الشفاعة من منظور أرثوذكسي

walaa farouk · رقم المشاركة : ( 1 ) 17 - 01 - 2017, 09:49 PM

الكنيسة هى وحدة واحدة لا تتجزء، المؤمنون فيها كلهم جسد واحد هو "جسد المسيح". إذاً كل المؤمنين والمشتركين فى هذا الجسد هم الوحدة الواحدة التى تتكون منها الكنيسة، لذلك فإن تألُم عضو من أعضاء هذا الجسد هو تألُم للجسد بأكمله لان الجسد الواحد له نفس الحس فى الفرح والألم.
الجسد الواحد يتكون من كنيسة مجاهدة مازالت تجاهد على الارض وكنيسة منتصرة من بعد جهادها الأرضى لتسكن فى خلود السماء الى أبد الابدين فى المسيح يسوع.
فحينما تتألم الكنيسة المجاهدة ينتقل إحساس الألم إلى أعضاء الجسد الواحد من الكنيسة المنتصرة، لكن ليس بمفهومنا الأرضى للألم ولكن بمفهوم الاحتياج الروحى. فاعضاء هذا الجسد يعرفون احتياجات بعضهم البعض الروحية ويثبتون بعضهم البعض بالصلوات.

فالشفاعة فى مفهومها ليست وساطة بين الله والإنسان الا بيسوع المسيح، أما الشفاعة فى مفهومها الصحيح هى اشتراك هذا الجسد الواحد فى عمل الصلاة المرتفع أمام عرش الخروف كذبيحة حب.
المسيح له المجد فى تجسده ازال كل الحواجز التى أتت بين الله والإنسان بسبب فساد الطبيعة البشرية بل ورفع الانسان أيضاً الى المرتبة الاولى التى كان عليها قبل السقوط.
لذلك المسيح (الله المتجسد) هو الوسيط الوحيد بين الله والنَّاس. "لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ." (١تى ٢: ٥).
أما عن ابائنا القديسين الذين سبقوا الى السماء لينضموا الى الكنيسة المنتصرة فحينما نطلب منهم ليس بغرض الوساطة وإنما بغرض ان يشتركوا معنا فى صلواتنا التى نرفعها لله حتى يكونوا عضداً لنا فهم فى حياة صلاة وتسبيح دائم و"يسجدون امام الحي الى أبد الابدين" (رؤ ٤: ١٠).
فَهُم لا يكلون ليلاً ولا نهاراً فى مشاركتنا طلبتنا وتضرعتنا وصلواتنا الى الله الاب ضابط الكل.
وبهذا الاشتراك يتحقق تمام العضوية فى الجسد الواحد الذى للمسيح يسوع حتى يصير الكل واحداً فيه كما هو واحد فى الأب
"لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي" (يو ١٧: ٢١).

إذاً الشفاعة هى فى مفهومها شركة الله مع البشر وشركة البشر مع بعضهم البعض فى جسد المسيح الواحد الذى هو رأسه، فهى شركة صلاة وشركة فى المنظور الاخر للحياة الابدية. لذا يجب علينا ان نفهم اننا لا نطلب ابائنا واخواتنا القديسين من اجل ان يتمموا لنا احتياجات مادية بل من اجل ان يشتركوا معنا فى صلاتنا لتدبير احتياجتنا الروحية حتى نُكمل أيضاً بسلام ونشترك معهم فى الحياة السمائية.
الله يعطينا أن نكون أعضاء نافعين فى جسده.
وثمار فيه هو الكرمة الحقيقية.
السلام لكل مصاف الاباء القديسين اللذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة منذ البدء. أطلبوا من الرب عنا ليغفر لنا خطايانا.