رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقاء أبونا بيشوى كامل مع البابا كيرلس السادس لقد بدا سامي كسحابة بيضاء تظهر بوضوح وتتعاظم، ثمَّ أخذت تتصاعد حتَّى ملأت وجه السماء وها هى تنسكب قطرات ماءٍ لتروي أزهار الكنيسة، ففي مساء الأربعاء (18/11/1959م)، عَلِمَ سامي بوجود البابا كيرلُّس بمقرِّه بالكنيسة المرقُسيّة بالإسكندريّة، فأخذ تلاميذه لنوال البركة. لحظات قليلة وجميلة.. والبابا يُحدِّق في عيني الخادم الأمين، مثل قدِّيس ينظر ليرى ما تخفيه هذه النفس من أسرار، أو هو يُريد أن يستنطقه عن حقيقة أمره، ويعلم منه سر مجيئه إلى هذا المكان في ذلك التوقيت بالذات! خاصة وأنّه لم يأتِ لزيارته وحده بل مع قطيعه الصغير، فهو إذاً راعي صالح يقود خِرَافه إلى المراعي الخضراء، ولا يجعلها تهيم فوق الصحراء الجرداء، ولهذا يستحق أن يكون له رعيَّة، وبصوت ملؤه الحُب يطلب من سامي أن يرسمه كاهناً! فهل انقشعت الغيوم وسكنت الأمواج، وبدأت سفينة حياته تسير في اتِّجاه شاطيء الكهنوت؟! وهل يمكن أن يترك العالم ويذهب للدير بعدما أُصيب والده بشلل؟! كيف لمن أعطى حياته للناس يتخلَّى عن والده المريض؟! أسئلة كثيرة تزاحمت في رأسه وأخيراً أحنى سامي رأسه في اتِّضاع، وبصوت امتزجت فيه دموع الشتاء بنسيم الربيع طلب الصلاة.. بعدها يُغادر المقر ويذهب إلى بيته، وقد كان ذلك اللقاء الروحانيّ أول فصل في رواية الحياة، حياة الكهنوت الَّتي يستحقَّها سامي كامل، وقد كان الله يُعدَّه لها روحيَّاً وعِلميَّاً دون أن يعرف. أيام قليلة.. قضاها سامي في دير أنبا صموئيل عاد بعدها يوم الاثنين (23/11/1959م) إلى منزل صديقه الأُستاذ يوسف حبيب الَّذي نصحه بطاعة البابا ففي الحال وافق وذهبا كلاهما لمقابلة البابا كيرلُّس، فلمَّا رآه قال له: ارتحت يا أخويا؟ فأجاب: نعم، فقال قداسته: يعني ماكانش حد هنا في الإسكندرية يقدر يريَّحك! فابتسم سامي..! وفي تلك اللحظة شعر كأنَّ أيدي حريريّة تبسط ثوباً ناعماً على رأسه العارية وأجنحة سماويّة تُرفرف حوله، فهدأ جسده وسكنت روحه وشعر بعاطفة عذبة تملأ خلايا صدره فأدرك أنَّ الله يتلامس معه ولن يتركه حائراً لأنَّه قد أحبَّه. |
|