"إلى اسمك وإلى ذكرك شهوة النفس. بنفسي اشتهيتك في الليل"
(إش 26: 8 )
ليست فقط أقواله، وليست فقط قواته هي التي تجتذبنا، بل شخصه قبل كل شيء يجتذب القلب. في يوحنا12: 41نقرأ أن إشعياء "رأى مجده وتكلم عنه (عن شخصه)". فماذا لو أن إشعياء كان بالرؤيا استطاع أن يرى مجد الرب يسوع، ويتقصى أثر طريقه سائراً من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية في أرض مولده، فأي سجود كان سيقدمه له. فلقد رآه على كرسيه العالي المرتفع وأذيال ثيابه تملأ الهيكل، والسرافيم تغطى الوجوه من بهاء مجد لاهوته، ونحن نحتاج أن نتعرف على شخصه ونستشعر مجده المستور خلف حجاب الجليلي المتضع المرفوض من العالم.
وبأية عواطف كتب الرسول الشيخ الذي كان يسوع يحبه، حين يقول في أخريات أيامه "الذي سمعناه. الذي رأيناه بعيوننا. الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة ... الذي رأيناه وسمعناه نُخبركم به ... لكي يكون فرحكم كاملاً" (1يو 1: 1 -4) . ونحن لا نستطيع أن نسمعه أو نراه أو نشاهده أو نلمسه كما فعل الرسول، لكن تستطيع عيون إيماننا أن تتثبت عليه له المجد على صفحات الأناجيل الأربعة وتشاهد مجده. وأي موضوع آخر يستطيع أن يملأ قلوبنا فرحاً وشبعاً نظيره؟
وبطرس يصف خدمته بالقول "يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة، الذي جال يصنع خيراً ويشفى جميع المتسلط عليهم إبليس، لأن الله كان معه" (أع 10: 38 ) .
لنتأمله ذاهباً من مكان إلى مكان، ثم في الصبح باكراً جداً يمضى إلى موضع خلاء ليصلى، ولما جاءه سمعان وبعض التلاميذ، وقالوا له "إن الجميع يطلبونك، فقال لهم لنذهب إلى القرى المجاورة لأكرز هناك أيضاً لأني لهذا خرجت. فكان يكرز في مجامعهم في كل الجليل ويُخرج الشياطين" (مر 1: 38 ) .
وعندما طاف في الناصرة "وتعجب من عدم إيمانهم"، لم يكّل من أن يستمر في خدمته "وصار يطوف القرى المحيطة يعلـّم" (مر 6: 6 ) . ولوقا أيضاً يقدمه لنا كمن "كان يسير في مدينة وقرية يكرز ويبشر بملكوت الله" (مر 6: 6 ) .
وبالرغم من المعارضة التي قابلها، كان يقول للفريسيين "ينبغي أن أسير اليوم وغداً وما يليه" (لو 13: 33 ) .