طاعة الإيمان
بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ فِي تَقْدِيسِ
الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
( 1بطرس 1: 2 )
إن الطاعة هي الوضع الصحيح للمخلوق، وعليها يتعلَّق كل نظام الخليقة. وإذ فعل آدم إرادته الذاتية، دخلت الخطية والعصيان وتحددت طبيعة الخطية؛ إنها فعل الإرادة الذاتية. ولكن شكرًا لله فقد تدخلت نعمة الله مفتقدة شعبًا خاصًا لتغيره.
وطاعة الإيمان هي أولى ثمار النعمة في النفس. فنحن مُقدسون لطاعة يسوع المسيح ورش دمه، وكأولاد الطاعة علينا ألاَّ نُشاكِل شهواتنا السابقة ( 1بط 14: 1 ). وأول ما علَّمته النعمة لشاول الطرسوسي فور رؤيته للرب هو ”الطاعة“ «ماذا تريد يا رب أن أفعل» ( أع 6: 9 ). إن التدريب الأساسي في الحياة بطولها هو على الطاعة.
وطاعة الحق هو المبدأ الأعظم للسير، وهو نصيب كل فكر متضع موحَّد الرؤية. إن الطاعة هي سبيل المؤمن الواجب. ووصايا الله لا تفقد سلطانها، والقوة الحقيقية للتمتع بمحضر الله ورؤيته هي في طاعة الإيمان ( يو 21: 14 ).
ونحن لا ننتظر قوة لنطيع، لكننا عندما نطيع نحصل على القوة. فالرب لم يشفِ اليد اليابسة لكي يستطيع الرجل أن يمدَّها، بل أمر الرجل أن يمد يده لكى يُشفى، وإذ أطاع حصل على القوة.
والطاعة أساس البركة: فالترتيب الإلهي هو أن الطاعة أولاً ثم البركة. فالبركة مترتبة على الطاعة. وهذا هو الإيمان .. ونفس الترتيب نجده في قصة شاول الطرسوسي إذ أُمِر: «قُم ادخل المدينة فيُقال لك ماذا ينبغي أن تفعل» ( أع 6: 9 ). فذهب وأطاع وحصل على تعزية قوية وبركة بواسطة حنانيا. لقد تصرف بالطاعة من اللحظة الأولى. والأمر ذاته حدث مع المولود أعمى ( يو 9: 7 ) يوم أمَره الرب أن يذهب ويغتسل في بِرْكة سلوام، فمضى واغتسل وأتى بصيرًا. وإذ كان أمينًا في تنفيذ الوصية أُعطي أن يُعلِّم معلِّميه. وإذ أخرجوه خارج المجمع وجده الرب وأظهر له ذاته. وهذا هو مبدأ الله دائمًا؛ فالبركة العظمى لإبراهيم أساسها «لأنك سمعت لصوتي» ( تك 22: 18 )، وحتى في حياة الرب له المجد أطاع أولاً ثم رفَّعه الله ( في 8: 9 ).
وهكذا فيا لسعدنا إن حفظنا قلوبنا راغبة دائمًا المشيئة الإلهية وحدها، مُقدِّرة طاعتها ومُدركة خسارة البُعد عنها. ولكن حتى مجرد الصراخ الدائم لقلب مُخلِص للوجود في مشيئته يُحسَب شأنًا من شئون الطاعة.