|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تميزت حياة العذراء مريم وشخصيتها بجوانب عدة تدعونا للسير قُدماً نحوها ولنكتسب منها ما يشبع حياتنا الروحية من فضائل وعن ذلك قال القديس اغسطينوس: "لاكتساب فضائل القديسين ومساعدتهم عليك أولاً الاقتداء بهم لتكتشف كيف عاشوا ومارسوا الفضيلة في حياتهم على الارض وهم في السماء يتوسلون الى الله من أجلنا". الدعوة مفتوحة إذا كنت من الراغبين في بناء علاقة صحيحة مع الرب بالصلاة فالعذراء تقول لنا: "أولادي اسمعوني وطوبى للذين يحفظون طرقي". ومن أراد أن يتمثل بشخص ما، إما أن يكون على مثاله أو أقله يتشبه به، فنحن إن كنا نحب العذراء مريم، علينا اولاً أن نتشبه بها في عيش الفضائل حيث تلألات هي في كل الفضائل بدرجاتٍ سامية. خذها إذن الآن مثالاً لاكتساب التواضع والوداعة حيث لا سبيل للحصول عليهم خارجاً عن العذراء مريم النموذج الحي لهتين الفضيلتين. وأركز هنا على التواضع حيث شددّ الآباء القديسون بقولهم أن التواضع حجرالأساس للفضائل كلها. فمن دونه لا يمكن أن توجد فضيلة حقيقيّة في نفس الإنسان وإذا امتلك الانسان التواضع فهذا يعني أنه امتلك كل الفضائل والعذراء كانت تعرف نفسها جيداً وأوضحت لنا بقولها " لأنه نظر الى تواضع أمته" . فالانسان ذو القلب النقي والمتواضع يعرف جيداً ما اكتسبته نفسه من نِعَم الرب عليه. يقول الرب في سفر الامثال 8/17 عندي الغنى والمجد والكرامة والعظمة والذين يبكرون إليّ يجدوني . وأنت أيها الشاب ويا أيتها الشابة لكما مريم العذراء نموذج لحياة العفة والطهارة ومنها يمكنكما أن تكونا قدوةً صالحة لغيركما. ويا أيها الخادم الذي قدمت ذاتك لحياة الخدمة إن كان ينقصك شئ لتكون خدمتك صالحة وأمينة عليك أن تسرع الى العذراء مريم أم الخادم وتأخذ منها النموذج لحياة خدمة ملؤها التضحية والعطاء وإنكار الذات . مريم أم جميع النعم والفضائل ولا طريقة لنا للحصول على ما ينقصنا سوى بالتوجه صوب العذراء وطلب منها ما يلزمنا لحياتنا في سبيل بناء ركيزة إيمانية عميقة لسيرنا نحو يسوع المسيح الطريق والحق والحياة. ابرز الفضائل التي عاشتها السيدة العذراء: 1- حياة الوادعة والتواضع ها أنا أمة الرب فليكن لي حسب قولك هكذا عاشت العذراء مريم وجسدت طيلة حياتها هذه الفضيلة وصارت أما لله متواضعة وتعطينا نحن أن نسلك بهذه الروح التي ننالها بفعل الروح القدس والاسرار والمواهب التي يسكبها هذا الروح في نفوسنا وضمائرنا. لعلها الفضيلة الأساسية التى جعلت الرب ينظر إليها انها كانت وديعة إذ قالت "لإنه نظر الى اتضاع أمته"(لو 48:1). ظهرت هذه الفضيلة في الكثير من المواقف في حياتها نذكر منها :شجاعتها في انكار ذاتها وتفضيل الآخرين وخدمتهم خدمة مبنية على المحبة والتواضع. فعندما سمعت بنسيبتها اليصابات حُبلى هي ايضاً قامت مسرعة لتخدمها مع أنها أم المسيح, لكنّ كرامتها لم تمنعها من أن تذهب إلى أليصابات فى رحلة مضنية شاقة عبر الجبال وتمكث عندها 3 شهور تخدمها حتى ولدت ابنها يوحنا (لو 1: 39-56). فعلت هذا وهي حبلى برب المجد. هل عندنا هذا التواضع الذى يحول الأم إلى أمة؟ كلما اتضع الإنسان أمام الله كلما انتصر على التجارب، فالاتضاع أمام الله، هو طريق الانتصار، من يتواضع يرفعه الله "أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتواضعين". 2. حياة النعمة : قال لها الملاك: "سلام لك أيتها الممتلئة نعمة" كلمة (نعمة = خاريس).. أصل الكلمة يقصد "فعل الروح القدس".. فعندما يملأ روح الله الإنسان يملأه من النعمة. أى يفعل فيه فعلاً إلهياً مقدساً ومكرساً ومدشناً هذا الإنسان، فيصبح مكانًا وهيكلاً لسكنى الروح القدس."أما تعلمون أنكم هياكل الله وروح الله يسكن فيكم" إذن النعمة هي عمل الروح القدس.. فالعذراء وهي طفلة فى الهيكل تصلى و تقرأ وتخدم. فتحت قلبها لعمل الروح القدس، لذا كان طبيعياً أن يحلّ فيها الروح القدس. ونحن كي ننال من الروح هذا الملء وهذه النعمة علينا أن نفعل كما كانت العذراء، فنصلي كثيرًا بقراءة الكتب المقدسة وسير القديسين والتأمل في عظائم الرب الخالق "الذي لا يقرأ الكتاب المقدس يجوع... ومن يجوع يموت... الخبز للجسد كالكتاب المقدس للنفس، ومثلما الخبز يشبع الجسد وأساسي لحياته، كذلك الكتاب المقدس أساسى لشبع النفس". والاتحاد به بذبيحة الأفخارستيا، هذه هي النعمة وسكنى الروح القدس ومن هنا نصير لا اصدقاءًا للمسيح فحسب، بل إخوةً وأبناء له. وعندما نصلّي على مثال العذراء المتعبدة لله في الهيكل منذ طفولتها نتغذّى تمامًا كما تغذّت من لبن الصلاة، لأن هذه الأخيرة هي كالحبل السرّي للجنين فى بطن أمه، فإذا انقطع، انقطعت الحياة عنه.. هكذا، تصير صلاتنا الرباط بيننا وبين الله. فالله يسكب دمه الإلهى"لأن من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فىّ وأنا فيه" ونعمته فى أحشائنا، الله يعمل فينا من خلال نسمة الحياة التي هي الصلاة، فالصلاة هي الأوكسجين أو الغذاء. 3-فضيلة القبول: بدّلت مريم العذراء نظرة الإنسان إلى الله وكشفت بقبولها بشارة الملاك، عن وجه الله الحقيقيّ الذي، وهو ربّ الحياة، صار قريبًا منه، سكانًا فيه، رأته أعيننا ولمسته أيدينا فلم يعد الله متعاليًا، بعيدًا عنّا كما في زمن موسى النبيّ "من يستطيع ان يرى وجهك ويحيا". لم يكن هناك تعامل مع الله ساكن السموات، ونحن هنا على الأرض وبيننا وبين الله مسافة كبيرة، ولكن السيدة العذراء أحست أن الله أباها، وبدأت تقيم حواراً معه، فحتى عند بشارة الملاك لها بأنها ستحبل وتلد ابناً كانت تستطيع أن تصمت على الأقل خوفاً ورهبة، ولكنها بدأت تسأل: "كيف يكون لى هذا؟" وكان رد الملاك لها محاولاً أن يوضح لها ويفسر ذلك... "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك..." وكان سؤال العذراء استفسارى فى حوار بنوى، وليس حوار فيه روح الشك، فالعذراء كان بينها وبين الله دالة، ما أحلى أن تكون موجودة بينك وبين ربنا يسوع هذه الدالة البنوية. ولنتأمل يا أحبائى فى قصة السامرية.. 8 مرات يسألها الرب يسوع وتجيبه هى، وتسأله السامرية ويجيبها رب المجد... فالله لا يسكن فى الأعالى ويتركنا، ولكن هو يريدنا أن نتحدث معه دائماً وأن نسمعه "هلم نتحاجج يقول الرب" نريد أن نتعلم الحوار مع الله، وداود يقول إنى أسمع ما يتكلم به الرب الإله. . 4-حياة الايمان والتسليم الكلي لمشيئة الرب "آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (يو 45:1) وسلمت أمرها له "ليكن لى كقولك" (لو 38:1) هذا الإيمان الذى تسلمته من أبويها وكذلك تمسكت به وحافظت عليه في حياتها وقلبها بتسليم كامل لمشيئة الرب الذى يقود ويدبر الخليقة ورعايته وابوته وعينه الساهرة دائماً. ميزات إيمان مريم: أ- إيمان بلا شك. تقبلت بثقة بشارة الملاك كحقيقة ثابتة لميلاد المسيح بجوابها ليكن لي كقولك. وفاقت بهذه الثقة الكثير من الذين تعاملوا بعلاقة وثيقة مع الله كسارة التي ضحكت عندما سمعت بشارة الملائكة بميلاد إسحق وقالت" ..أبعد فنائى يكون لى تنعم وسيدى قد شاخ.."(تك12:18وزكريا الكاهن الذي بشره الملاك بمولدٍ وهو طاعن السن فلم يصدق البشارة . اما العذراء فقالت:" ليكن لى كقولك..."( لو 38:1) ولكن هذه الثقة لم تمنعها من الاستفار عن كيفية تمام هذه البشارة "..كيف يكون هذا..." اجابهاالملاك:"...الروح القدس يحل عليك.." آمنت بلا شك وقالت:"...ليكن لى كقولك..." ب- إيمان بلا جدال: الكتاب المقدس مليء بقصص من أولاهم الرب ثقته في حمل رسالة معينة لأجل خلاص افراد أو مدن ولكن هؤلاء لم يقبلوا بسهولة هذا التكليف فطلبوا علامة أعطاهم الله إياها نذكر على سبيل المثال : موسى النبى حين أرسله الله وأعطاه علامات تحويل العصا الى حية وتحويل يده السليمة الى برصاء (خر4). جدعون وعلامة جزة الصوف (قض6). زكريا الكاهن وعقوبته بالصمت . تلد عذراء لهذا قال الرب على لسان أشعياء النبى العظيم:"....يعطيكم السيد نفسه آية, ها العذراء تحبل وتلد ابناً...." وجاءت العذاء لتتميم هذه الآية ولم تطلب أي علامة. ج- إيمان بلا خوف: كثيرون من الذين رأوا الرب أو تكلموا معه أصابهم الخوف مثال أشعياء النبى ويل لي، قد هلكت لأني رجل نجس الشفتين، وأنا مقيم بين شعب نجس الشفاه، وقد رأت عيناي الملك رب القوات )). (أش 5:6), ومنوح وزوجته فقال منوح لامرأته: (( إننا موتا سنموت، لأننا عاينا الله )). قض-13-23: فقالت له امرأته: (( لو أن الرب أراد أن يميتنا، لما قبل من أيدينا محرقة وتقدمة، ولا كان أرانا ذلك كله، ولما أسمعنا مثل ذلك في هذا الوقت )). (قض 23:13). أما العذراء فلم تخف بل آمنت بالرغم من اضطرابها بعض الشئ. كان قلبها ممتليء بخوف الله . 5- المواظبة على الصلاة تضع الكنيسة المقدسة أمنا مريم العذراء كنموذج نتقدى به فتذكرلنا أولاً أنها كانت تواظب مع الرسل على الصلاة حيث كانوا يجتمعون معاً بنفس واحدة(أع 14:1) ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا وعلى مدى الاجيال تبقي امنا العذراء مريم والدة الاله عضواًُ أساسيًا متميزًا كنموذج ومثال رائع ومشارك لبناء النفس البشرية . 6- الولادة الجديدة والدائمة البتولية فكما أن العذراء ولدت المسيح وهو رأس الكنيسة فإن الكنيسة فى كل يوم تلد أعضاء جدداً للمسيح فى الجسد بالمعمودية "أنتم الذين اعتمدتم بالمسيح،المسيح قد لبستم (غل4/26). وكما أن ولادة العذراء تمت بإتحادها بالروح القدس فكذلك تلدنا الكنيسة بفعل الروح القدس والأسرار ليجعلوا منا نورا لن ينطفئ وملحًا لا يفسد. 7- حياة الالم فجاز فى نفسها سيف الألم عدة مرات وابرزها شكوك اليهود وتوجيه بعض الاتهامات المزعومة عن حبلها. وأيضاً عندما رأت ابنها الحبيب الحنون معلقاً على الصليب وكذلك الكنيسة عاشت وتعيش مضطهدة ومتألمة مرفوضة من العالم ، كحملان وسط ذئاب (لو 3:10) وكلّما ازداد الألم والضغط على الكنيسة كلما نمت وتمجدت لأن الآلام دائماً معبرنا للمجد ولأن رئيس خلاصنا ورأس جسدنا هو المسيح المصلوب. 8- حياة الخدمة والعطاء العذراء خدمت البشرية واجتذبتها للخلاص بهدوئها وصمتها، "لأنك قدمت لله شعباً كثيراً من قبل طهارتها وكذلك الكنيسة تعمل وسط البشرية كالخميرة التى يسرى مفعولها فى هدوء لتخمر العجين كله. فليست الخدمة الفعالة هى ذات الرنين العالى والشهرة الواسعة والدعاية الجوفاء.. ولكن الخدمة الفعالة هى خدمة مرتكزة على الجذور والتأصل في العمق والهدوء إن مجرد ذكر اسم العذراء يبعث النفس على الخشوع والصلاة ويملأ القلب بهجة ووقاراً ويشيع فى الجسد قداسة ونقاء.. إنها كأم تجمعنا حولها.. وتقدمنا لابنها.. فلنهتف إذاً مع اليصابات "مباركة أنت فى النساء" (لو 42:1) وخيرا هي بحق اما للكنيسة وللمؤمنين منذ ان استودعنا الرب يسوع اياها في شخص الرسول يوحنا الحبيب وهو يتاًلم على خشبة الصليب قائلالهللها هوذا ابنك وقائلا للرسول يوحنا الحبيب هذه امك فنحن المؤمنون جميعا اولادها وبناتها وهي امنا جميعا تنقل طلباتنا الى ابنها الرب يسوع منذ معجزة عرس قانا الجليل الذي نفذها الرب يسوع ووقته لم يحن بعد تلبية لطلب امه منه |
|