منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 04 - 05 - 2013, 03:13 PM
الصورة الرمزية john w
 
john w Male
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  john w غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 45
الـــــدولـــــــــــة : فى قلب يسوع
المشاركـــــــات : 1,280

قيامة المسيح

حقيقة راسخة أم أكذوبة خادعة


إنْ كنَّا نبحث عن حقيقة هامة، تتعلق بالإيمان المسيحي، ونقضها يزعزع كل أركانه، فلن نجد في هذا المضمار أكثر من حقيقة ”قيامة الرب يسوع من الأموات“، الأمر الذي عبَّر عنه الرسول بولس بالقول: «إن لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا وباطلٌ أيضًا إيمانكم... أنتم بعد في خطاياكم» (1كو 15: 14، 17).

إنَّها النقطة المحوريَّة لكلِّ كارز، فهكذا أشار إليها الرسول بطرس في خطاباته في بكور تكوين الكنيسة: «فيسوع هذا أقامة الله، ونحن جميعًا شهودٌ لذلك... ورئيس الحياة قتلتموه، الذي أقامه الله من الأموات، ونحن شهودٌ لذلك... ونحن شهودٌ بكلِّ ما فعل في كورة اليهوديَّة وفي أورشليم، الذي أيضًا قتلوه معلَّقين أيَّاه على خشبة. هذا أقامه الله في اليوم الثالث، وأعطى أنْ يصير ظاهرًا» (أع2: 32؛ 3: 15؛ 10: 39، 40؛ إلخ).

ولقد لخَّص الرسول بولس الإنجيل الذي تسلَّمه، وصار يكرز به، بالقول: «فإنَّني سلَّمت إليكم في الأوَّل ما قبلته أنا أيضًا: أنَّ المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنَّه دُفن، وأنَّه قام في اليوم الثالث حسب الكتب» (1كو 15: 3، 4).
ولأهمية هذه الحقيقة، ولكثرة ما تعرَّضت للنقض والهجوم، سوف نعرض بعض البراهين العقلانيَّة والمنطقيَّة لقيامة الرب، وكذا بعض النظريات الخاطئة التي تعارض هذه الحقيقة الهامة، وسنحاول بنعمة الرب تفنيدها ودحضها.

أوَّلاً: القيامة والبراهين الثابتة على صحتها

1- فض الختم الروماني
كان الختم موضوعًا على الحجر الذي يحرس قبر المسيح، وهذا الختم يُمثِّل سلطان وقوَّة الإمبراطوريَّة الرومانيَّة. وأي محاولة لزحزحة الحجر عن مدخل القبر لا بدّ أنْ تؤدي إلى فضّ الختم، والتعرُّض بذلك لعقوبة القانون الروماني. وكانت العقوبة لمن يعبث بهذه الأختام صارمة جدًّا، فكانت المخابرات الرومانيَّة تبحث عن المتسببين في ذلك، وإذا تمَّ التوصل لهم فهذا يعني الصلب والرأس منكَّس لأسفل. فكان الكلّ يرتعب من فض الأختام، ولا سيَّما تلاميذ الرب يسوع الذين أظهروا كل الجُبن حينما اختبأوا، وإذا افترضنا أنَّ الشجاعة حلَّت فجأة على التلاميذ وقاموا بفضّ الختم، فلماذا لم تنِل منهم الإمبراطوريَّة الرومانيَّة ولا سيَّما أنَّهم كانوا معروفين؟!

2- القبر الفارغ
إن الأحداث المسجَّلة بخصوص الدفن يمكن تصديقها تاريخيًّا. ومن ضمن هذه الأحداث ذِِكر شخصيَّة ”يوسف الرامي“ الذي قام بدفن المسيح في قبره الخاص، إذ يُكتب عنه أنَّه ”مشير شريف“ (مر 15: 43)، من أعضاء مجمع السنهدريم، ويستحيل أن تثبت أسطورة عن طبقة اليهود الحاكمة (مجمع السنهدريم). كما أنَّ غياب أيَّة قصة أخرى تُروي أحداث الدفن، تُؤكِّد مصداقية ما سُجِّل في الكتاب المقدس. فإذا كانت هذه القصة أسطورة لتوَقعنا قصصًا أخرى مختلفة ولا سيما في الأدب اليهودي، ولكننا لا نجد.

وبما أنَّ قصة القيامة ترتبط بقصة الدفن، فبذلك تكون دقة قصة الدفن تؤكِّد دقة قصة القيامة. ولقد كان مكان قبر يوسف الرامي معروفًا، وإذا لم يكن خاليًا بالفعل، لَمَا صدَّق التلاميذ، ولا آلاف من الذين آمنوا، قصة القيامة.

كما أنَّ غمالائيل، وهو أحد أعضاء مجمع السنهدريم اليهودي، افترض أنَّ قيام حركة المسيحيَّة قد تكون من الله (أع 5: 39)، ولم يكن من الممكن افتراض مثل هذا الافتراض إذا كان القبر ما زال مشغولاً، أو إذا كان مجمع السنهدريم يعرف شيئًا عن جسد الرب.

”البروباجندا“ التي قامت في البداية ضد المسيحية تؤكِّد حقيقة القبر الفارغ. فلقد ادَّعى قادة اليهود أنَّ التلاميذ سرقوا جسد المسيح، وهم بذلك لم ينكروا أبدًا القبر الفارغ، ولكنهم حاولوا تفسيره. وهو دليل مقنع أنَّ القبر كان فعلاً فارغًا. وهذا الدليل التاريخي يُعتبر دليلاً دامغًا لأنه جاء من أضداد المسيحية!

لم يذهب رسل المسيح إلى ”أثينا“ أو ”رومية“ ليبشِّروا بقيامة المسيح، لكنَّهم بشَّروا في مدينة أورشليم حيث قبر المسيح. فإذا كانت بشارتهم كاذبة لانكشفت الكذبة فورًا. لكن حقيقة القبر الفارغ كانت أقوى من أن تُنكر، كما ذكر ”بول الثوس Paul Althaus“: ”لم تكن القيامة لتصمد يومًا واحدًا، أو حتَّى لمدة ساعة واحدة في أورشليم، إلاَّ إذا كان القبر الفارغ حقيقة مُصادَق عليها لدى جميع الأوساط“.

عدم اعتبار قبر المسيح مزارًا دينيًّا في القرن الأول الميلادي يؤكد أنَّ القبر كان فارغًا. فقد كانت أماكن عظام القديسين تعتبر مزارات دينية آنذاك، وكان هناك على الأقل 50 مزارًا في فلسطين في ذلك الوقت، وعدم اعتبار قبر المسيح واحدًا منهم يؤكِّد إنه كان خاليًّا من عظامه.

وهذه الأدلة على القبر الفارغ يصعب دحضها، لأنها واقفة على أساس تاريخي، ويذكر المؤرخ ”مايكل جرانت“ وهو غير مسيحي: ”لا يكون المؤرخ منصِفًا إذا أنكر القبر الفارغ“.

والآن يمكننا القول إن كل الذين يرفضون حقيقة القبر الفارغ يفعلون ذلك لانحيازهم للافتراضات الفلسفية، مثل: لا يمكن أن يكون هناك معجزات. لكن هذه الافتراضات يمكن أن تتغير في ضوء الحقائق التاريخية.

3- دحرجة الحجر
في فجر الأحد، كان أول ما أثَّر في من اقتربوا من قبر المسيح هو الوضع الغريب للحجر الضخم على باب القبر، فيقول متَّى: «دَحرج حجرًا كبيرًا» (مت 27: 60)، ويستعمل مرقس مع كلمة ”دحرج“ كلمة يونانية أخرى تعني أن مدخل القبر كان منحدرًا أو مائلاً قليلاً. ثم عند مجيء المريمات، يذكر لوقا كلمة يونانية مختلفة تعني أن الحجر كان منفصلاً، أي كان يبعد قليلاً عن القبر كله. أمَّا يوحنا فيقول صراحة: «مرفوعًا عن القبر»، أي بعيدًا عنه تمامًا.

والسؤال هنا: كيف أتى التلاميذ وتسَّحبوا على أطراف أصابعهم بجانب الحراس النيام، ثم دحرجوا الحجر وسرقوا جسد المسيح، دون أنْ ينتبه الحراس؟!

4- الأكفان الموضوعة في القبر
كانت العادة عند اليهود أنْ يضعوا الأطياب (ومن ضمنها المر وهو مادة صمغية) بين طيات الأكفان حتى تلصق الأكفان ببعضها، فيَصعُب بعد ذلك فكُّها. ويسجِّل البشير يوحنا: «ثم جاء سمعان بطرس يتبعه (أي يتبع يوحنا)، ودخل القبر ونظر الأكفان موضوعة، والمنديل الذي كان على رأسه ليس موضوعًا مع الأكفان بل ملفوفًا في موضع وحده. فحينئذ دخل أيضًا التلميذ الآخر الذي جاء أولاً إلى القبر ورأى فآمن» (يو20: 6-8).

من هذا نفهم أنَّ المسيح قام، وانسلَّ بجسده من الأكفان، حيث بقيت هي محتفظة بشكلها (كالشرنقة). وليس أحد بالسذاجة التي تجعله يعتقد أنَّ من سرق جسد المسيح قام بفك الأكفان الملتصقة، وأخرج جسد المسيح، ثم قام ثانية بلصق الأكفان كما كانت، ثم لف المنديل ووضعه وحده بعيدًا وأخذ الجسد وفرَّ هاربًا!! أ ليس من الأسهل أنْ يسرق الجسد مع الأكفان؟؟!!

5- كثرة الشهود على ظهورات الرب يسوع
عند دراسة أي حدث تاريخي، من المهم أنْ نعرف كم عدد شهود العيان الذين ما زالوا أحياءً عندما نُشرت الأخبار عن ذلك الحدث. فإذا كان العدد كبيرًا فإنَّ الثقة بهذا الحدث تكون كبيرة، لأنَّ الشهود سوف يفنِّدون الأخبار غير الدقيقة.
كما علينا أن نقول: ليس القبر الفارغ هو الذي أنشأ الإيمان بالمسيح المُقام، بل ظهور المسيح الحرفي هو الذي جعل التلاميذ يؤمنون أنه بالحقيقة قام.

ولنلاحظ أنَّ أول الذين ذكروا كشهود على القبر الفارغ وظهور المسيح كانوا من نساء وليس من رجال، وهذا يضيف قوة إلى مصداقية هذا الحدث؛ حيث لم يكن للنساء أيَّة مكانة في المجتمع اليهودي في القرن الأول، حتى أنه لم يكن يُعترف بشهادتهن في المحاكم، فذكرهن كشهود لن يضفي أيّة قيمة، بل بالعكس. فما الدافع من ذكرهن هنا إلا إذا كان هذا ما حدث فعلاً؟
وفي حديث الرسول بولس لتأكيد حقيقة القيامة، وهو يعدِّد بعض الذين حظوا برؤية الرب بعد القيامة، يقول: «وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمائة أخ أكثرهم باقٍ إلى الآن»، كما لو كان يقول: ”إن كنتم لا تصدقونني، اسألوهم“.
وعلينا أن نلاحظ أنَّ الأناجيل الأربعة كُتبت أثناء فترة حياة من عاصروا القيامة.

6- كان اتباع المسيح يُضطهدون ويُقتلون عند إعلانهم القيامة
لقد هرب التلاميذ عند القبض على الرب يسوع وأخذه للمحاكمة قبل الصلب، فواضح أنَّهم كانوا خائفين لئلاَّ يُسجنوا أو يُقتلوا بسبب تبعيتهم للمسيح، حتى أنَّ بطرس أنكر أنَّه يعرف الرب. وبعد صلب المسيح ودفنه ظلُّوا مختبئين وهم مرتعبين ومُحبَطين، حتَّى ظهر لهم الرب يسوع وتأكَّدوا من أمر قيامته. عندئذ نسوا خوفهم وذهبوا من مدينة لمدينة يشهدون عن قيامة المسيح مُضحيِّن بأنفسهم. ما الذي كان يدفعهم إلى ذلك إذا كان المسيح لم يقُم حقًّا؟! فهم لم يحصلوا على ثروة أو مكانة عالية، بل بالعكس فقد ضُربوا ورُجموا، وأُلقوا للأسود وتعذَّبوا وصُلبوا بسبب بشارتهم!

8- صمت الأعداء
لم ينفِ الأعداء قيامة المسيح، بل ظلوا صامتين، وأمام كلمات الرسول بطرس الواضحة عن حقيقة قيامة الرب في عظته: «يسوع الناصري... الذي أقامة الله ناقضًا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنًا أن يُمسك منه ... فيسوع هذا أقامه الله، ونحن جميعًا شهودٌ لذلك» (أع 2: 22-32)، لم يقاوم أحد بطرس، ولا نفى أحد ما أعلنه عن قيامة المسيح. وكان كل آمالهم أن يضغطوا على الرسل ليلزموا الصمت، حتَّى لا يهيجوا الرأي العام عليهم. إذ نسمع رئيس الكهنة يقول لهم: «أما أوصيناكم أن لا تُعلِّموا بهذا الاسم، وها أنتم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم، وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان»، ونلاحظ أنَّه أشار إلى حقيقة موت الرب، ولم ينفِ حقيقة أنَّه قام من الأموات. ثم إننا نسمع جواب بطرس والرسل الصريح له: «ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس. إله آبائنا أقام يسوع ...» (أع 5: 29-31).

وفي أعمال 25، عندما أراد فستوس أن يوضِّح الدعوى المقامة من اليهود ضد بولس قال: «كان لهم عليه مسائل من جهة ديانتهم، عن واحد اسمه يسوع قد مات، وبولس يقول إنَّه حي» (أع 25: 19)، ولم يقدر اليهود أن يُفسِّروا سر القبر الفارغ. لقد اتهموا بولس بمسائل كثيرة، ولكنَّهم صمتوا أمام موضوع القيامة، أمام شهادة القبر الفارغ.
إنَّ سكوت اليهود يتحدَّث بصوت أعلى من كلام المسيحيين عن صدق القيامة. كان يمكن أن تكون قصَّة القيامة أضعف ما في المسيحيَّة، وكان يمكن للأعداء أن يُصيبوها في مقتل، لو أنَّ القيامة لم تكن قد حدثت حقًّا، ولكن الأعداء ظلوا صامتين من جهتها!

ثانيًا: القيامة والنظريات التي تنفيها

1- ربما أخطأت النساء - اللواتي بلَّغن عن الجسد المفقود- معرفة القبر
وهذا يعني أنَّ التلاميذ هم أيضًا أخطأوا في القبر، ولكن بالتأكيد لم تُخطئ السلطات اليهوديَّة أو الحرَّاس الرومان في القبر، فإذا أخطأ التلاميذ والنساء في القبر، لأسرع اليهود والرومان في إظهار جسد المسيح لإبطال إشاعة القيامة.

2- ربما أُصيب بالهلوسة أولئك الذين ادَّعوا رؤية المسيح المُقام من الأموات
لو أنَّ ما رآه الرسل مجرَّد هلوسة، فإن إرساليتهم تكون باطلة من أساسها! ويكون إيماننا المسيحي ظاهرة مَرضيَّة نشرها جماعة من المرضى العصبيين! فهل كان ما رآه التلاميذ مجرَّد هلوسة، رؤى لا يسندها الواقع؟
إنَّ وصف العهد الجديد ينفي هذه النظريَّة، إذ إنَّ المهلوسين لا يمكن أن يُصبحوا أبطالاً! ولكن الذين شاهدوا المسيح المُقام كانوا أبطالاً ذهبوا للموت بأقدام ثابتة من أجل ما رأوه.

ونظرية الهلوسة تناقض بعض ما يقوله الأطباء النفسيون عن الرؤى إنَّ المصابين بالهلوسة هم عادة أصحاب خيال واسع ومتوترون. ولكن المسيح ظهر لعدد كبير من الناس المختلفين في أمزجتهم، فمريم المجدليَّة كانت تبكي، والنسوة كن خائفات ومندهشات، وبطرس كان نادمًا، وتوما كان شكَّاكًا، وتلميذا عمواس كانا يفكران، والتلاميذ في الجليل كانوا يصيدون؛ ولا يمكن أن يكون كل هؤلاء من المصابين بالهلوسة!

الهلوسة ترتبط باختبارات الفرد الماضية المترسِّبة في عقله، وعلى هذا فمن غير المحتمل أنَّ شخصين تصيبهما الهلوسة ذاتها في الوقت ذاته، ولا سيما أنَّ فكرة قيامة الرب لم تكن مُدركَة بعد عند التلاميذ! حتى بعد أن صارت حقيقة، وأخبرت النساء بها بعضًا من التلاميذ، لم يستطع تلميذا عمواس أن يصدّقوها (لو 24: 21-24).

لقد ظهر المسيح لأكثر من خمسمائة شخص في مرَّة واحدة، وليس من المعقول أن يكون هؤلاء جميعًا مصابين بذات الهلوسة!!
وإذا افترضنا أنَّهم أصيبوا بالهلوسة، فلماذا لم يُظهر اليهود جسد المسيح المائت؟!

3- إغماء المسيح
تقوم نظريَّة الإغماء على أنَّ المسيح لم يمت على الصليب، لكنَّه أصيب بالإغماء من الإعياء الشديد وفقد الدم. فاعتقد الجميع أنَّه مات، لكنَّه عندما دخل القبر أفاقته رطوبته ورائحة الأطياب، فقام وظهر لتلاميذه الذين ظنُّوا أنَّه قام من الأموات.
وللردِّ على هذه النظريَّة نقول:

إنَّ المسيح مات فعلاً على الصليب بشهادة العسكر الرومان، ويوسف ونيقوديموس.
أ ليس غريبًا أنَّ هذه النظريَّة لم تخطر ببال أحد من معاصري الصلب، أو من جاءوا بعدهم طيلة القرون السابقة، رغم مقاومتهم الشديدة للمسيحيَّة؟!
قاسى المسيح آلامًا متنوِّعة قبل الصلب: من ترحيلات مضنية اجتاز فيها، وبعد ذلك تعرَّض للجلد الروماني القاسي، ثم آلام الصلب الرهيبة. لذلك لا يمكن أن يحتمل كل هذا الألم ويبقى حيًّا!
هل ممكن بعد إغمائه أن يُطعن بالحربة في جنبه للتأكد من موته، ثم يضعونه في قبر حجري مغلق بدون علاج لجروحه، ملفوفًا في قماش ملتصق بالأطياب.. ثمَّ يفيق بعد ذلك؟!
وكيف كان يقوم من إغمائه، ضعيفًا، مجروح القدمين؛ ليفك الأكفان المربوطة بإحكام حوله، والمثقلة بنحو خمسين كيلوجرامًا من الأطياب، وليزحزح الحجر الضخم عن القبر، ثم يمشي المسافات الطويله على قدميه الجريحتين من المسامير الغليظة؟! وكيف للجريح الجائع المنهك القوى أن يتغلَّب على الجنود الرومان الذين يحرسون القبر؟! وكيف يظهر في نفس اليوم لتلاميذه بالصورة القويَّة التي شدَّت ولاءهم وعبادتهم؟!

4- ربما سُرق جسد المسيح

وعن هذه النظرية نقول:

اتَّخذ اليهود والرومان احتياطات كثيرة حتى لا يُسرق القبر، ولا سيَّما في اليوم الثالث أي اليوم المتوقَّع فيه قيامة المسيح كما بلَّغ اليهود بيلاطس: «فمُرْ بضبط القبر إلى اليوم الثالث، لئلاَّ يأتي تلاميذه ليلاً ويسرقوه، ويقولوا للشعب: إنَّه قام من الأموات، فتكون الضلالة الأخيرة أشرّ من الأولى» (مت 27: 64).
جُبن التلاميذ برهان على عجزهم عن مهاجمة الجنود الرومان لسرقة الجسد، فلم يكن مزاجهم النفسي يسمح لهم بعمل شيء مثل هذا. لقد هربوا عند محاكمة المسيح، وبعد صلبه اختبأوا في عليَّة!
لو أنَّ العسكر كانوا فعلاً نائمين، فكيف عرفوا أنَّ الذين سرقوا الجسد هم التلاميذ؟! ثم إنه لم يكن ممكنًا أنْ ينام كل الحراس، لأن هذا كان يعني توقيع حكم الإعدام عليهم طبقًا للنظام الروماني.
لم يكن التلاميذ قد أدركوا بعد معنى القيامة، بل إنهم اندهشوا عندما عرفوا أنَّه قام، فكيف يزوِّرون فكرة القيامة بالسرقة (انظر لوقا 24)! ومن الواضح أنهم وهم في هذه الحالة ما كانوا ليزوّروا ويخدعوا، ليقنعوا الناس بما لم يدركوه بعد؟!
وإذا قاموا فعلاً بسرقة الجسد فكيف تحمَّلوا بعد ذلك الاضطهاد من أجل التبشير بقيامة المسيح؟ أ لم يكن يدفعهم هذا إلى الاعتراف بحقيقة الأمر لينجوا من الموت والعذاب؟!

من كل ما سبق، يستطيع كل ذي عقل أن يحكم يقينًا إن كانت القيامة حقيقة راسخة أم أكذوبة خادعة.

بقلم
يوسف عاطف
رد مع اقتباس
قديم 04 - 05 - 2013, 03:44 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
john w Male
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية john w

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 45
الـــــدولـــــــــــة : فى قلب يسوع
المشاركـــــــات : 1,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

john w غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013

قيامة المسيح في الأسفار التاريخية


قيامة المسيح نراها لامعة متجلّية في كل الكتاب، جنبًا إلى جنب مع موته، فهكذا يعلن الرسول «أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دُفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب» (1كو15: 3، 4).
ولعلنا نذكر كيف فسَّر المسيح لتلميذي عمواس «الأمور المختصة به في جميع الكتب... وقال لهما: هكذا هو مكتوبٌ، وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث» (لو24: 27، 46). وسنتناول في هذا المقال بعض الإشارات الرمزية للقيامة كما جاءت بالكتب التاريخية، بدءًا من سفر يشوع، وحتي سفر أستير.
في سفر يشوع
1- في الأصحاح الثاني نرى ضمانتين لراحاب: أولاً حبل القرمز المُدلَّى من كوّة بيتها، كعلامة وضمان الخلاص من الدينونة لكل من احتمى في هذا البيت؛ وفيها إشارة لموت المسيح وسفك دمه الكريم. والضمانة الثانية مُمثَّلة في حفظ حياة الجاسوسين باختبائهما في الجبل ثلاثة أيام (رقم القيامة)، وإتيانهما إلى يشوع مؤكِّدين أن الرب قد دفع الأرض كلها لتكون ملكًا لهم، وهي إشارة لقيامة المسيح كأساس تمتّعنا بالبركات السماوية وامتلاكنا الميراث الأبدي «مباركٌ الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاءٍ حيٍّ، بقيامة يسوع المسيح من الأموات، لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، محفوظٌ في السماوات لأجلكم، أنتم الذين بقوة الله محروسون» (1بط1: 3-5). وهكذا بعد أن خرج دَمٌ وماءٌ من جنبه المطعون (يو19: 34)، نراه في يوحنا20 ينفخ في تلاميذه، مانحًا إياهم حياته كالمُقام من الأموات، والتي تؤهِّلهم لامتلاك كل البركات الروحية السماوية.
2- في الأصحاح الثالث نرى عبور تابوت العهد نهر الأردن، بعد ثلاثة أيام (رقم القيامة)، ليقود الشعب لامتلاك أرض الموعد التي تفيض لبنًا وعسلاً (يش3: 1-5)؛ صورة لقيامة المسيح في اليوم الثالث بعد اجتيازه الموت، ليُعدَّ الطريق، ويقودنا إلى الدائرة الروحية السماوية. وكما نعلم أن التابوت إشارة واضحة إلى المسيح باعتباره ابن الله وابن الإنسان.
3- في الأصحاح الرابع كلم الرب يشوع بأن ينتخب من الشعب اثني عشر رجلاً، رجلاً من كل سبط، ليحملوا من وسط الأردن اثني عشر حجرًا، لكي تكون هذه علامة في وسطهم، إذا سأل غدًا بنوهم عنها، يقولون لهم: إن مياه الأردن قد انفلقت أمام تابوت عهد الرب عند عبوره الأردن، فتكون هذه الحجارة تذكارًا لبني إسرائيل إلى الدهر (يش4: 1-8). وقد نرى في هذه الحجارة الشهادة عن قيامة المسيح، والتي تمّت بواسطة الرسل الاثني عشر الذين عاينوه، وأكلوا وشربوا معه بعد قيامته (أع1: 22؛ 10: 40-42). كما نرى فيها أيضًا قيامتنا مع المسيح واتحادنا معه بقيامته «لأنه إن كنا قد صرنا مُتّحدين معه بشبه موته، نصير أيضًا بقيامته» (رو6: 5).
4- في الأصحاح الخامس نقرأ «فحلّ بنو إسرائيل في الجلجال، وعملوا الفصح... وأكلوا من غلة الأرض... وانقطع المن في الغد عند أكلهم من غلة الأرض» (يش5: 10-12). فإن كنا نرى في المن تجسُّد المسيح واتضاعه، وفي الفصح نرى آلامه وموته، فإننا في غلة الأرض نرى قيامته ومجده؛ فالذي وُضع قليلاً عن الملائكة (المن)، من أجل ألم الموت (الفصح)، نراه مكلّلاً بالمجد والكرامة (غلة الأرض)، حيث أقامه الله من الأموات وأعطاه مجدًا، إذ قد مضى إلى السماء، وملائكةٌ وسلاطينٌ وقواتٌ مُخضعةٌ له (1بط1: 21؛ 3: 21، 22).
5- في الأصحاح العشرين نقرأ عن مدن الملجإ التي تُكلِّمنا أيضًا عن أمجاد المسيح في قيامته ونتائجها المجيدة لنا:
ففي"قادش" (مقادس) نراه ”القدُّوس والمُقدّس“ الذي بقيامته اتّحدنا به «لأن المُقَدّسَ والمُقَدَّسين جميعهم من واحد، فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم إخوةً» (عب2: 11)، فبعد قيامته أرسل قائلاً: «اذهبي إلى إخوتي» (يو20: 17).
وفي "شكيم" (قوة) نرى قوة قيامة المسيح التي تعمل لحسابنا (أف1: 19، 20)، والتي قال عنها الرسول بولس: «لأعرفه، وقوة قيامته» (في3: 10).
وفي ”حبرون“ (شركة) نرى الشركة التي تأسَّست على قيامته إذ أرسل الروح القدس ليربطنا بشخصه المجيد وببعضنا البعض (1كو10، 12؛ 1يو1: 3، 7).
وفي ”باصر“ (حصن) نرى وعد الرب - بعد قيامته - «دُفع إليّ كلُّ سلطانٍ في السماء وعلى الأرض... وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» (مت28: 18- 20). وها هو - تبارك اسمه - يقول لمن كان يضطهد الكنيسة: «لماذا تضطهدني؟... صعبٌ عليك أن ترفس مناخس» (أع9: 4، 5)، «لأنه من يمسُّكُم يمسُّ حدقة عينه» (زك2: 8).
وفي "راموت" (مرتفع) نرى قيامة الرب من الأموات وارتفاعه فوق جميع السماوات، صائرًا رأسًا فوق كل شيءٍ للكنيسة، التي هي جسده، ملء الذي يملأُ الكلّ في الكلّ (أف1: 22، 23).
وفي "جولان" (فرح، بهجة) نرى الرب المُقام والمُمجّد، الذي يظهر أمام وجه الله، كمصدر لفرحه كما هو مصدر أفراحنا وبهجتنا «ذلك وإن كنتم لا ترونه الآن، لكن تؤمنون به، فتبتهجون بفرحٍ لا يُنطق به ومجيدٍ» (1بط1: 8).
في سفر القضاة
في قضاة14: 14 نقرأ أحجية شمشون «من الآكل خرج أكلٌ، ومن الجافي خرجت حلاوةٌ. فلم يستطيعوا أن يحلُّوا الأحجية في ثلاثة أيام». والآكل والجافي (القوي)، صفتان للشيطان كمن له سلطان الموت، وكالقوي الذي يحفظ داره متسلحًا بسلاحه الكامل، إلا أن الرب يسوع - الأقوى منه - حسم المسألة في إبادته، وأعتق من كانوا - بسبب الخوف من الموت - عبيدًا له (عب2: 14)، وأيضًا في تجريده ونزع سلاحه، وتوزيع غنائمه (لو11: 21، 22؛ كو2: 15).
وكما لم يستطع الأصحاب أن يحلوا الأحجية في ثلاثة أيام، فإن رؤساء الكهنة والشيوخ لم يجدوا - في اليوم الثالث - حلاً لأحجية القبر الفارغ سوى أن يشيعوا أن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه (مت28: 13). وقد سبق ولم يفهموا قول السيد: «انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيام أُقيمه»، فكان لهم الأمر كأحجية، ظانين أنه يتكلم عن هيكل سليمان، أما هو فكان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات، تذكّر تلاميذه أنه قال هذا، فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع (يو2: 18- 22). فكانت قيامته في اليوم الثالث هي الحل الوحيد لهذه الأحجية. فقد كان الأمر غير مفهوم، حتى لتلاميذ الرب، لدرجة أنهم لم يصدقوا النسوة اللائي أخبرنهم بقيامة المسيح، وتراءى كلامهن لهم كالهذيان ولم يصدّقُوهن (لو24: 11)، ولكن الرب ظهر للأحد عشر، ووبَّخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم، لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام (مر16: 14)، وإذ كانوا لا يعرفون الكتب أنه كان ينبغي أن يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث، فقد فتح ذهنهم ليفهموا الكتب (لو24: 44-46).
في سفر راعوث
في سفر راعوث نقرأ عن بوعز (الذي فيه القوة)، كالولي (الفادي)، الذي يفدي الميراث ويقيم اسم الميت، أي يعطي الحياة. وإذ لم يستطع الولي الأول، ذلك لأنه رمز للناموس الذي كان عاجزًا في ما كان ضعيفًا بالجسد (رو8: 3، 4). لكن جاء الولي الثاني الذي يرمز إلى المسيح كمن يُعطي المؤمنين حياته كالمُقام من الأموات. وإذا كنا في بوعز، عندما أكل وشرب وطاب قلبه ودخل ليضطجع في طرف العرمة، نرى رمزًا لموت المسيح (را 3)، فإنه عندما صعد إلى الباب وجلس هناك ليتمِّم أمر اقترانه براعوث، نرى رمزًا لقيامة المسيح وارتباطه بالكنيسة.
في سفر صموئيل الأول
في 1صموئيل30 نعود لنقرأ عن اليوم الثالث (يوم القيامة) في عودة داود ورجاله إلى صقلغ، وفي نصرته على العمالقة (1صم30: 1، 12، 13). وفي هذا اليوم، استخلص داود كل ما أخذه عماليق، وأنقذ الكلّ، ولم يُفقد له شيءٌ لا صغيرٌ ولا كبيرٌ، ولا بنون ولا بناتٌ ولا غنيمةٌ، بل رد داود الجميع، وأخذ غنيمة عظيمة. ثم أرسل داود من الغنيمة إلى الذين في كل الأماكن التي تردد فيها مع رجاله (ع26-31). وفي كل هذا نرى صورة لنتائج النصرة التي أحرزها أصل وذرية داود، بالقيامة من الأموات، في اليوم الثالث، وكيف سبى سبيًا وأعطى الناس عطايا (أف4: 8) ، إذ أشركنا معه في غنائم نصرته، وكان ذلك إتمامًا لوعد الله: «أقسِم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسِمُ غنيمةً» (إش53: 12)، وإذ جعله الله وارثًا لكل شيء، صرنا - باتحادنا به - ورثة الله ووارثين مع المسيح (رو8: 17).
في سفر الملوك الثاني
في الأصحاح العشرين نقرأ عن قصة مرض حزقيا للموت وصلاته وبكائه أمام رعب الموت، حيث كان في نصف أيامه؛ صورة لمشهد بستان جثسيماني، لمن انفصل عن تلاميذه نحو رمية حجر، وخر على وجهه، وصلى بأشد لجاجة لأجل عبور هذه الكأس، وكأن لسان حاله «أقول: يا إلهي، لا تقبضني في نصف أيامي» (مز102: 24).
ثم كانت العلامة على استجابة صلاة حزقيا ومنحه الحياة، أنه يصعد إلى بيت الرب في اليوم الثالث، فكان هذا يوم القيامة بالنسبة لحزقيا، وهو رمز لقيامة المسيح في اليوم الثالث. ولقد ترنم حزقيا عن «الحيُّ الحيُّ هو يحمدك كما أنا اليوم» (إش38: 19)، ومن هو الحيُّ الحقيقيّ إلا ربنا يسوع المسيح الذي قال ليوحنا: «لا تخف، أنا هو الأوّل والآخرُ، والحيُّ. وكنت ميتًا، وها أنا حيٌّ إلى أبد الآبدين! (آمين). ولي مفاتيح الهاوية والموت» (رؤ1: 17، 18).
في سفر أستير
طلبت أستير الصوم من جهتها ثلاثة أيامٍ ليلاً ونهارًا لكي تدخل إلى الملك بخلاف السُنّة، وقالت: «وأنا إن هلكتُ، هلكتُ» (أس4: 16)، فكانت في حكم الموت من أجل شعبها. ولكن في اليوم الثالث، لبست أستير ثيابًا ملكيةً ووقفت في دار بيت الملك الداخلية، ونالت نعمةً في عينيه، فمدَّ لها قضيب الذهب الذي بيده، ليتحوّل مرسوم الموت ضد الشعب إلى مرسوم حياة لهم. وهكذا ربنا يسوع المسيح، الذي لم يخاطر بحياته فحسب، بل مات لأجلنا، ليرفع عنا حكم الموت، لكنه قام في اليوم الثالث حائزًا أسمى مقام، نائلاً كل رضى الله، إذ أجلسه عن يمينه في السماويات، مُعطيًا إياه السلطان أن يُعطي حياة أبدية لكل من أعطاه (يو17: 2).


  رد مع اقتباس
قديم 04 - 05 - 2013, 03:45 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
john w Male
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية john w

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 45
الـــــدولـــــــــــة : فى قلب يسوع
المشاركـــــــات : 1,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

john w غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013

قيامة المسيح في الأسفار التاريخية


قيامة المسيح نراها لامعة متجلّية في كل الكتاب، جنبًا إلى جنب مع موته، فهكذا يعلن الرسول «أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دُفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب» (1كو15: 3، 4).
ولعلنا نذكر كيف فسَّر المسيح لتلميذي عمواس «الأمور المختصة به في جميع الكتب... وقال لهما: هكذا هو مكتوبٌ، وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث» (لو24: 27، 46). وسنتناول في هذا المقال بعض الإشارات الرمزية للقيامة كما جاءت بالكتب التاريخية، بدءًا من سفر يشوع، وحتي سفر أستير.
في سفر يشوع
1- في الأصحاح الثاني نرى ضمانتين لراحاب: أولاً حبل القرمز المُدلَّى من كوّة بيتها، كعلامة وضمان الخلاص من الدينونة لكل من احتمى في هذا البيت؛ وفيها إشارة لموت المسيح وسفك دمه الكريم. والضمانة الثانية مُمثَّلة في حفظ حياة الجاسوسين باختبائهما في الجبل ثلاثة أيام (رقم القيامة)، وإتيانهما إلى يشوع مؤكِّدين أن الرب قد دفع الأرض كلها لتكون ملكًا لهم، وهي إشارة لقيامة المسيح كأساس تمتّعنا بالبركات السماوية وامتلاكنا الميراث الأبدي «مباركٌ الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاءٍ حيٍّ، بقيامة يسوع المسيح من الأموات، لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، محفوظٌ في السماوات لأجلكم، أنتم الذين بقوة الله محروسون» (1بط1: 3-5). وهكذا بعد أن خرج دَمٌ وماءٌ من جنبه المطعون (يو19: 34)، نراه في يوحنا20 ينفخ في تلاميذه، مانحًا إياهم حياته كالمُقام من الأموات، والتي تؤهِّلهم لامتلاك كل البركات الروحية السماوية.
2- في الأصحاح الثالث نرى عبور تابوت العهد نهر الأردن، بعد ثلاثة أيام (رقم القيامة)، ليقود الشعب لامتلاك أرض الموعد التي تفيض لبنًا وعسلاً (يش3: 1-5)؛ صورة لقيامة المسيح في اليوم الثالث بعد اجتيازه الموت، ليُعدَّ الطريق، ويقودنا إلى الدائرة الروحية السماوية. وكما نعلم أن التابوت إشارة واضحة إلى المسيح باعتباره ابن الله وابن الإنسان.
3- في الأصحاح الرابع كلم الرب يشوع بأن ينتخب من الشعب اثني عشر رجلاً، رجلاً من كل سبط، ليحملوا من وسط الأردن اثني عشر حجرًا، لكي تكون هذه علامة في وسطهم، إذا سأل غدًا بنوهم عنها، يقولون لهم: إن مياه الأردن قد انفلقت أمام تابوت عهد الرب عند عبوره الأردن، فتكون هذه الحجارة تذكارًا لبني إسرائيل إلى الدهر (يش4: 1-8). وقد نرى في هذه الحجارة الشهادة عن قيامة المسيح، والتي تمّت بواسطة الرسل الاثني عشر الذين عاينوه، وأكلوا وشربوا معه بعد قيامته (أع1: 22؛ 10: 40-42). كما نرى فيها أيضًا قيامتنا مع المسيح واتحادنا معه بقيامته «لأنه إن كنا قد صرنا مُتّحدين معه بشبه موته، نصير أيضًا بقيامته» (رو6: 5).
4- في الأصحاح الخامس نقرأ «فحلّ بنو إسرائيل في الجلجال، وعملوا الفصح... وأكلوا من غلة الأرض... وانقطع المن في الغد عند أكلهم من غلة الأرض» (يش5: 10-12). فإن كنا نرى في المن تجسُّد المسيح واتضاعه، وفي الفصح نرى آلامه وموته، فإننا في غلة الأرض نرى قيامته ومجده؛ فالذي وُضع قليلاً عن الملائكة (المن)، من أجل ألم الموت (الفصح)، نراه مكلّلاً بالمجد والكرامة (غلة الأرض)، حيث أقامه الله من الأموات وأعطاه مجدًا، إذ قد مضى إلى السماء، وملائكةٌ وسلاطينٌ وقواتٌ مُخضعةٌ له (1بط1: 21؛ 3: 21، 22).
5- في الأصحاح العشرين نقرأ عن مدن الملجإ التي تُكلِّمنا أيضًا عن أمجاد المسيح في قيامته ونتائجها المجيدة لنا:
ففي"قادش" (مقادس) نراه ”القدُّوس والمُقدّس“ الذي بقيامته اتّحدنا به «لأن المُقَدّسَ والمُقَدَّسين جميعهم من واحد، فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم إخوةً» (عب2: 11)، فبعد قيامته أرسل قائلاً: «اذهبي إلى إخوتي» (يو20: 17).
وفي "شكيم" (قوة) نرى قوة قيامة المسيح التي تعمل لحسابنا (أف1: 19، 20)، والتي قال عنها الرسول بولس: «لأعرفه، وقوة قيامته» (في3: 10).
وفي ”حبرون“ (شركة) نرى الشركة التي تأسَّست على قيامته إذ أرسل الروح القدس ليربطنا بشخصه المجيد وببعضنا البعض (1كو10، 12؛ 1يو1: 3، 7).
وفي ”باصر“ (حصن) نرى وعد الرب - بعد قيامته - «دُفع إليّ كلُّ سلطانٍ في السماء وعلى الأرض... وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» (مت28: 18- 20). وها هو - تبارك اسمه - يقول لمن كان يضطهد الكنيسة: «لماذا تضطهدني؟... صعبٌ عليك أن ترفس مناخس» (أع9: 4، 5)، «لأنه من يمسُّكُم يمسُّ حدقة عينه» (زك2: 8).
وفي "راموت" (مرتفع) نرى قيامة الرب من الأموات وارتفاعه فوق جميع السماوات، صائرًا رأسًا فوق كل شيءٍ للكنيسة، التي هي جسده، ملء الذي يملأُ الكلّ في الكلّ (أف1: 22، 23).
وفي "جولان" (فرح، بهجة) نرى الرب المُقام والمُمجّد، الذي يظهر أمام وجه الله، كمصدر لفرحه كما هو مصدر أفراحنا وبهجتنا «ذلك وإن كنتم لا ترونه الآن، لكن تؤمنون به، فتبتهجون بفرحٍ لا يُنطق به ومجيدٍ» (1بط1: 8).
في سفر القضاة
في قضاة14: 14 نقرأ أحجية شمشون «من الآكل خرج أكلٌ، ومن الجافي خرجت حلاوةٌ. فلم يستطيعوا أن يحلُّوا الأحجية في ثلاثة أيام». والآكل والجافي (القوي)، صفتان للشيطان كمن له سلطان الموت، وكالقوي الذي يحفظ داره متسلحًا بسلاحه الكامل، إلا أن الرب يسوع - الأقوى منه - حسم المسألة في إبادته، وأعتق من كانوا - بسبب الخوف من الموت - عبيدًا له (عب2: 14)، وأيضًا في تجريده ونزع سلاحه، وتوزيع غنائمه (لو11: 21، 22؛ كو2: 15).
وكما لم يستطع الأصحاب أن يحلوا الأحجية في ثلاثة أيام، فإن رؤساء الكهنة والشيوخ لم يجدوا - في اليوم الثالث - حلاً لأحجية القبر الفارغ سوى أن يشيعوا أن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه (مت28: 13). وقد سبق ولم يفهموا قول السيد: «انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيام أُقيمه»، فكان لهم الأمر كأحجية، ظانين أنه يتكلم عن هيكل سليمان، أما هو فكان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات، تذكّر تلاميذه أنه قال هذا، فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع (يو2: 18- 22). فكانت قيامته في اليوم الثالث هي الحل الوحيد لهذه الأحجية. فقد كان الأمر غير مفهوم، حتى لتلاميذ الرب، لدرجة أنهم لم يصدقوا النسوة اللائي أخبرنهم بقيامة المسيح، وتراءى كلامهن لهم كالهذيان ولم يصدّقُوهن (لو24: 11)، ولكن الرب ظهر للأحد عشر، ووبَّخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم، لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام (مر16: 14)، وإذ كانوا لا يعرفون الكتب أنه كان ينبغي أن يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث، فقد فتح ذهنهم ليفهموا الكتب (لو24: 44-46).
في سفر راعوث
في سفر راعوث نقرأ عن بوعز (الذي فيه القوة)، كالولي (الفادي)، الذي يفدي الميراث ويقيم اسم الميت، أي يعطي الحياة. وإذ لم يستطع الولي الأول، ذلك لأنه رمز للناموس الذي كان عاجزًا في ما كان ضعيفًا بالجسد (رو8: 3، 4). لكن جاء الولي الثاني الذي يرمز إلى المسيح كمن يُعطي المؤمنين حياته كالمُقام من الأموات. وإذا كنا في بوعز، عندما أكل وشرب وطاب قلبه ودخل ليضطجع في طرف العرمة، نرى رمزًا لموت المسيح (را 3)، فإنه عندما صعد إلى الباب وجلس هناك ليتمِّم أمر اقترانه براعوث، نرى رمزًا لقيامة المسيح وارتباطه بالكنيسة.
في سفر صموئيل الأول
في 1صموئيل30 نعود لنقرأ عن اليوم الثالث (يوم القيامة) في عودة داود ورجاله إلى صقلغ، وفي نصرته على العمالقة (1صم30: 1، 12، 13). وفي هذا اليوم، استخلص داود كل ما أخذه عماليق، وأنقذ الكلّ، ولم يُفقد له شيءٌ لا صغيرٌ ولا كبيرٌ، ولا بنون ولا بناتٌ ولا غنيمةٌ، بل رد داود الجميع، وأخذ غنيمة عظيمة. ثم أرسل داود من الغنيمة إلى الذين في كل الأماكن التي تردد فيها مع رجاله (ع26-31). وفي كل هذا نرى صورة لنتائج النصرة التي أحرزها أصل وذرية داود، بالقيامة من الأموات، في اليوم الثالث، وكيف سبى سبيًا وأعطى الناس عطايا (أف4: 8) ، إذ أشركنا معه في غنائم نصرته، وكان ذلك إتمامًا لوعد الله: «أقسِم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسِمُ غنيمةً» (إش53: 12)، وإذ جعله الله وارثًا لكل شيء، صرنا - باتحادنا به - ورثة الله ووارثين مع المسيح (رو8: 17).
في سفر الملوك الثاني
في الأصحاح العشرين نقرأ عن قصة مرض حزقيا للموت وصلاته وبكائه أمام رعب الموت، حيث كان في نصف أيامه؛ صورة لمشهد بستان جثسيماني، لمن انفصل عن تلاميذه نحو رمية حجر، وخر على وجهه، وصلى بأشد لجاجة لأجل عبور هذه الكأس، وكأن لسان حاله «أقول: يا إلهي، لا تقبضني في نصف أيامي» (مز102: 24).
ثم كانت العلامة على استجابة صلاة حزقيا ومنحه الحياة، أنه يصعد إلى بيت الرب في اليوم الثالث، فكان هذا يوم القيامة بالنسبة لحزقيا، وهو رمز لقيامة المسيح في اليوم الثالث. ولقد ترنم حزقيا عن «الحيُّ الحيُّ هو يحمدك كما أنا اليوم» (إش38: 19)، ومن هو الحيُّ الحقيقيّ إلا ربنا يسوع المسيح الذي قال ليوحنا: «لا تخف، أنا هو الأوّل والآخرُ، والحيُّ. وكنت ميتًا، وها أنا حيٌّ إلى أبد الآبدين! (آمين). ولي مفاتيح الهاوية والموت» (رؤ1: 17، 18).
في سفر أستير
طلبت أستير الصوم من جهتها ثلاثة أيامٍ ليلاً ونهارًا لكي تدخل إلى الملك بخلاف السُنّة، وقالت: «وأنا إن هلكتُ، هلكتُ» (أس4: 16)، فكانت في حكم الموت من أجل شعبها. ولكن في اليوم الثالث، لبست أستير ثيابًا ملكيةً ووقفت في دار بيت الملك الداخلية، ونالت نعمةً في عينيه، فمدَّ لها قضيب الذهب الذي بيده، ليتحوّل مرسوم الموت ضد الشعب إلى مرسوم حياة لهم. وهكذا ربنا يسوع المسيح، الذي لم يخاطر بحياته فحسب، بل مات لأجلنا، ليرفع عنا حكم الموت، لكنه قام في اليوم الثالث حائزًا أسمى مقام، نائلاً كل رضى الله، إذ أجلسه عن يمينه في السماويات، مُعطيًا إياه السلطان أن يُعطي حياة أبدية لكل من أعطاه (يو17: 2).


  رد مع اقتباس
قديم 04 - 05 - 2013, 03:48 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
john w Male
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية john w

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 45
الـــــدولـــــــــــة : فى قلب يسوع
المشاركـــــــات : 1,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

john w غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013

قيامة المسيح في المزامير

.................................................. .....

هناك إشارات واضحة كثيرة عن قيامة المسيح في سفر المزامير. سنركز الكلام هنا على مزموري 16؛ 41؛ ثم على مجموعة من المزامير قد يُطلق عليها مزامير الخلاص، وفيها نقرأ عن صلاة من المسيح يطلب فيها الخلاص ورحمة الله، وطبعًا هذا يتمثل في إقامته من بين الأموات ومنها مثلاً مزمور21، 22، 40، 69، 102.
في مزمور16 نقرأ عن قيامة المسيح بالارتباط بالله.
في مزمور41 نقرأ عن قيامة المسيح بالارتباط بالبشر، وخصوصًا أولئك الرافضين والمحتقرين له.
بينما في مزامير الخلاص، نقرأ عن قيامة المسيح بالارتباط بالمسيح نفسه، بوظائفه المختلفة.
أولاً: المزمور السادس عشر
فيه أول، وأوضح إشارة، عن قيامة المسيح. وفيه نرى قيامة المسيح بالارتباط بالله. وقد اقتبس منه بطرس في أعمال2، كما اقتبس منه بولس في أعمال13.
يمكن تقسيم هذا المزمور إلى شقين، الشق الأول من (ع1–8)، وفيه نرى أمانة المسيح تجاه الله، هذه الأمانة غير المحدودة؛ فهو الذي اتكل على الله تمامًا، وهو الذي ارتبط بالقديسين تمامًا، وهو الذي انفصل عن الأشرار وطُرقهم تمامًا.
ثم من ع9 –11 نرى الشق الثاني، وفيه نقرأ عن أمانة الله ناحية المسيح. هذه الأمانة تتمثل في أن الله تحت التزام بإقامة هذا التقي من بين الأموات.
«لِذلِكَ فَرِحَ قَلْبِي، وَابْتَهَجَتْ رُوحِي. جَسَدِي أَيْضًا يَسْكُنُ مُطْمَئِنًّا»(ع9).
لقد كان قلب المسيح مملوًا بالفرح، وليس قلبه فقط بل أيضًا روحه كانت في حالة ابتهاج. طبعًا هذا لم يكن لأن الظروف حسنة، أو لأن الرياح مواتية، بل لأنه متكلٌ على الله. إن الاتكال على الله لا يمنح الاطمئنان فقط، ولكنه يُعطي سرورًا وفرحًا للقلب وابتهاجًا للروح.
قد يتكل الإنسان على الله طوال حياته إلى أن يصل الأمر إلى الموت، وهناك يكون الانزعاج والخوف، مثل حزقيا الملك في يومه. ولكن الأمر كان مختلفًا مع المسيح تمامًا؛ فحتى لو وصل الأمر به إلى الموت، إلى القبر والتراب، فإن جسده يسكن مطمئنًا. ومثلما كانت روحه سعيدة، وقلبه فرِحًا وهو على الأرض، هكذا سيكون عندما يصل جسده إلى التراب. لماذا؟ لأنه يثق في الله ويتكل عليه، حتى أمام هذا الأمر الرهيب الذي لا حلَّ له عند البشر جميعًا. إنه يثق في إقامة الله له من الأموات.
يا للروعة! هل ليسوع من مثيل؟! هل له من مثيل يثق في قدرة الله؟ هل من مثيل له يتكل ويستند على الله إلى النهاية؟
ولذلك يكمل قائلاً: «لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا».
في ع9 نسمع المسيح متحدِّثًا عن نفسه، ولكنه في هذا العدد يتحول متحدِّثًا لله. في هذا العدد يتحدث عن أمور سلبية لن يقوم بها الله، وهي أنه لن يترك نفسه في الهاوية، ولن يدع جسده يرى فسادًا. وفي العدد التالي يتحدث عن أمور إيجابية يصنعها الله له.
أولاً يقول لله: «لأنك لن تترك نفسي في الهاوية». تحدث في هذا العدد أولاً عن الهاوية، قبل أن يتحدث عن تأثيرات الموت على الجسد.
والهاوية هي حالة النفس بدون الجسد. وهنا المسيح يعلن أنه لن يظل في هذه الحالة كثيرًا، فلن تطول المدة التي تكون نفسه فيها بدون جسده. وكما نعلم أن هذه المدة كانت ثلاثة أيام وثلاث ليال.
ثم «لن تدع تقيَّك يرى فسادًا»، وهذا ما يرتبط بالجسد. ففي الموت يحدث أمران: تصير النفس بدون الجسد وهذه هي الهاوية، ثم يمضي الجسد دون النفس إلى التراب، وبالتالي يعمل الفساد فيه فورًا. والله كان يعمل في الدائرتين، وهو لم يترك نفس المسيح في الهاوية، وهذا جانب، ولكن من الجانب الآخر لم يَدَع تقيَّه، أي قدوسه، يرى فسادًا.
بالمناسبة إن كلام المسيح هنا يختلف تمامًا عن كلام داود في مزمور6: 5، حيث يقول: «لأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَوْتِ ذِكْرُكَ. فِي الْهَاوِيَةِ مَنْ يَحْمَدُكَ؟». داود يذكر أن كل شيء ينتهي بالموت، ولا أمل اذا وصل الإنسان للهاوية، ولكن كلام المسيح في مزمور16 يختلف تمامًا؛ فهو واثق من عدم ترك الله له، ومن أنه لن يرى فسادًا.
«تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ» (ع11)
هنا نجد الأمور الإيجابية التي يصنعها الله تجاه المسيح. أولاً يُعرِّفه سبيل الحياة، وهذا عندما يقيمه من بين الأموات، وبعد الموت والقبر والهاوية يأتي سبيل الحياة. ولا عجب فذاك الذي كان شعاره «حياة في رضاه»، لا بد أن يعرِّفه الله سبيل الحياة.
ثم «أمامك شبع سرور»، فلقد أجلسه الله عن يمينه فوق كل رياسة وسلطان وكل اسم يسمى. إن المسيح عندما كان على الأرض كان فرحًا في قلبه، مبتهجًا في روحه (ع9)؛ ولكن بعد القيامة لم يجِد أمام الله سرورًا فقط، بل شبع سرور.
ومن الممكن أن نفهم هذه الآية بالارتباط بالماضي والحاضر والمستقبل.
في الماضي عرَّف الله المسيح سبيل للحياة؛ إذ أقامه الله من بين الأموات. وفي الحاضر «أمامه شبع سرور»، فهو مسرور بالله وبما فعله معه. وفي المستقبل سيتمِّم الله كل مواعيده من نحو المسيح. وهذا ما تذكِّرنا به كلمة ”اليمين“، حيث قال الله له: «اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك» (مز110: 1)
ثانيًا: المزمور الحادي والأربعون
وفيه نقرأ إشارة واضحة عن قيامة المسيح، وفيه نرى قيامة المسيح بالارتباط بالإنسان.
في هذا المزمور نقرأ عن شر الإنسان ورفضه لمسيح الله، فالاشرار تملأ قلوبهم مثل هذه الأفكار «مَتَى يَمُوتُ وَيَبِيدُ اسْمُهُ؟... أَمْرٌ رَدِيءٌ قَدِ انْسَكَبَ عَلَيْهِ. حَيْثُ اضْطَجَعَ لاَ يَعُودُ يَقُومُ» (ع5، 8). بل الأكثر من ذلك «أََيْضًا رَجُلُ سَلاَمَتِي، الَّذِي وَثِقْتُ بِهِ، آكِلُ خُبْزِي، رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ!» (ع9). هذا هو الإنسان في شره، يتمنى لمسيح الله أن يموت ويبيد اسمه، وينتهي أمره. وأخيرًا في تبجُّحٍ، وهذه إشارة نبوية عن الإسخريوطي، يرفع الإنسان على المسيح عقبه لكي يميته. وماذا كان رد المسيح تجاه كل هذا؟! هو المسكين في هذا المزمور (ع1)، والمسكين ليس لديه سوى الصلاة «أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَارْحَمْنِي وَأَقِمْنِي، فَأُجَازِيَهُمْ» (ع10).
إنه يطلب القيامة، ولماذا يُقام؟! لكي يجازيهم. في أعمال17: 31 نقرأ بوضوح عن ارتباط القيامة بالدينونة «لأَنَّهُ (أي الله) أَقَامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ، بِرَجُل قَدْ عَيَّنَهُ، مُقَدِّمًا لِلْجَمِيعِ إِيمَانًا إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ». فالمسيح أُقيم من بين الأموات، وهو المعيَّن من الله ليدين العالم، وقد تعيَّن وتجهَّز لهذا العمل، أي دينونته لكل العالم، بإقامته من بين الأموات.
يُختم مزمور41 بعبارة إلى الأبد «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. آمِينَ فَآمِينَ» كما أننا في مزمور16 نقرأ في نهايته عن النعم التي في يمين الله إلى الأبد.
من هنا نفهم أمرين أنه بقيامة المسيح من بين الأموات، سيتمتع هو بكل النعم التي في يمين الله، وأيضًا بقيامة المسيح من الأموات سيدين المسيح الأشرار، وبذلك يعود المجد والبركه لله إلى الأبد.
ثالثًا: مزامير الخلاص
وهي تربط بين قيامة المسيح وأعمال المسيح المختلفة.
مزمور21
«يَا رَبُّ، بِقُوَّتِكَ يَفْرَحُ الْمَلِكُ، وَبِخَلاَصِكَ كَيْفَ لاَ يَبْتَهِجُ جِدًّا! شَهْوَةَ قَلْبِهِ أَعْطَيْتَهُ، وَمُلْتَمَسَ شَفَتَيْهِ لَمْ تَمْنَعْهُ. سِلاَهْ. لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُهُ بِبَرَكَاتِ خَيْرٍ. وَضَعْتَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجًا مِنْ إِبْرِيزٍ. حَيَاةً سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ. طُولَ الأَيَّامِ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ» (مز21: 1–4).
المسيح في هذا المزمور هو الملك. هذا الملك كان له طلب، نفّذه له الله، ونتيجة ذلك فرح وابتهج بهذا. هذا الطلب يوصَف بأنه شهوة قلبه، وملتمس شفتيه أيضًا. لقد كان لدى المسيح رغبة داخلية «شهوة قلبه»، وأيضًا «ملتمس شفتيه»، إذ رفع صلوات خارجية تُعبِّر عن هذه الرغبة الداخلية؛ كما نرى في بستان جثسيماني وهو يصارع مصلّيًا. وما هو هذا الطلب؟! إنه القيامة من بين الأموات، وما أجمل استجابة السماء له: «حَيَاةً سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ. طُولَ الأَيَّامِ إِلَى الدَّهْرِ»!
لقد تمَّم الله طِلبته بأن أعطاه حياة، وله أيام إلى الدهر والأبد. وهنا جاءت قيامة المسيح بالارتباط بشيء سيقوم به شخصيًا، ألا وهو عمله كالملك؛ وهذا أمر رائع!
مزمور22
«أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ، فَلاَ تَبْعُدْ. يَا قُوَّتِي، أَسْرِعْ إِلَى نُصْرَتِي. أَنْقِذْ مِنَ السَّيْفِ نَفْسِي، مِنْ يَدِ الْكَلْبِ وَحِيدَتِي. خَلِّصْنِي مِنْ فَمِ الأَسَدِ، وَمِنْ قُرُونِ بَقَرِ الْوَحْشِ اسْتَجِبْ لِي» (مز22: 19-21).
هنا نجد صلاة المسيح لله، بأن لا يبتعد عنه، وأن يُسرع لنصرته، فهو يحتاج لإنقاذ من السيف ومن يد الكلب، بل من فم الأسد، ومن قرون بقر الوحش؛ وهذه كلها صور وتعبيرات مختلفة عن الموت.
طبعًا هناك نتائج كثيرة مرتبطة بوظائف المسيح المختلفة تأتي كنتيجة للقيامة في هذا المزمور؛ ولكن أروع شيء هو أنه قائد التسبيح وسط كنيسة الله، إذ يقول: «أُخْبِرْ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي. فِي وَسَطِ الْجَمَاعَةِ أُسَبِّحُكَ» (ع22).
ولماذا التسبيح؟؟ «لأنه (أي الله) لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين، ولم يحجب وجهه عنه؛ بل عند صراخه إليه استمع» (ع24).
شيء عجيب أن تتكرر كلمة «إلى الأبد» مرة أخرى في هذا المزمور أيضًا « يَأْكُلُ الْوُدَعَاءُ وَيَشْبَعُونَ. يُسَبِّحُ الرَّبَّ طَالِبُوهُ. تَحْيَا قُلُوبُكُمْ إِلَى الأَبَدِ».
المسيح له حياة إلى الأبد، وهكذا كل من يتبعه، لقد صار هذا المقام من الأموات مصدر الحياة، إلى الأبد، لكثيرين!
مزمور 40
«أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَلاَ تَمْنَعْ رَأْفَتَكَ عَنِّي. تَنْصُرُنِي رَحْمَتُكَ وَحَقُّكَ دَائِمًا. لأَنَّ شُرُورًا لاَ تُحْصَى قَدِ اكْتَنَفَتْنِي. حَاقَتْ بِي آثامِي، وَلاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أُبْصِرَ. كَثُرَتْ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِ رَأْسِي، وَقَلْبِي قَدْ تَرَكَنِي. اِرْتَضِ يَا رَبُّ بِأَنْ تُنَجِّيَنِي. يَا رَبُّ، إِلَى مَعُونَتِي أَسْرِعْ» (مز40: 11 – 13)
هنا يطلب المسيح من الله أن لا يمنع رأفته عنه، بل أن تنصره رحمته وحقّه دائمًا، فقد حاقت الآثام به، وطبعًا هذه الآثام هي آثامنا نحن. ولذلك طلب أن يرتضى الله بتنجيته، وأن يسرع لمعونته. هذا يتمثل في إقامته من بين الأموات.
في هذا المزمور نرى المسيح كالمتمِّم لمشورات الله، وهو الذي جاء بدرج الكتاب مكتوب عنه أن يفعل مشيئة الله، كما أنه هو مُعلن البر، بِرَّ الله لكنيسته «بشرت ببرٍّ في جماعة عظيمة» (ع9). وهذا المزمور هو مزمور المحرقة، والمحرقة كات تُوقد دائمًا، ولا عجب أن نقرأ كلمة ”دائمًا“ مرتين.
أولاً يقول المسيح لله «تنصرني رحمتك وحقك دائمًا» (ع11)، ثم نقرأ نتيجة الصلاة «ليبتهج ويفرح بك جميع طالبيك. ليقُل أبدًا (أي دائمًا) محبو خلاصك: يتعظم الرب» (ع16)
المحرقة استحضرت السرور لله، والرضا للإنسان؛ فالمسيح يترجى نصرة الله دائمًا، وفي هذا سرور لله. ثم يقول محبو خلاصك ليتعظم الرب دائمًا، وهنا نرى سرور الإنسان بما حصّله المسيح.
مزمور 69
«خَلِّصْنِي يَا اَللهُ، لأَنَّ الْمِيَاهَ قَدْ دَخَلَتْ إِلَى نَفْسِي. غَرِقْتُ فِي حَمْأَةٍ عَمِيقَةٍ، وَلَيْسَ مَقَرٌّ. دَخَلْتُ إِلَى أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ، وَالسَّيْلُ غَمَرَنِي. تَعِبْتُ مِنْ صُرَاخِي. يَبِسَ حَلْقِي. كَلَّتْ عَيْنَايَ مِنِ انْتِظَارِ إِلهِي... أَمَّا أَنَا فَلَكَ صَلاَتِي يَا رَبُّ فِي وَقْتِ رِضًى. يَا اَللهُ، بِكَثْرَةِ رَحْمَتِكَ اسْتَجِبْ لِي، بِحَقِّ خَلاَصِكَ. نَجِّنِي مِنَ الطِّينِ فَلاَ أَغْرَقَ. نَجِّنِي مِنْ مُبْغِضِيَّ وَمِنْ أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ. لاَ يَغْمُرَنِّي سَيْلُ الْمِيَاهِ، وَلاَ يَبْتَلِعَنِّي الْعُمْقُ، وَلاَ تُطْبِقِ الْهَاوِيَةُ عَلَيَّ فَاهَا. اسْتَجِبْ لِي يَا رَبُّ لأَنَّ رَحْمَتَكَ صَالِحَةٌ. كَكَثْرَةِ مَرَاحِمِكَ الْتَفِتْ إِلَيَّ. وَلاَ تَحْجُبْ وَجْهَكَ عَنْ عَبْدِكَ، لأَنَّ لِي ضِيْقًا. اسْتَجِبْ لِي سَرِيعًا. اقْتَرِبْ إِلَى نَفْسِي. فُكَّهَا. بِسَبَبِ أَعْدَائِي افْدِنِي» (مز69: 1-3، 13-18)
والصلاة في هذا المزمور من أوضح الصلوات التي تتحدث عن القيامة. فيبدأ المسيح بتوسلاته وصرخاته، ثم يعود - بعد أن يستعرض العار الذي سقط عليه نتيجة رفض إسرائيل له - للصلاة مرة أخرى في ع13. وفي صلاته هنا يذكر الموت بصورة واضحة حيث يقول: «لا تطبق الهاوية علي فاها».
ونحن نقرأ هنا عن تحمُّل المسيح للعار واللعنة. كان هناك عار خارجي، وهذا يتمثل في رفض البشر له (ع5–12)، ثم هناك عار داخلي بالارتباط بحملِه للخطية، وهو ما يقول عنه: «أنت عرفت عاري وخزيي وخجلي... العار قد كسر قلبي فمرضت» (ع19، 20). ثم نقرأ عن قيامة المسيح بالارتباط بحُكمِه كابن الإنسان، إذ سيسيطر على كل الأرض «تسبِّحه السماوات والأرض والبحار وكل ما يدب فيها» (ع34). إنه هو ابن الإنسان الذي سيملك على كل شيء، وسيُخضع له كل شيء.
مزمور 102
«يَا رَبُّ، اسْتَمِعْ صَلاَتِي، وَلْيَدْخُلْ إِلَيْكَ صُرَاخِي. لاَ تَحْجُبْ وَجْهَكَ عَنِّي فِي يَوْمِ ضِيقِي. أَمِلْ إِلَيَّ أُذُنَكَ فِي يَوْمِ أَدْعُوكَ. اسْتَجِبْ لِي سَرِيعًا... ضَعَّفَ فِي الطَّرِيقِ قُوَّتِي، قَصَّرَ أَيَّامِي. أَقُولُ: يَا إِلهِي، لاَ تَقْبِضْنِي فِي نِصْفِ أَيَّامِي. إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ سِنُوكَ» (مز 102: 1–2، 23، 24).
المسيح يطلب هنا القيامة من بين الأموات، وهو يتحدث عن نفسه في هذا المزمور كإنسان، ولذا يصف حياته على الأرض كإنسان بأنها أيام (ع3، 11، 23، 24). إن حياة الإنسان تُقاس بالأيام مثلما سأل فرعون يعقوب: «كَمْ هِيَ أَيَّامُ سِنِي حَيَاتِكَ؟» (تك47: 8). كما يذكر المسيح أيضًا أن أيامه قد فنيت، وهي كظل مائل، وأنها صارت قصيرة بمجيء الموت مبكِّرًا.
ولكن ماذا كانت إجابة السماء لصلاته المسجَّلة في أول المزمور، وفي ع24 «يَا إِلهِي، لاَ تَقْبِضْنِي فِي نِصْفِ أَيَّامِي»؟ كانت الإجابة: «إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ سِنُوكَ. مِنْ قِدَمٍ أَسَّسْتَ الأَرْضَ، وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَأَنْتَ تَبْقَى، وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى، كَرِدَاءٍ تُغَيِّرُهُنَّ فَتَتَغَيَّرُ» (عدد24-26).
الإجابة أنه هو الله، ولأنه الله، فإلى دهر الدهور سنوك، وليس أيامك. كل شيء يتغير ويذهب وهو يبقى، بل إن سنيه هذه لا تنتهي.
هذا المزمور لا يتحدث عن وظائف المسيح، ولكنه يصف من هو في ذاته، فهو الله، الثابت الذي لا يتغيَّر، ولذلك هو الضامن لشعبه ولحقوقهم، لقد قال الرب يومًا لشعبه: «لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنُوا» (ملا3: 6). وهنا لأن المسيح هو الله، الذي حتى لو وصل إليه الموت كإنسان، فإن «أَبْنَاءُ عَبِيدِكَ يَسْكُنُونَ، وَذُرِّيَّتُهُمْ تُثَبَّتُ أَمَامَكَ» (ع28). هو الذي سيردّ شعبه، لأنه هو الله الثابت الذي لا يتغيَّر.


إسحق شحاته
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 05 - 2013, 03:48 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
john w Male
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية john w

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 45
الـــــدولـــــــــــة : فى قلب يسوع
المشاركـــــــات : 1,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

john w غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013

قيامة المسيح في المزامير

.................................................. .....

هناك إشارات واضحة كثيرة عن قيامة المسيح في سفر المزامير. سنركز الكلام هنا على مزموري 16؛ 41؛ ثم على مجموعة من المزامير قد يُطلق عليها مزامير الخلاص، وفيها نقرأ عن صلاة من المسيح يطلب فيها الخلاص ورحمة الله، وطبعًا هذا يتمثل في إقامته من بين الأموات ومنها مثلاً مزمور21، 22، 40، 69، 102.
في مزمور16 نقرأ عن قيامة المسيح بالارتباط بالله.
في مزمور41 نقرأ عن قيامة المسيح بالارتباط بالبشر، وخصوصًا أولئك الرافضين والمحتقرين له.
بينما في مزامير الخلاص، نقرأ عن قيامة المسيح بالارتباط بالمسيح نفسه، بوظائفه المختلفة.
أولاً: المزمور السادس عشر
فيه أول، وأوضح إشارة، عن قيامة المسيح. وفيه نرى قيامة المسيح بالارتباط بالله. وقد اقتبس منه بطرس في أعمال2، كما اقتبس منه بولس في أعمال13.
يمكن تقسيم هذا المزمور إلى شقين، الشق الأول من (ع1–8)، وفيه نرى أمانة المسيح تجاه الله، هذه الأمانة غير المحدودة؛ فهو الذي اتكل على الله تمامًا، وهو الذي ارتبط بالقديسين تمامًا، وهو الذي انفصل عن الأشرار وطُرقهم تمامًا.
ثم من ع9 –11 نرى الشق الثاني، وفيه نقرأ عن أمانة الله ناحية المسيح. هذه الأمانة تتمثل في أن الله تحت التزام بإقامة هذا التقي من بين الأموات.
«لِذلِكَ فَرِحَ قَلْبِي، وَابْتَهَجَتْ رُوحِي. جَسَدِي أَيْضًا يَسْكُنُ مُطْمَئِنًّا»(ع9).
لقد كان قلب المسيح مملوًا بالفرح، وليس قلبه فقط بل أيضًا روحه كانت في حالة ابتهاج. طبعًا هذا لم يكن لأن الظروف حسنة، أو لأن الرياح مواتية، بل لأنه متكلٌ على الله. إن الاتكال على الله لا يمنح الاطمئنان فقط، ولكنه يُعطي سرورًا وفرحًا للقلب وابتهاجًا للروح.
قد يتكل الإنسان على الله طوال حياته إلى أن يصل الأمر إلى الموت، وهناك يكون الانزعاج والخوف، مثل حزقيا الملك في يومه. ولكن الأمر كان مختلفًا مع المسيح تمامًا؛ فحتى لو وصل الأمر به إلى الموت، إلى القبر والتراب، فإن جسده يسكن مطمئنًا. ومثلما كانت روحه سعيدة، وقلبه فرِحًا وهو على الأرض، هكذا سيكون عندما يصل جسده إلى التراب. لماذا؟ لأنه يثق في الله ويتكل عليه، حتى أمام هذا الأمر الرهيب الذي لا حلَّ له عند البشر جميعًا. إنه يثق في إقامة الله له من الأموات.
يا للروعة! هل ليسوع من مثيل؟! هل له من مثيل يثق في قدرة الله؟ هل من مثيل له يتكل ويستند على الله إلى النهاية؟
ولذلك يكمل قائلاً: «لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا».
في ع9 نسمع المسيح متحدِّثًا عن نفسه، ولكنه في هذا العدد يتحول متحدِّثًا لله. في هذا العدد يتحدث عن أمور سلبية لن يقوم بها الله، وهي أنه لن يترك نفسه في الهاوية، ولن يدع جسده يرى فسادًا. وفي العدد التالي يتحدث عن أمور إيجابية يصنعها الله له.
أولاً يقول لله: «لأنك لن تترك نفسي في الهاوية». تحدث في هذا العدد أولاً عن الهاوية، قبل أن يتحدث عن تأثيرات الموت على الجسد.
والهاوية هي حالة النفس بدون الجسد. وهنا المسيح يعلن أنه لن يظل في هذه الحالة كثيرًا، فلن تطول المدة التي تكون نفسه فيها بدون جسده. وكما نعلم أن هذه المدة كانت ثلاثة أيام وثلاث ليال.
ثم «لن تدع تقيَّك يرى فسادًا»، وهذا ما يرتبط بالجسد. ففي الموت يحدث أمران: تصير النفس بدون الجسد وهذه هي الهاوية، ثم يمضي الجسد دون النفس إلى التراب، وبالتالي يعمل الفساد فيه فورًا. والله كان يعمل في الدائرتين، وهو لم يترك نفس المسيح في الهاوية، وهذا جانب، ولكن من الجانب الآخر لم يَدَع تقيَّه، أي قدوسه، يرى فسادًا.
بالمناسبة إن كلام المسيح هنا يختلف تمامًا عن كلام داود في مزمور6: 5، حيث يقول: «لأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَوْتِ ذِكْرُكَ. فِي الْهَاوِيَةِ مَنْ يَحْمَدُكَ؟». داود يذكر أن كل شيء ينتهي بالموت، ولا أمل اذا وصل الإنسان للهاوية، ولكن كلام المسيح في مزمور16 يختلف تمامًا؛ فهو واثق من عدم ترك الله له، ومن أنه لن يرى فسادًا.
«تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ» (ع11)
هنا نجد الأمور الإيجابية التي يصنعها الله تجاه المسيح. أولاً يُعرِّفه سبيل الحياة، وهذا عندما يقيمه من بين الأموات، وبعد الموت والقبر والهاوية يأتي سبيل الحياة. ولا عجب فذاك الذي كان شعاره «حياة في رضاه»، لا بد أن يعرِّفه الله سبيل الحياة.
ثم «أمامك شبع سرور»، فلقد أجلسه الله عن يمينه فوق كل رياسة وسلطان وكل اسم يسمى. إن المسيح عندما كان على الأرض كان فرحًا في قلبه، مبتهجًا في روحه (ع9)؛ ولكن بعد القيامة لم يجِد أمام الله سرورًا فقط، بل شبع سرور.
ومن الممكن أن نفهم هذه الآية بالارتباط بالماضي والحاضر والمستقبل.
في الماضي عرَّف الله المسيح سبيل للحياة؛ إذ أقامه الله من بين الأموات. وفي الحاضر «أمامه شبع سرور»، فهو مسرور بالله وبما فعله معه. وفي المستقبل سيتمِّم الله كل مواعيده من نحو المسيح. وهذا ما تذكِّرنا به كلمة ”اليمين“، حيث قال الله له: «اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك» (مز110: 1)
ثانيًا: المزمور الحادي والأربعون
وفيه نقرأ إشارة واضحة عن قيامة المسيح، وفيه نرى قيامة المسيح بالارتباط بالإنسان.
في هذا المزمور نقرأ عن شر الإنسان ورفضه لمسيح الله، فالاشرار تملأ قلوبهم مثل هذه الأفكار «مَتَى يَمُوتُ وَيَبِيدُ اسْمُهُ؟... أَمْرٌ رَدِيءٌ قَدِ انْسَكَبَ عَلَيْهِ. حَيْثُ اضْطَجَعَ لاَ يَعُودُ يَقُومُ» (ع5، 8). بل الأكثر من ذلك «أََيْضًا رَجُلُ سَلاَمَتِي، الَّذِي وَثِقْتُ بِهِ، آكِلُ خُبْزِي، رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ!» (ع9). هذا هو الإنسان في شره، يتمنى لمسيح الله أن يموت ويبيد اسمه، وينتهي أمره. وأخيرًا في تبجُّحٍ، وهذه إشارة نبوية عن الإسخريوطي، يرفع الإنسان على المسيح عقبه لكي يميته. وماذا كان رد المسيح تجاه كل هذا؟! هو المسكين في هذا المزمور (ع1)، والمسكين ليس لديه سوى الصلاة «أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَارْحَمْنِي وَأَقِمْنِي، فَأُجَازِيَهُمْ» (ع10).
إنه يطلب القيامة، ولماذا يُقام؟! لكي يجازيهم. في أعمال17: 31 نقرأ بوضوح عن ارتباط القيامة بالدينونة «لأَنَّهُ (أي الله) أَقَامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ، بِرَجُل قَدْ عَيَّنَهُ، مُقَدِّمًا لِلْجَمِيعِ إِيمَانًا إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ». فالمسيح أُقيم من بين الأموات، وهو المعيَّن من الله ليدين العالم، وقد تعيَّن وتجهَّز لهذا العمل، أي دينونته لكل العالم، بإقامته من بين الأموات.
يُختم مزمور41 بعبارة إلى الأبد «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. آمِينَ فَآمِينَ» كما أننا في مزمور16 نقرأ في نهايته عن النعم التي في يمين الله إلى الأبد.
من هنا نفهم أمرين أنه بقيامة المسيح من بين الأموات، سيتمتع هو بكل النعم التي في يمين الله، وأيضًا بقيامة المسيح من الأموات سيدين المسيح الأشرار، وبذلك يعود المجد والبركه لله إلى الأبد.
ثالثًا: مزامير الخلاص
وهي تربط بين قيامة المسيح وأعمال المسيح المختلفة.
مزمور21
«يَا رَبُّ، بِقُوَّتِكَ يَفْرَحُ الْمَلِكُ، وَبِخَلاَصِكَ كَيْفَ لاَ يَبْتَهِجُ جِدًّا! شَهْوَةَ قَلْبِهِ أَعْطَيْتَهُ، وَمُلْتَمَسَ شَفَتَيْهِ لَمْ تَمْنَعْهُ. سِلاَهْ. لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُهُ بِبَرَكَاتِ خَيْرٍ. وَضَعْتَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجًا مِنْ إِبْرِيزٍ. حَيَاةً سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ. طُولَ الأَيَّامِ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ» (مز21: 1–4).
المسيح في هذا المزمور هو الملك. هذا الملك كان له طلب، نفّذه له الله، ونتيجة ذلك فرح وابتهج بهذا. هذا الطلب يوصَف بأنه شهوة قلبه، وملتمس شفتيه أيضًا. لقد كان لدى المسيح رغبة داخلية «شهوة قلبه»، وأيضًا «ملتمس شفتيه»، إذ رفع صلوات خارجية تُعبِّر عن هذه الرغبة الداخلية؛ كما نرى في بستان جثسيماني وهو يصارع مصلّيًا. وما هو هذا الطلب؟! إنه القيامة من بين الأموات، وما أجمل استجابة السماء له: «حَيَاةً سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ. طُولَ الأَيَّامِ إِلَى الدَّهْرِ»!
لقد تمَّم الله طِلبته بأن أعطاه حياة، وله أيام إلى الدهر والأبد. وهنا جاءت قيامة المسيح بالارتباط بشيء سيقوم به شخصيًا، ألا وهو عمله كالملك؛ وهذا أمر رائع!
مزمور22
«أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ، فَلاَ تَبْعُدْ. يَا قُوَّتِي، أَسْرِعْ إِلَى نُصْرَتِي. أَنْقِذْ مِنَ السَّيْفِ نَفْسِي، مِنْ يَدِ الْكَلْبِ وَحِيدَتِي. خَلِّصْنِي مِنْ فَمِ الأَسَدِ، وَمِنْ قُرُونِ بَقَرِ الْوَحْشِ اسْتَجِبْ لِي» (مز22: 19-21).
هنا نجد صلاة المسيح لله، بأن لا يبتعد عنه، وأن يُسرع لنصرته، فهو يحتاج لإنقاذ من السيف ومن يد الكلب، بل من فم الأسد، ومن قرون بقر الوحش؛ وهذه كلها صور وتعبيرات مختلفة عن الموت.
طبعًا هناك نتائج كثيرة مرتبطة بوظائف المسيح المختلفة تأتي كنتيجة للقيامة في هذا المزمور؛ ولكن أروع شيء هو أنه قائد التسبيح وسط كنيسة الله، إذ يقول: «أُخْبِرْ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي. فِي وَسَطِ الْجَمَاعَةِ أُسَبِّحُكَ» (ع22).
ولماذا التسبيح؟؟ «لأنه (أي الله) لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين، ولم يحجب وجهه عنه؛ بل عند صراخه إليه استمع» (ع24).
شيء عجيب أن تتكرر كلمة «إلى الأبد» مرة أخرى في هذا المزمور أيضًا « يَأْكُلُ الْوُدَعَاءُ وَيَشْبَعُونَ. يُسَبِّحُ الرَّبَّ طَالِبُوهُ. تَحْيَا قُلُوبُكُمْ إِلَى الأَبَدِ».
المسيح له حياة إلى الأبد، وهكذا كل من يتبعه، لقد صار هذا المقام من الأموات مصدر الحياة، إلى الأبد، لكثيرين!
مزمور 40
«أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَلاَ تَمْنَعْ رَأْفَتَكَ عَنِّي. تَنْصُرُنِي رَحْمَتُكَ وَحَقُّكَ دَائِمًا. لأَنَّ شُرُورًا لاَ تُحْصَى قَدِ اكْتَنَفَتْنِي. حَاقَتْ بِي آثامِي، وَلاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أُبْصِرَ. كَثُرَتْ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِ رَأْسِي، وَقَلْبِي قَدْ تَرَكَنِي. اِرْتَضِ يَا رَبُّ بِأَنْ تُنَجِّيَنِي. يَا رَبُّ، إِلَى مَعُونَتِي أَسْرِعْ» (مز40: 11 – 13)
هنا يطلب المسيح من الله أن لا يمنع رأفته عنه، بل أن تنصره رحمته وحقّه دائمًا، فقد حاقت الآثام به، وطبعًا هذه الآثام هي آثامنا نحن. ولذلك طلب أن يرتضى الله بتنجيته، وأن يسرع لمعونته. هذا يتمثل في إقامته من بين الأموات.
في هذا المزمور نرى المسيح كالمتمِّم لمشورات الله، وهو الذي جاء بدرج الكتاب مكتوب عنه أن يفعل مشيئة الله، كما أنه هو مُعلن البر، بِرَّ الله لكنيسته «بشرت ببرٍّ في جماعة عظيمة» (ع9). وهذا المزمور هو مزمور المحرقة، والمحرقة كات تُوقد دائمًا، ولا عجب أن نقرأ كلمة ”دائمًا“ مرتين.
أولاً يقول المسيح لله «تنصرني رحمتك وحقك دائمًا» (ع11)، ثم نقرأ نتيجة الصلاة «ليبتهج ويفرح بك جميع طالبيك. ليقُل أبدًا (أي دائمًا) محبو خلاصك: يتعظم الرب» (ع16)
المحرقة استحضرت السرور لله، والرضا للإنسان؛ فالمسيح يترجى نصرة الله دائمًا، وفي هذا سرور لله. ثم يقول محبو خلاصك ليتعظم الرب دائمًا، وهنا نرى سرور الإنسان بما حصّله المسيح.
مزمور 69
«خَلِّصْنِي يَا اَللهُ، لأَنَّ الْمِيَاهَ قَدْ دَخَلَتْ إِلَى نَفْسِي. غَرِقْتُ فِي حَمْأَةٍ عَمِيقَةٍ، وَلَيْسَ مَقَرٌّ. دَخَلْتُ إِلَى أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ، وَالسَّيْلُ غَمَرَنِي. تَعِبْتُ مِنْ صُرَاخِي. يَبِسَ حَلْقِي. كَلَّتْ عَيْنَايَ مِنِ انْتِظَارِ إِلهِي... أَمَّا أَنَا فَلَكَ صَلاَتِي يَا رَبُّ فِي وَقْتِ رِضًى. يَا اَللهُ، بِكَثْرَةِ رَحْمَتِكَ اسْتَجِبْ لِي، بِحَقِّ خَلاَصِكَ. نَجِّنِي مِنَ الطِّينِ فَلاَ أَغْرَقَ. نَجِّنِي مِنْ مُبْغِضِيَّ وَمِنْ أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ. لاَ يَغْمُرَنِّي سَيْلُ الْمِيَاهِ، وَلاَ يَبْتَلِعَنِّي الْعُمْقُ، وَلاَ تُطْبِقِ الْهَاوِيَةُ عَلَيَّ فَاهَا. اسْتَجِبْ لِي يَا رَبُّ لأَنَّ رَحْمَتَكَ صَالِحَةٌ. كَكَثْرَةِ مَرَاحِمِكَ الْتَفِتْ إِلَيَّ. وَلاَ تَحْجُبْ وَجْهَكَ عَنْ عَبْدِكَ، لأَنَّ لِي ضِيْقًا. اسْتَجِبْ لِي سَرِيعًا. اقْتَرِبْ إِلَى نَفْسِي. فُكَّهَا. بِسَبَبِ أَعْدَائِي افْدِنِي» (مز69: 1-3، 13-18)
والصلاة في هذا المزمور من أوضح الصلوات التي تتحدث عن القيامة. فيبدأ المسيح بتوسلاته وصرخاته، ثم يعود - بعد أن يستعرض العار الذي سقط عليه نتيجة رفض إسرائيل له - للصلاة مرة أخرى في ع13. وفي صلاته هنا يذكر الموت بصورة واضحة حيث يقول: «لا تطبق الهاوية علي فاها».
ونحن نقرأ هنا عن تحمُّل المسيح للعار واللعنة. كان هناك عار خارجي، وهذا يتمثل في رفض البشر له (ع5–12)، ثم هناك عار داخلي بالارتباط بحملِه للخطية، وهو ما يقول عنه: «أنت عرفت عاري وخزيي وخجلي... العار قد كسر قلبي فمرضت» (ع19، 20). ثم نقرأ عن قيامة المسيح بالارتباط بحُكمِه كابن الإنسان، إذ سيسيطر على كل الأرض «تسبِّحه السماوات والأرض والبحار وكل ما يدب فيها» (ع34). إنه هو ابن الإنسان الذي سيملك على كل شيء، وسيُخضع له كل شيء.
مزمور 102
«يَا رَبُّ، اسْتَمِعْ صَلاَتِي، وَلْيَدْخُلْ إِلَيْكَ صُرَاخِي. لاَ تَحْجُبْ وَجْهَكَ عَنِّي فِي يَوْمِ ضِيقِي. أَمِلْ إِلَيَّ أُذُنَكَ فِي يَوْمِ أَدْعُوكَ. اسْتَجِبْ لِي سَرِيعًا... ضَعَّفَ فِي الطَّرِيقِ قُوَّتِي، قَصَّرَ أَيَّامِي. أَقُولُ: يَا إِلهِي، لاَ تَقْبِضْنِي فِي نِصْفِ أَيَّامِي. إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ سِنُوكَ» (مز 102: 1–2، 23، 24).
المسيح يطلب هنا القيامة من بين الأموات، وهو يتحدث عن نفسه في هذا المزمور كإنسان، ولذا يصف حياته على الأرض كإنسان بأنها أيام (ع3، 11، 23، 24). إن حياة الإنسان تُقاس بالأيام مثلما سأل فرعون يعقوب: «كَمْ هِيَ أَيَّامُ سِنِي حَيَاتِكَ؟» (تك47: 8). كما يذكر المسيح أيضًا أن أيامه قد فنيت، وهي كظل مائل، وأنها صارت قصيرة بمجيء الموت مبكِّرًا.
ولكن ماذا كانت إجابة السماء لصلاته المسجَّلة في أول المزمور، وفي ع24 «يَا إِلهِي، لاَ تَقْبِضْنِي فِي نِصْفِ أَيَّامِي»؟ كانت الإجابة: «إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ سِنُوكَ. مِنْ قِدَمٍ أَسَّسْتَ الأَرْضَ، وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَأَنْتَ تَبْقَى، وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى، كَرِدَاءٍ تُغَيِّرُهُنَّ فَتَتَغَيَّرُ» (عدد24-26).
الإجابة أنه هو الله، ولأنه الله، فإلى دهر الدهور سنوك، وليس أيامك. كل شيء يتغير ويذهب وهو يبقى، بل إن سنيه هذه لا تنتهي.
هذا المزمور لا يتحدث عن وظائف المسيح، ولكنه يصف من هو في ذاته، فهو الله، الثابت الذي لا يتغيَّر، ولذلك هو الضامن لشعبه ولحقوقهم، لقد قال الرب يومًا لشعبه: «لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنُوا» (ملا3: 6). وهنا لأن المسيح هو الله، الذي حتى لو وصل إليه الموت كإنسان، فإن «أَبْنَاءُ عَبِيدِكَ يَسْكُنُونَ، وَذُرِّيَّتُهُمْ تُثَبَّتُ أَمَامَكَ» (ع28). هو الذي سيردّ شعبه، لأنه هو الله الثابت الذي لا يتغيَّر.


إسحق شحاته
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 05 - 2013, 03:55 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
john w Male
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية john w

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 45
الـــــدولـــــــــــة : فى قلب يسوع
المشاركـــــــات : 1,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

john w غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013

القيامة كما جاءت في نبوات العهد القديم

.......................................


أولاً: نبوات عن قيامة الرب يسوع



(1) «والسيد الرب يعينني. لذلك لا أخجل. لذلك جعلت وجهي كالصوان وعرفت أني لا أخزى . قريب هو الذي يبررني. من يخاصمني؟ لنتواقف! من هو صاحب دعوى معي؟ ليتقدم إلي! هوذا السيد الرب يعينني. من هو الذي يحكم علي؟...» (إش 50: 7-9).
لقد أعان الله المسيح في الآلام التي قاساها من يد البشر، التي فيها احتمل كل أنواع الآلام، من بصق وتعيير ولطم وعري وثقب اليدين والرجلين، لذلك يقول بروح النبوة: «والسيد الرب يعينني». أما الآلام الكفارية في ساعات الظلمة الأخيرة، التي فيها كان المسيح ممثِّلنا أمام عدالة الله فلم يُعِنه فيها، بل احتملها بالكامل، ولذلك نطق بهذه العبارة: «إلهي إلهي لماذا تركتني؟».
وبعد أن احتمل المسيح الآلام الكفارية وأكمل العمل ومجد الله تمامًا، كان لا بد أن يقيمه الله من الأموات، ويجلسه عن يمينه في السماويات، لذلك يقول: «قريب هو الذي يبررني».
وفي إقامة المسيح من الأموات، نجد أيضًا البرهان علي تبرير المؤمنين به، لأنه حمل خطاياهم، ووفّى مطالب العدل بالنيابة عنهم؛ لذلك هم متبررون فيه، لأنه جُعل خطية لأجلهم (2كو5: 21). ولكي يبرهن الله لنا أنه بررنا وقبلنا في المسيح قبولاً كاملاً وأبديًا، أقامنا وأجلسنا في المسيح في السماويات.
وفي تبرير المذنبين يستعمل الرسول بولس نفس العبارات التي نطق بها المسيح في هذا النص عن تبريره، أي «من يخاصمني؟ من هو صاحب دعوى معي؟ من هو الذي يحكم علي؟». لذلك يقول بولس للمؤمنين: «فماذا نقول لهذا؟ إن كان الله معنا، فمن علينا؟.. من سيشتكي علي مختاري الله؟ الله هو الذي يبرِّر، من هو الذي يدين؟...» (رو 8: 31).
(2) «أما الرب فَسُرَّ بأن يسحقه بالحزن، إن جعل نفسه ذبيحة إثم . يرى نسلاً. تطول أيامه، ومسرّة الرب بيده تنجح» (إش 53: 10)
لقد جعل الله المسيح ذبيحة إثم، كما أنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه (2كو 5: 21)، وهو الذي وضع الرب عليه إثم جميعنا. وفى هذا النص عبارتان يجب التمييز بينهما وهما:
أ- «يرى نسلاً»: النسل هنا هم المؤمنون الذين أتى بهم المسيح، على أساس كفارته وقيامته، مثلما ذكر الرب مشبِّهًا نفسه بحبة الحنطة التي وقعت في الأرض وماتت، فأتت بالثمر الكثير (يو12: 24).
2- «تطول أيامه»: المقصود هنا هو إطالة أيام المسيح، كما جاء عنه في المزمور: «حياة سألك فأعطيته، طول الأيام إلى الدهر والأبد» (مز21: 4)، وهنا نجد حياة المسيح بعد القيامة. لقد مات مرة واحدة، وأُقيم من الأموات بقوة حياة لا تزول (عب7: 16). والرسول يفسِّر لنا ما نطق به المسيح في مزمور 102 عندما قال بروح النبوة: «ضعَّف في الطريق قوتي، قصَّر أيامي. أقول يا إلهي لا تقبضني في نصف أيامي». فيجيبه الآب بالقول: «إلي دهر الدهور سنوك. من قِدَمٍ أسَّست الأرض، والسماوات هي عمل يديك. هي تبيد وأنت تبقى. وكلها كثوب تبلى، كرداء تغيّرهن فتتغير. وأنت هو وسنوك لن تنتهي» (مز 102: 23-27؛ عب 1: 10-13). وهو الذي قال ليوحنا: «وكنت ميتًا وها أنا حي إلي أبد الآبدين» (رؤ1: 18).
ثانيًا: الرموز عن قيامة المسيح
«لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال» (مت 12: 40).
إن آية يونان النبي تتضمن الموت والدفن والقيامة، ثم بعد ذلك الذهاب إلى الأمم.
1- الموت:
مع أن يونان كان شاهدًا غير أمين، لكنه رمز وهو في البحر لابن الإنسان، الشاهد الأمين؛ فقد نطق وهو في البحر (يون2) بعبارات تعبِّر عن المسيح في آلامه فوق الصليب نذكر منها:
 «لأنك طرحتني في العمق في قلب البحار، فأحاطني نهر. جازت فوقي جميع تياراتك ولججك» (ع 3).
 «قد اكتنفتني مياه إلى النفس. أحاط بي غمر» (ع5): وهذه أيضًا لغة المسيح عندما صرخ قائلاً: «غرقت في حمأة عميقة وليس مقر. دخلت إلى أعماق المياه والسيل غمرني» (مز 69: 2).
 «أصعدت من الوهدة حياتي» (ع6). وهذه أيضًا لغة الرب يسوع، كقوله في المزمور: «لأنك لن تترك نفسي في الهاوية. لن تدع تقيك يرى فسادًا» (مز16: 10؛ انظر أيضًأ أع 2: 27).
2- الدفن:
وهو جزء من الإنجيل الذي يكرز به بولس حيث يقول: «أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب. وأنه دفن. وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب» (1كو 15: 3، 4). ويذكر إشعياء دفن المسيح قائلاً: «جُعل مع الأشرار قبره، ومع غني عند موته» (إش53: 9). ويُعتبَر يونان وهو في بطن الحوت مدفونًا، كما ذكر المسيح: «كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال».
3- القيامة:
في اليوم الثالث أمر الرب الحوت فقذف يونان إلي البر، هكذا المسيح قام في اليوم الثالث، وقد ذكر المسيح مرارًا أنه سيقوم في اليوم الثالث (مت 16: 21؛ مر 8: 31).
4- ذهاب المسيح إلي الجليل بعد قيامته:
لقد ذهب يونان إلي نينوى بعد أن أمر الرب الحوت أن يقذفه إلي البر، وهكذا المسيح بعد قيامته، ذهب إلى الجليل، الملقَّب «جليل الأمم» (مت4: 15)، وهو في هذا صورة لتوجّهه بالخلاص للأمم، بل ولكل الأرض (إش49: 6). وهكذا اتجهت الرحمة الإلهية إلي الأمم، نتيجة لموت المسيح وقيامته.
صعوبة فهم الثلاثة أيام والثلاث ليال
لقد نشأت الصعوبة من اعتبار أن الثلاثة أيام والثلاث ليال مدتها 72 ساعة؛ لكن بحسب المفهوم اليهودي يُحسب الجزء من اليوم يومًا كاملاً، أو يومًا وليلة، لذلك يمكن حساب الأيام الثلاثة هكذا:
1- عصر الجمعة يحسب يومًا كاملاً، أو يومًا وليلة
2- السبت يحسب يومًا كاملاً، أو يومًا وليلة
3- فجر الأحد يحسب يومًا كاملاً، أو يومًا وليلة.
وطريقة الحساب هذه مألوفة عند اليهود.
تذييل: القيامة القومية
(1) «يُبلَع الموت إلى الأبد، ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه، وينزع عار شعبه عن كل الأرض لأن الرب قد تكلم» (إش 25: 8)
«يُبلع الموت إلي الأبد» أي يُبطل، وهذا ما سيتم جزئيًا في الألف السنة، ونهائيًا في الحالة الأبدية في الأرض الجديدة. ويقتبس الرسول بولس هذه العبارة ليطبِّقها عند مجيء المسيح للاختطاف فيقول: «متى لبس هذا الفاسد عدم فساد، ولبس هذا المائت عدم موت؛ فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة: اُبتُلع الموت إلى غلبة» (1كو 15: 54). وسترد تفصيلات أكثر عن هذا عندما نذكر هوشع 13: 14
«ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه». يتكلم النبي هنا عن الحياة في الملك الألفي للشعب الأرضي، وليس عن الاختطاف؛ لأن الاختطاف سِرّ لم يُعلَن في العهد القديم. سوف لا يكون موت في الملك الألفي إلا للشرير (إش 65: 20). بعد ذلك يأخذ مؤمنو الملك الألفي أجسادًا غير قابلة للموت أو الفساد ليحيوا بها في الأرض الجديدة التي يسكن فيها البر.
(2) «تحيا أمواتك تقوم الجثث. استيقظوا ترنموا يا سكان التراب. لأن طلك طل أعشاب والأرض تسقط الأخيلة» (إش 26: 19)
يصف إشعياء حالة اليهود الذين ليسوا في أرضهم بأنهم أموات وجثث، لكن هناك إحياء لهذه الأمة في الملك الألفي، وهذه الحياة توصف بأنها «حياة إلي الأبد» (مز133: 3)، وذلك بالمقابلة مع الأعداء الأشرار الذين قال عنهم إنهم أموات لا يحيون.
«تقوم الجثث». يتكلم النبي هنا عن القيامة القومية للأمة كما سنرى في حزقيال37 ودانيآل12.
«والأرض تسقط الأخيلة»؛ أى تلفظ الأموات حيث يحيا المؤمنون حياة إلي الأبد.
(3) «كانت علي يد الرب فأخرجني بروح الرب وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظامًا... فقال لي: تنبأ علي هذه العظام، وقُل لها: أيتها العظام اليابسة اسمعي كلمة الرب... هأنذا أدخل فيكم روحًا فتحيون... فتنبأت... فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا علي أقدامهم جيش عظيم جدًا جدًا... هأنذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي وآتى بكم إلى أرض إسرائيل» (حز 37: 1-12).
القبور المذكورة هنا ليس المقصود بها القبور الحرفية، لكن لها معنى رمزي؛ حيث تشير إلى الأمة باعتبارها مدفونة وسط الأمم، والقيامة هنا ليست حرفية إذ كيف نفسِّر كلامهم وهم أموات، عندما قالوا: «يبست عظامنا وهلك رجاؤنا»؟ لكن المقصود هنا المعنى الأدبي مثل القول عن الابن الضال: «ابني هذا كان ميتًا فعاش» (لو15: 24).
وهذه القيامة سوف تحدث على مرحلتين:
المرحلة الأولى:
العظام اليابسة أتت بجانب بعضها، وتغطّت بالعصب واللحم والجلد، ولكن بدون أي أثر للحياة. وهذا يشير إلى رجوعهم في عدم الايمان وبدون حياة ولا ثمر، مثلما قال عنهم الرب مشبِّهًا إياهم بشجرة التين التي تخرج أوراقها أولاً لكن بدون ثمر (مت 24: 32).
المرحلة الثانية:
بعد ذلك سيعمل الرب فيهم بروحه ليأخذوا حياة، وذلك ليس بمجهودهم أو بعملهم، كما يظنون، أو باتكالهم على القوى الأخرى؛ لكن بعمل الرب فيهم عن طريق روحه الذي يحييهم.
(4) «كثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلي العار للازدراء الأبدي» (دا12: 2).
يصف دانيآل اليهود المشتتين بين الأمم بالراقدين في تراب الأرض، ثم بعد ذلك يستيقظون؛ وهو في ذلك يشير إلي قيامتهم القومية، ولا يتحدّث عن القيامة الحرفية لأجساد المؤمنين الراقدين والتي ستحدث عند الاختطاف، والأدلة علي ذلك هي:
أ- هناك فريق يستيقظ للحياة الأبدية والآخر للازدراء الأبدي، وذلك في وقت واحد، بينما القيامة الحرفية لا تحدث في آن واحد؛ فهناك قيامة للأبرار قبل الألف السنة، وقيامة للأشرار بعد الألف السنة حيث يدانوا أمام العرش العظيم الأبيض.
ب- يستخدم الروح القدس كلمة «يستيقظون» للتعبير عن نهضتهم ورجوعهم ، فهو يقصد المعنى الأدبي مثلما قال بولس: «استيقظ أيها النائم وقُم من الأموات فيضيء لك المسيح» (أف 5: 14).
ج- جميعهم يوصفون هنا بكلمة ”الراقدين“، بينما في القيامة الحرفية لا تستخدم كلمة ”الراقدين“ إلا على المؤمنين فقط (1تس4: 13، 14، 15؛ 1كو15: 51).
(5) «يحيينا بعد يومين . في اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه» (هو 6: 2)
اليومان هنا هما فترة الوقت الحاضر الذي فيهم نُحيَ الشعب جانبًا بسبب رفضه للمسيح، وتشتته، وتكوين الكنيسة. وبعد يومين من شتاتهم يحييهم، والمقصود بالإحياء هنا الإحياء القومي، كما يذكر الرسول بولس في رسالته إلي روميه «لأنه إن كان رفضهم هو مصالحة العالم، فماذا يكون اقتبالهم إلا حياة من الأموات؟» (رو 11: 15).
«في اليوم الثالث يقيمنا». وهذه، كما سبق وذكرنا، قيامة قومية، واليوم الثالث يذكّرنا باليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات بعد أن اجتاز تيارات ولجج الغضب الإلهي، وكما حدث مع المسيح كذلك سيحدث مع هذه البقية، التي ستجتاز في ضيقة عظيمة تسمّى ضيقة يعقوب، بكل أهوالها، وسيخرجون كما خرج المسيح بالقيامة في اليوم الثالث.
إذًا فستكون هناك قيامة قومية لإسرائيل في المستقبل، وكأمّة ستقوم وتحيا أمام الرب، أو أمام وجهه، كما ترد في ترجمة داربي. ويدخلون الأرض بأجسامهم الطبيعية، وهم مولودون من الله، يأكلون ويشربون كما تذكر نبوات العهد القديم.
(6) «من يد الهاوية أفديهم، من الموت أخلصهم. أين أوباؤك يا موت؟ أين شوكتك يا هاوية؟» (هو 13: 14).
يتكلم النبي هنا عن النعمة والخلاص اللذين سيكونان من نصيب الشعب مستقبلاً. فالهاوية هي المكان الذي يسيطر على الأرواح، أما الموت فهو الذي يسيطر علي الأجساد، وهما قوتان مرعبتان على الأرض، لكن شكرًا للرب لأن المسيح له مفاتيح كل منهما (انظر رؤ 1: 18). أي أن هاتين القوتين خاضعتان له، وقد هُزمتا بواسطته. له كل المجد.
رشاد فكري


”حقًا أن قيامة المسيح من الأموات تتعارض مع ما ألفه البشر من أحداث، لكنها لا تتعارض مع العقل، بل تسمو فوق إدراكه، وهناك فارق عظيم بين الأمور الأولى والأمور الثانية؛ فالأولى لا تتفق مع العقل إطلاقًا، أما الثانية فتتفق معه في أسبابها، لكن لسموها يعجز عن الإحاطة بها، ومن ثم فإنه لا يعترض عليها، بل يرضخ أمامها. وقيامة المسيح من الأموات هي من هذه الأمور، كما يتضح لنا من شهادات الوحي والتاريخ في آن واحد“.




عوض سمعان
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 05 - 2013, 03:55 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
john w Male
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية john w

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 45
الـــــدولـــــــــــة : فى قلب يسوع
المشاركـــــــات : 1,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

john w غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013

القيامة كما جاءت في نبوات العهد القديم

.......................................


أولاً: نبوات عن قيامة الرب يسوع



(1) «والسيد الرب يعينني. لذلك لا أخجل. لذلك جعلت وجهي كالصوان وعرفت أني لا أخزى . قريب هو الذي يبررني. من يخاصمني؟ لنتواقف! من هو صاحب دعوى معي؟ ليتقدم إلي! هوذا السيد الرب يعينني. من هو الذي يحكم علي؟...» (إش 50: 7-9).
لقد أعان الله المسيح في الآلام التي قاساها من يد البشر، التي فيها احتمل كل أنواع الآلام، من بصق وتعيير ولطم وعري وثقب اليدين والرجلين، لذلك يقول بروح النبوة: «والسيد الرب يعينني». أما الآلام الكفارية في ساعات الظلمة الأخيرة، التي فيها كان المسيح ممثِّلنا أمام عدالة الله فلم يُعِنه فيها، بل احتملها بالكامل، ولذلك نطق بهذه العبارة: «إلهي إلهي لماذا تركتني؟».
وبعد أن احتمل المسيح الآلام الكفارية وأكمل العمل ومجد الله تمامًا، كان لا بد أن يقيمه الله من الأموات، ويجلسه عن يمينه في السماويات، لذلك يقول: «قريب هو الذي يبررني».
وفي إقامة المسيح من الأموات، نجد أيضًا البرهان علي تبرير المؤمنين به، لأنه حمل خطاياهم، ووفّى مطالب العدل بالنيابة عنهم؛ لذلك هم متبررون فيه، لأنه جُعل خطية لأجلهم (2كو5: 21). ولكي يبرهن الله لنا أنه بررنا وقبلنا في المسيح قبولاً كاملاً وأبديًا، أقامنا وأجلسنا في المسيح في السماويات.
وفي تبرير المذنبين يستعمل الرسول بولس نفس العبارات التي نطق بها المسيح في هذا النص عن تبريره، أي «من يخاصمني؟ من هو صاحب دعوى معي؟ من هو الذي يحكم علي؟». لذلك يقول بولس للمؤمنين: «فماذا نقول لهذا؟ إن كان الله معنا، فمن علينا؟.. من سيشتكي علي مختاري الله؟ الله هو الذي يبرِّر، من هو الذي يدين؟...» (رو 8: 31).
(2) «أما الرب فَسُرَّ بأن يسحقه بالحزن، إن جعل نفسه ذبيحة إثم . يرى نسلاً. تطول أيامه، ومسرّة الرب بيده تنجح» (إش 53: 10)
لقد جعل الله المسيح ذبيحة إثم، كما أنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه (2كو 5: 21)، وهو الذي وضع الرب عليه إثم جميعنا. وفى هذا النص عبارتان يجب التمييز بينهما وهما:
أ- «يرى نسلاً»: النسل هنا هم المؤمنون الذين أتى بهم المسيح، على أساس كفارته وقيامته، مثلما ذكر الرب مشبِّهًا نفسه بحبة الحنطة التي وقعت في الأرض وماتت، فأتت بالثمر الكثير (يو12: 24).
2- «تطول أيامه»: المقصود هنا هو إطالة أيام المسيح، كما جاء عنه في المزمور: «حياة سألك فأعطيته، طول الأيام إلى الدهر والأبد» (مز21: 4)، وهنا نجد حياة المسيح بعد القيامة. لقد مات مرة واحدة، وأُقيم من الأموات بقوة حياة لا تزول (عب7: 16). والرسول يفسِّر لنا ما نطق به المسيح في مزمور 102 عندما قال بروح النبوة: «ضعَّف في الطريق قوتي، قصَّر أيامي. أقول يا إلهي لا تقبضني في نصف أيامي». فيجيبه الآب بالقول: «إلي دهر الدهور سنوك. من قِدَمٍ أسَّست الأرض، والسماوات هي عمل يديك. هي تبيد وأنت تبقى. وكلها كثوب تبلى، كرداء تغيّرهن فتتغير. وأنت هو وسنوك لن تنتهي» (مز 102: 23-27؛ عب 1: 10-13). وهو الذي قال ليوحنا: «وكنت ميتًا وها أنا حي إلي أبد الآبدين» (رؤ1: 18).
ثانيًا: الرموز عن قيامة المسيح
«لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال» (مت 12: 40).
إن آية يونان النبي تتضمن الموت والدفن والقيامة، ثم بعد ذلك الذهاب إلى الأمم.
1- الموت:
مع أن يونان كان شاهدًا غير أمين، لكنه رمز وهو في البحر لابن الإنسان، الشاهد الأمين؛ فقد نطق وهو في البحر (يون2) بعبارات تعبِّر عن المسيح في آلامه فوق الصليب نذكر منها:
 «لأنك طرحتني في العمق في قلب البحار، فأحاطني نهر. جازت فوقي جميع تياراتك ولججك» (ع 3).
 «قد اكتنفتني مياه إلى النفس. أحاط بي غمر» (ع5): وهذه أيضًا لغة المسيح عندما صرخ قائلاً: «غرقت في حمأة عميقة وليس مقر. دخلت إلى أعماق المياه والسيل غمرني» (مز 69: 2).
 «أصعدت من الوهدة حياتي» (ع6). وهذه أيضًا لغة الرب يسوع، كقوله في المزمور: «لأنك لن تترك نفسي في الهاوية. لن تدع تقيك يرى فسادًا» (مز16: 10؛ انظر أيضًأ أع 2: 27).
2- الدفن:
وهو جزء من الإنجيل الذي يكرز به بولس حيث يقول: «أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب. وأنه دفن. وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب» (1كو 15: 3، 4). ويذكر إشعياء دفن المسيح قائلاً: «جُعل مع الأشرار قبره، ومع غني عند موته» (إش53: 9). ويُعتبَر يونان وهو في بطن الحوت مدفونًا، كما ذكر المسيح: «كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال».
3- القيامة:
في اليوم الثالث أمر الرب الحوت فقذف يونان إلي البر، هكذا المسيح قام في اليوم الثالث، وقد ذكر المسيح مرارًا أنه سيقوم في اليوم الثالث (مت 16: 21؛ مر 8: 31).
4- ذهاب المسيح إلي الجليل بعد قيامته:
لقد ذهب يونان إلي نينوى بعد أن أمر الرب الحوت أن يقذفه إلي البر، وهكذا المسيح بعد قيامته، ذهب إلى الجليل، الملقَّب «جليل الأمم» (مت4: 15)، وهو في هذا صورة لتوجّهه بالخلاص للأمم، بل ولكل الأرض (إش49: 6). وهكذا اتجهت الرحمة الإلهية إلي الأمم، نتيجة لموت المسيح وقيامته.
صعوبة فهم الثلاثة أيام والثلاث ليال
لقد نشأت الصعوبة من اعتبار أن الثلاثة أيام والثلاث ليال مدتها 72 ساعة؛ لكن بحسب المفهوم اليهودي يُحسب الجزء من اليوم يومًا كاملاً، أو يومًا وليلة، لذلك يمكن حساب الأيام الثلاثة هكذا:
1- عصر الجمعة يحسب يومًا كاملاً، أو يومًا وليلة
2- السبت يحسب يومًا كاملاً، أو يومًا وليلة
3- فجر الأحد يحسب يومًا كاملاً، أو يومًا وليلة.
وطريقة الحساب هذه مألوفة عند اليهود.
تذييل: القيامة القومية
(1) «يُبلَع الموت إلى الأبد، ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه، وينزع عار شعبه عن كل الأرض لأن الرب قد تكلم» (إش 25: 8)
«يُبلع الموت إلي الأبد» أي يُبطل، وهذا ما سيتم جزئيًا في الألف السنة، ونهائيًا في الحالة الأبدية في الأرض الجديدة. ويقتبس الرسول بولس هذه العبارة ليطبِّقها عند مجيء المسيح للاختطاف فيقول: «متى لبس هذا الفاسد عدم فساد، ولبس هذا المائت عدم موت؛ فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة: اُبتُلع الموت إلى غلبة» (1كو 15: 54). وسترد تفصيلات أكثر عن هذا عندما نذكر هوشع 13: 14
«ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه». يتكلم النبي هنا عن الحياة في الملك الألفي للشعب الأرضي، وليس عن الاختطاف؛ لأن الاختطاف سِرّ لم يُعلَن في العهد القديم. سوف لا يكون موت في الملك الألفي إلا للشرير (إش 65: 20). بعد ذلك يأخذ مؤمنو الملك الألفي أجسادًا غير قابلة للموت أو الفساد ليحيوا بها في الأرض الجديدة التي يسكن فيها البر.
(2) «تحيا أمواتك تقوم الجثث. استيقظوا ترنموا يا سكان التراب. لأن طلك طل أعشاب والأرض تسقط الأخيلة» (إش 26: 19)
يصف إشعياء حالة اليهود الذين ليسوا في أرضهم بأنهم أموات وجثث، لكن هناك إحياء لهذه الأمة في الملك الألفي، وهذه الحياة توصف بأنها «حياة إلي الأبد» (مز133: 3)، وذلك بالمقابلة مع الأعداء الأشرار الذين قال عنهم إنهم أموات لا يحيون.
«تقوم الجثث». يتكلم النبي هنا عن القيامة القومية للأمة كما سنرى في حزقيال37 ودانيآل12.
«والأرض تسقط الأخيلة»؛ أى تلفظ الأموات حيث يحيا المؤمنون حياة إلي الأبد.
(3) «كانت علي يد الرب فأخرجني بروح الرب وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظامًا... فقال لي: تنبأ علي هذه العظام، وقُل لها: أيتها العظام اليابسة اسمعي كلمة الرب... هأنذا أدخل فيكم روحًا فتحيون... فتنبأت... فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا علي أقدامهم جيش عظيم جدًا جدًا... هأنذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي وآتى بكم إلى أرض إسرائيل» (حز 37: 1-12).
القبور المذكورة هنا ليس المقصود بها القبور الحرفية، لكن لها معنى رمزي؛ حيث تشير إلى الأمة باعتبارها مدفونة وسط الأمم، والقيامة هنا ليست حرفية إذ كيف نفسِّر كلامهم وهم أموات، عندما قالوا: «يبست عظامنا وهلك رجاؤنا»؟ لكن المقصود هنا المعنى الأدبي مثل القول عن الابن الضال: «ابني هذا كان ميتًا فعاش» (لو15: 24).
وهذه القيامة سوف تحدث على مرحلتين:
المرحلة الأولى:
العظام اليابسة أتت بجانب بعضها، وتغطّت بالعصب واللحم والجلد، ولكن بدون أي أثر للحياة. وهذا يشير إلى رجوعهم في عدم الايمان وبدون حياة ولا ثمر، مثلما قال عنهم الرب مشبِّهًا إياهم بشجرة التين التي تخرج أوراقها أولاً لكن بدون ثمر (مت 24: 32).
المرحلة الثانية:
بعد ذلك سيعمل الرب فيهم بروحه ليأخذوا حياة، وذلك ليس بمجهودهم أو بعملهم، كما يظنون، أو باتكالهم على القوى الأخرى؛ لكن بعمل الرب فيهم عن طريق روحه الذي يحييهم.
(4) «كثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلي العار للازدراء الأبدي» (دا12: 2).
يصف دانيآل اليهود المشتتين بين الأمم بالراقدين في تراب الأرض، ثم بعد ذلك يستيقظون؛ وهو في ذلك يشير إلي قيامتهم القومية، ولا يتحدّث عن القيامة الحرفية لأجساد المؤمنين الراقدين والتي ستحدث عند الاختطاف، والأدلة علي ذلك هي:
أ- هناك فريق يستيقظ للحياة الأبدية والآخر للازدراء الأبدي، وذلك في وقت واحد، بينما القيامة الحرفية لا تحدث في آن واحد؛ فهناك قيامة للأبرار قبل الألف السنة، وقيامة للأشرار بعد الألف السنة حيث يدانوا أمام العرش العظيم الأبيض.
ب- يستخدم الروح القدس كلمة «يستيقظون» للتعبير عن نهضتهم ورجوعهم ، فهو يقصد المعنى الأدبي مثلما قال بولس: «استيقظ أيها النائم وقُم من الأموات فيضيء لك المسيح» (أف 5: 14).
ج- جميعهم يوصفون هنا بكلمة ”الراقدين“، بينما في القيامة الحرفية لا تستخدم كلمة ”الراقدين“ إلا على المؤمنين فقط (1تس4: 13، 14، 15؛ 1كو15: 51).
(5) «يحيينا بعد يومين . في اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه» (هو 6: 2)
اليومان هنا هما فترة الوقت الحاضر الذي فيهم نُحيَ الشعب جانبًا بسبب رفضه للمسيح، وتشتته، وتكوين الكنيسة. وبعد يومين من شتاتهم يحييهم، والمقصود بالإحياء هنا الإحياء القومي، كما يذكر الرسول بولس في رسالته إلي روميه «لأنه إن كان رفضهم هو مصالحة العالم، فماذا يكون اقتبالهم إلا حياة من الأموات؟» (رو 11: 15).
«في اليوم الثالث يقيمنا». وهذه، كما سبق وذكرنا، قيامة قومية، واليوم الثالث يذكّرنا باليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات بعد أن اجتاز تيارات ولجج الغضب الإلهي، وكما حدث مع المسيح كذلك سيحدث مع هذه البقية، التي ستجتاز في ضيقة عظيمة تسمّى ضيقة يعقوب، بكل أهوالها، وسيخرجون كما خرج المسيح بالقيامة في اليوم الثالث.
إذًا فستكون هناك قيامة قومية لإسرائيل في المستقبل، وكأمّة ستقوم وتحيا أمام الرب، أو أمام وجهه، كما ترد في ترجمة داربي. ويدخلون الأرض بأجسامهم الطبيعية، وهم مولودون من الله، يأكلون ويشربون كما تذكر نبوات العهد القديم.
(6) «من يد الهاوية أفديهم، من الموت أخلصهم. أين أوباؤك يا موت؟ أين شوكتك يا هاوية؟» (هو 13: 14).
يتكلم النبي هنا عن النعمة والخلاص اللذين سيكونان من نصيب الشعب مستقبلاً. فالهاوية هي المكان الذي يسيطر على الأرواح، أما الموت فهو الذي يسيطر علي الأجساد، وهما قوتان مرعبتان على الأرض، لكن شكرًا للرب لأن المسيح له مفاتيح كل منهما (انظر رؤ 1: 18). أي أن هاتين القوتين خاضعتان له، وقد هُزمتا بواسطته. له كل المجد.
رشاد فكري


”حقًا أن قيامة المسيح من الأموات تتعارض مع ما ألفه البشر من أحداث، لكنها لا تتعارض مع العقل، بل تسمو فوق إدراكه، وهناك فارق عظيم بين الأمور الأولى والأمور الثانية؛ فالأولى لا تتفق مع العقل إطلاقًا، أما الثانية فتتفق معه في أسبابها، لكن لسموها يعجز عن الإحاطة بها، ومن ثم فإنه لا يعترض عليها، بل يرضخ أمامها. وقيامة المسيح من الأموات هي من هذه الأمور، كما يتضح لنا من شهادات الوحي والتاريخ في آن واحد“.




عوض سمعان
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 05 - 2013, 04:04 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
john w Male
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية john w

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 45
الـــــدولـــــــــــة : فى قلب يسوع
المشاركـــــــات : 1,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

john w غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013

قيامة المسيح حقيقة وحتمية إن موت المسيح دون القيامة لا يجدي نفعًا. ولقد حمل التلاميذ حقيقة قيامة المسيح للعالم أجمع، وكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها، لكل أمم العالم وشعوبه، وأكدوا على قيامة المسيح لأنهم كانوا شهودًا لها. إن قيامة المسيح كانت برهانًا على سلطانه على الموت؛ لقد وضع نفسه بالموت وأخذها بالقيامة «ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضًا. هذه الوصية قبلتها من أبي» (يو10: 18). ومن ثم قيامته كانت التعبير عن الغلبة، والنصرة التي تمت في الصليب.
قيامة المسيح هي الأساس، وإذا لم تكن قيامته حقيقية لأصبح البناء بدون أساس، ولقد أكَّد الرب يسوع قيامته ببراهين كثيرة، فكان يظهر لتلاميذه ويكلِّمهم حتى يسمعوا صوته ويتأكدوا من شخصه، إن البراهين الكثيرة التي أعطاها لهم، لم تتعلق بحاستي السمع والبصر فقط، وإنما تعدّتهما إلى حاسة اللمس، إذ أمرهم أن يلمسوه حتى يتأكدوا من حقيقة قيامته.
قيامة المسيح أكَّدت:
1- أنه هو الذي صُلب على الصليب
عندما ظهر لتلاميذه بعد قيامته ووقف في الوسط، قال لهم «سلام لكم»، ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه (يو20: 19). قصد المسيح أن يتأكد تلاميذه تمامًا أنه هو الذي صُلب على الصليب، لذا أراهم يديه ليروا فيها آثار المسامير (مز22: 16)، وأراهم جنبه ليروا فيه آثار الحربة التي طعنه بها أحد العسكر (يو19: 34).
2- صِدق نبوات العهد القديم
ولنأخذ مثالاً لذلك من سفر المزامير: تنبأ داود عن قيامة المسيح في (مز16)، المزمور الذي يصف حياة المسيح التي عاشها كإنسان متكلاً على الله، ذاك الذي سلك في طريق طاعة الله حتى وصل إلى الموت، إذ كان واثقًا أن الله لن يترك نفسه في الهاوية، ولن يدع تقيه يرى فسادًا، وأعلن بطرس ذلك في خطابه لليهود في يوم الخمسين. إن هذا المزمور لا يمكن أن يشير إلى داود، لأن داود مات ودفن ولا يزال قبره موجودًا إلى هذا اليوم، وقد رأى جسده فسادًا، فلم يكن داود يتكلم عن نفسه، بل «إذ كان نبيًا، وعلم أن الله حلف له بقسم أنه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه، سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح، أنه لم تُترك نفسه في الهاوية ولا رأى جسده فسادًا. فيسوع هذا أقامه الله، ونحن جميعًا شهود لذلك» (أع2: 30-32).
3- صِدق نبوات المسيح
أ) تنبأ المسيح عن موته ودفنه وقيامته «لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال» (مت12: 40) - هذه الآية العظيمة تشير إلى قيامة المسيح من بين الأموات، لكن بكل أسف لم تنفع هذه الآية تلك الأمة المتمردة، غير المؤمنة – التي صارت أواخرها أشر من أوائلها، ولما قام المسيح من الأموات، فإن رؤساءهم أنفسهم «أعطوا العسكر فضة كثيرة قائلين، قولوا إن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه ونحن نيام. وإذ سمع ذلك الوالي فنحن نستعطفه ونجعلكم مطمئنين» (مت28: 13،12).
والجدير بالذكر أن لليهود عادة أن يقرأوا سفر يونان (الذي فيه الآية عن موت المسيح وقيامته) في يوم الكفارة العظيم، وهم لا يؤمنون بموت المسيح وقيامته، لكن البقية ستفهم فيما بعد. إنهم بكل أسف يقرأون العهد العتيق والبرقع موضوع على قلبهم، ولكن عندما يرجع هذا الشعب إلى الرب مستقبلاً يُرفع البرقع، ويبصرون المسيح ويؤمنون به (2كو3: 14-16).
ب- بعد اعتراف بطرس في قيصرية فيلبس: «من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يُظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويُقتل، وفي اليوم الثالث يقوم» (مت16: 21) – إعلان قيصرية فيلبس يُعتبر نقطة تحول في مجريات الأحداث، وأصبح مسار المسيح يتجه للصليب بعد إعلان رفضه.
ج- مرة أخرى بعد حادثة التجلي «كان يُعلِّم تلاميذه ويقول لهم: إن ابن الإنسان يُسلَّم إلى أيدي الناس فيقتلونه وبعد أن يُقتل يقوم في اليوم الثالث» (مر9: 31). لقد سبب هذا الإعلان حزنًا عظيمًا للتلاميذ، لكن بعد قيامته فتح ذهنهم ليفهموا الكتب (لو24: 45).
د- بينما كان يسير معهم في الجليل: وفيما هم يترددون في الجليل قال لهم يسوع: «ابن الإنسان سوف يُسلَّم إلى أيدي الناس، فيقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم» (مت17: 23،22). كان الرب يقصد هنا تسليمه إلى أيدي الأمم فيقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم، أما في أصحاح (16: 21) فالإشارة إلى أن اليهود هم الذين يقتلونه، ولكن في أصحاح (20: 20،18) نرى اليهود والأمم مشتركين معًا في صلب الرب.
هـ- عندما تحدث عن شخصه باعتباره الراعي الصالح: «ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضًا. هذه الوصية قبلتها من أبي» (يو10: 18)
يتكلم الرب هنا باعتباره ابن الله صاحب السلطان الذي به يضع نفسه وبه يأخذها أيضًا، ولكن هذا السلطان ليس بالاستقلال عن الله الآب بل مرتبط بخضوعه لإرادة أبيه. لقد وضع نفسه بالموت، وفي اليوم الثالث أخذها بالقيامة.
ما أعظمك يا ربي يسوع.. في حياتك أقمت الموتى، وعند موتك أقمت نفسك، وبعد قيامتك كنت تظهر وتختفي، ظهرت لأفراد وجماعات، لقد عاين كثيرون قيامتك. يا لك من شخص عظيم لك سلطان على الموت والحياة! إنك بحق تستحق كل السجود والتعبد إلى أبد الآبدين.


.......
أفرايم فخري
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 05 - 2013, 04:08 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
john w Male
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية john w

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 45
الـــــدولـــــــــــة : فى قلب يسوع
المشاركـــــــات : 1,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

john w غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013

قام كما قال

.............................


هذا القول الجميل «قام كما قال» (مت 28: 6)، على الرغم من قِصره، مشحونٌ بالتعليم النافع لأولاد الله على مرِّ الزمان. فلقد اعتدنا القول إنَّ الرب يسوع - له كل المجد - وُلد لكي يموت، وهذا حق، ولكن حريٌّ بنا أن نقول: إنَّ الرب - تبارك اسمه - وُلد لكي يموت، ويقوم من الموت! إنَّه لم يولد فقط ليموت ويظل في القبر، حاشا، فهو الذي خاطب الله قائلاً: «لن تدع تقيَّك يرى فسادًا» (مز 16: 10). فلا إيمان مسيحيًا بدون قيامة الرب، وكم هو جميل أن نتتبَّع الإشارات التي تكلَّم فيها الرب عن قيامته، خلال سنوات خدمته القليلة؛ فلم تكن قيامته من الموت أمرًا عَرَضيًا، بل قبل أن يموت كان يعلم أنَّه سيموت، وسيقوم أيضًا. فكما أنَّ موته كان أمرًا محتومًا من الله (أع 2: 23)، كانت قيامته أيضًا أمرًا مقرَّرًا من الله، إذ لم يكن مُمكنًا للموت أن يُمسِك به (أع 2: 24).
هناك العديد من المناسبات التي أشار فيها الرب إلى قيامته، خمس مرَّات بالارتباط بأشخاص: ”يونان“، ”بطرس“، ”التلاميذ“، ”ابني زبدي“، ”هيرودس“؛ ومرّة بالارتباط بالهيكل.
1- آية يونان، وأساس الكرازة
«لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيَّام وثلاث ليالٍ» (مت 12: 38-41 مع لو 11: 29-32).
هذه هي أولى إشارات الرب من جهة قيامته، وفيها يقارن ما حدث مع يونان بما سيحدث معه. لقد مكث يونان في بطن الحوت ثلاثة أيامٍ وثلاث ليالٍ، ثم خرج من جوف الحوت وكرز لأهل نينوى، فآمنوا بكرازته، إذ كان بالنسبة لهم ”آية“، كمن قام من الموت. هكذا أيضًا الرب يسوع، مكث في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ، ثم قام من الأموات، وآمن به الكثيرون، وهذا ما عبَّر عنه البشير لوقا: «لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى، كذلك يكون ابن الإنسان أيضًا لهذا الجيل» (لو11: 30).
كما أن المسيح بعد قيامته من الأموات قال: «هكذا هو مكتوب، وهكذا كان ينبغي أنَّ المسيح يتألَّم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث، وأن يُكرز باسمه للتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأً من أورشليم» (لو 24: 46، 47)، فلا كرازة بالإيمان المسيحي بدون القيامة.
2- بطرس، وأساس بناء الله
«من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يُظهِر لتلاميذه أنَّه: ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألَّم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم» (مت 16: 21-23، مع مر 8: 31-33؛ لو 9: 20-22).
يلفت انتباهنا قول البشير متَّى: «من ذلك الوقت». أيّ وقتٍ بدأ منه الرب الكلام عن موته وقيامته؟ بعد إعلان الآب، من خلال بطرس، عن حقيقة شخص الرب: «أنت هو المسيح ابن الله الحي»، كالأساس الذي أعلن الرب أنه عليه سيبني كنيسته. وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. فالمسيح هو ”ابن الله“، وهو ”الحي“. لهذا قال الرب ليوحنا: «أنا هو الأول والآخر. والحي وكنت ميتًا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين» (رؤ 1: 17، 18).
ولذلك فعندما اعترض بطرس على قول الرب إنَّه سيُقتل، وفي اليوم الثالث يقوم، وفي تجاسر انتهر الرب قائلاً: «حاشاك يا رب. لا يكون لك هذا»، استحقّ توبيخ الرب له: «اذهب عني يا شيطان، أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس». وما أروع تلك الكلمة عن الرب وهو يوبِّخ بطرس، والتي ذكرها البشير مرقس: «فالتفت وأبصر تلاميذه» (مر 8: 33). وكأنَّ الرب يتأمَّل في حال تلاميذه، والشقاء الذي سيعتريهم، لو لم «يذهب إلى أورشليم... ويُقتل وفي اليوم الثالث يقوم»، فلا يمكن أن يكون هناك بناء لله مكوَّن من حجارة حيَّة (1بط 2: 4، 5)، سوى على المسيح الصخر، ابن الله الحي، الذي مات وقام. فلا كنيسة ولا مسيحية بدون قيامة المسيح.
3- التلاميذ وحتميَّة الموت والقيامة
«وفيما هم يتردَّدون في الجليل قال لهم يسوع: ابن الإنسان سوف يُسلَّم إلى أيدي الناس، فيقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم، فحزنوا جدًّا» (مت 17: 22، 23؛ مع مر 9: 30-35؛ لو 9: 43-48).
هذه الكلمات قالها الرب بعد أن أخرج الروح النجس من الولد المصروع (مر 9: 24-32؛ لو 9: 37-45). ويذكر لوقا: أنَّ الجميع بُهتوا من عظمة الله، وأنَّهم تعجبوا مما فعل الرب يسوع. وفي هذا الجو المثير للجموع بصفة عامة، وللتلاميذ بصفة خاصة، قَصَدَ الرب أن يقول لهم: «ضعوا أنتم هذا الكلام في آذانكم: أنَّ ابن الإنسان سوف يُسلم إلى أيدي الناس» (لو 9: 44)، فكان عليه أن يذكّرهم بأنَّه سوف يُسلَّم أولاً إلى أيدي الناس، فيقتلونه ثم يقوم؛ وبعد ذلك يأتي المُلك والمجد. كان عليهم ألا يخلطوا الأوراق، ويستعجلوا الأحداث. ولكن هل تعلَّم التلاميذ الدرس؟ هل أدركوا مخطَّط الله؟ هل أدركوا أنَّ ترتيب الله الأزلي أنَّ هناك مجيئين للرب على الأرض: مجيئه الأول كحمل الله، ومجيئه الثاني كأسد يهوذا؟ في الواقع لم يعرفوا، ولم يريدوا أن يعرفوا! وهذا ما نفهمه من متابعة ردود أفعالهم كما وردت في الأناجيل الثلاثة:
فمتَّى يذكر لنا أنَّه بعد أن وضَّح الرب لهم حتمية موته وقيامته أنَّهم «حزنوا جدًّا» (مت 17: 23). فرغم أنَّ التلاميذ قد سمعوا من فم الرب مِمَّا لا يدع مجالاً للشك انتصاره الباهر على الموت، إلاَّ أنَّ ما سمعوه أيضًا من فم الرب عن موته؛ موت العار والآلام، لا يتناسب مع ما كانوا يتوقعونه عن المسيا. ويضيف مرقس أنَّهم: «لم يفهموا القول وخافوا أن يسألوه» (مر 9: 32).
لِمَ فاتهم أن يفهموا معنى هذه النبوّة؟ ذلك لأنَّه في ظنَّهم كان موته يعني هزيمته وخسارة قضيّتهم. ومن جهة أخرى، خافوا حتَّى طلبَ المزيد من الإيضاحات، وكأنَّهم كانوا يخشون أن تتحقَّق هواجسهم، وكان حريٌّ بهم أن يتعلَّموا أنَّ لا أساس للمُلك سوى القيامة.
4- ابنا زبدي والغرض الأسمى
«وفيما كان يسوع صاعدًا إلى أورشليم أخذ الاثني عشر تلميذًا على انفراد في الطريق وقال لهم: ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يُسلَّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت. ويسلِّمونه إلى الأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه، وفي اليوم الثالث يقوم» (مت 20: 17-19 مع مر 10: 32-40؛ لو 18: 28-34).
واضح أنَّ حديث الرب هنا كان بمناسبة صعوده الأخير إلى أورشليم، فلقد ارتسم أمامه ما ينتظره هناك من آلام واستهزاء وصلب. وإذ نظر الرب إلى تلاميذه، رأى على وجوههم الحيرة، وفي قلوبهم الخوف (مر 10: 32)، فقد أخذهم على انفراد كاشفًا أمامهم ما ينتظره في أورشليم. وما يلفت انتباهنا أنَّه في هذه المناسبة، بصفة خاصة، قصد الرب أن يذكر ما سيحدث معه بالتفصيل، الأمر الذي لم يفعله في المناسبات الأخرى، ففي إنجيل متَّى نقرأ أنَّهم: «يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه وفي اليوم الثالث يقوم»، وفي مرقس: «يهزأون به ويجلدونه ويتفلون عليه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم»، وفي لوقا: «يُستهزأ به ويشتم ويتفل عليه، ويجلدونه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم»!
لماذا ذكر الرب يسوع كل هذا؟ هل قصد الرب أن يزيد تلاميذه ارتباكًا وخوفًا؟ بالطبع لا، بل قصد الرب أن يُبدِّد كل حيرة ويزيل كل مخاوف، فما كان يُحيِّرهم، بل ومُخفَى عنهم (لو 18: 34)، كان حلَّه معروفًا مُسبقًا عند الرب، وما كان يملأ قلوبهم خوفًا كان هو يتوقعه بكل تفصيلاته!!
وكأنَّ الرب يقول لهم: ”ها نحن صاعدون إلى أورشليم، وإن كنتم تصعدون متباطئين فها أنا أتقدمكم“ (مر 10: 32)، فهو بلغة يوحنا: «عالم بكل ما يأتي عليه»! من أجل ذلك لا داعي للخوف، ”أهناك أخطار قد تعترضني؟ إنني أعرفها جيِّدًا، وها أنا أذكرها بالتفصيل“.
وكم نتعجب أن نجد ذهن ابني زبدي منصرفًا تمامًا عن كل هذا، وبدلاً من أن يتفهَّما غرض الرب السامي من الصعود إلى أورشليم، نجدهما منشغلين في: من سيكون له الرفعة والمقام الأعلى يوم يملك المسيح؟! والأعجب أنَّ هذه المشغوليَّة بالرفعة جاءت وليدة حديث الرب عن آلامه وموته وقيامته، الأمر الذي أغاظ باقي التلاميذ. لقد تباعدت نظرة الرب وتوجُّهه، عن نظرة التلاميذ وتوجّههم، فالطريق إلى المجد والمُلك يمر عبر طريق الموت والقيامة.
5- هيرودس، بين إرادته وقصد الله
«في ذلك اليوم تقدَّم بعض الفريسيِّين قائلين له: اُخرج واذهب من ههنا لأن هيرودس يريد أن يقتلك. فقال لهم امضوا وقولوا لهذا الثعلب: ها أنا أُخرج شياطين وأشفي اليوم وغدًا، وفي اليوم الثالث أُكَمَّلُ» (لو13: 32).
إنَّنا لا نعرف تمامًا بواعث هؤلاء الفريسيين الذين أخبروا الرب عن مؤامرة هيرودس ضده، وأنَّه يريد قتله، طالبين منه الهروب من وجه هيرودس. ولو أننا نكاد نجزم بأنَّهم لم يكونوا يُنشدون سلامة الرب وأمنه. غير أنَّ هذا التهديد أظهر لنا مزيدًا من روعة الرب وكمال مقاصده. فلقد حمَّل الرب هؤلاء الفريسيين رسالة إلى هيرودس، مفادها أنَّه ما زال يحتاج بعض الوقت، فيه يُخرِج شياطين، ويصنع بعض معجزات الشفاء، خلال الأيام القليلة الباقية من حياته على الأرض. ثم في اليوم الثالث يُكَمَّل، أي بموته وقيامته. وإلى أن يتم كل هذا ما كان بوسع أية قوة أن تؤذيه. فلا هيرودس بكل جبروته، ولا رؤساء الكهنة بكل حيلهم ومؤامراتهم، بل ولا إبليس بكل قواته الجهنميَّة، يستطيعون أن يُنقِصوا يومًا واحدًا من حياة الرب.
وكما في الخليقة الأولى ، هكذا في الخليقة الجديدة لا بد أن يرى في كل ما صنعته يداه أنَّ كل شيء حسنٌ جدًا. وذلك بما أكمله بكل روعة. فلا تتويج لمقاصد الله سوى بالقيامة.
6- الهيكل بين الرمز والحقيقة
«فأجاب اليهود وقالوا له: أيّة آية ترينا حتى تفعل هذا؟ أجاب يسوع وقال لهم: اُنقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه... كان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات تذكَّر تلاميذه أنَّه قال هذا، فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع» (يو 2: 15-22).
أهاج الرب مشاعر أعدائه، بتصرفه الصارم والشديد إزاء الحالة المترديَّة التي وصل إليها هيكل الله، كيف تحوَّل بيت الصلاة إلى بيت تجارة. ورغم علم الجميع بما وصل إليه الهيكل، فإنهم صُدموا مِمَّا فعله الرب. أ يمكن لأي إنسان أيًّا كان أن يفعل مثل ذلك؟! وما هو السلطان الذي يُخوِّل له أن يفعل ذلك؟ ولذلك نجدهم يسألونه: « أيّة آية ترينا حتى تفعل هذا؟»، وهنا أجابهم الرب: «اُنقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه»!
كان الرب هنا يفارق بين الهيكل الذي أمامهم المشيَّد بحجارة، وبين هيكل جسده. الهيكل الأول هُدم بأيدي أناس، وشيِّد أيضًا بأيدي أناس، أمَّا هيكل جسد المسيح، فصحيح إنه سيُنقَض بأيدي أناس، لكنه هو الذي سيُقيم نفسه!! وهذه هي آية الآيات. نعم هناك كثيرون قاموا من الموت، لكن لم يُقِم أحد نفسه، أمَّا الرب يسوع فما كان يحتاج أن يُقيمه أحد، بل أقام هو نفسه، كما أعلن هو عن ذلك: «وفي ثلاثة أيام (أنا) أُقيمه». وهذا ما أعلنه الرب أيضًا أمام جموع اليهود: «لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها أيضًا» (يو 10: 18)، وهذا إعلان صريح وواضح عن حقيقة شخصه أنه ”ابن الله“، كقول الرسول بولس: «وتعيّن (أي تبرهن) ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات» (رو1: 4).
* * * *
ما أروع سيدنا، الذي كما تكلَّم عن موته، تكلَّم أيضًا عن قيامته، وأخبرنا بأنه سيقوم. وهكذا قام من الموت كما قال منتصرًا عليه، مُحصِّلاً لنا كل بركات السماء.

......


عاطف إبراهيم
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 05 - 2013, 04:20 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
john w Male
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية john w

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 45
الـــــدولـــــــــــة : فى قلب يسوع
المشاركـــــــات : 1,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

john w غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013

يوم قيامة المسيح
.......................

إن قيامة المسيح هي إحدى أهم الحقائق في الإيمان المسيحي، ويوم قيامته من بين الأموات هو - بلا شك - أهم أيام التاريخ البشري كله من بدايته حتى الآن. فلا غرابة أنه بينما لم ترد أحداث ميلاد المسيح إلا في بشارتين فقط، هما البشارة بحسب متى والبشارة بحسب لوقا، فإن أحداث صلب المسيح، ثم قيامته من بين الأموات في اليوم الثالث، وردت في كل من البشائر الأربع.
ونحن نجد تسجيلاً لأحداث ذلك اليوم في ختام كل من الأناجيل الأربعة. ولا ننكر أن هناك صعوبة في التوفيق بين ما سجَّلته هذه البشائر، لكن التوفيق بينها ليس مستحيلاً؛ فنحن نؤمن بأن ما سُجِّل فيها ليس متعارضًا، بل هو متكامل، حيث يَنظُر كل بشير إلى الموضوع من الزاوية التي قصد له الروح القدس أن يعالجها في بشارته. وقصْدُنا الآن في هذا المقال أن نتصور ما حدث في ذلك اليوم العظيم. ومع أنه ليس من السهل معرفة ترتيب الأحداث كما تمت في ذلك اليوم، بشكل مطلق؛ فإنَّنا بتتبعنا الصبور لما سجّله البشيرون الأربعة سنحاول أن نعطي تصوُّرًا لترتيب أحداث ذلك اليوم الذي هو أهم أيام الزمان.
تحدَّثت كل الأناجيل عن أن النسوة في فجر يوم الأحد جِئن إلى القبر، وهو البقعة التي دُفنت فيها آمالهن، بعد أن دُفن فيه المسيح. وكان غرضهن استكمال ما كان نيقوديموس ويوسف الرامي قد ابتدأا يعملانه بعد موت الرب يسوع، من تحنيط لجسده قبل دفنه، حسبما نقرأ في يوحنا 19. ولكن لضيق الوقت لم يقوما بعمل كل ما يلزم، كما لم تشارك فيه النساء، وأردن أن يكون لهن نصيب في إكرام الشخص الذي هو محور حياتهن.
وهناك اختلاف حول موعد شراء النساء للحنوط. فمرقس يذكر أنهن اشترينه بعدما مضى السبت، بينما يفيدنا لوقا أنهن اشترينه يوم الجمعة بعد دفن المسيح مباشرة، وفي السبت استرحن حسب الوصية. وحل هذا الإشكال ميسور، لأن النساء اللائي فعلن ذلك كُنَّ كثيرات، فلا يُستبعد أن من أمكنهن استيعاب الموقف، أسرعن واشترين الحنوط يوم الجمعة، بمجرد موت المسيح، ولكن الوقت لم يسعفهن للرجوع إلى القبر لتحنيط الجسد؛ بينما اللواتي لم يتمكنَّ من استيعاب صدمة موت المسيح بسرعة ظللن وقتًا أطول عند الصليب، ثم عند القبر، وإذ أقبل يوم السبت تعذَّر عليهن شراء الحنوط، فاشترينه بعد غروب شمس يوم السبت، وقرّرن المضي مع بزوغ أول ضوء للقيام بالمهمة التي تثقّلن بتنفيذها.
ويخبرنا البشير لوقا أن عدد النساء اللائي ذهبن إلى القبر كان كبيرًا (لو24: 10)، وإن كان يوحنا يذكر واحدة فقط هي مريم المجدلية؛ ومتّى يذكر اثنتين، مريم المجدلية ومريم الأخرى، التي نفهم من مرقس أنها مريم أم يعقوب؛ ويذكر مرقس ثلاثًا، إذ يضيف إليهما سالومة. فهناك قاعدة تفسيرية هامة، وهي أن ذكر الجزء لا ينفي الكل؛ وأنْ يذكر بشيرٌ أشخاصًا بعينهم لا ينفي احتمال وجود أشخاص آخرين، أكثر من أولئك الذين خصَّهم هذا البشير بالذكر.
ثمة اختلاف آخر بين موعد الذهاب إلى القبر. فبينما يخبرنا البشير يوحنا أن مريم المجدلية جاءت إلى القبر ”باكرًا والظلام باق“ (يو20: 1) يذكر مرقس أن النساء وصلن إلى القبر ”إذ طلعت الشمس“ (مر16: 2). ونحن يمكننا أن نفهم أن مريم المجدلية خرجت من بيتها والظلام باقٍ، وأتت مع باقي النساء إلى باب غرب المدينة، وانتظرن هناك حتى فُتح الباب، الذي لا يُفتح عادة إلا قبيل شروق الشمس، ولما وصلن إلى القبر كانت الشمس قد طلعت.
كانت الصعوبة الماثلة أمام النساء هي: من يدحرج الحجر لهن؛ لأن الحجر كان ضخمًا (مت27: 60؛ مر16: 4). وما كُنَّ يعلمن شيئًا – على ما يبدو - عن الحراس الذين على باب القبر. فنحن نفهم من البشير متى أن اليهود لم يطلبوا حراسة القبر إلا ”في الغد“ (مت27: 62-66)، عندما كانت النساء مستريحات حسب الوصية (لو23: 56). إذًا فلقد شاهدت النساء دفن المسيح في مساء الجمعة، ورأين الحجر الكبير الذي دحرجه يوسف الرامي ليسدّ القبر، أما مسألة الحراس وختم الحجر فحدثت في اليوم التالي، وما كان لديهن علم بها.
وما إن اقتربت المجدلية من القبر، ورأت الحجر مرفوعًا عن القبر، حتى هرولت راجعة وحدها لتخبر بطرس ويوحنا بهذا الخبر المزعج (يو20: 1، 2). فلقد تخيَّلت سرقة الأعداء لجسد المسيح. ومن هذا نفهم أن اليهود كانوا يخشون سرقة التلاميذ للجسد (مت27: 64)، وكان التلاميذ يخشون سرقة اليهود الأشرار للجسد؛ لكن شيئًا أبعد من تفكير هؤلاء وأولئك هو الذي حدث!
كانت هذه بداية الأخبار الغريبة والمتلاحقة التي سمعها التلاميذ في ذلك اليوم. وكان كل من يصل إليه خبرٌ يسرع بإخباره للتلاميذ الآخرين، وهذا هو سر اختلاف الروايات بين الأناجيل، ولو أنَّها كلها اتفقت على أن المسيح قام من الأموات.
وما إن وصل الخبر من المجدلية إلى بطرس ويوحنا حتى أسرعا على التوِّ إلى المكان، ورأيا القبر المفتوح، ودخلا القبر، ورأيا القبر الفارغ والمرتب، فآمنا بصحة الخبر الذي نقلته المجدلية إليهما: أن جسد المسيح ليس في القبر.
وفي أثناء ذهاب مريم المجدلية لتخبر بطرس ويوحنا، ومجيئهم معًا إلى القبر، كانت النساء الأخريات قد دخلن إلى القبر المفتوح، حيث كان الحراس مصابين بالذهول والصدمة لرؤيتهم لملاك السماء (مت28: 3، 4). وهنا نجد اختلافًا بين عدد الملائكة الذين كانوا عند القبر كما ذكره البشيرون، حيث يركز كل من متى ومرقس على الملاك الذي دحرج الحجر وجلس عليه خارج القبر، وهو الذي دعا النساء للدخول لمشاهدة القبر الفارغ، أما لوقا ويوحنا فيخبراننا بأنه داخل القبر كان هناك ملاكان (لو24: 4؛ يو20: 11، 12). بل إننا من إنجيل لوقا يمكننا أن نفهم أن الملائكة ربما كانوا ثلاثة (واحد خارج القبر، واثنان في الداخل – لو24: 23).
وعندما دخلت النساء إلى القبر، رأين الملائكة، وسمِعن منهم خبر قيامة المسيح. فذهبن مسرعات ليخبرن باقي التلاميذ بالخبر العجيب. والأرجح أنه لدواعي الأمن لم يكن كل التلاميذ في ذلك الوقت موجودين في مكان واحد، وهو ما نستنتجه أيضًا من قول الكتاب: «أني أضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية» (مت26: 31). لقد تشتّت شمل التلاميذ في تلك الفترة الحزينة، ولم يتجمعوا ثانية إلا عندما وصل إلى سمعهم ما يفيد بأن المسيح قام من الأموات. ولو لم يقم المسيح من الأموات، لما التأم شملهم قط. على أي حال، عندما نقلت النساء هذا الخبر الذي سمعنه من الملائكة، إلى التلاميذ، تراءى كلامهن لهم كالهذيان (لو24: 11).
عند ذلك قرر تلميذان أن يتركا هذا الجو الكئيب المضطرب، فتركا أورشليم وذهبا إلى قريتهما عمواس (مر16: 12، 13؛ لو24: 13-35). فأخبار موت المسيح، والحديث الغريب عن قيامته، كانت فوق طاقة احتمالهما، فقرّرا الهروب من المكان الذي يحمل لهما أسوأ الذكريات. وبعد رحيلهما عاد كل من بطرس ويوحنا إلى موضعهما بعد مشاهدتهما للقبر الفارغ.
أما مريم المجدلية - كما يخبرنا البشير يوحنا - فقد ظلت عند القبر واقفة وهي تبكي. من ثم انحنت لترى الوضع في داخل القبر، فرأت أولاً الملاكين اللذين تحدثا إليها، ثم ظهر لها المسيح شخصيًا، وطلب منها أن تذهب لتخبر تلاميذه بأنه قام. فذهبت لتخبرهم بأنها شاهدت المسيح المُقام، كما تخبرهم عن الرسالة التي حمَّلها إياها؛ فلم يصدقوها (مر16: 9-11).
وبالنسبة للنساء اللائي نقلن رسالة الملائكة لبقية التلاميذ، فإنهن قبل أن يعرفن شيئًا عن رؤية مريم المجدلية للمسيح المُقام، ونظرًا لأن التلاميذ لم يصدقوا كلامهن، فقد قرَّر بعضهنّ العودة إلى القبر من جديد، لعلهن يحصلن على معلومات إضافية تشفي الغليل. وفي طريق عودتهن من زيارة القبر، ظهر لهن المسيح أيضًا، وأكد لهن مرة أخرى رغبته في رؤية تلاميذه في الجليل. وهذا هو الظهور الذي تحدث عنه متى في إنجيله.
وبذلك يكون الرب قد ظهر في يوم قيامته أولاً لمريم المجدلية، ثم للنساء: اثنتين أو أكثر. وبعد ذلك ظهر لسمعان بطرس (لو24: 34)، ثم لتلميذي عمواس (لو24: 13- 35)، وأخيرًا للتلاميذ، ولم يكن معهم توما (لو24: 36-43؛ يو20: 19-25). ثم توالت بعد ذلك ظهورات المسيح لتلاميذه على مدى أربعين يومًا، مؤكِّدًا لهم - ببراهين كثيرة - أنه قام من الأموات (أع1: 3)، قبل أن يصعد أمام عيونهم إلى السماء.
هذه هي أحداث أعظم يوم في تاريخ البشرية. كيف لا وقد قام فيه المسيح من الأموات، معلنًا نصرته على عدو البشرية الأول؟ ولقد تحقَّق الخبر للتلاميذ، وهو الخبر الذي سبق وأعلنته أسفار العهد القديم (1كو15: 4). ولذك فنحن أيضًا يمكننا أن نقول بفرح: «إن الرب قام بالحقيقة» (لو24: 34). هللويا!

.............


م / يوسف رياض
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
موضوع متكامل عن يسوع المسيح
موضوع متكامل عن دخول المسيح ارض مصر
أول موضوع متكامل عن الكريسماس 2013 ادخل وشااااااااااارك
موضوع متكامل عن دخول المسيح ارض مصر
موضوع متكامل عن قيامة يسوع المسيح والخماسين


الساعة الآن 07:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024