مجمع غير قانونى يحرم البابا السكندرى وممنون أسقف أفسس
وبعد أن فض المجمع جلساته وأصدر قراراته وصل البطريرك الأنطاكى يوحنا وبرفقته إثنان وثلاثون أسقفأ ، فأسرع المندوب الإمبراطورى لملاقاته حتى لا يتصل بأباء المجمع وأمر الجنود بحراسة المكان المعد لإضافته ، ومنع أى أسقف من الأتصال به ، وحاول اساقفة المجمع الإتصال به ولكنهم أخفقوا ، واخيراً أجتمع رأيهم على أن يقفوا بباب داره ، وظل الآباء الأساقفة واقفين بالباب ساعتين طالبين مقابلته إلا أنه رفض مقابلتهم وأمتنع بإرادته ، وكل ما فعله انه وكل كتبته ليقابلوهم ، فعز على ألاباء الساقفة ذلك كثيراً وإضطروا إلى العودة حيث عقد المجمع جلسة عاجلة سجلوا فيها هذه الأحداث .
مجمع غير قانونى يحرم البابا السكندرى وممنون أسقف أفسس
وتمادى يوحنا الأنطاكى فى عنادة وإنضم إلى نسطور واساقفته وعقد مجمع منفصلاً حضره 43 أسقفاً أى أنه هو وأساقفته 33 أسقفاً + أساقفة نسطور العشرة الباقيين ، تداول فيه قرارات المجمع المسكونى وأتهم البابا كيرلس وممنون أسقف أفسس بأنه تعجلا فتح المجمع ،بالرغم من أنه أرسل رسولا إلى المجمع يصرح فيه أن لا ينتظروه وأنه سيتأخر ، ورفض أيضاً الحروم الإثنى عشر ، واصدر هذا المجمع الغير قانونى خلع وحرم كل من كيرلس وممنون عن كراسيهما .
ثورة اهل أفسس
وكان خلع ممنون أسقف أفسس هو الخطأ المميت الذى وقع فيه الحزب النسطورى الذى إنضم إليه يوحنا النطاكى وأساقفته ، فقد ثار أهل أفسس ثورة عارمه لمحبتهم لسقفهم ولم يقبلوا اسقفاً غيره ، ووردت أخبار ثورتهم غلى القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية وكان ألإمبراطور ثيودوسيوس الثانى مؤيداً لنسطور وهرطقته ومسانداً لقرارات يوحنا الأنطاكى صديقة ، لذلك اصدر أمراً لـ كندينياس المندوب الإمبراطورى بضرب الشعب بالعصى وتعذيب الذين لا ينصاعون للأوامر حتى يخضعوا ، وقد ظنوا أن الإضطهاد يرعبهم ، ولكن الشعب الصامد إزداد صلابة وثباتاً ، وخشى يوحنا الأنطاكى من تفاقم الموقف ولم يجرؤ على فرض أسقف دخيل ، كما لم يجرؤ أيضاً على منع الأساقفة الشرعيين من إقامة الشعائر الدينية .
إلتئام مجمع أفسس المسكونى وحرمان يوحنا واساقفته
طالب البابا كيرلس وممنون أسقف أفسس مجمع أفسس الشرعى ان يجتمع ويفحص أحقية قرار الخلع الذى اصدره يوحنا أسقف أنطاكية ضدهما ، ونزولاً على رغبتهما إلتأم المجمع قبل إنفضاضه خصيصاً فى نفس المكان ، وأرسلوا ثلاثة اساقفة لإستدعاء يوحنا ألنطاكى لكنه رفض تلبة الدعوة ، فأرسلوا له ثانية ، ومرة ثالثة تنفيذاً لوصية الإنجيل ، ولكنه رفض كالعادة وأصر الرفض .
وبعد أن ناقش المجمع ما فعله يوحنا اسقف أنطاكية قرر أنه لا بد أن يؤاخذ على خطأين :
1 - أن يوحنا اسقف أنطاكية لا يملك إصدار حكم على أسقف يراس مجمعاً
2 - قرر مجمع أفسس أن يوحنا إنفصل عن مجمع أفسس وكون له حزباً ذو صفة خاصة ، لهذا لا يملك قوة المجمع المسكونى العالمى لهذا أعلن مجمع أفسس أن قرار خلع الأسقفين باطل بطلاناً مطلقاً .
وفى اليوم التالى إجتمع مجمع أفسس وأرسل رسلاً بإستدعاء يوحنا اسقف أنطاكية ليبلغه قراراته الأخيرة ولكنه اصر على عدم الحضور ، فإضطر مجمع افسس المسكونى لإصدار حكماً بقطعه هو وأنصاره باسمائهم ، علاوة على تأكيد بطلان قراراتهم ضد كيرلس وممنون .
القبض على البابا كيرلس وممنون وإيداعهما السجن
وكان مجمع أفسس المسكونى يرسل القرارات أولاً بأول إلى الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى إلا أن المندوب الإمبراطورى قد أصدر أمراً لحراس الطرق ومداخل المدن ألا يدع أحداً يتصل بالأمبراطور ، وعلى ذلك فلم يتسلم الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى سوى الرسائل التى زيف فيها المندوب الإمبراطورى الحقائق ، وأوهمه فيها أن نسطور ويوحنا الأنطاكى ومجمعهما المزيف قد خلعا البابا كيرلس وممنون أسقف أفسس .
وبسرعة وبدون تروى لإستطلاع الأمور أرسل الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى إلى أفسس الأمير يوحنا أحد شرفاء قصره يحمل المر الإمبراطورى بالتصديق على خلع البابا كيرلس وممنون أسقف أفسس .
وحين إستلم مندوب الأمبراطور أمر الخلع أمر بالقبض على البطلين الأرثوذكسيين البابا كيرلس وممنون أسقف أفسس ووضعوا كلاً منهما فى حبساً منفرداً ، وشددوا عليهما الحراسة ، ولتهدئة أهل أفسس أطلقوا الشائعات والإفتراءات الباطلة وكان بطل ترويجها يوحنا الأنطاكى وأساقفته ، حتى بلغت حد التصديق ، حتى أنه بلغ قوة هذه الشائعات وحبكها أنها عندما وصلت إلى بعض أصدقاء البابا كيرلس صدقوها وكان من بينهم كايسيذوروس الفرمى (من بلدة الفرما على حدود مصر) فكتب رسالة يعاتبه فيها على ما يسمعه من شائعات كثيرة لا تليق بمعلم كبير مثله .
خطاب من آباء مجمع افسس المسكونى لكهنة القسطنطينية وشعبها
إستاء آباء مجمع افسس المسكونى من هذا التصرف فكتبوا رسالة إلى كهنة القسطنطينية وشعبها ، سجلوا فيه المعاملة القاسية التى عوملوا بها من مندوب الإمبراطور ، وتحيز رجال البلاط لنسطور تحيزاً ملموساً ، وبالرغم من توقيع جميع آباء مجمع افسس المسكونى على قرار حرمات وخلع نسطور إلا أن يوحنا ألنطاكى لم يعبأ بالقرار ، بل واصدر حكماً من مجمعه المزيف بخلع البابا كيرلس وممنون أسقف أفسس فى عناد وتصلف ليقابل هذا الحرم بالحرم الذى أصدره المجمع ضد نسطور صديقة ، وقد اوضح مجمع افسس فى رسالته أن يوحنا الأنطاكى بإنفصالة وتحزبه عن آباء الكنيسة فى المجمع قد أضاع السلطة فى ان يصدر حكماً لأنه تحزب وتحيز ، فإن شاء الإمبراطور أن يطلع على حقيقة ما حدث وما دار بين الطرفين عليه أن يستدعيهم لمقابلته شخصياً ، أما لو شاء هو أن نموت فلن نتنازل عن إيماننا ، فسنرضى بالموت عن أن نخون سيدنا المسيح له المجد ، وقد قام بالتوقيع على هذه الرسالة الأسقف الأورشليمى الذى أصبح رئيس المجمع بعد أن قبض على البابا كيرلس وأودع السجن .
المـــــراجع
(1) القديس كيرلس الكبير عمود الدين - كنيسة مارجرجس بإسبورتنج ص 25 - 26