البابا شنودة الثالث
ربما يظن إنسان أنه تائب، لأنه ترك الخطية الرئيسية المتعبة التي كانت تقلق ضميره، ولم يعد يسقط فيها الآن.
أى لم يعد يزنى مثلًا، أو يسرق، أو يغش، أو يسكر. ولم يعد يرتكب خطايا في هذا المستوى. لذلك استراح ضميره، وظن أنه تاب..! وذلك لأن الخطايا الكبيرة التي كان يركز عليها قد غطت رؤيتها على الخطايا الأخرى التي لم يكن يلتفت إليها.
وربما في نفس الوقت يكون واقعًا في خطايا كثيرة يعتبرها طفيفة، ولا تدخل في مقاييسه الخاصة بالتوبة. مثل الحديث عن النفس، والفرح بالمديح، وتبرير الذات باستمرار، وكثرة الجدل، والسلوك حسب الهوى الخاص، والتشبث بالرأي الذي يقود إلى العناد. مع إهمال بعض الصلوات، وتقصير في القراءات الروحية. وربما عدم احتمال الإساءة، وعدم تقديس يوم الرب..
ومع هذا كله، ضميره لا يوبخه، لأنه لم يصل إلى المستوى الذي يتبكت فيه على أمثال هذه الأمور. فهل نعتبر مثل هذا تائبًا؟!
إنه ولا شك محتاج أن ترتقي مقاييسه، لكي يتوب عن أمثال هذه الخطايا التي يعتبرها طفيفة، أولا يلتفت إليها باهتمام.
فمتى إذن نعتبره تائبًا؟ أليس إن ترك كل الخطايا، حتى التي تبدو في نظره صغيرة. يتركها بالفعل، وأيضًا يطردها من قلبه من فكره.
وهنا يصعد الإنسان سلمًا في التوبة، كلما نضج روحيًا. ويصير ضميره حساسًا جدًا لا يتغاضى عن شيء. وبهذا يدخل إلى التوبة الحقيقة.