رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ضرورة طرح عقيدة خلاص غير المؤمنين للبحث
قد يتساءل البعض: لماذا الحديث عن هذا الموضوع؟ والحقيقة أن كثير من الناس، بل وأقوال بعض الخدام يلهو عدو الخير بخيالهم، ويداعب أفكارهم بمراحم الله اللانهائية ومحبته غير المحدودة للبشر، فيثيرون بعض التساؤلات: هل من الممكن أن الله المحب الرؤوف المتحنن يُهلِك مليارات من الناس لمجرد أنهم لا يؤمنون به؟! وإذا كان الأمر هكذا، فلماذا خلق كل هؤلاء؟! هل يمكن أن يكون لدى الله وسيلة لا ندركها نحن لخلاص هذه الشعوب؟ أم إن الله مُغرَم بهلاك البشر والتطويح بهم في بحيرة النار والكبريت؟! وإذا كان الإنسان يرث دينه عن والديه، فما ذنبه حتى يتعرض للهلاك الأبدي؟! وإن كان مثل هذا الإنسان أمين جدًا، ويلتزم بكل ما تمليه عليه ديانته.. فلماذا يتعرَّض للعقوبة؟! وهل يمكن أن يكافئ الله الإنسان ذو الخلق الرفيع والأعمال الصالحة بالهلاك الأبدي لأنه لم يؤمن به..؟! وأين رحمة الله إذًا؟! أليس التسليم بفكرة العقاب الإلهي تضع الله في صورة وحش مفترس..؟! يقول أحد الكهنة الفرنسيين "هل يوجد في الطبيعة إنسان تبلغ درجة قساوته أن يُعذِب بوحشية أي كائن ذ حس مهما كان؟ استنتجوا إذًا أيها اللاهوتيون إنه طبقًا لمبادئكم الخاصة يكون إلهكم أشر من أكثر الناس شرًا بصورة لانهائية. لقد جعل الكهنة من الله كائنًا سيء القصد مفترسًا.." (1). 1- خلق الله الإنسان عاقلًا، فمنحه قوة التفكير والتمييز والحكم على الأمور، ومنحه أيضًا حرية الإرادة، فكون أن الوالدين ليس لهم الإيمان المستقيم، لا يعني بالضرورة أن يرث الابن عنهم هذا الإيمان. بل له حرية اختيار طريق الحياة الأبدية، ولاسيما أن الكرازة تكاد تكون قد انتشرت في العالم كله، وذلك عبر الكارزين والكتب والإذاعات المسموعة والمرئية وشبكة المعلومات الدولية.. إلخ. ولذلك فالإنسان بلا عذر. 3- من المستحيل أن الله القدوس يقبل الشر، ومن المستحيل أن تلتقي الظلمة مع النور.. الله نور والخطية ظلمة، فكيف يلتقي إنسان خطيته عليه (سواء الخطية الجدية أو الفعلية، وسواء خطايا الفعل أو القول أو الفكر..) بالنور الأبدي؟!! حقًا إن الذين ينادون بعقيدة خلاص غير المؤمنين يتوهمون أن الظلمة ستلتقي بالنور يومًا ما، وهذا ضرب من المحال، لأن الله قدوس وطاهر والسماء كلها طاهرة، فلا يمكن أن يقبل الله في مسكنه شيئًا ولو بسيط جدًا من الدنس، ولن يشوب السماء أي شائبة ولو ضئيلة جدًا من عدم الإيمان.. إنها طاهرة نقية بنقاء الذات الإلهية. حقًا إن الله القدوس يرفض الشر بغض النظر عمن يرتكبه، حتى لو كان ملاكًا، فالملائكة الذين تكبروا سقطوا وسكنوا الظلمة لأنه لم يعد لهم مكانًا في السماء "والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام" (يه 6) وعندما أخطأ آدم الذي خلقه الله على صورته ومثاله سقط وطُرد إلى الأرض لأنه لم يعد له مكانًا في الفردوس الطاهر، وكما عاقب الله الأمم لعدم إيمانهم وشرورهم الكثيرة، عاقب أيضًا شعبه عندما ارتد لعبادة الأوثان. 4- الذين يظنون أن الخلاص يتم بالأعمال الصالحة هم مخدوعين، فالخلاص لا يتم بالأعمال الصالحة، وإن كانت الأعمال الصالحة لازمة للخلاص، وأيضًا المعمودية لازمة للخلاص، ولكن أساسًا الخلاص يتم بالإيمان بالإله المتأنس من أجل خلاصنا، فالإيمان يسبق المعمودية، والأعمال الصالحة هي ثمرة هذا الإيمان، وقد يؤمن الإنسان ولا تسعفه الحياة للقيام بأي عمل صالح مثل اللص اليمين، ومع ذلك فإنه يخلص. والأعمال الصالحة لا تغفر خطية قط، وهب أن إنسانًا فعل الخير كل الخير، ثم صدم طفل بسيارته فأودى بحياته، فهل تشفع له أعماله الصالحة؟ وهل يعفيه القاضي العادل من العقوبة..؟ حقًا لو كان دخول الملكوت بالأعمال الصالحة، وإن الحسنات يذهبن السيئات، لتحوَّل الموضوع إلى صفقات بيع وشراء، فالإنسان يشتري الخلاص والملكوت بماله وجهده. 5- رسم الله طريقًا للخلاص، ولم يمنع أحدًا من السير فيه.. وضع أمام الإنسان طريق الحياة وترك له الحرية لاختيار هذا الطريق فيحيا، أو يختار طرق الموت فيهلك " أنظر. قد جعلتُ اليوم قدامك الحياة والخير والموت والشر.. فإختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك" (تث 30: 15، 19) في العهد القديم أعلن الله عن ذاته بالمعجزات الباهرات التي أجراها مع شعبه وسمعت بها كل الأمم، ولم يرفض إنسانًا جاء إليه.. إسألوا راحاب الأمميَّة وراعوث الموآبية!! وفي العهد الجديد أرسل رسله الأطهار موصيًا إياهم " إذهبوا إلى العالم أجمع وإكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن وإعتمد خلص.. ومن لم يؤمن يُدَن" (مر 16: 15، 16) فهل بعد أن وضع الله شرط الإيمان للخلاص يأتي إنسان ويقول: لا داعي للإيمان لكيما يخلص الإنسان؟!!.. ليكن الله صادقًا وكل إنسان كاذبًا. 6- عندما يرى الله شعبًا أو إنسانًا لديه استعداد للخلاص، فإنه لن يتأخر في إنقاذه قط، فعندما رأى الله هذا الاستعداد في مدينة نينوى الأمميَّة، أرسل إليها نبيه يونان، ورغم محاولة يونان الهرب من هذه المهمة، إلاَّ أن الله أصرَّ عليها، حتى لو أرسل رياحًا عاصفة تهدد السفينة بالغرق، وحتى لو أرسل حوتًا يبتلع يونان ويقذف به إلى مدينة نينوى، وبعد أن تابت المدينة العظيمة نينوى أشاد الله تبارك اسمه بتوبتها (يون 4: 10، 11) وعندما رأى الله استعداد كرنيليوس لقبول الخلاص، أرسل إليه ملاكًا ثم رسولًا لينال الخلاص (أع 10) حقًا إن الله مستعد أن يأتي بذاته أو يرسل ملائكته أو رسله لأي إنسان لديه استعداد لقبول الخلاص، فمراحم الله يا صديقي غير محدودة، ليس على الإنسان فقط، بل حتى على البهائم والطيور (تث 22: 6، 7) ولكن عناد الإنسان وإصراره على عدم الإيمان هو الذي يقوده للهلاك، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أما الكاهن الكاثوليكي الفرنسي الذي يتهم الله بأنه سيء القصد ومفترس لأنه يجري عدله، فحتمًا إن هذا الكاهن لم يعرف الله بعد المعرفة الاختبارية. 7- الكنيسة عروس المسيح تحرص على تنفيذ وصية عريسها بالكرازة للخليقة كلها بالقدرة الحسنة ثم بتوضيح الحقائق، وتحذر غير المؤمنين من مغبة عنادهم لتُخلّص على كل حال قومًا، وتنتشل من النار نفوسًا تسير في دروب الهلاك "وخلّصوا البعض بالخوف مُختطفين من النار" (يه 23) فدائمًا تصارع الكنيسة عبر الصلوات والأصوام والدموع حاملة صليب الكرازة لهذه النفوس الضالة.. أما إن الكنيسة الكاثوليكية تُطمئّن هؤلاء الذين في خطر عظيم، وتقول سلام سلام عوضًا عن تحذيرهم ودعوتهم للتوبة، فهي بهذا تجاملهم وتخدعهم، وهذه هي الطامة الكبرى والكارثة العظمى. |
|