* "لماذا نسيتني؟" (مز 42: 9) ولماذا رفضتني؟ (مز 43: 2)، والله لا ينسى، فمن المستحيل حقًا أن ينسى، لأن كل الأحداث الماضية والمستقبلة حاضرة عنده، لكن خطايانا جعلته يوقع عقوبةَ النسيان، لكي يمحو أولئك الذين يعرف أنهم غير مستحقين لافتقاده، لأن "الرب يعرف خاصته" (2 تى 2: 19). وعندما يقترف البعضُ شرًا، يقول لهم: "أنا لا أعرفكم" (مت 7: 23). فمن إذن يقدر أن يقول لله: "لماذا نسيتني؟" لكن هذا الشعور يشترك فيه القديسون ونحن الضعفاء. فالقديس يتحدث وكأنه واعٍ لاستحقاقه. لكنه كلما ازداد قداسةً، ازداد تواضعًا، لكن إن كان القديس يتحدث بمشقةٍ بالغة، فمن أنا الخاطئ حقًا، إلا أن أعود لتلك الشكوى: لماذا نسيتَ عملك؟ (قابل عب 6: 10). لماذا نسيت افتقادك؟ أجل لماذا نسيتَ ضعفي؟ لأنه من هو الإنسان حتى تفتقده؟" (قابل مز 8: 5 (4)؛ عب 2: 6). لهذا لا تنسَ من هو ضعيف، تذكرْ يا رب أنك خلقتني ضعيفًا، تذكرْ أنك جبلتني ترابًا" (قابل مز 103 :14، أي 10: 9)، فكيف أقوى على الوقوف إن لم تشملني برعايتك دائمًا لتقَّوىَ هذا الطين، متى تأتي قوتي من وجهك؟ "فحين تحجب وجهك يرتاعُ كل شيءٍ!" (مز 104: 29) إن مارستَ عنايتك فالويل لي! فأنت لا ترى فيَّ سوى أدرانَ الخطايا! وما من فائدة أن أُترك، أو يُعتنى بي، لأنه حتى ونحن موضع رعايتك، نقترف الآثام! لكن مع ذلك، لا أزال متيقن أن الله لا يرفض الذين يعتني بهم، لأنه يُطَهِّر الذين يراهم، ونار توقد أمامه تحرق الخطية (قابل يؤ 2:3) .
القديس أمبروسيوس