رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
«خُذ ابنك وحيدَك، الذي تحبهُ، إسحاق، واذهب إلى أرض المريَّا، وأصعِدُهُ هناك مُحرَقة»(تكوبن 22: 2) إننا إذ نتأمل مشهد جَبَل المُريَّا من ناحيته الرمزية، ترتسم أمامنا عظمة محبة الله التي تجلَّت في بذل ابنه لأجلنا. لقد قال الله لإبراهيم: «خُذ ابنَك»، وهكذا نقرأ عن الله أنه: «لم يُشفق على ابنه، بل بذَلَهُ لأجلنا أجمعين» ( رو 8: 32 ) وأيضًا قيل لإبراهيم: «خُذ ابنك وحيدك». ويؤكد لنا الفصل الذي أمامنا ثلاث مرات أن إسحاق هو ابنه الوحيد (2، 12، 16)، وفي هذا تعبير عن محبة الله الذي «بذلَ ابنَهُ الوحيد» ( يو 3: 16 ). وأخيرًا يقول الله لإبراهيم: إن هذا الابن الوحيد الذي سيُقدِّمه هو موضوع محبته «خُذ ابنك وحيدك الذي تُحبُّهُ». وهذا يُذكِّـرنا بمحبة الآب لابنه في القول: «الآب يُحبُّ الابن» ( يو 3: 35 ) وفي هذا الأصحاح الذي أمامنا نقرأ لأول مرة في الكتاب، عن المحبة، ولا عجب في ذلك فالمشهد يكلِّمنا عن محبة الله الآب لابنهِ الوحيد الحبيب. إن كان هذا المشهد يُكلِّمنا عن محبة الله لابنه، فإنه يُكلِّمنا أيضًا عن طاعة الابن الكاملة لإتمام مشيئة أبيه، فلا نسمع أي شكوى من إسحاق يتضرَّر بها من تقديمه، ولا نرى منه أية مقاومة لمَّا رُبط ووضع على المذبح بل نرى خضوعًا كاملاً، وطاعة تامة لإرادة أبيه. وفي كل هذا نرى ظلاً لامعًا لطاعة المسيح الكاملة المطلقة لأبيه، التي قادته أن يقول أمام شبَح الموت: «لتكن لا إرادتي بل إرادتك» ( لو 22: 42 ). هذا ونرى أيضًا أنه في الوقت الذي كان فيه الحَطَب موضوعًا على إسحاق كانت النار والسكين في يد إبراهيم، وطيلة أيام خدمة ربنا يسوع المسيح، كان يعلم يقينًا أنه سيموت. ففي كل خطوة كان ظل الصليب ماثلاً أمامه، «وإذ كان الجميع يتعجَّبون من كل ما فعل يسوع»، كان هو ـ تبارك اسمه ـ يعلَم أن «ابن الإنسان سوف يُسلَّم إلى أيدي الناس» ( لو 9: 43 ، 44). والتلاميذ إذ كانوا يتبعونه إلى أورشليم، كان مجد الملكوت يلوح أمام عيونهم، بينما كان هو يعلم أنه إنما إلى عار الصليب يسير. هذا ومع أنه قد سُمح للناس أن يصلبوا الرب، إلا أن النار والسكين ـ أو بالحري الدينونة والموت ـ كانا في يد الله. لقد ظن البعض أنه في قدرتهم أن يصلبوا أو يطلقوا الرب حسبما يشاءون، لكن الرب يقول لبيلاطس: «لم يكن لكَ عليَّ سلطانٌ البتَّة، لو لم تكن قد أُعطيت من فوق» ( يو 19: 11 ). |
|