رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لم ينشئ يسوع المسيح شريعة جديدة تكمّل مبدأ العَين بالعَين فحسب، وإنما يوصي بعدم مقاومة الشِّرِّير (متى 5: 38-42). إنه لا يدين عدالة المحاكم البشرية، التي سيقول عنها بولس إنها مكلّفة بمباشرة تنفيذ الانتقام الإلهي " إِنَّ السُّلْطَة لم تَتقلَدِ السَّيفَ عَبَثًا، لأَنَّها في خِدمَةِ اللهِ كَيما تَنتَقِمُ لِغَضَبِه مِن فــــاعِلِ الشَّرّ" (رومة 13: 4)؛ ولكن يسوع يطالب تلميذه بالصفح عن الزَّلات ومحبة الأعداء ومقاومة الشر. يعلق آباء المجمع "نحثّكم، باسم الله الصّالح والعادل وباسم ابنه ربّنا يسوع المسيح، قاوموا كل أنانيّة. لا تدعوا غرائز العنف والحقد تأخذ مجراها بحرّية إذ إن تلك الغرائز تسبّب الحروب وقوافل البؤس" (المجمع الفاتيكانيّ الثاني رسالة إلى الشّبيبة). ليس كافيا من الآن فصاعـداً، أن نفوِّض أمرنا للانتقام الإلهي، بل يجب أن "نغلِبِ الشَّرَّ بِالخير" (رومة 12: 21)، وأن يطبّق حرفياً وصيّة الكتاب: لأَنَّكَ في عَمَلِكَ هـــــذا تَرْكُمُ علــــى هامَتِه جَمْرًا مُتَّقِدًا (رومة 12: 20). وليس في الأمر انتقاماً بل نضعه في موقف حرج جداً يؤدّي به إلى تحويل بغضه إلى حب. إذ قد تتحوّل هذه النار إلى حب إذا ما تقبل العَدُوّ ذلك. فالإنسان الذي يحب عَدُوّه، يستهدف تحويله إلى صديق، ويتخذ الوسائل المؤدِّية لذلك بحكمة. وقد سبقه الله نفسه في هذا المضمار، فإِن "صالَحَنا اللهُ بِمَوتِ َابِنه ونَحنُ أَعداؤُه، فما أَحرانا أَن نَنجُوَ بِحَياتِه ونَحنُ مُصالَحون" (رومة 5: 10). ويُعلّق القديس يوحنا الذهبي الفم "لا تُطفأ النار بنارٍ أخرى، وإنما بالماء. فإن هذا التصرّف ليس فقط يمنعهم عن الاندفاع أكثر، وإنما يعمل فيهم بالتوبة عما سبق أن ارتكبوه، فإنَّهم إذ يندهشون بهذا الاحتمال يرتدّون عما هم فيه. هذا يجعلهم يرتبطون بك بالأكثر، فلا يصيروا أصدقاءً لك فحسب، بل عبيدًا عِوض كونهم مبغضين وأعداء". |
|