رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حياة الفضيلة والبر ((16)) هل أنت اثنان أم واحد ؟ بقلم قداسة البابا شنودة 26\9\2010 حياة البر هى البعد عن الاثنينية عندما خلق الله الإنسان، خلقه بارا قديسا بسيطا،لايعرف سوى الخير فقط.ولما سقط الإنسان فى الخطية،وأكل من شجرة معرفة الخير والشر،بدأ يعرف الشر إلي جوار الخير. وفقد بساطته، وعرف أنه عريان، واستحى من عريه وتغطى. ومن ذلك الحين، وقع الإنسان بين شقى الرحى، أعنى الخير والشر، ودخل فى الصراع الداخلى بين الخير والشر، الحلال والحرام ما يليق ومالا يليق.... الصراع عاش الإنسان فى صراع الاثنينية. أمامه الاثنان:أيهما يختار؟ وكما قال له الله فى سفر الشريعة انظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير، والموت.والشر...قد جعلت قدامك الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة لكى تحيا أنت ونسلك (تث. 15:3 ، 19 ) وأول صراع عاشه الإنسان:هو الصراع بين الروح والجسد 0 وفى ذلك قال القديس بولس الرسول اسلكوا بالروح، فلا تكملوا شهوة الجسد. لأن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد. وهذان يقاوم أحدهما الآخر... (غل 16:5 ، 17 ). ويقول فى هذا الصراع الر وح فإنى أعلم أنه ليس ساكنا فى، أى فى جسدى، شئ صالح...لأنى لست أفعل الصالح الذى أريده، بل الشر الذى لست أريده فإياه أفعل. فإن كنت ما لست أريده، فإياه أفعل، فلست أنا بعد أفعله أنا بل الخطية الساكنة فى.... (رو 18:7 -. 2 ). ويكمل الرسول كلامه عن هذا الصراع فيقول: أرى ناموسا أخر فى أعضائى يحارب ناموسى ذهنى، ويسبينى إلى ناموس الخطية (رو 3:7 2). وبهذا يكون الإنسان قد تحول إلى اثنين يتصارعان معا. وكما قال أحد الأدباء الروحيين كنت أصارع نفسى وأجاهد، حتى كأننى اثنان فى واحد:هذا يدفعنى، وذاك يمنعنى ...إنه صراع داخلى. صراع سببه معرفة الخطية، ثم محبة الخطية وقد يكون أحيانا صراعا بين الشهوة والضمير. وهوصراع فى هذا العالم فقط، الذى نوجد فيه بالجسد، ونحاط بالمادة، ونعرف الخطية.أما فى العالم الآخر، فى الأبدية السعيدة، فسوف نعود إلى بساطتنا، ولا نعرف سوى الخير فقط. وتنزع منا تماما معرفة الخطية.ولا يوجد صراع بين الروح والجسد، لأننا فى القيامة العامة سنقوم بأجساد روحانية. ولانلبس بعد أجسادا ترابية. بل سماوية لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد. وهذا المائت يلبس عدم موت ( 1 كو 44:15 - 53 ) أما على الأرض، فلايزال صراع الإنسان قائما. إنه صراع مع نفسه، حتى يصل إلى ضبط النفس صراع مع رغائبه ومع أفكار ، ومع حراسه. وينتهى الصراع حينها يصير الإنسان واحدا، وليس جبهات داخلية تقاوم إحداهما الأخرى. وعلى رأى مار إسحق إذا اصطلح داخلك العقل والجسد والروح، حينئذ تصطلح معك السماء والأرض ... ولكن الصراع الداخلى هو مرحلة للمبتدئين، أو للذين لم يتحرروا بعد من الداخل. فإن تحرروا، يكون منهجهم هو النموفى النعمة، وليس الصراع بين الخير والشر... بالإضافة إلى إلصراع فى حالة الاثنينية، يوجد أيضا: الخوف مادام الإنسان لم يتحرر من شهوات العالم والجسد ، فلابد أن يقع فى الخوف. إنه يشتهى، ويخاف أن شهوته لا تتحقق. فإن تحققت يخاف إنها لا تستمر. فإن استمرت قد يخاف من نتائجها . وفى حالة الخطية، يخاف أن تنكشف، يخاف من العقوبة ومن الفضيحة. وان استيقظ ضميره، يخاف من غضب الله، بل قد يخاف من كيفية الاعتراف بخطئه. وإن ترك الخطية. قد يخاف من إمكانية عودته إليها . . ..! إن حالة الاثنينية ترتبط دائما بالخوف، كما ترتبط بالشهوة لذلك لما تخلص منها القديس أوغسطينوس، قال عبارته المشهورة: جلست على قمة العالم،حينما أحسست فى نفسى: أننى لا أشتهى شيئا، وأخافه شيئا الخوف مرتبط دائما بالشهوة وبالخطية.ونقصد هذا المعنى للخوف، وليس الخوف الصبيانى من الظلام والأرواح.. .فالإنسان الروحى لايخاف أبدأ . إنه يشعر بوجود الله معه يحميه ويخلصه ويقويه. لا يخاف الموت، لأنه يعرف أن الموت يوصله إلى حياة أفضل. أما الخاطئ فيخاف، لأنه لا يضمن حياته بعد الموت. . .إذا صار الإنسان واحدا ، يتحد هذا الواحد بالعشرة مع الله وملائكته، أما إن كان بعيدا عن هذه العشرة فإنه يخاف. . . ولعل الخوف بهذا المعنى، هو الذى وضعه القديس يوحنا الرائى فى المقدمة حينما تحدث عن الهالكين! فقال وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الاوثان وجميع الكذبة، فنصيبهم فى البحيرة المتقدة بنار وكبريت (رو 21 : 8 ) مادام هناك خوف، إذن لأبد من وجود خطأ فى الداخل. الثلاثة فتية لم يخافوا من أتون النار، ولادانيال خاف من جب الأسود . ولا الشهداء خافوا من الموت أو التعذيب. لأن كلا منهم كان واحدا، يشتاق إلى الله.ولم يكن أحدهم إنسانين: أحدهما يحب الله، والثانى يخاف الموت! ! الاثنينية تقود إلى الصراع، والخوف، والى أخطاء كثيرة: أخطاء كثيرة الاثنينية تقود إلى الرياء: فالإنسان هنا اثنان:أمام نفسه شئ، وأمام الناس شئ أخر. ..أمام الناس يلبس ملابس الأبرار والقديسين، وأمام نفسه قد يكون عكس ذلك تماما . . .حينها يكون وحده قد يسلك بإهمال أو بخطأ أو بما لا يليق. وأمام الناس ربما يحرص على أن يكون محترسا مدققا فى تصرفاته. وبالاثنينية يكون إنسانه الداخلى غير إنسانه الخارجى ربما تكون كل أفكاره ومشاعره ونياته، غير ما يظهر للناس أو أن الناس- بسلوكه أمامهم- محال أن يظنوا أن له أفكارا بحسب واقعه! حقا لو كشف الله أفكارنا ومشاعرنا ، كم تكون دهشة الناس. وكم يكون خجلنا؟! بالاثنينية قد يكون قلب الإنسان غير لسانه! فهو يقول ما يعجب سامعه، وقد يكون قلبه غير ذلك أو عكس ذلك! وقد يصلى بشفتيه، وقلبه مبتعد عن الله تماما(إش 13:39 ) (متى 15 : 8 ). فهو من الظاهر يبدو قريبا من الله بشفتيه،بينما قلبه مبتعد أليس هذا الإنسان اثنين؟! ولذلك نحن نقول فى التسبحة قلبى ولسانى يسبحان القدوس إنسان اخر تتدرج به الاثنينية إلى التملق وإلى النفاق. يكون فى قلبه كارهإ لرئيسه، حاقداعليه، ومع ذلك يكلمه بكلام المديح والملق! أليس هذا لونا من النفاق، صار فيه هذا الإنسان اثنين:الإنسان الداخلى فيه يختلف عن الخارجى، بل يتناقض معه إلى أقصى حد... متى يصير الإنسان واحدا؟ قلبه واحد مع لسانه؟! وليس معنى الوحدة أن يخطئ لسانه كما يخطئ قلبه! كشخص باسم الصراحة يقع فى أخطاء عديدة. كلا. بل يصلح قلبه، وينقيه من الحقد والكراهية، حتى يصير واحدأ مع لسانه، أو على الأقل يصمت فلا يتكلم بلسانه ما لا يعتقد به فى قلبه. وفى كل علاقاته إذا لم يستطع أن يوبخ الخطية، فعلى الأقل لا يتملقها ! ولا يكون اثنين: قلبه فى جهة ولسانه فى جهة مضادة... أو إنسانا داخل الكنيسة بصورة، وخارجها بصورة عكسية. سواء فى عبادته أو فى خدمته...فى محيط الخدمة: بمنتهى الرقة واللطف والأدب. وفى البيت أو العمل بمنتهى الشدة والعنف والقسوة...أو يكون داخل الكنيسة فى أسبوع البصحة كما يليق بأسبوع الالام وخارج الكنيسة ضحك وهزل...إنه إنسانان مختلفان. وفى معاملاته لا يجوز أن يكون اثنين، أو بوجهين، أو يلعب على حبلين! فهو يعامل شخصا برقة أو بإخلاص أو باحترام! ومن خلفه يدبر له مكيدة أو يتكلم عليه بالسوء. أو يكون معه بكل القلب،أو يبدو كذلك، فإذا انقلب الجو، انقلب معه. وكما يقول المثل العامى(معاهم معاهم، عليهم عليهم)....! وهذا الذى يعيش بالاثنينية، لا يكون له ثبات فهو كثير التغير، وقد يكون أيضا كثير التردد. ويتحول من حال إلى حال بغير ثبات. وقد ينكر فكرا، ثم يجد فكرا فى داخله ضده. وتتصارع أفكاره أو قد تتصارع أذنه مع عقله...ولا يعرف هل يصدق أذنيه ويتبعهما، أم يصدق قلبه واقتناعه الداخلى؟ الاثنينية قد تقود إلى انقسام الشخصية. وربما تقود إذا استمرت إلى ازدواج الشخصية، أو تؤدى به إلى الشيزوفرينيا. وترى مثل هذا الشخص في أحد الأيام بصورة، وفى يوم آخر بصورة مغايرة. وتقول فى نفسك ليس هذا هو الذى عرفته بالأمس. إنه شخص أخر تماما!! .. الاثنينية قد تقود الإنسان إلى التحايل وقد يريد غرضا سليما، ويلجأ فى سبيل تحقيقه إلى وسيلة خاطئة. وهكذا يجتمع فيه الخير والشر فى عمل واحد والوسيلة الخاطئة تشوه الخير الذى يريده. وتعجب كيف يجتمع الاثنان معا. ولكنه التحايل على الوصول! وقد يتعامل مع الناس بأسلوبين...ويزن بميزانين. صديق له يعمل عملا، فيحكم عليه بميزان، ونفس العمل يعمله شخص آخر، فيحكم عليه بميزان آخر. وإذا بالاثنينية تخرجه عن نطاق الحق والعدل، وتخرجه عن مبدأ المساواة فى التعامل وتقف متعجبا أمام مصداقيته.... وقد يغضب من كلمة تقال له، ويبرر غضبه بأنه إنسان حساس لكرامته. بينما يقول هو نفس الكلمة لغيره، ولا يضع فى ذهنه حساسية هذا الفير وشعوره! وتجد مثل هذا التناقض فى تصرفات امرأة أب: تعامل ابنها بمنتهى العطف والحنو. بينما بمنتهى القسوة والظلم تعامل أبناء زوجها من زوجة الأولى. ويقف الإنسان متعجبا: كيف يجتمع الحني والقسوة فى قلب واحد؟! ولكنها الاثنينية، الحكم بأسلوبين، وبميزانين. وربما أيضا بمنطلقين متناقضين...فى معاملة القريب والغريب! فى اليوم الأخير حينها يكشف الله الخفيات، ترى أن نخبئ وجوهنا حينها تفتح الأسفار وتكشف الأفكار، وتعلن الخفيات ويرى الناس إنساننا الذى لم يكن ظاهرا لهم...تراهم ماذا يقولون؟! أما أنت يا أخى، فدرب نفسك أن تكون واحدا إن كنا نبحث عن الوحدة بين الكنائس، والوحدة بين الأمم والشعوب ، ألا نبحث بالحرى عن الوحدة داخل النفس الواحدة فلا يكون داخلها صراع بين طرق متعددة.... |
24 - 08 - 2016, 11:30 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: حياة الفضيلة والبر ((16)) بقلم قداسة البابا شنودة 26\9\2010
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
|