آباؤنا الشهداء ، استقبلوا الأستشهاد ، ليس فقط باحتمال ورضى ، وإنما بالأكثر بفرح 0 إن آلافا من المؤمنين انتقلت من دمنهور إلى الإسكندرية لتستشهد ، وهى ترتل فى الطريق تراتيل الفرح 0
وقيل عن الآباء الرسل الإثنى عشر ، لما جلدوهم وألقوهم فى السجن إنهم : ( خرجوا فرحين ، لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا لأجل اسمه ) 0
والقديس آبا فام الجندى ، لما دعى للاستشهاد ، لبس افخر ثيابه ، وقال : ( إن هذا هو يوم عرسى )
فلماذا فرح آباؤنا بالاستشهاد ؟
+ كانوا يرون الاستشهاد هو أقصر طريق يؤدى إلى أفراح السماء 00 إنها مجرد لحظات أو ساعات ، يكونون بعدها فى أحضان آبائنا إبراهيم وإسحق ويعقوب ، وفى مجمع القديسين 000
لذلك فإنه فى قصة استشهاد القديس أغناطيوس الأنطاكى ، لما أراد أهل رومه أن يخطفوه لكى ينفذوه من الموت ، أرسل إليهم رسالة يمنعهم من ذلك ويقول لهم : ( يا أخوتى ، أخشى أن محبتكم تسبب لى ضررا 0 فبعد أو وصلت ، أعود وأركض شوط حياتى من جديد ) 000
+ وكانوا يرون الأستشهاد شركة فى آلام المسيح ، وشركة معه فى موته ، وبالتالى شركة معه فى مجده 0
وكانوا يقفون أمام قول الكتاب : ( إن كنتم تتألمون معه ، فسوف تتمجدون معه أيضا )
وبعضهم كان يرى بنفسه الإكليل الذى ينتظره 0
أو كان يرى أكاليل الذين استشهدوا من قبله 0
ومن غير الرؤيا ، كانوا يثقون بالإيمان بما أعده الرب لمحبى اسمه القدوس ، الذين يقبلون الآلام لأجله
وكانوا يرون أن الأستشهاد هو خير تعبير يعبرون به عن محبتهم لله وصدق إيمانهم 0 وكما يقول الكتاب : ( ليس حب أكثر من هذا ، أن يضع أحد نفسه عن أحبائه ) فكم بالأولى عن الإيمان 00
+ وكانوا يحبون الأستشهاد ، لأنهم يوقنون من غربتهم فى هذا العالم ، ويحبون الأبدية حبا ملك عليهم كل قلوبهم 0 وما كانوا يرون الموت إلا انطلاقا من سجن الجسد 00