رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مِن حول الطفل يسوع في المذود شاءت الحكمة الالهية ان يدخل الخالق الى كوكب الارض الذي خلقة، بهذه الصورة العجيبة التي لا تخطر على بال.. ووجدت المسرة ان يأتي القدير كطفل وليس كملاك، وكفقير وليس كغني، وفي ابسط الاشكال، ومن عائلة هامشية غير معتبرة وفي بلدة مجهولة ومحتقرة.. فقد اجتمعت كل العوامل غير المتوقعة، وكل الظروف الاكثر بساطة واحتقار من البشر.. وبينما يستلقي الخالق الذي لا تسعه السموات، في معلف بقر، ومن حوله امه مريم و"ابوه" يوسف، كانوا ينظرون اليه وهم لا يفهمون شيئا من الخطة الالهة.. وغريب حقا ان نكتشف ما كان يجول في خلد امه مريم، وفي عقل يوسف، وماذا فكرت الملائكة من فوقه.. وماذا فكر الملك هيرودس والكهنة والفريسيون واهل اورشليم.. وفوق الكل، ماذا فكر الخالق العلي القدير وهو ينفذ خطة تاريخية وهو ينظر الى الطفل يسوع... يا لها ما افكار سامية وعجيبة؟؟.. ان الكتاب المقدس يعلن ان لله افكار ومشاعر وعواطف، ومن الاهمية بمكان، التفكير ولو للحظات ماذا كان يفكر الرب في العلاء، عندما نفذ اول خطوة في الخطة الالهية، وهي ببساطة، الله يأتي في هيئة بشر، الخالق يتأنس ويتجسد ويتخفى. ويقول بولس ان الله اخلى نفسه اي فرغ ذاته من كل مجد واتى في ابسط صورة واكثر الاشكال احتقارا من خليقة يديه... وها هو يسوع الطفل مستلقيا في المذود، والله ينظر من العلاء... لا شك ان القدير اعترته نشوة وسرور وشعور من اللذة والمسرة والافتخار اذ يتأمل نفسه في هذه الصورة الجديدة... نتكلم بلغة انسانية وبتعابير بشرية.. واذ اخترق الرب عقول البشر السخيفة وكيف سيفكرون بخصوص هذا الطفل العجيب المولود ملكا..ابتسم الخالق اذ علم ان افكاره سامية، لا يقدر البشر المحدودون ان يدركوا سر التجسد.. الساكن في السموات يضحك، لان الخالق متجسد في وسط البشر وبين الناس، وهو لا يعلمون.. وقد اختار الله الطريقة الاكثر شرود عن اكتشاف حقيقة هذا الطفل.. كنا نتوقع ان يأتي الخالق بصورة اعجب واسمى واعقد واكثر ابهة وبهاء وعظمة وفخامة.. وماذا كانت تفكر الملائكة وهي تسبح الفضاء، جاهزة لخدمة وحراسة هذا الطفل العجيب، وهم يتسائلوا، أ لعل هذا كان الخالق والقدير بذاته، الذي من وجهه ارتعبوا واخفوا وجوههم، والان يظهر بكل بساطة وبهيئة لا تثير الرعب والذعر والهيبة؟. شعروا لاول مرة بشعور خاص نحو خالقهم، وهو مضجع في مغارة لا يعتبرها احد... لا شك ان الملائكة استغربوا وتعجبوا واندهشوا من اختيار خالقهم لهذه الصورة بالتحديد، ليظهر ذاته في واحد من ملايين الكواكب.. لم يخطر على بالهم ابدا، ان الله الذي كانوا قد تعهدوه كل الوقت، يمكن ان يظهر بهذا الشكل.. من اللامحدود الى المحدود، من الاكثر عظمة، الى الابسط، من الاكثر مجدا وكرامة الى الاكثر احتقارا والاقل اعتبارا... لا شك ان الملائكة تضاعف تعجبهم واكرامهم لخالقهم وسيدهم.. وماذا فكرت مريم ام يسوع في هذه اللحظات.؟؟ لا شك ان افكارا مزدوجة غزت قلبها، واعترتها مشاعر مختلطة .. من جهة علمت علم اليقين، ان امرا تاريخيا خاصا يحدث، وان هذا الطفل هو ليس كباقي الاطفال، بل طفل مميز بل هو المخلّص والقدوس.. ولا شك ان شعورا من الافتخار والفرح والابتهاج طاف وفاض في ارجاء جوارحها.. وشعرت بامتياز عظيم ميّزها الخالق باختيارها لتكون القناة والاناء الذي من خلالهما، دخل الخالق الى هذا العالم الصغير... كانت تراقب الطفل وهو نائم او باك او جائع، وهي مبتسمة من افكار الهية عجيبة.. ولكن في نفس الوقت شعرت بحزن وخوف وقليلا من الغضب، عندما انتبهت الى ان البشر لم يقدروا ان يعلموا مّن كان هذا الطفل.. بل اكثر من ذلك.. كانت مريم فتاة مراهقة غير متزوجة، ما زالت مخطوبة وها هي حبلت وولد طفلا في ابسط مكان.. ماذا كان سيفكر الناس من حولها؟ لا شك ان البشر الفنانون في القيل والقال واطلاق الاشاعت، لا شك انهم فكروا ان امرا غير طاهر كان يحدث، وبدأوا يفكرون عن عقاب التوراة وهو الرجم لفتاة غير شريفة.. وهي مخطوبة وُجدت حامل، وقد ولدت مختبئة في مغارة في بيت لحم المدينة المجهولة والمحتقرة.. وهنا وقفت مريم حائرة، ماذا كان ممكنا ان تجيب البشر من حولها؟ وكيف تتمكن من الدفاع عن نفسها؟ وكيف تقنعهم انها شريفة وطاهرة؟ وهل سيصدقون الادعاء المضحك، ان هذا الطفل هو الخالق القدير الذي كلّم موسى؟ وانها اي مريم قد حبلت بالروح القدس دون زرع رجل؟؟! مَن سيصدق هذا الكلام الهراء الذي لا معنى له؟؟ ..من المؤكد ان مريم بعد منتصف الليل، اعتادت ان تنفجر في البكاء، ويوسف كان يحاول جاهدا ان يهدئ من روعها... كان مريم قد استغربت من افكار القدير.. لماذا اختارها هي بالذات؟ وكيف ميّزها بهذا الامتياز العظيم؟، وفي نفس الوقت، كانت قد استغربت، لماذا اختار الله الحكيم هذه الطريقة المذلة لها، المثيرة للشكوك والاشاعات؟.. ان اختيار الرب لفتاة غير متزوجة ان تحمل وتلد طفلا ،كانت طريقة خصبة لتشجيع الناس على الاشاعات والتأكد من امور غير صحيحة... لا نقدر ان ندعي ان مريم لم تهتم ولم تأبه لكلام الناس.. من المؤكد انها علمت ان لله حكمة وقد خضعت لارادته مهما كان الثمن، وكان مستعدة ان تدفعه.. ولو كانت من عائلة غنية ميسورة ذات شأن اجتماعي، لتردد الناس في اتهامها بعلاقة غير شريفة.. ولكن كونها من عائلة فقيرة جدا، سرّع اطلاق الاشاعات واثباتها، والحكم على مريم، ولم يبق غير التنفيذ.. وغريب حقا ماذا كانت افكار ومشاعر مريم، خاصة عندما التقت عيناها باعين الناس من حولها، وباعين اهل الدين و"الحق والشريعة" الذي ادّعوا ان لهم ناموس، ويجب ان يطبّقوا قوانين الشريعة.. مع انهم، كما قال يسوع كالقبور الجميلة من خارج، واما من داخل فعظام نتنة... وماذا فكر اهل اورشليم عندما سمعوا ان طفل بيت لحم هو مخلّصهم ومسيحهم؟.. ان اختيار الرب لهذه الطريقة ليأتي الى العالم، كانت ضربة وصفعة في صميم كبرياء الكهنة واهل الدين آنذاك... واما هم بكبرياءهم تساءلوا قائلين:" لو كان هذا هو المسيح الموعود، لولد في اورشليم المدينة العظيمة المقدسة، ولولد في الهيكل الفخم، وليس في مذود، ولولد من احدى بنات الكهنة او الفريسيين اصحاب الشأن والثروة.. حتى ولو كان حقا هو المسيح، لم يريدوه ولم يستطيعوا قبوله، مجرد لمجيئة بهذه الصورة، التي اعتبروها استفزازا لهم ومسّا في كبرياءهم... عثروا، لان الطريقة الالهية تنفس بالون تعجرفهم... وهكذا رفضوا المخلّص منذ المهد وهو ما زال طفلا، احتقروه.. نسوا ان نبيهم موسى العظيم، ولد ايضا في سفط على وجه النهر، وليس في قصر، وعندما وصل القصر، تنازل عنه وفضّل الصحراء.. والان ماذا نحن نفكر اليوم ازاء طفل المذود.؟ ربما نحب الاعياد والتزيين والحلويات والاحتفالات وباب نويل ، وفي نفس الوقت نخجل من طفل المذود.. وما هي العلامات التي تثبت ان الناس حتى المسيحيين، لا يقبلون الطريقة الالهية، ويحتقرون ولادة يسوع مخلّصهم وربهم في مذود بقر، ومن فتاة غير متزوجة ونهايته كانت الصليب... بشكل عام في الاماكن العامة والمجالس الاجتماعية، عندما يتحدث احد عن الانجيل، نريده ان يبقى صامتا ساكتا واخرسا.. يمكن للناس في مناسبات الافراح والاتراح، ان يتحدثوا عن اي موضوع سواء عن الاكل والتجارة والسفر والسياسة والعلوم والتقليد، ما عدا عن الخلاص بيسوع.. واذا لا بد ان نتحدث عن الدين، نحب ان نتحدث عن امور جميلة اخترعها البشر، من تقاليد ومباني دينية فخمة.. نريد ان نجمّل ونمكيج العقيدة المسيحية... لكن لا نفضّل ان نتحدث عن الانجيل كما هو بدون اضافة او نقصان.. ان الله لا يريد اية اضافة او حكمة بشرية.. كل افكاره كاملة ومتناسقة ولا حاجة الى تجميل او تزيين للايمان المسيحي... ولو تمسّك المسيحيون بالانجيل كما هو واثقين من الحكمة الربانية الكاملة ، وجاهروا به بكل جرأة وافتخار، لكانت اوضاع المسيحيين في العالم مختلفة تماما ولكانوا ليسوا ذنبا بل رأسا، كما وعد الرب لشعبه في سفر التثنية ص 28... اعلن الرسول بولس ان حكمة العالم جهالة عند الله، وما نحسبه "جهالة" في افكار الله، هو الحكمة في اسمى صورة ممكنة... لا يمكن لاحد ان يتناسى او يتجاهل ان الطفل يسوع غيّر التاريخ، بمجيئه في ابسط صورة، استطاع بمحبته واتضاعه، ان يهزم الامبراطورية الرومانية، وان يحطم الحكمة والفلسفة اليونانية، وان يلغي الدين السائد... ومنذ ان حاولت الكنيسة في التاريخ ان تجمّل وتزيّن المسيحية من خلال اضافات لها حكاية حكمة وتبدو جذابة، منذئذ، ضعفت المسيحية وهزلت مما زاد معاناة العالم المسيحي... ليتنا نعود الى المذود والى بيت لحم والى المسيحية الاصلية، عالمين ان ضعف الله اقوى من الناس، وجهالة الانجيل تقدر ان تغزو العالم من جديد... لا تحتاج المسيحية الى حكمة يونانية معقدة، ولا الى قوة وسلطة رومانية، ولا الى مظاهر دينية يهودية... ليت الكنيسة في هذا الايام تنفض الحكمة العالمية والقوة البشرية والتدين الاجتماعي، وتكتفي بالمذود والصليب وبكلمة الله الحية الفعّالة.. بقلم القس ميلاد يعقوب |
21 - 12 - 2013, 09:00 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مِن حول الطفل يسوع في المذود
شكرا يا رامز
مِن الذين كانوا حول الطفل يسوع في المذود؟ |
||||
|