رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أصعب أنواع الحب! أن أحب أقرب الناس إليّ، أسهل أنواع الحب أم أصعبها؟ يجيب معظم الناس على السؤال "هل تحب أباك أو أمك أو أخاك أو زوجتك؟" فيقولون: "نعم" سريعًا. وغالبًا ما تلحق كلمة "طبعًا" إجابتهم. هذا يعكس شدة شعورهم بأن هذا واجب مفروض لا مجال للنقاش فيه. ولكن الباحث الصادق سيجد حتمًا أن الموضوع أكثر تعقيدًا من ذلك. وأن هناك على الأقل ثلاثة أنواع من العقبات تعترض سبيل الحب في نطاق الأسرة: 1- العلاقات المصطنعة الباردة الجافة، التي تدّعي الحرارة ولكن تفتقدها في العمق. 2- التوتر والصراع الخفي أو المعلن بين أفراد الأسرة، كل فرد يريد الآخر أن يتغيّر ليلائم ما يظنه هو أفضل صورة. 3- الحرارة والتعلق تخفيان مصالح متبادلة رديئة، أو استحواذ وتملّك من جانب واعتمادية واستسهال من جانب آخر. وإليكم بعض أمثلة للعلاقات الأسرية المفتقدة للحب الحقيقي: • الأم الاستحواذية التي تظن أن إنجابها لابنها يشبه اقتناءها لقطة مدللة أو كلب أليف، تدلله منذ صغره وتفرط في الاهتمام به ثم تنتظر منه طاعة عمياء لرغباتها، تجعله يدرس ما تشاء ويسكن حيث تشاء وحتى يتزوج من تختار هي وتدمره من شدة الحب. • الأب الذي كافح حتى اغتنى والآن يريد أن يستمتع ابنه بدلاً منه، فكل طلبات الابن مجابة، وله حتى ما لم يطلب. فالأب كافح كثيرًا وفات عليه زمن التمتع، والآن ليتمتع ابنه بدلاً منه، هو أيضًا يدمر الابن من شدة الحب. • أو ذلك الابن المصارع على السلطة، الذي يظن أباه شاخ وصار حكمه غير صائب، فيريد أن ينصّب نفسه زعيمًا متسلطًا لا يُردّ له أمر في البيت، وأيضًا يعدّل من سلوك أمه وسلوك أبيه لأنه يريدهما في أفضل مظهر. • أو الابنة التي تلعب دور المطيعة المهذّبة المتفانية في خدمة أهلها بينما هي غير ذلك، في حين يلعب أبوها دور الرجل الجاد المستقيم في بيته، وهو خارج المنزل عكس هذا.. والأم.. والأخ… إلخ. الكل يمثّل على الكل، والكل يصدّق الآخرين ولا علاقات حقيقية إطلاقًا. • أو تلك العلاقة الباردة الفاترة الروتينية، لا اقتراب، لا تشارك، لا تواصل. لا شيء إلا القيام بالواجبات السطحية البسيطة. والمظهر الخارجي محافظ عليه تمامًا. • أحيانًا سنرى الأب يضحّي بكل ما له في سبيل ابنه. لعله يرى في ابنه صورة أخرى منه أو امتدادًا له أو تحقيقًا لرغباته وأمانيه، لكن نفس هذا الأب الذي يقدم أعظم التضحيات لصالح أسرته، يظهر أخس التصرفات وأكثرها نذالة مع غيرهم من الناس. فهل هذا الأب يحب أبناءه الذين ضحى من أجلهم حقًا أم يحب نفسه الموسعة الممتدة فحسب؟ • أحيانًا تحب الزوجة زوجها طالما هو يحقق ما تتمناه ويصنع ما تنتظره منه. فإذا أخفق فالويل كل الويل له، تحبه طالما كانت هي نفسها موجودة فيه ولا تقبله إذا أدركت أنه شخص آخر مختلف عنها رغم كونه زوجها. ويمكننا أن نسترسل في وصف عشرات العلاقات الأسرية المتوترة أو الناقصة أو المشوّهة أو المتجمدة. ويتضح لنا أنه مع أقرب الناس لنا يظهر التحدي الحقيقي، تحدي المحبة أو الأنانية. وتنكشف طبيعة الاختيارات الداخلية وعمق المحبة الحقيقية. وهي ساحة جهاد لا نهاية لها بالنسبة لنفس الساعي إلى الحب، وطالب العلاقة الحقيقية مع الآخر. الحب لأقرب الناس إليّ قد يتطلب: • تواصل مستمر ومتنامي وسعي للوصول إلى تفاهم أعمق بقدر الإمكان. وهو تفاهم يتضمن رؤية الآخر في فرديته، والاستماع له. كما يتضمن ويتطلب أن أعبر عن نفسي له، وأظهر ثقتي فيه. • أن أرفض رغبتي في الاستحواذ بدون أن أرفضه هو، أن أحبه حتى أتمرّد عليه أحيانًا لمصلحته قبل مصلحتي وأن أحذر من استحواذي أنا ورغبتي في التملك. • أن أرفض الصراع الطفولي المراهق على السلطة وأقبل أحيانًا ضعفات الآخر إذا صارع على سلطة وهمية في مشكلات ثانوية، فالحب متسامح وواسع الأفق. •أن أنتظر من المحبوب أن تتحقق أمنياته هو واختياراته هو في الحياة لا اختياراتي أنا أو أحلامي أنا له بالنيابة عنه. الحب في نطاق الأسرة يعني أن أرى قريبي الأقرب كشخص مستقل يُحتَرم ويُحَب في ذاته، أطلقه ولا أقيّده أعاونه لتحقيق أفضل الخير له، لا لتحقيق أمنياتي أنا فيه. أعطيه ما يحتاجه وما يطلبه ولا أعطيه ما أحتاج أنا أن أعطيه له. أن تحب أقرب الناس إليك ليس أبدًا مهمة ميسورة وسهلة أو أمرًا طبيعيًا بديهيًا، بل هو غالبًا طريق طويل يحتاج إلى كثير من اليقظة والفطنة، يحتاج إلى حساسية وتواضع واستعداد دائم للتعلّم والتخلّي عما يثبت فساده في قلبك أو سلوكك. فمحبة الأسرة ليست كلامًا ولا هي انفعالات عاطفية سريعة، بل هي استعداد للمسؤولية والالتزام والعطاء الباذل المستمر. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أصعب أنواع الإبتلاء |
أصعب أنواع التعلق |
أصعب أنواع النساء في التعامل |
أصعب .. أنواع المقاومة |
أصعب أنواع الصمت |