لكى يثبت للقضاة أنه حى ولكى يرفع حُكم الإعدام عن القاتل الذى كان نادماً على خطيته متمنياً عودة القتيل لإعلان المصالحة.