يُوسُفُ ظن في ضعفه الإنساني، بعد أن مضت عليه إحدى عشرة سنة، أن الرب قد تركه والسيد قد نسيه، فلجأ إلى المعونة البشرية، وكان بالحقيقة مظلومًا ومهجورًا، لكنه تعلم أنه لا نفع يُرجى من عون إنسان، وأنه باطلٌ هو خلاص الإنسان. حَلَّ به الإحباط، وانتُزع كل رجاء في النجاة. لكنه عاد ينتظر المواقيت الإلهية، مُسلِّمًا نفسه بين يدي الرب الحانيتين، واثقًا أن الأمور دائمًا بين يديه. كان يصرخ من الذل، وكانت الإجابة مزيدًا من الذل إلى وقت مجيء كلمته.
وحدث من بعد سنتين من الزمان، أي بعد أن صار له ثلاث عشرة سنة في الذل والحرمان، أن الرب أشرف بنفسه على الأحداث وحرَّك الأمور لصالح يوسف، وكان ذلك من خلال حُلم فرعون. والساقي الذي نسيه بعد يومين تذكَّره بعد سنتين. أسرعوا به من السجن ليعتلي العرش، وتبدأ سنوات الرفعة والمجد والإكرام الإلهي على غير توقّع، ويظهر أن الله حقيقة حيّة، وأنه يرى ويجازي، وأنه يعمل الكل حسنًا في وقته، ويجعل كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبونه. وفي النهاية استطاع أن يقول: «اللهَ أَنْسَانِي كُلَّ تَعَبِي وَكُلَّ بَيْتِ أَبِي»، بل إن «اللهَ جَعَلَنِي مُثْمِرًا فِي أَرْضِ مَذَلَّتِي» (تك51:41، 52).