رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحيوانات المحللة والمحرمة: "هذه هي الحيوانات التي تأكلونها من جميع البهائم التي على الأرض: كل ما شق ظلفًا وقسمه ظلفين ويجتر من البهائم فإياه تأكلون" [2-3]. طالب الله الإنسان ألا يأكل من الحيوانات إلاَّ ما كان منه مشقوق الظلف وفي نفس الوقت يجتر. هذه هي شريعة الحيوانات المحللة للإنسان في العهد القديم. وقد رأى كثير من الآباء في هذه الشريعة رموزًا تمس حياة المؤمن وعلاقته بالله: أولًا: بالنسبة للاجترار، يرى كثير من الآباء كالأب برناباس والقديس كليمندس الإسكندري وايريناؤس وجيروم وغيرهم(138) أن الإجترار يُشير إلى اللهج الدائم والتأمل المستمر في كلمة الله نهارًا وليلًا. فمن كلمات برناباس: [ماذا يقول (موسى عن الإجترار): التصقوا بخائفي الرب الذين يتأملون تعاليمه بقلوبهم المتضعة، ويتحدثون عن إرادة الله ويحفظونها، وفي تأملهم المفرح يهذون بكلام الله(139)]. وفي رأي العلامة أوريجانوس(140) أن اجترار الطعام الذي سبق أكله، إنما يعني الانطلاق من المعنى الحرفي إلى المعنى الروحي للكلمة الإلهية، والارتفاع بفهمها من الأمور المنظورة السفلية إلى الأمور العليا غير المنظورة. ثانيًا: يرى القديس جيروم في الحيوان المشقوق ظلفه إشارة إلى المؤمن الذي يتقبل كلمة الله بعهديها القديم والجديد، يجتر فيهما معًا. فاليهود إذ رفضوا العهد الجديد حسبوا أصحاب ظلف غير مشقوق فهم غير أطهار. وبنفس الطريقة إذ رفض بعض الغنوسيين العهد القديم حسبوا أصحاب ظلف غير مشقوق، أما [رجل الكنيسة فمشقوق الظلف ومجتر، يؤمن بالعهدين معًا وكثيرًا ما يتأملهما بعمق. وما قد دفن في الحرف (كما في معدته) يرده مرة أخرى (ليجتره) خلال الروح(141)]. ثالثًا: يؤكد القديس كليمندس الإسكندريما قاله الأب برناباس [إن مشقوق الظلف يُشير إلى الإنسان الذي يعرف أن يسلك بالحق في هذا العالم كما فيما يخص الحياة المقبلة(142)]. إنه يقول: [الإنسان الروحي في فمه كلمة الله، يجتر الطعام الروحي، وبالبر ينشق ظلفه حقًا إذ يقدسنا في هذه الحياة كما يدفعنا في طريقنا للحياة الأبدية(143)]. رابعًا: يرى القديس ابريناؤس(144) أن الحيوانات المشقوقة الظلف تُشير إلى المؤمنين الذين لهم إيمان ثابت في الآب والابن معًا، فلا ينكرون لاهوت الآب ولا لاهوت الابن، أما أصحاب الظلف الواحد فهم الهراطقة الذين ينكرون الابن. خامسًا: إن كان الظلف - كما الأظافر- يمثل جزءًا ميتًا فإن الظلف المشقوق يُشير إلى شق ما هو ميت فينا، أي صلب الشهوات الجسد. فإن كان الإجترار يمثل تمتع النفس بكلمة الله كسرّ حياتها الداخلية فإن شق الظلف يُشير إلى صلب شهوات الجسد، وكأن العملين متكاملان: حياة الروح مع إماتة شهوات الجسد الشريرة. سادسًا: يرى العلامة أوريجانوسأنه لا يحسب الحيوان طاهرًا ما لم يتحقق الشرطان معًا، إذ [يجب ألا نأكل من هذه الحيوانات التي يبدو فيها إنها غير طاهرة من جانب وطاهرة من جانب آخر(145)]. الذين يجترون وليس لهم الظلف المشقوق، هم الذين لهم الظلف المشقوق دون أن يجتروا، فهم كما يقول العلامة أوريجانوسالفلاسفة والهراطقة الذين قد يظهر بعضهم نوعًا من الخوف من الدينونة ويسلكون بوقار وحذر لكنهم لا يتأملون كلمة الله، وليس لهم الإيمان الحق... قدمت لنا الشريعة أمثلة للحيوانات النجسة التي لا يجوز أكلها مثل الجمل والوبر والأرنب، إذ هي حيوانات تجتر لكنها بلا ظلف مشقوق، وكالخنزير بكونه له الظلف المشقوق لكنه لا يجتر. كلنا يعرف هذه الحيوانات عدا الوبر أو الوبار (146)coney أوrock badger وهو حيوان صغير يشبه الأرنب، لونه أسود يميل إلى الصفرة، وإن كان فراؤه غالبًا ما يتخذ لون الأرض التي يعيش فيها حتى يتعذر رؤيته. يسكن في الصخور (مز 104: 18، أم 30: 26) لكنه لا يقوم بحفر موضع له. حسبه الكتاب مع الحيوانات المجترة من أجل مظهرة الخارجي إذ يحرك فكه الأسفل كمن يجتر. ليس له ظلف مشقوق، إنما له قدمان أماميتان بكل منهما أربعة أصابع تنتهي بمخالب حادة، وقدمان خلفيتان تنتهي كل منهما بثلاث مخالب حادة. يعيش جماعات صغيرة تحت قيادة حارس يقيم في مكان مرتفع ليعطي إنذارًا إذا ما حاق بها الخطر. يكاد لا يُرى إلاَّ عند الصباح أو المساء عندما يخرج ليبحث عن طعامه. وهو يوجد في شبه جزيرة العرب وفي شمال فلسطين وفي منطقة البحر الميت. أما اسمه العلمي فهوprocaira syriaca ، hyrax syriacus. يحسب الوبر دنسًا من أجل عدم وجود الظلف المشقوق، وهو يمثل الإنسان الدنس بشراسته إذ يعرف بعضته المؤذية. أما الخنزير فيرمز للشره في الأكل أو النهم والدنس(147). يتحدث عنه القديس أكليمندس الإسكندريكحيوان نجس، فيقول: [الخنزير يرمز لكثرة الكلام (بسبب ضجيجه المستمر)، ولنهمه الدنس، وتهوره في العلاقات الجنسية بطريقة دنسة شهوانية فاسقة، كما أنه مادي يتمرغ في الوحل، يُسمن للذبح والهلاك(148)]. ويعلق الأب برناباس على الخنزير كحيوان دنس بقوله: [كأن موسى يقول: لا تلتصق بأناس يشبهون الخنازير، أي أناس ينسون الرب عندما يكونون متنعمين، ويعرفونه فقط عند العوز، فالخنازير لا تتعرف على سيدها وهي تأكل وإنما عندما تجوع إذ تأخذ في الصراخ حتى تنال أكلها فتهدأ من جديد(149)]. وقد حسب الفينيقيون والأثيوبيون والمصريون الخنزير نجسًا، مع أنهم في مصر كانوا يقدمون خنزيرًا ويأكلونه كذبيحة في عيد إله القمر وأوزيريس . ومع هذا إن لمس أحد خنزيرًا يلتزم أن يغتسل. ولم يكن يسمح لراعي الخنازير أن يدخل الهيكل، ويصعب أن يجد فتاة تقبل الزواج منه إلاَّ إن كانت من بنات الرعاة مثله(150). أما بالنسبة لليهود فكانت رعاية الخنازير من أحقر المهن لا يمارسها إلاَّ المعدومون (لو 15: 15)، استخدم ذبائح الخنازير إشارة إلى الإباحية الوثنية (إش 65: 4)، وأيضًا أكل لحمه (إش 66: 17). في عصر انتيخوس الرابع صدرت الأوامر لليهود أن يأكلوا لحم الخنازير للتأكد من جحدهم إيمانهم وموالاتهم لدين الغزاة الحكام (1 مك 1: 47، 50، 2 مك 6: 18، 21، 7: 1). لهذا عمل المكابيون على الامتناع عن أكل الخنزير كعلامة الأمانة لحياتهم الدينية. وقد جاء عن العازر (2 مك 6: 18 إلخ) والأخوة السبعة (2 مك 7: 1 إلخ) أن يحتملوا العذابات المُرّة حتى الموت ولا يقبلوا أكل لحم الخنزير. في أيام السيد المسيح كان البعض يرعى الخنازير لا لأكلها وإنما لبيعها لليونان والرومان، فكان هؤلاء الرعاة يمثلون الإنسان محب المال على حساب طهارتهم ونقاوتهم، وقد أعطى الرب درسًا لرعاة خنازير كورة الجرجسيين حينما سمح للشياطين أن تخرج من المجنونين وتدخل في القطيع فاندفع كله على الجرف إلى البحر ومات في المياه (مت 8: 32). وحينما ضرب مثلًا عن ثمار الانحراف قدمه في شكل ابن مسرف فقد ماله وخرج إلى حقل يرعى خنازير ويأكل معها أكلها (لو 15: 15-16). وأيضًا إذ أراد أن يصوّر بشاعة من لا يبالي بالمقدسات الإلهية قال: "لا تطرحوا درركم قدام الخنازير لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم" (مت 7: 6). هكذا يصور الكتاب الخنزير بالكائن الذي لا أمل فيه حينما قال: "خزامة ذهب في فنطيسة خنزيرة المرأة الجميلة العديمة العقل" (أم 11: 22). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ما هي الحيوانات المائية في الكتاب المقدس |
الأطعمة المحللة والمحرمة في الكتاب المقدس |
الحيوانات المحللة والمحرمة في الأنجيل |
كيف يجب معاملة الحيوانات؟ في الكتاب المقدس |
الحيوانات في الكتاب المقدس |