|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حياة الفضيلة والبر بقلم قداسة البابا شنودة النظرة البيضء والنظرة السوداء الحياة هي نفس الحياة بالنسبة إلي الكل ، بحلوها ومرها . وقد تتشابه الظروف الخارجية بالنسبة إلي كثيرين ، ولكن إنفعال البعض بها يختلف عن إنفعال البعض الآخر . ونظرة كل من الفرقتين تختلف عن الآخر . والبعض له نظرة بيضاء والبعض الأخر له نظرة سوداء .. ولنأخذ مثالاً لذلك : المشاكل : لا يوجد أحد لا تصادفه مشاكل . كل إنسان له مشاكله . ولكن البعض ينظر إلي المشكلة بنظرة سوداء ، معقدة ، كما لو كانت المشكلة بلا حل ولا مخرج ، وا منفذ ، كما لو كانت ألماً ، وضياعاً . وقد صور داود المشاعر علي إنها حرب خارجية ، فقال " كثيرون يقولن لنفسي ليس له خلاص بإلهه ."{مز3}. ولكنه لم يخضع لهذه الحرب ، بل قال في رجاء " وأنت يارب هو ناصري ، مجدي ورافع رأسي " . *** وهذا يقودنا إلي النظرة البيضاء للمشكلة . فيا يري الإنسان كل مشكلة لها حل ، وان الأمر ليس خطيراًوليس مستحيلاً. وأن الله لابد أن يتدخل في المشكلة ويحلها . ووسط هذه المشاعر يضع أمامه قول الرسول " احسبوا كل فرح يا اخوتي ، حينما تقعون في تجارب متنوعة "{يع2:1}. بالنظرة البيضاء يقابل المشكلة ليس فقط بأعصاب هادئة ، وإنما بفرح شاعراً إنه سينال بركة المشكلة ، وما فيها من خبرة ورحية ، وكيف انه سوف يلمس يد الله العاملة معه . ويري كيف سيحلها الله . المشكلة واحده ، ولكن تختلف النظرة إليها والإنفعال بها ، ويختلف ال Response . مثل ضغط الدم ، أو السكر ، أو قد يصاب بعضهم بإنهيار نفسي ، أو بتعب في اعصابه ، أو في نفسيته ، أو قد يقع علي الأرض مشلولاً ، أو يصاب بذبحة ، أو بجلطة ، او بسكتة قلبية . كل ذلك حسب درجة إنفعاله بالمشكلة ، وحسب ضغطها عليه وشعوره ، أنه قد انتهي ولا خلاص ...! *** أما صاحب النظرة البيضاء ، فيمزجها بالإيمان والرجاء . بإيمان يثق بوجود الله أثناء المشكلة ، وبيد الله العاملة سواء رآها أو لم يرها . فلا يأبه للمشكلة ، ولا عصره ، ولا يسمح لها أن تضغط عليه . *** إنه أكبر من المشكلة . أما صاحب النظرة السوداء ، فالمشكلة أكبر منه . صاحب النظرة السوداء ، لا ينظر إلي ما في المشكلة من ألم ومن ضيق وتعب . ويقابها بخوف وإنزعاج . وقد تضغط علي تفكيره فيتوقف ، ويترك الأمر إلي أعصابه المنهارة . وقد يصل به الأمر إلي اليأس ، وربما إلي الأنتحار ، كما حدث ليهوذا القديس بطرس الرسول أنكر السيد المسيح ، والرب نفسه قال " من ينكرني قدام الناس ، أنكره انا ايضاً قدام أب الذي في السموات "{مت33:10}. ولكنه لم يدع اليأس يسيطر عليه . وأنتصر علي المشكلة بالتوبة والرجاء ومحبة الله ... نتناول نظرة الإنسان إلي المادة ، وإلي المال ، وإلي الجسد . إنسان ينظر إلي المادة ،كأداة يخدم بها الله . وإنسان ىخر ينظر إليها ، كوسيلة لخدمة شهواته . والمادة هي نفس المادة ، ولكن نوعية النظرة إليها ، تحدد نوعية العلاقة بها ، والتصرف معها . هل المادة تملكك ، ام أنت تملكها ؟ المال هو نفس المال . ولكنه في يد البعض يستخدمه للخير ، وفي يد غيره يهلكه . لأن نظرة الواحد إليه غير نظرة ة الآخر ....... *** نفس الوضع مع الجسد ، هل تستخدمه لتمجيد الله وخدمته ؟ أم تنظر إليه كأنه شر في ذاته ، باستمرار يعثرك ويسقطك ؟. شجرة معرفة الخير والشر كانت وسط الجنة ، ويراها أبوانا ولا تعثرهما . فلما إختلفت النظرة إليها ، كان السقوط . لان حواء – بعد أن سمعت كلام الحية – فقدت نظرتها البسيطة ، وتعغيرت نظرتها إلي الشجرة ، فإذا هي " جيدة للأكل ، وبهجة لعيون ، وشهية للنظر "{تك6:3}. وبهده النظرة المتغيرة ، وقعت في الشهوة وسقطت .. إذن لم تكن العثرة في الشجرة ، إنما في نوع النظرة . إنسان ينظر إلي الذي معه ، فيرضي ويشكر . وآخر ينظر إلي الذي ينقصه ، فيشطو ويتذمر . وقد يكون الإثنان في نفس الظروف ونفس الأوضاع . فما هي نوع نظرتك أنت ؟ هل إلي الذي معك ، ام إلي الذي ينقصك ؟! كثير من الذين يتذمرون ويتعبون ، لو أنهم نظروا إلي مات معهم ، لوجدوا أنهم في خير ، وقد أعطاهم الرب الكثير والكثير . ولكنهم لم ينظروا إلي الذي عندهم ! آدم وحواء كانت لهما الجنة بكل ما فيها . ولكنهما نظرا إلي الشجرة الواحدة التي تنقصهما !! وبهذه النظرة سقطا ، علي الرغم من كل متعة الجنة . *** ولهل من الأمثلة البارزة في نوعية هذه السقطة ، الشيطان نفسه : كان الرب قد أعطاه الكثير : خلقه ملاكاً في منتهي البهاء ، بطبيعة جميلة ، ومن الرؤساء . وكان من رتبة الكاروبيم ، ووصفه سفر حزقيال النبي بأنه الكاروب المظلل المنبسط {حز28: 14، 16}. ولكنه لم يقنع بما معه ، ونظر إلي ما ينقصه ، اي أن يرفه كرسيه فوق كواكب الله ويصير مثل العلي ...!{أش14: 13، 14}. وهكذا سقط الشيطان . ترك رفعته إلي ما ينقصه . أن يصير مثل الله !! وكثيرون من هذا النوع . ما أكثر النعم التي تحطم بهم ، فلا ينظرون إليها ، إنما ينظرون إلي شئ آخر ينقصهم ! وإن حصلوا عليه لا يكتفون ، بل ينظرون إلي مستوي أعلي وأبعد ينقصهم ... وقد يتذمرون وهم وضع يشتهيه غيرهم ولا يجده ! بنوع نظرة الإنسان يسعد نفسه ، وبنوع نظرته يشقيها . ليست الظروف الخارجية هي التي تتعبك ، وإنما يتعبك أسلوبك في التفكير ، نو نظرتك إلي الحياة .. إنسان ينظر إلي الخير الذي في الناس ويمتدحهم وإنسان ىخر لا ينظر إلا إلي النقائص والعيوب . هذا النوع له نظرة نقادة ،لا يري الشئ الأسود . متحصص في رؤية العيوب حتي بالنسبة إلي شخص يمدحه الكل وهو موضع رضي الكل . ومه ذلل ما اسهل ان يجد فيه عيباً ينقده !! هذا النوع تخصصه أن ينتقد ، ويعارض ، ويتكلم بالسوء علي كل أحد ، ولا يعجبه أي تصؤف .. علي القل بالنسبة إلي شخص معين ، أو إلي مجموعة معينة من الناس ... *** بينما السيد المسيح – حتي بالنسبة إلي المرأة السامرية الخاطئة – أمكنة أن يجد فيها شيئاً يمتدحها عليه .. فقال لها " حسناً قلت .. هذا قلت بالصدق "{يو4: 17، 18}. وحتي الشاب الغني الذي مضي حزيناً .. أنثاء حديث الرب معه ، وجد فيه شيئاً فاضلاً أنه يحفظ الوصايا منذ حداثته ، فيقول الكتاب إنه " نظر إليه وأحبه "{مز21:10}. *** لو كانت لك النظرة البيضاء ، ستري في كثيرين شيئاً يحب ، وشيئاً يمتدح ... درب نفسك علي هذه النظرة . أي تنظر إلي محاسن الناس وليس إلي عيونهم . هناك نظرة واقعية ، أن تري ما فيهم من محاسن ومن عيوب ، ولكن أي النوعين له التأثير الأكبر عليك ؟ الذي لاينظر إلا الي العيوب ، قد تجده ساخطأ علي المجتمع كله . لا يعجبه شئ .. كل مايراه هو موضع إنتقاد . وبعض الذين ينادون بالإصلاح ، لا ينظرون إلا إلي السواد فقط .. ويحتار معهم كيق يرفضونهم .. هم باستمرار عدائيون Aggressive .. لابد ان يجدوا شيئاً يهاجمونه . وأن لم يجدوا ، يخترعون شيئاً يهاجمونه ... *** وبعض هؤلاء من الهجوم ، ويتحولون إلي الإنعزال ...! بسبب نظرتهم السوداء ينفرون من المجتمع ، وينظرون علي ذواتهم ، إذ لا يجدون شيئاً يجبهم ، ولا شيئاً يرضيهم . بل هم ساخطون علي كل شئ ... وأحياناً يصاب هؤلاء بأمراض نفسية ... قد يصاب بعضهم بمرض الكآبة Depression وباستمرار تجده حزيناً كئيباً ، وينتظر الشر أن لم ير الشر أمامه ، ويحزنه كل شئ ... واحيانا يخاف المجتمع ، ويري أن الغالبية ضده تدبر له ما يتعبه، فيصاب بعقدة الأضطهاد Persecution Complex ويخيل إليه ا، كثيرون يريدون الإضرار به يقاعه في مشاكل . أو قد يصاب بالعصبية ، فتجده غضوباً باستمرار ، حاد الطبع ، عالي الصوت ، يحتد وربما بلا سبب يدعو إلي ذلك ، وفي غضبه يثور ، ويتكلم بما لا يليق ، إنه لا يري سوي سواد يثيره . *** وربما يحارب بالشكوك في كل شئ . في كل ما يحيط به ، يفترض اسباباً سوداء تدعوه إلي الشك . وإن بدأ الشك يحاربه ، يلتقطه الشيطان لكي يضيف إليه مخترعات تزيد من شكه ، حتي يصبح من شكه في جحيم . وكل هذا سبب نظرته السوداء الت تفترض الشر ، بعكس الذي يؤول نفس الأمور تأويلاً ولا يحزن نفسه .. إن كثيراً من الشكوك ، ليس سببها الأسباب الخارجية ، إنما حالة القلب والفكر من الداخل . قد تكون النظرة السوداء ، إذن مرضاً نفسياً تنتج عنه هذه النظرة . وربما تؤدي هذه النظرة إلي مرض نفسي . أي قد تكون سبباً أو نتيجة . اي أنه إذا بدأ بالنظرة السوداء يصل إلي المرض النفسي . أو بدأ بالمرض النفسي يصل إلي النظرة السوداء . وبالنظرة السوداء يفقد الإنسان سلامه القلبي ، بعكس الإنسان الذي بإستمرار يحيا في بشاشة وفي فرح . والعجيب أن النظرة السوداء تأتي حتي في العلاقة مع الله . الشيطان قد يحارب الإنسان صاحب النظرة السوداء حتي في علاقته مع الله ، فيصور له أن الله لا يهتم به ، وإن الله قد أهمله ، ولا يستجيب لصلواته ، بل يصل به الأمر إلي ان الله يضطهده ! وهكذا بالنظرة السوداء يوصله إلي التجديف . ونفس هذا الوضع قاله الشيطان لله عن أيوب الصديق . قال للرب " ولكن أبسط يدك الآن . وأمسس كل ما له ، فإنه في وجهك يجدف عليك "{أي11:1}" وكلن ابسط الآن يدك وأمسس عظمه ولحمه ، فإنه في وجهك يجدف عليك "{أي5:2}. لقد كرر عبارة " في وجهك يجدف عليك " مرتين . وذلك لن حرب التجديف هي من الشيطان نفسه .. يهمي في أذن الإنسان المتضايق ، أو صاحب النظرة السوداء ، ويقول له " لماذا يعاملك الله هكذا ؟! لماذا تثقل يده عليك "؟! *** فصاحب النظرة السوداء ، قد لا يشعر فقط أن الناس ضده ، وإنما الله نفسه ضده !! السماء مغلقة أمامه ! " لماذا يقولون لنفسي : ليس له خلاص بإلهه "{مز3}. صاحب النظرة السوداء : يري أن كل نهار ، بعده ليل مظلم . اما صاحب النظرة البيضاء : فيري أن كل ليل مظلم ، بعده نهار مضئ .. النظرة السوداء تتعب من كل خطأ موجود ... والنظرة البيضاء تقول إن كل خطأ يمكن تصحيحه ... |
12 - 05 - 2012, 07:56 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
موضوع جميل جدا ومشاركة مميزة ربنا يبارك خدمتك الجميله ميرسي كتيييييير |
||||
24 - 08 - 2016, 11:31 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: حياة الفضيلة والبر بقلم قداسة البابا شنودة النظرة البيضء والنظرة السوداء
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
|